الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
کلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه جمع من أساتذة الجّامعات والنّخب والباحثين الجامعيّين
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

کلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه جمع من أساتذة الجّامعات والنّخب والباحثين الجامعيّين بتاريخ: 21-6-2017

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

والحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وآله الطّاهرين، لا سيّما بقية الله في الأرضين.

أرحّب بكم أجمل ترحيب. لقد كان لقاءً حلواً ومفيداً بالنّسبة لي أنا العبد؛ فقد طُرحت مطالب وأفكار متنوّعة في مجالات مختلفة لمسألة العلم والتّقنية. لقد استفدت من كلمات الإخوة والأخوات، وبالطّبع فإنّ الكثير من هذه القضايا جديرةٌ بالدّراسة والبحث؛ أي إنّه ينبغي دراستها في المحافل والّلقاءات الجمعيّة، سواءً الاقتراحات التي تُطرح أو الإشكالات والانتقادات، ولكن هذه الحركة الذّهنية والعلميّة وروح النّقد، بحدّ ذاتها-وبمعنى آخر؛ الرّوح الهجوميّة- لدى الأساتذة الجّامعيين في البلاد، أمرٌ مطلوبٌ وجميلٌ جداً بالنسبة لي أنا العبد. وبالمناسبة، فإنّ هذا الأمر كان من ضمن الأمور التي أعددتُها لأطرحها وأطلبها من الأساتذة، أي روح المطالبة نفسها هذه.كما يجب على أصدقائنا في المكتب متابعة شكوى التظلّم التي أشارت لها السّيدة (2) في آخر الكلمات، هذه القضيّة هي شكوى تظلّم، ويجب علينا متابعتها؛ ليتابعوا هذه القضيّة وليعرفوا ما هي المشكلة وما هو الحلّ، وبالطّبع فقد سمعتُ عن حالات أخرى مشابهة، ونبّهت الوزير المحترم (3)، وينبغي متابعة القضية بشكل جادّ على كلّ حال.

علاقة المعلّم مع الله تنعكس في روح طلّابه..
أيها الإخوة والأخوات، نحن في الأيام الأخيرة من شهر رمضان. إستفيدوا وانتفعوا ما استطعتم من هذه الرّياضة التي قمتم بها لمدّة شهر ومن الّلطافة والرّقة التي حصلت وتحقّقت لديكم بشكل طبيعي نتيجة الدّعاء والعبادة. تمتين العلاقة مع الربّ عونٌ للإنسان وحلٌّ للمشكلات والعُقد. هذه الأمور والأفكار التي طُرحت هنا ما هي إلّا أجزاء صغيرة من مشكلاتنا ومشكلات بلادنا وثورتنا ونظامنا. هناك الكثير من المشكلات في القطاعات المتعدّدة ويجب معالجتها بهمّتنا أنا وأنتم، وبسعينا أنا وأنتم؛ علاقتنا بالله تمنحنا القوّة والقدرة والأمل والتفاؤل والبهجة. بالإضافة إلى كلّ هذه الأمور الدنيويّة، فهي مقدِّمة؛ العلاقة مع الله هي مقدّمة للتّكامل الرّوحي، للعروج؛ اعرفوا قدر شهر رمضان. هذا الدعاء: «اَللّٰهُمَّ إن لَم تَكن رَضيتَ عَنّي في ما مَضىٰ مِن شَهرِ رَمَضان فَمِنَ الآنَ فَارضَ عَنّي» (4) هو دعاءٌ مهم؛ إن لم نستطع حتى الآن، أن نكتسب الرضى والسّرور الإلهي عنا، فلنطلب من الله أن يشملنا من هذه اللحظة برضاه وبغفرانه.

وبالمحصلة فأنتم الذين تُربّون الشباب وتقومون بإعدادهم، وتستطيعون التّأثير على المجموعة المتعلّمة تحت ولايتكم العلميّة والفكريّة؛ إذا كنتم أنتم من أهل التوجّه إلى الله والتضرّع إليه والارتباط القلبي به، فإن الشّباب الذين تحت مظلّة تعليمكم وولايتكم العلميّة، سيتّجهون بهذا الاتجاه بشكل طبيعي. هذه إحدى مشكلاتنا في المنظومة الجّامعية؛ إذا كان لأساتذتنا حركتهم وتقدمهم في المجالات التي يحتاجها البلد، فإنّ ذلك سيترك آثاراً واضحة في المجموعة التابعة لهم وهي مجموعة الطّلاب الجّامعيين.

يوم القدس؛ دفاعٌ عن الحقيقة
نقطة أخرى أشير لها في بداية كلامي؛ نحن على أعتاب يوم القدس؛ يوم القدس بالغ الأهمية. الأمر ليس مجرد أنّنا ندافع عن شعب مظلوم أُخرج من وطنه ودياره؛ نحن في الحقيقة، بعملنا هذا، نواجه نظاماً سياسيّاً ظالماً واستكباريًّا. إنّ الدّفاع عن فلسطين اليوم هو دفاع عن الحقيقة؛ حقيقة أوسع بكثير من قضية فلسطين. الكفاح ضدّ الكيان الصّهيوني اليوم هو كفاح ضدّ الاستكبار، ومواجهة لنظام الهيمنة.أنتم ترون كيف أنّه حين تتحدثون ضدّ الكيان الصّهيوني، يشعر ذلك المسؤول والسياسي الأمريكي بالعداء والخصومة ضدّكم، يشعر أنّكم وجّهتم ضربة له؛ وهذا هو واقع القضيّة. لذلك ينبغي تعظيم يوم القدس، مسيرات يوم القدس مهمّة للغاية.

