الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
خطاب الإمام الخامنئيّ، بمناسبة 13 آبان، اليوم الوطنيّ لمقارعة الاستكبار،
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

خطاب الإمام الخامنئيّ، بمناسبة 13 آبان، اليوم الوطنيّ لمقارعة الاستكبار، الموافق لِـ 03/11/2018م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالَمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّدٍ وآله الطاهرين، ولاسيّما بقيّة الله في الأرضين.

أرحّب بكم كثيرًا، أيّها الإخوة الأعزّاء، والأخوات العزيزات، الشباب الأعزّاء، أبنائي الأعزّاء. أسأل الله -تعالى- أن يوفّقكم جميعًا، ويثبّتَ قلوبكم الطاهرةَ النيّرةَ بألطافه وهدايته على طريق الحقّ والصراط المستقيم، إن شاء الله. صادَفَتْ، هذا العام، أيّامُ الأربعين، يومَ الثالث عشر من آبان(1) وتزامنت معه. سأتطرّق قليلًا للكلام عن الأربعين. فأبارك أوّلًا، للذين وُفِّقُوا هذه السنة، وطوَوا هذا السفر بحماسةٍ وعشقٍ وإخلاصٍ، وسلكوا هذا الطريق، وشاركوا في هذا المسير. إنّه لتوفيق كبير، طوبى لكم! وأسأل الله أن يشمل هذا الفيضُ محبّي هذا الطريق كلَّهم. ثانيًا، أتقدّم بالشكر، من أعماق القلب، للشعب العراقيّ والحكومة العراقيّة وأصحاب الخبرة والشخصيات السياسيّة العراقيّة، الذين ساعدوا في هذا السبيل، وللإنصاف، بذلوا مجهودًا، وسهَّلوا هذه الحركة لشعبهم وللشعوب القادمة من البلدان الأخرى، خاصّةً من بلدنا، إذ على ما يبدو أنّ أكثر من مليونَي شخصٍ ذهبوا لزيارة الأربعين! أشكرهم من صميم القلب! كما أتوجّه بالشكر إلى كلّ الذين استضافوا، واستقبلوا، وأظهروا المودّة والمحبة، من الإخوة العراقيين الأعزّاء، أشكرهم جميعًا، فقد قاموا بعملٍ عظيمٍ!

حركةُ عشقٍ وإيمانٍ
ظاهرة الأربعين ظاهرةٌ غيرُ قابلةٍ للوصف، بل هي [ظاهرةٌ] منقطعة النظير أصلًا. إنّها مناوَرَةٌ عظيمةٌ ومذهلةٌ. هذه الحركة الاستثنائيّة -وكما قيل مرارًا في هذه الأيّام- لا نظير لها في العالَم. والغربيّون لا يستطيعون إدراك هذه الحركة ومعناها وكيف يمكن أن تكون؛ لذلك، ترون أجهزتهم الإعلاميّة سكتت لسنواتٍ عدّةٍ -"مؤامرة الصمت"-، وهي، في حين تنشر وتذيع أدنى تحرّكٍ في أيّ مكانٍ من العالَم، لم تأتِ أبدًا على ذكر هذه الحركة الشعبيّة العظيمة لسنوات عدّة، ولم تُشِرْ إليها، ولم تنشر لها صورةً. وفي هذه السنة، حيث تطرّقوا إليها قليلًا وحلّلوها، كانت تحليلاتهم عدائيّةً وخاطئةً، وهي، من وجهة نظر المؤمنين بهذا الطريق، تحليلاتٌ بلهاء، من قبيل الإذاعة البريطانيّة وما شاكل، حيث قدَّموا تحليلاتٍ بلهاء، وهذا يدلُّ على أنّ فوران هذا النبع الفيّاض قد أصابهم بالتخبّط بشدّة، فلا يستطيعون تحليله، فقالوا حينًا بأنَّ الأجهزة الحكوميّة قد أطلقت هذه الظاهرة. أيُّ حكومةٍ تستطيع تسيير عشرة ملايين، [أو] خمسة عشر مليون شخصٍ، من الرجال والنساء والشيوخ والشباب والشرائح المختلفة، وتجعلهم يمشون على أقدامهم ما لا يقلّ عن ثمانين كيلومترًا من مدينةٍ إلى أخرى؟ أيّ حكومةٍ تستطيع فعل ذلك؟! وعلى فرض المحال، لو افترضنا أنّ حكومةَ الجمهوريّة الإسلاميّة والحكومة العراقيّة استطاعتا فعل ذلك، فسيكون هذا، في ذاته، معجزةً حكوميّةً! حسنًا، افعلوا أنتم أيضًا مثل هذا، إن استطعتم، وأطلقوا -إن كنتم تجيدون- مثل هذه الظاهرة. لا، فما من عامِلٍ، سوى العشق والإيمان، وسوى فوران دماء الشهداء الأجلّاء، قادرٌ على إطلاق هذا الحراك! لقد تمَّ إنجاز عملٍ كبيرٍ، وهو يتحسّن يومًا بعد آخر، ويزداد قوّةً ونضجًا، ويتكرَّس أكثر، ويتطوّر في كلّ سنةٍ ويتكامل قياسًا إلى السنة الماضية، وسيستمرّ فيما يأتي أيضًا، إن شاء الله. [هذا] والغربيّون مضطرّون للمشاهدة، ولا يستطيعون التحليل، ولا يستطيعون الفهم، وسوف يتلقّون ضربة هذا الحراك.

