الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1252 - 28 شعبان 1438 هـ - الموافق 25 أيار 2017 م
المسجد بيت الحبيب

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

كن مستعداً لضيافة الله
 
تصدير:

"أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللهِ بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ".[1]
 
الأهداف:
بيان وسائل الإستعداد النفسي لشهر رمضان والحث عليها.
 
المحاور:
1- أهمية الاستعداد للضيافة.
2- كيف يتحقق الإستعداد؟
o الشوق
o اللياقة
o توسعة الإناء
3- خاتمة: حاول إدامة الضيافة.
 
مقدمة: أهمية الاستعداد للضيافة
من العادات المعهودة عند الناس هي أنهم يستعدون للمواسم قبلها ونعني بها المواسم الدنيوية كمن يريد مثلاً تزويج أحد أبنائه أو يريد سفراً إلى بلد ما أو حتى أهل الصنائع والزراعة والتجارات فإنهم كذلك يخططون قبل المواسم للإستفادة منها بل حتى أهل الديانات يفعلون ذلك في مواسم أعيادهم ومناسباتهم الدينية؛ ويتميز المسلمون بأن لديهم مناسبة طولها شهر بكامله هو من المناسبات العبادية، وصحيح أن البعض يستفيد من بركات هذا الشهر المادية تجارياً وغير ذلك، ولكن لا بد لكل مؤمن واع أن يستعد له لكونه شهراً يمثل مضافة الله في الزمن ومأدبته الممدودة على طول أيام الشهر الشريف والمؤمن الطموح صاحب الهمة العالية لا يقنع بأن يكون ضيفاً عادياً على مأدبة الله الكريم الذي قال عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله): " هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللهِ، وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللَّهِ".[2]

فإذن مأدبة الكريم على الإطلاق فيها مراتب شرف وكرامة يتميز فيها ضيوف عن ضيوف آخرين، ومن يريد أن يتميز ويكون من الحائزين على مرتبة الشرف، لا بد من إعداد العدة لذلك ولا شك أن إعداد العدة لذلك لا يكون في نفس الشهر بل قبله بأسابيع بل بأشهر.

ولأن الزاد في شهر الله هو أدوم الزاد وأكثره بركة وأعمه نفعاً فإن على الإنسان أن يعد نفسه لأكبر إستفادة من هذه الضيافة؛ فمن جهة المولى الكريم صاحب المأدبة لم يبخل بصنف من صنوف الزاد وأتاح كل ألوانه وشوّق إليها في كتابه وعلى ألسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) وأوليائه، ولكن المشكلة هي في ذائقة الإنسان وقابلية استفادته وقدرته على التلذذ به وهضمه.
 
كيف يتحقق الإستعداد للشهر الشريف؟
وللإجابة على السؤال نذكر جملة من الأمور تساعد في ذلك ولكن لا على سبيل الحصر فمن الأمور التي تحقق الإستعداد للضيافة الإلهية:
 
أولاً: الشوق
ففي المأدبة المادية يعادل الشوق الشهية؟، أي اشتهاء الطعام، فكذلك إيقاظ الشوق في النفس لشهر الله، وأجوائه وبركاته، في أيامه ولياليه يشكل هذا الشوق عاملاً مهماً للإستعداد النفسي لقدوم الشهر الشريف ولحسن استقباله ولعل قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبة استقبال شهر رمضان وفي مفتتحها: "أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللهِ..."[3] لها معنى أنه قد أقبل الشهر إليكم وكأن الشهر الكريم هو المشتاق بل هو أكثر شوقاً إليكم من شوقكم إليه وكأنه يريد أن يحفزهم على مقابلة شوق الشهر إليهم بتعظيم شوقهم إليه، لا كما نسمع من البعض عبارات التأفف والتذمر من قدومه، فإقبال الشهر على الإنسان كأنه هو المشتاق ببركاته ورحماته إليه.

ومما يجدر الالفات إليه أن أهل الإيمان حقاً هم الذين يبدأون رحلة الشوق إلى شهر رمضان الآتي من لحظة انصرام شهر رمضان الفائت ولنا في ذلك أدلة كثيرة حملتها عبارات دعاء وداع شهر رمضان الوارد في الصحيفة السجادية، يقول سلام الله عليه: (... السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات ويا خير شهر في الأيام والساعات، السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال ويسرت فيه الأعمال وزكيت فيه الأموال، السلام عليك من قرين جل قدره موجودا وفجع فقده مفقودا ومرجو ألم فراقه، السلام عليك من أليف أنس مقبلا فسر وأوحش مدبرا...)[4].
 
ثانياً: اللياقة
بمعنى أن يكون الإنسان لائقاً للحضور على مأدبة الضيافة الإلهية، ولتوضيح ذلك نذكر مثالاً وهو لو أن أحدنا دعي لمقابلة عظيم من عظماء الدنيا كونه ملكاً أو رئيساً، وكان على بدنه وعلى ثيابه أوساخ وقذارات وتفوح منه روائح كريهة فهل يسمح له بالدخول على الملك أو الرئيس وهو على هذه الهيئة التي تؤذي كل من يقترب منه ويعاينه بنظره، فالملك والسلطان والرئيس بل حجاب هؤلاء لا يسمحون لمن كان منظره بهذا القبح ورائحته بهذا النتن أن يدخل على مليكهم وسيدهم.