التّعليم ومسؤولية التأثير في الطلّاب
النّقطة الأساسية في كلامي اليوم -ولا يوجد طبعاً كثيرٌ من الوقت، وسوف أطرح النّقاط بمقدار ما أستطيع وبمقدار ما يساعد الحال والمجال- هو الاهتمام بمسؤولية التّعليم والتّدريس؛ هذه هي فكرتنا الأساسية. إنّ للأستاذ الجامعي على كلّ حال دوره المنقطع النّظير في الأجواء الجّامعية. لا يتصوّر أحدنا أنّ لكل واحد من هؤلاء الشّباب أفكاره الخاصة، كلّا، فأنتم مؤثّرون في روح الشباب وقلوبهم وأفكارهم، وتستطعيون تشجيعهم على التّفكير والتحرّك؛ يمكنكم أن تؤثّروا فيهم كثيراً. دور أستاذ الجامعة ومعلم الشباب الجامعيّين دور منقطع النّظير ولا بديل له. إذا شعر الأستاذ بالمسؤوليّة وكان ملتزماً وذا تفكير إيجابي ومتفائلاً، وذا عزم ونيّة قاطعة في العمل من أجل البلاد؛ فإنّ هذا سيترك تأثيره على الطالب الجامعي. إذا كان الأستاذ مؤمناً بأصالته الوطنيّة، وأصالة أرضه وبلاده، ومؤمناً بمبانيه وأصوله الدّينية، وإذا كان مؤمناً بقضايا وأُسس ثورته، فسيترك ذلك تأثيره في الطّالب الجامعي.

والعكس صحيح أيضاً؛ الأستاذ الذي يركّز نظراته على الخارج، ولا يؤمن أبداً بحدود البلاد والمفاهيم الرائجة في البلاد والمفاهيم المعتبرة لهويته القوميّة والوطنيّة، فلا يهتمّ ولا يبالي بها، فإنّه بطبيعة الحال سيربّي الطالب الجامعي على نفس هذه الحال. لقد شاهدنا هذا خلال فترة معينة؛ ولا نريد التعرّض الآن لهذا الموضوع؛ شاهدنا هذا خلال فترة مريرة جداً -في بدايات العهد البهلوي- في البلاد، كيف أنّ أساتذة قد أعدُّوا وربّوا أيّ نوع من الطلاب وأيّ جيل تمّ تخريجه، ولو لم تقم الثّورة، يعلم الله ما الذي كان سيفعله ذلك الجيل، الفارغ تماماً من كلّ أصالة دينيّة ووطنيّة بهذه البلاد، وأولئك الذين كانوا سيستلمون زمام الأمور، لقد أنقذت الثورة البلاد حقّاً من هذه الناحية. ذلك الجيل الذي تربّى ضمن تلك المنظومة وفي تلك الجامعات وفي تلك الأجواء، لا يعلم إلّا الله ما الذي كان سيُفعل بالبلاد لو تولّى خريجوه زمام الأمور. إذًا، هذه هي الفكرة الأساسية التي نطرحها؛ ونريد التحدث حول الأستاذ.

أبعادٌ ثلاثة لجامعات اليوم:
انظروا أيّها الإخوة الأعزّاء والأخوات العزيزات؛ الجامعة بشكلها الغربي؛ أي هذه التي لدينا اليوم- وبالطّبع ليس لنا علمٌ واطلاع دقيق على ماضينا؛ ولا نعرف كيف كانت تلك الجامعات أو المدارس التي خرّجت أمثال "الخواجه نصير الدّين الطوسي" وأمثال "ابن سينا" و"الخوارزمي" و"الخيام" و"الميرداماد" و"الشيخ البهائي"، ليس لدينا للأسف اطّلاع صحيح عن تلك الأنظمة التّعليمية وبمعنى من المعاني، عن الأنظمة الجامعية التي كانت لدينا خلال القرون الماضية؛ وهذا من نماذج قلّة عملنا وبحثنا- ولكن هذه الجامعة التي أبدعها الغرب وتمّ تصديرها لكل بلدان العالم بما في ذلك بلادنا، بشكلها الحالي هذا يوجد فيها ثلاثة أبعاد مهمّة: أحدها هو أنها مراكز للعلم. وجانب آخر هو أنّها مراكز للإبداع والنّظرة الجديدة للأمور، فهي مجموعة شباب، ولها نظرتها الجديدة والتّجديدية للقضايا وتطالب بالتجديد والإبداع. الجامعة مركزٌ لهذا الشيء؛ وبُعد آخر هو التأثير في أجواء البلاد والمجتمع؛ الجامعة من أكثر المراكز تأثيراً في البلدان؛ هكذا هو الحال في كلّ المجتمعات، والأمر لا يختص ببلادنا حيث الجامعة فيها مؤثرة. وهذا التأثير يحصل إمّا عن طريق الأعمال الثّقافية والكتابة والإنتاج الثقافي، أو عن طريق الأعمال السّياسية أو عن طريق الأعمال النّضالية؛ لهذا التّأثير أنواعه وأقسامه. هذه هي الأبعاد الثلاثة للجامعة.