أربعون عامًا من التحدّي!
حسنًا، مناسبة لقائنا اليوم هي الثالث عشر من آبان، الذي يصادف يوم غدٍ. لقد وقَعَت في الثالث عشر من آبان -كما تعلمون- ثلاثة أحداثٍ، وكلّها ذات صلةٍ بأمريكا بشكلٍ من الأشكال. الحدث الأوّل هو نفي الإمام الخمينيّ بسبب قضيّة الحصانة القضائيّة، حصانة المستشارين الأمريكيّين في إيران. ألقى الإمام الخمينيّ تلك الكلمة العاصفة في سنة 43 [1964م]؛ فنُفي على أثر ذلك. كان هذا الحدث الأوّل، وهو على صلةٍ بأمريكا. والحدث الثاني هو المذبحة التي ارتُكِبَت ضدَّ تلاميذ المدارس في سنة 57 [1978م] أمام الجامعة هنا، ولم يكن ذلك على يد الجنود الأمريكيّين، ولكن على يد النظام العميل لأمريكا، المفروض من قِبَلِها، النظام الطاغوتيّ، والنظام البهلويّ المرتبط بأمريكا بشكلٍ من الأشكال؛ أي إنّ الأمريكيّين وعملاءَهم مستعدّون لارتكاب مثل هذه الجرائم، من أجل إمرار أهدافهم الشيطانيّة. وأنتم ترون أحداثًا من هذا القبيل في العالَم، كأحداث اليمن، وأحداث البحرين، وأحداثٍ كثيرةٍ في العالَم تدلّ على هذه الحقيقة. وهنا أيضًا، فعلوا الشيء نفسه، فقد ضرّجوا التلاميذ والناشئة بالدماء حين أطلقوا عليهم النار مباشرةً، فكانت هذه أيضًا حادثةً. أمّا الحادثة الثالثة، فهي حادثة السفارة، وكر التجسّس الأمريكيّ الذي مثَّل صفعةً إيرانيّةً مقابلةً لأمريكا؛ بمعنى أنَّ الثورة منحت الشعب الإيرانيّ القوّة لأن يوجِّه مثل هذه الصفعة إلى أمريكا ويُهينها ردًا على تحرّكاتها وهجماتها. مجموع هذه الأحداث الثلاثة يُعبِّر عن تحدٍّ بين إيران وأمريكا. وهذا التحدّي مستمرٌّ إلى اليوم. فمنذ أربعين عامًا، وهذا التحدّي مستمرٌّ بين إيران الإسلاميّة وأمريكا، وقد كانت هناك صنوف تحركّاتٍ شتّى من قِبَلِ العدوّ طوال هذه الأعوام الأربعين. وأنتم، طبعًا، لم تشهدوا كثيرًا من هذه الأحداث، إذ لم تكونوا حاضرين، ولم تشهدوا. لكنّكم سمعتم بها، أو قرأتم عنها. وسوف أشير فقط إلى الحرب العسكريّة، مثلًا، فقد كانت هناك حركةٌ عسكريّةٌ، خلال هذه المدّة، من قِبَلِ أمريكا بأشكالٍ مختلفةٍ، وأسوؤها تحريض صدّام حسيٍن على الهجوم على إيران، حرّضوه ووعدوه؛ وعدوه بالمساعدة، وقد ساعدوه فعلًا، وشغلوا البلاد بالحرب ثمانية أعوامٍ. لكنّهم، طبعًا، تلقّوا صفعةً على أفواههم، وانكسروا، وتراجعوا. أو، على سبيل المثال، الهجوم على طائرة الإيرباص، والهجوم على طبس، والهجوم على منصّاتنا النفطيّة، هذه أعمالٌ وتحرّكاتٌ قام بها الأمريكيّون ضدّنا.