ولذا فإن من أول آداب الشهر استحباب الغسل في أول ليلة منه لكن وإن كان الله يهتم لنظافة ظاهرنا ولياقة أبداننا للوفود على مأدبة كرمه إلا أن الماء إنما يزيل العرق والأوساخ أما قذارة الباطن قذارة القلوب التي هي محل نظر الله لا تزال بالماء بل لا بد لها من أمر آخر وهو التوبة والاستغفار فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "تعطروا بالاستغفار لا تفضحنكم روايح الذنوب".[5]

نعم الرائحة المادية الخارجية يزيلها ماء الغسل والعطور المادية أما الروائح المعنوية الباطنية فلا يزيلها كل ما على الأرض من ماء وعطور، بل لا بد من نار الندم وماء التوبة ودمعة الخشية من الله لإزالتها وتنقية الباطن منها فعلينا قبل شهر رمضان بالتوبة النصوح الحقيقية والإستغفار الحقيقي الذي ترافقه دمعة تنبىء عن رقة القلب وأوبة النفس من ديار الغربة إلى دار القرب ومحفل الأنس.
 
ثالثاً: وسع إناءك
فيما روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال لصاحبه كميل بن زياد(رضوان الله عليه): "يا كميل، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها..".[6]

إن مأدبة الكرم الإلهي ممدودة من لدنه تعالى إلى كل نفس على هذه البسيطة وهي متاحة بكل ألوانها لكل عامل وشرط النيل منها الإقبال عليها وعدم الإعراض عنها فإن من آيات وعلامات هذه المأدبة البركة في الساعات والأيام ولذا ورد في خطبة الرسول (صلى الله عليه وآله): " شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفْضَلُ الأَيَّامِ، وَلَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي، وَسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ".[7]

بمعنى أن العمل فيها بالطاعات والقربات أفضل من العمل في غير الأيام والليالي والساعات من شهور أخرى ولذا كان من تفاصيل إقباله "بِالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ"[8] أنه:
"أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ".[9]
"وَنَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ".[10]
"وَعَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ، وَدُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ".[11]


ويترشح ذلك في تلاوة القرآن والصلاة وغير ذلك. حيث تتضاعف نتائجها ويتعاظم الأجر عليها.

لكن مع ذلك فإن الإنسان على خطر شديد لأن بعض الناس كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا العناء، حبذا نوم الأكياس وإفطارهم".[12]

وبالتالي وإختصاراً علينا إزالة موانع قبول أنفسنا لبركات المضافة الإلهية ومن جهة ثانية علينا العمل على إزالة المزاحمات التي تضيّق أوعيتنا فتجعل حظوظنا من مأدبة الكرم الإلهي قليلة إلى درجة أن البعض يكون مصداقاً للحديث القائل عنه (صلى الله عليه وآله): "فَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ".[13]

فنحن بقلوبنا كنا أهلاً لنظر الله وخطاب الله ولذا فإن أكبر عطايا الكريم وأجلّها يكون لهذه القلوب وعبرها فلنعتن بكونها قابلة من حيث سعتها لتلقي فيض الكريم في شهره الكريم.
 
خاتمة: حاول إدامة الضيافة
إن لله ضيافة في المكان كالمساجد حيث ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام): "...إن بيوتي في الأرض المساجد...".[14] وأهمها المسجد الحرام، ولكنها محدودة، وأما شهر رمضان فإنا نكون فيه أضياف الله لمدة ثلاثين يوماً ننعم ببركاته ونغنم من عطاياه.

فلو أن أحدنا استفاد من ضيافة الله في شهر الله فأصبح بعد التوبة والعمل الصالح والتربية والتزكية عبداً لله بحقيقة العبودية فسيكون حينها قريباً من الله، وبالتالي فمعنى قربه منه تعالى أنه ضيف دائم على مأدبة الكرم الإلهي لا يخرج من معدن رحمته وجوده وكرمه فضل وإحسان إلا كان له منه حظ بحسب مقام قربه، فمن أراد أن لا يخرج من مضافة الله وأن يجعل مأدبة الكرم الإلهي منبسطة على طول عمره بل حتى بعد موته عليه أن يعمل على الإستفادة من بركة شهر رمضان لتزكية نفسه وتربيتها وتهذيبها لتكون سالكة في قافلة عباد الله.


[1] وسائل الشيعة (آل البيت)-الحر العاملي-ج10- ص:313.
[2] وسائل الشيعة (آل البيت)-الحر العاملي-ج10- ص:313.
[3] وسائل الشيعة (آل البيت)-الحر العاملي-ج10- ص:313.
[4]  مصباح المتهجد - الشيخ الطوسي - ص 644 - 645
[5]  وسائل الشيعة (آل البيت)-الحر العاملي-ج16- ص:70.
[6]  بحار الأنوار- العلامة المجلسي-ج1-ص:189.
[7]  وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 10 ص 313
[8] وسائل الشيعة (آل البيت)-الحر العاملي-ج10- ص:313.
[9]  وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 10 ص 313
[10]  وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 10 ص 313
[11]  وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 10 ص 313
[12] بحار الأنوار- العلامة المجلسي-ج67-ص:283.
[13]  وسائل الشيعة ( آل البيت ) - الحر العاملي - ج 10 ص 313
[14] وسائل الشيعة (آل البيت)-الحر العاملي-ج1- ص:381.

24-05-2017 | 14-58 د | 1914 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net