انعكاس العناصر السّلطويّة في الجامعة
منذ أن تأسّست الجامعة في بلادنا، عملت العناصر السّلطوية - التي كانت مهيمنة على سياسات البلاد، وقد كانت مهيمنة تماماً على كلّ أبعاد البلاد وشؤونها وتفاصيلها، فقد كانت مطّلعة على كلّ شيء ولديها النّفوذ لتفعل ما تشاء- عملت هذه العناصر على جوانب الجامعة الثلاثة؛ في الجانب الأول إنصبّ نشاطها على أن لا يسمحوا لنا على الصعيد العلمي بأن نحقق حركة ومسيرة علمية طبيعية تتناسب مع الطّاقات والقابلیّات الإيرانية. كان هذا هو ما قاموا به. ولهذا الأمر شواهده، وهذه أمور وكلام له وثائقه وشواهده، وسوف أشير لذلك باختصار لاحقاً.

بالنّسبة إلى البُعد الثاني وهو جانب الإبداع والتجديد فقد استولوا عليه تماماً، أي إنّهم حقّقوا تحكّماً تامّاً على هذا الجانب. وفيما يتعلّق بالجّانب الثّالث حاولوا إدارة القضية، عملوا على إدارة تأثير الجامعة على المجتمع خارج الجامعة. بأنواع وأقسام مختلفة من الإدارة، سواءً عن طريق الأجهزة الثقافية التابعة لهم، أو حتى عن طريق الأجهزة الأمنية، حاولوا إدارة هذا التأثير. والواقع أنّه كانت هناك سلطة مستمرة ودائمة بشكل غير ملموس -وفي أحيان أخرى بشكل ملموس ومباشر -على جامعاتنا من كلّ هذه الجوانب الثلاثة.

بالنسبة إلى الجانب الأوّل والذي قلنا إنّه الجانب العلمي، حاولوا إضعافه وتهميشه، وهذا معناه أن المتاع العلمي الذي كان يُمنح لجامعاتنا كان متاعاً مستعملاً من الدّرجة الثانية، أي كانوا يمنحوننا علوماً قديمة بالية غير نافعة؛ بمعنى أن الغربيّين لم يكونوا ينقلون التقدّم العلمي المهمّ على الإطلاق. نحن نعرف ما حدث في بلادنا، ومن المفترض أن تكون باقي البلدان الشبيهة ببلادنا والتي كانت خاضعة للهيمنة والنفوذ، على هذا الغرار أيضاً. وعلى سبيل المثال العلوم الحديثة والمعارف الجديدة التي كانوا يتوصّلون لها عن طريق التقدّم العلمي لم ينقلوها أبداً لجامعات بلد مثل بلدنا. إنّما كانوا ينقلون الأشياء البالية التي افتقدت حداثتها ونضارتها. وقد كان لهذا أسبابه طبعاً، كان هناك أسباب لنقلهم تلك العلوم البالية والتّقنيات القديمة إلى بلادنا هذه والبلدان الشبيهة بنا. عندما ظهر منافسون للاستعمار الغربي، ظهرت آثار ظهور هؤلاء المنافسين في تلك البلدان التي هي على صلة بأولئك المنافسين. على سبيل المثال؛ عندما ظهرت الحكومات الشّيوعية التي كانت منافسة لنظام الهيمنة الموجود إلى ذلك الحين، أي منافسة لبريطانيا وأمريكا والباقين، من أجل أن يزيدوا من دائرة نفوذهم جهّزوا مثلاً جامعات الهند ببعض العلوم التي لم يكن الغربيون حتى تلك اللحظة مستعدين لمنحها لهم! والأوضح من ذلك، الصّين التي أمدّوها بعلوم وتقنيّات لم يكن من الممكن أن تحصل عليها عن طريق الغربيّين، بسبب وجود تنافس سياسي وتطوير لمناطق النفوذ. تعلّم الصينيون التّقنيات النّووية من الرّوس، وتعلّم الهنود التّقنيات النّووية من الرّوس- من الاتحاد السوفياتي سابقاً- ولم تكن هذه الأمور والتقنيات بالأشياء التي يمكن للنّظم الجامعية والعلميّة الغربيّة أن تمنحها لبلدان مثل الصين أو الهند أو لبلادنا من باب أولى. إذًا، لم يكن الأمر من النّاحية العلمية بحيث يسمحون لجامعات بلدان مثل بلدنا كانت خاضعة لنفوذهم وهيمنتهم بالتقدم العلمي وتقديم المساعدات والتسهيلات لأجل ذلك؛ بل لقد وجّهوا الضربات لمنع ذلك، بمعنى أنه عندما كانوا يجدون موهبة ممتازة في هذه الجامعات؛ كانوا يعملون على استقطابها واجتذابها وأخذها لتعمل في خدمتهم، وقد سادت هذه الوضعيّة لسنين طويلة على مدى فترة الحكم البهلوي.

أما الجانب الثاني الذي أشرنا له، فقد أمسكوه بأيديهم وفي قبضتهم تماماً، أي تحوّلت الجامعة إلى مكان لنقل القيم الغربيّة إلى المجتمع، أي صارت مظهراً للقِيم الغربية وللمعتقدين بها في مختلف الميادين والمجالات. لقد عملوا بجدّ من أجل جعل الجامعة تؤمن بالقيم الغربية. أمسكوا هذا الجانب من الجامعات في قبضتهم بالمعنى الحقيقي للكلمة.

وعلى صعيد الجانب الثّالث الذي أشرنا له، عملوا على إدارة القضية والسّيطرة عليها. حاولوا إدارتها بالكلام أحياناً، وبالمال والرّشاوى في أحيان أخرى، وبمنح المناصب المختلفة أو بالقوّة حيناً آخر. تمّ تجهيز وإعداد "السافاك" الإيراني من قِبل القوى الأمريكية والإسرائيلية لقمع الطالب الجامعي المعترض ومنعه عن الاعتراض، وقد منعوه بالفعل. هذا ما كانوا يفعلونه. إذًا، هكذا كان وضع الجامعات. أي إنّ الجامعات سارت في طريقها على هذا النحو.

..لكنّ الجامعة لبّت النداء!
لكن وعلى الرّغم من كلّ هذا، كانت الجامعة من أهم المراكز التي لبّت نداء النّهضة الإسلامية ونهضة الإمام الخميني. لم يكن هناك أي نظام جامعي مستقر يستدعي ويقتضي هذه التّلبية والاستجابة للثورة. ولكن مع ذلك، لاحظتم أنّ الجامعة نزلت إلى الساحة. حسناً، غالبيتكم لم تدركوا تلك الفترة وأهمية هذه التّلبية التي أطلقتها الجامعات لنهضة الإمام ليست واضحة ومعلومة بالنّسبة إلى غالبيّتكم أيّها الإخوة والأخوات الشّباب الحاضرون هنا. لكن أهميتها واضحة بيّنة بالنسبة إلينا، نحن الذين شهِدنا تلك الحقبة عن كثب.

لقد كانت هذه التّلبية والاستجابة في ظرف كانت تُروّج فيه الأفكار اليساريّة - الأفكار الماركسيّة - في الجامعات. وأقولها لكم كانت الأفكار الماركسية تُروّج وتُشاع في الجامعات. ولم تكن هذه الحال طبيعية أو تلقائية، كلا، بل كانوا يساعدونها ويدعمونها من أجل مواجهة الأفكار الإسلامية في الجامعات، في الوقت الذي كانوا، إن وجدوا كراساً إسلامياً من عدة صفحات في يد شخص ما لاحقوه وعاقبوه، في ذلك الوقت نفسه،كانت الكتابات الماركسية تُنتج وتُنشر وتُباع بسهولة في الجامعات وكانت في متناول أيدي الطّلاب الجامعيين، ولم يكن الأمر ذا أهمية أبداً، فقد كان يأتي الأستاذ الجامعي اليساري ويطرح أفكاره وكلامه. بمعنى أن الفكر الإسلامي كان يواجه في الجامعات منافساً أساسياً هو الفكر اليساري الماركسي، كانوا يضغطون على الفكر الإسلامي. كان الفكر اليساري يضغط من جهة وكان هناك الإعلام المفسد للأخلاق من جهة أخرى، أي الاتّجاهات المفسدة للشباب، والتي كان يُروّج لها أيضاً وتُشاع بشكل متعمّد في الجامعات لتُبعد الشباب عن طريق الكفاح والصّمود والمقاومة وطريق الإسلام، الذي كان يدعو له الإمام الخميني. ولكن مع ذلك، وعلى الرغم من هذين العاملين الأساسيين المعارضين، فقد لبّت الجامعات نداء النهضة الإسلامية والتحقت بها وضحّت وعملت في سبيلها، سواءً خلال فترة الكفاح أو بعدها. بعد فترة الكفاح لو لم يكن شبابنا الجامعيّون لما تأسس جهاد البناء، ولما تأسس الحرس الثوري. غالبية الشباب الأساسيين في الحرس الثوري كانوا من الطلاب الجامعيين. وغالبيّة العناصر الأصلية في جهاد البناء كانوا من شباب الجامعات، ومن الطّلبة الجامعيّين، جاؤوا ونزلوا إلى ساحة العمل. وهذا دلالة على وجود أرضيّة مساعدة في جامعاتنا. وبالطّبع، فإنّ هذا الموضوع يمكن دراسته من زاوية علم الاجتماع وما شابه لمعرفة أسبابه. المختصّون في هذه المجالات يناقشون ويبحثون في هذه الموضوعات، ولنا أيضاً تصوّرنا ومقاربتنا ولا نريد الخوض في هذه المسائل الآن. لكن هذا هو الواقع. كانت هناك أرضيّات عديدة للميل نحو الإسلام والثورة في الجامعات ولدى الشّباب الجّامعيين.

الثّورة أنقذت الجامعة..
حسنًا، هذه فرصة بالغة الأهميّة. بالطّبع فإنّ الثّورة ساعدت الجامعة مساعدة كبيرة؛ الحقيقة أنّ الثورة أنقذت الجامعة؛ أنقذتها من تلك الميول والنزعات المختلفة والانحرافات، الثّورة حرَّكت الجامعة ونبّهتها إلى أهمية العلم والإبداع والتجديد العلمي. لاحظوا كم يختلف وضع طلّابنا الجّامعيين وأساتذتنا ومراكزنا البحثية عن الماضي وعن مرحلة ما قبل الثّورة الإسلامية. فالجامعة اليوم مركز للإبداع والتجديد العلمي. مكان للإبداع العلمي. طبعاً أثار الإخوة هنا ملاحظات قلنا إنّها تجدر أن تكون مواضيع للدراسة والنقاش، لكن الحقيقة هي أنّ اتجاه الجامعة اليوم اتجاه التجديد العلمي، وحالات التّقدم التي حقّقتها مشهودة واضحة. نفس هذا الذي تقولونه إنّ رتبتنا العلمية في العالم -حسب تقييم الموقع المرجعي الفلاني مثلاً- هي الخامسة عشرة أو السابعة عشرة، أو إنّنا تقدّمنا بمقدار كذا، فمعناه هو هذا. لقد منحت هذه المسيرة العلمية في البلاد الثّقة بالنّفس للجامعات. لقد أدّى الطلاب الجامعيون دورهم في تلك الفترة، وبعض الأساتذة أدّوا دورهم طبعاً، فهذا ممّا لا شكّ فيه، لا يمكن القول عموم الأساتذة، لكن بعض الأساتذة في تلك الفترة مارسوا دورهم-والحق يقال- في هداية الطلاب الجامعيّين وتوجيههم. وقد تحول أولئك الطلبة الجامعيون المكافحون الناشطون أنفسهم -أنتم وأمثالكم من شباب الجامعات- إلى أساتذة جامعات ويمكنهم القيام بدورٍ هام، وبوسعهم العمل من أجل مستقبل الجامعة. أريد القول إنّ على أساتذتنا أن يحدّدوا دورهم في تحقيق حال التّسامي والتّكامل في الجامعات من ناحية، وفي حماية قيم الثّورة الإسلامية في الجامعة من ناحية أخرى. أي إنّهم يجب أن يصنعوا دورهم ويقوموا به. أنتم الأساتذة المحترمون يجب أن يكون لكم دور في الجامعات. هناك دوافع مخالفة ويجب القيام بدور.

هناك نوعان من القيام بالدور: أحدهما تربية وإعداد الطلاب والعلماء وتخريجهم؛ أي ممارسة الدّور فيما يتعلّق بالطّلاب الجامعيين. والثّاني القيام بدور خارج البيئة الجامعية. هذان دوران نتوقّع من أساتذة الجامعات في إيران النهوض بهما.

إعداد طلّاب المستقبل: تابعين أم مستقلّين
بالنّسبة إلى تربية الطّلاب وتخريجهم، فإنّ أهمية هذه العملية كبيرة جداً. أنتم تريدون إعداد الطّاقات الإنسانية لمرحلة مستقبلية حافلة بالقضايا والأحداث. العقود التي تنتظرنا عقود مليئة بالقضايا والمسائل المتنوعة؛ فيها قضايا متنوعة. وأنتم تلاحظون تطورات العالم، إنّها تطورات سريعة وحاسمة جداً. إمّا أن تؤدّي هذه التطوّرات المستقبلية إلى زوال فقاعة التبعيّة هذه وانهيار سور التّبعية الذي فُرض على الشعب الإيراني بصورة تاريخية، ونخرج من هذه الفقاعة ومن هذا السّور ونكتشف مكانتنا وشأننا ونقول كلمتنا في عالم العلم ونطرحها - فنحن لدينا كلمتنا وللنظام الإسلامي الكثير مما يقوله والكثير من الكلام والفكر الجديد– فطاقاتنا الإنسانية في العقود القادمة، الطّاقات والمواهب التي تربّونها أنتم اليوم بهمَمكم وعزائمكم وبعلومكم وثقافتكم التي تعلمونها للطالب وبالطّباع والرّوحيات التي تمنحونها له، تستطيع تحطيم سور التّبعية والمراوحة وما إلى ذلك، وإطلاق حركة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وبذلك تحتلّ إيران والإيرانيون المكانة اللائقة الحقيقية، إمّا يحدث هذا، أو لا سمح الله ستدخل طاقاتنا الإنسانية فترة إذلال طويلة أخرى إذا لم تتمتّع بهذه الخصوصيّات. إذا فكّرت طاقاتنا البشريّة بطريقة تابعة وتحرّكت بطريقة تابعة وإذا ارتاحت للتّبعية، ولم تعرف قيمة الاستقلال ولم تعرف قيمة الإسلام والقيم الإسلامية، وكانت عديمة الثقة بنفسها - إذا كان هذا - عندها سندخل نفقاً مظلماً طويلاً آخر، كذلك النّفق الذي كنا فيه تحت هيمنة الغرب منذ ما قبل الثورة الدستورية بقليل إلى ما قبل الثورة الإسلامية، حيث استطعنا بكثير من الجهد والعناء أن ننقذ أنفسنا بشكل من الأشكال، سنعود أدراجنا إلى نفس تلك العملية المريرة الصعبة الماضية. هذا يعود لكم وكيف ستربّون وتخرّجون هذا الطالب الجامعي اليوم. وبناءً على هذا، فتربية الطلاب الجامعيين برأيي على جانب كبير من الأهمية.

يجب أن تربّوا الطالب الجامعي وتعدّوه لذلك الشكل الأول؛ من أجل أن يستطيع هذا الشاب الذي تربّونه اليوم أن يكون متيّقظاً وواعياً حيال القضايا المستقبلية والأحداث والتطورات المهمّة التي يستقبلها العالم أمامه - ليس فقط في بلادنا أو منطقة غرب آسيا، وبالطّبع فإن التّطورات العالمية لها تأثيراتها هنا، أو إنّ هذه المنطقة تعتبر من مراكزها المهمّة، ولكن التّطورات التي أقصدها تطوّرات عالمية، في المجالات العلمية والعمليّة والسّياسية وتوزّع السّلطة وما إلى ذلك، ستكون هناك تطورات عجيبة- أن يكون الطالب الجامعي فيها عنصراً مقاوماً ذا عزيمة وإرادة وإيمان وثقة بالنفس وماهراً وعالماً وواعياً وعميقاً وثورياً ومتديناً، ليستطيع حينها أخذ البلاد إلى الطريق اللائقة بها.

عرّفوا الشاب إلى هويّته الوطنيّة ليتباهى بها!
من الخصوصيّات التي يجب أن يتحلّى بها هذا الشّاب الذي تعدّونه وتربّونه أنتم وتؤثّرون عليه، هي أنّه ينبغي أن يكون مؤمناً بهويّته الوطنيّة ومتباهياً بها. لقد تحدّثت في ذلك اليوم عن الهويّة الوطنية أمام جموع المسؤولين الذين حضروا إلى هنا (5)، وقلتُ إن المصالح الوطنية تكتسب معناها في إطار علاقتها بالهوية الوطنية. الشّيء الذي ظاهره مصلحة وباطنه غير منسجم مع الهوية الوطنية أو متعارض معها، ليس مصلحة وطنية في الحقيقة، بل هو ضرر وطني. يجب أن تعرّفوا الشاب إلى هذه الهويّة الوطنية ليتباهى بها وأن تعرّفوه إلى الاستقلال. وطبعاً غالباً ما لا يعرف شبابنا اليوم قدر الاستقلال. يعيش الشاب الجامعي منذ مقتبل عمره في بلد ليس فيه أي تبعيّة سياسية للقوى الأجنبية، منذ البداية، ويشاهد دائماً أن الجمهورية الإسلامية تقف بوجه القوى الخارجية التي لا يتجرّأ الآخرون على أن يقولوا لها "ما أحلى الكُحل في عينيكِ!"، وهذا استقلال سياسي، شاهدوا هذا منذ البداية، لذلك لا يعرفون قدره. لم يدركوا تلك الفترة التي كان يجب تنفيذ كل ما تقوله أمريكا، ومن قبلها كلّ ما تقوله بريطانيا في داخل البلاد، لذلك لا يعرفون قدر الاستقلال. ويجب إفهامهم ذلك. هذا شكل من دور الأساتذة حيال الطلاب الجامعيين.

يجب أن تتركوا بصماتكم وتأثيراتكم
الدّور الثاني هو دور الأساتذة في قضايا البلاد؛ وهو ما قاله هنا عدد من الإخوة وأنا أؤيّده بشكل كامل. قال أحد الإخوة إنّنا لم نضخّ مفاهيم القوة والتهديد والأمن وما إلى ذلك في المجتمع؛ طبعاً ليست أهمية هذه المفاهيم في ضخّها في المجتمع، بل أهميّتها في ضخّها في مراكز اتّخاذ القرار؛ بمعنى أن هذا الأمر هو صناعة قرارات. نعم، أنا أيضاً أعتقد بهذا؛ فمثل هذه الأعمال لم تحصل ويجب أن تحصل. أو آخر تحدّث عن المشاريع المصادَق عليها وما إلى ذلك، أو الأخ الذي أشار إلى النّظام الخطأ للعمل الصّناعي على مدى خمسين عاماً. هذه أفكار أساسية وقلتُ إنها قابلة للدراسة وجديرة بالبحث، ويجب بحثها وإنضاجها. ولكنّ هذه آراء وأفكار ورؤى ينبغي نقلها إلى مراكز اتّخاذ القرار، مراكز اتّخاذ القرار يجب أن تكون مرتبطة بهذه القضايا وتستفيد منها. واحدٌ من أسباب إصراري على عقد هذا الّلقاء في شهر رمضان من كل سنة وأن يحضر أساتذة الجامعات ويتحدّثوا - طبعاً كنت أرغب أن تقام اثنتا عشرة جلسة من هذا القبيل في كلّ سنة لكننا للأسف لا نستطيع ذلك - هو أن تلقى هذه الكلمات والآراء وتطرح ويسمعها المسؤولون وتسمعها مراكز اتّخاذ القرار. يجب أن تتركوا بصماتكم وتأثيراتكم.

المشكلة علميّة.. وحلّها في الجامعة
في قضايا البلاد الاقتصادية على سبيل المثال، نحن نتحدّث كلّ هذا الحديث عن الشؤون الاقتصادية والكلّ يوافقون ويؤيّدون، وقد طرحنا الاقتصاد المقاوم، وأيّده الجميع من أولهم إلى آخرهم، يؤيّدونه ويعقدون الجلسات لأجله ويشكّلون الّلجان وما شابه، لكن الأمور لا تجري ولا تتقدّم إلى الأمام كما ينبغي. حسنًا، أين المشكلة؟ هناك عُقدة علمية، فمن الذي يجب أن يحلّ هذه العُقدة العلمية؟ أنتم في الجامعة يجب أن تحلّوا هذه العُقدة.

أو قضيّة توفير فرص العمل. طرحنا قضية فرص العمل هذه السّنة وناقشناها، وقلنا: "الإنتاج الوطني" و"فرص العمل". فرص العمل أو الإنتاج الوطني إنما هي فكرة، والكلّ يريدون إنجاز هذا العمل ويبذلون بعض المساعي. قلتُ في كلمتي في بداية العام (6) وقدمتُ العملَ الذي أنجزته الحكومة على شكل تقرير للرّأي العام، أنفقوا سبعة عشر ألف مليار تومان على الورشات الصغيرة أو المتوسطة أو ما شاكل لمساعدتها عسى أن تتقدّم إلى الأمام، لكن هذا لم يعطِ الأثر المنشود. فأين هي المشكلة؟ وما يشبه هذا العمل تمّ أيضاً في الحكومة السابقة، وما يشبه هذا الأمر تمّ أيضاً في الحكومة الثامنة، لكنه لا يثمر، لماذا لا يثمر؟ هناك مشكلة علمية، لا بد أن هناك مشكلة وعُقدة. هذه العُقدة عقدة علميّة، فأين يجب حلّ هذه العقدة؟ في الجامعة. هذه السّيولة النّقدية الهائلة الموجودة في أيدي الناس والشّعب لو أُنفقت على خدمة توفير فرص عمل فلكم أن تلاحظوا أي شيء سيحدث في البلاد. لماذا لا تنفق هناك؟ وقد طرحوا هنا مشكلة البنوك، نعم؛ يجب الاهتمام بمشكلات النظام المصرفي هذه في مراكز اتخاذ القرار.

أو قضية الأصل القانوني 44 – والذي يمثّل تقوية للقطاع الخاص وإشراكه وإشراك أرصدته ورؤوس أمواله في اقتصاد البلاد- وهو ما طرحناه قبل سنوات ورحّب به الجميع أكبر ترحيب وأنجزت بعض الأعمال؛ ولكنّنا لا نشاهد تحققه، وأنا لا أشعر بتطور العمل وتقدمه إلى الأمام. ليست القضية أنّهم لا يريدون، هم يريدون ويسعون ويبذلون جهودهم لكن الأمر لا يتقدّم إلى الأمام؛ هناك مشكلة علمية. هذا هو ما أريد قوله. الدّور الذي بوسع الجامعة ممارسته هو أن تبحث عن العقد العلمية في هذه المجالات، وتتعرّف إليها وتحلها وتضع النّتائج تحت تصرّف إدارات البلاد وأجهزتها.

كذلك مسألة الآفات الاجتماعية مثلاً، أو قضيّة العدالة الاجتماعية ونحن نتكلّم كلّ هذا الكلام عن العدالة الاجتماعية وهي من الأمور الواضحة والمسلّمات الأكيدة، ولكن أين النتائج؟ هل تحقّقت العدالة الاجتماعية؟ لقد ارتفع معامل "جيني" (قياس عدالة توزيع الدخل القومي) يوماً بعد يوم. أصبح أسوأ حالاً. لماذا؟ ما هو السّبب؟ لماذا لا تتحقّق هذه الفكرة الصّحيحة وهذه المطالبة الصّحيحة وهذا الهدف الصحيح في البلاد؟

تحدّث أحد الإخوة هنا حول الإدارة العامة للبلاد؛ وبالمصادفة كنت قد سجّلت بعض الملاحظات عن هذا الموضوع. من الأعمال التي يمكنكم القيام بها مساعدة الإدارة العامة للبلاد. انظروا! من إشكالات الإدارة العامة عندنا أن تتسرّب الفيروسات إلى برمجيّاتنا الإدارية، بمعنى أن يستطيع العدوّ تسريب فيروس إلى أفكارنا الإدارية ليخرّب كلّ إبداعاتنا وأعمالنا وقراراتنا ويوجّهها بالاتجاه المعاكس، ويسير بها في ذلك الاتجاه. نستطيع أن نمنع ذلك ويجب أن نمنعه، فهذا من الأعمال والمهمّات الأساسية. أو الاستفادة من الإمكانيّات والطّاقات المنسيّة في البلاد.

أيادٍ خفيّة وراء وثيقة 2030
موضوع التّبيين. إن التّبيين هو أحد مهام الأساتذة، وأنا أشكر "السيد بارسانيا" (7) الذي تحدّث هنا عن وثيقة 2030، حسنًا، هذه قضية يجب تبيينها. لقد قلنا شيئاً عن وثيقة 2030 للتربية والتعليم، وطُرح كثير من الكلام حول هذا الموضوع. هذه القضية قضية على جانب كبير من الأهمية. وكما أشار، فهذه الوثيقة جزء من وثيقة عليا لمنظمة الأمم المتحدة هي ميثاق التنمية المستدامة، جزء منها هو هذه الوثيقة 2030 المرتبطة بقضايا التربية والتعليم. والواقع هو أنّ ما خطّطوا له في ميثاق التنمية المستدامة -ومنه وثيقة 2030 هذه- ويعملون من أجله هو أنهم يريدون وضع منظومة فكرية وثقافية وعملية للعالم كلّه. من الذي يفعل هذا؟ هناك أيد خفية وراء منظّمة الأمم المتحدة، و"اليونسكو" هنا هي مجرّد وسيلة وواجهة. هناك أيد تجتمع وتخطّط وتضع وتنتج منظومة لكلّ شيء في بلدان العالم ولكلّ الشعوب. منظومة تشمل الفكر والثقافة والعمل، هم يضعونها وعلى الشعوب أن تعمل وفقاً لها. وجزء منها يتعلق بالتربية والتعليم وهو هذه الوثيقة المسماة 2030 . هذا بالتالي خطأ، هذا خطأ، بل هو شيء مخرِّب. هذا التحرّك تحرّك فاسد ومخرِّب. لماذا؟ من هم هؤلاء الذين يضعون ميثاق التنمية المستدامة؟ وبأيّ حقّ يقرّرون ويحكمون بشأن البلدان والشعوب وحول تقاليدهم ومعتقداتهم بأنّكم يجب أن تفعلوا كذا وتفعلوا كذا. وكل هذه حالات «يجب» القيام بها برأيهم. وإنّها لنظرة سطحيّة أن يُقال إنّها ليست ملزمة، كلّا، الواقع أنّ كلّ ما فيها ملزم، وكلّ واحدة من هذه التعاليم إذا لم تتحقّق سوف تُسجل بعد ذلك كنقطة سلبية ويقال "إنكم سوف تُدرجون في الجدول الفلاني في آخر ترتيب الجدول ويُسلب منكم الامتياز الفلاني"! هذه الأمور كلّها على هذا النّحو، والواقع أنّ كل هذه إلزامات حتى لو لم تكن في ظاهرها كذلك. ثمّ ما هي الضّرورة لذلك؟ قبل سنوات طرحنا «نموذج التقدم الإيراني- الإسلامي»، ولم أستخدم كلمة التنمية عن عمد، والسّادة المسؤولون عن هذه العملية والذين كنّا على تواصل معهم في ذلك الحين يعلمون، قلتُ إنني أتعمد عدم استخدام كلمة "التنمية"، لأنّ مصطلح التّنمية هو مصطلح غربي وله مفهومه الغربي. وإنما استخدمت كلمة التقدم، "نموذج التقدم الإيراني- الإسلامي"، يجب أن نبحث لنقوم بصياغة هذا النّموذج! لماذا ينبغي أن يعطينا الغرب نموذجاً لتقدّمنا على شكل هذا الميثاق الخاصّ بالتّنمية المستدامة أو وثيقة 2030 وما شابه؟ من الذي ينبغي أن يقوم بهذه المهمّة؟ إنها مهمّتكم، مهمّة الجامعات، ومهمّة الأساتذة.

على كلّ حال الكلام كثير والوقت قليل؛ وأظن أنّ الأذان قد رُفع. إن شاء الله يوفّقكم وإيّانا لنستطيع النّهوض بمهامنا وأعمالنا. وكما تقولون وأنا أؤيد - أنا أيضاً أقول هذا - فنحن صامدون وقد تقدّمنا في هذا الطريق وفي هذه المهمّات وفي هذه المسيرة الإسلامية الثورية بفضل من الله وتوفيقه وسوف نتقدّم أكثر إن شاء الله، ونحن من سيكون المنتصر قطعاً ويقيناً بفضل من الله (8(.


1- في بداية هذا اللقاء الذي أقيم في يوم السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك ألقى ثمانية من أساتذة الجامعات كلمات أوضحوا فيها تصوراتهم عن مختلف قضايا الجامعات والبلاد.
2- أشارت السيدة "خديجة ذو القدر" للمشكلات التي تواجه الطّلبة الجّامعيين الحاصلين على منح دراسية.
3- الدكتور" محمد فرهادي" وزير العلوم والبحوث والتقنية (التعليم العالي) والحاضر في هذه الجلسة.
4- إقبال الأعمال، ج 1 ، ص 199 . دعاء ليالي العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بقليل من الاختلاف.
5- كلمة الإمام الخامنئي في لقائه بمسؤولي البلاد والحكومة بتاريخ 12/06/2017 م.
6- كلمة الإمام الخامنئي في الروضة الرضوية الطاهرة في بداية العام الإيراني، بتاريخ 21/03/2017م.
7- حجّة الإسلام والمسلمين "حميد پارسانيا " أستاذ مساعد في جامعة طهران.
8- تكبير الحضور.

06-07-2017 | 14-49 د | 1252 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net