وقد كانت هناك حربٌ اقتصاديّةٌ في هذا التحدّي الممتدّ لأربعين سنةً، وهي حربٌ لا تختصّ بوقتنا الحاضر، والأمريكيّون الآن يريدون أن يخدعوا أنفسهم أو يخدعوا شعبهم؛ ليقولوا: إنّنا نقوم بعملٍ جديدٍ. لا، ليس هذا بالعمل الجديد. إنّهم يفرضون علينا، منذ أربعين سنةً، حظرًا اقتصاديًّا، وبأشكالٍ مختلفةٍ؛ مرّةً يكون الحظر بالنفط، ومرّةً أخرى بالتبادلات التجاريّة، وفي يومٍ آخر بالاستثمارات، كانت لهم أنواع الحظر شتّى، وهذه هي الحرب الاقتصاديّة والمواجهة الاقتصاديّة.

وكانت لهم أيضًا حربهم الإعلاميّة، فمنذ بداية الثورة، وإلى اليوم، كانت لأمريكا حربها الإعلاميّة ضدّنا، فنشر الأكاذيب والإغراءات وإثارة الفتن وإشاعة الفساد وتحريض الأفراد، ليس وليد اليوم والحاضر. طبعًا، هناك، اليوم، أساليب جديدةٌ، ويوجد الإنترنت والفضاء الافتراضيّ وما شابه. لكن، حتّى عندما لم تكن هذه الوسائل موجودةً، كانوا يعملون باستمرارٍ عن طريق التلفزة والراديو والفضائيّات؛ أي إنّ هذا التحدّي موجودٌ بيننا وبين أمريكا منذ أربعين سنةً! حسنًا، ثمّة هاهنا حقيقةٌ مهمّةٌ قد تبقى خافيةً عن أنظار بعض الأشخاص أحيانًا؛ فتبقى خافيةً لشدّة وضوحها. تلك الحقيقة حقيقةٌ ساطعةٌ، وهي أنّ الطرف الذي هُزِمَ، خلال هذا التحدّي الممتدّ لأربعين سنةً، هو أمريكا، والطرف الذي انتصر هو الجمهوريّة الإسلاميّة. هذه حقيقةٌ مهمّةٌ جدًّا.

هل هناك أوضح من هذه الهزيمة؟
ما الدليل على أنّ أمريكا هُزِمَت وغُلِبَت؟ الدليل على ذلك أنّها هي التي بدأت بشنّ الهجومات، وهي التي قامت بالأعمال المفسدة، وهي التي فرضت الحظر، وهي التي شنّت الحرب العسكريّة في الواقع، لكنّها لم تحقّق أهدافها. هذا هو الدليل على هزيمة أمريكا. كان هدف أمريكا من هذه الأعمال والممارسات كلّها أن تستعيد السيطرة التي كانت لها، خلال عهد الطاغوت، على هذا البلد. وهي سيطرةٌ وهيمنةٌ زالت بالثورة، فقُطعت يدها. الهدف من فرض هذه الحرب وهذا الحظر وهذه الضغوط السياسيّة والاقتصاديّة وما إلى ذلك، هو إعادة تلك الهيمنة، فلم يستطيعوا. إنّهم، منذ أربعين سنةً، يبذلون قصارى جهدهم، ولم يستطيعوا الوصول إلى شيءٍ. ولكم أن تلاحظوا اليوم، إنّ البلد الذي ليس لأمريكا دورٌ في قراراته وخطواته، ولو بمقدار ذرّةٍ، هو الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران. هذا يشكِّل هزيمةً لأمريكا، ولا يمكن للهزيمة أن تكون أوضح من هذا.

كان هدف [أمريكا] من فرض الحرب أن تنتصر على الجمهوريّة الإسلاميّة -في الحرب مع صدّام- وتُريق ماء وجهها، وتذهب بسمعتها، وتقول: إنَّ الجمهوريّة الإسلاميّة، حكومة الجمهوريّة الإسلاميّة، ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة، تَسبَّب في هزيمة إيران، فما كان إلّا العكس. كانت إيران هي الخاسرة [دومًا] خلال الحروب [التي خاضتها]، في المئتي عامٍ الأخيرة، مع البلدان الأخرى. لكنّ حرب الأعوام الثمانية هذه، كانت الحرب الأولى والوحيدة التي هَزمت فيها إيرانُ خصمَها، ولم تُهزَم، ولم يقع حتّى شبٌر واحدٌ من تراب البلاد بيد العدوّ! [نعم]، هذه هي الحرب الأولى. فقد حدث عكس ما أراده الأمريكيّون تمامًا. وكان هدفُها [أمريكا]، من الحظر، شلَّ البلاد وفرض التأخّر عليها. لقد فرضت الحظر، عسى أن تشلَّ الاقتصاد وتشلَّ البلاد وتفرض عليها التأخّر، فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة تسارع مسيرة البلاد نحو الاكتفاء الذاتيّ. كنّا قد تعوّدنا، وكان الشعب الإيرانيّ قد تعوّد طوال السنين المتمادية أن يستورد كلّ شيءٍ. أمّا اليوم، بفضل الحظر الذي فُرض علينا، تعوّدنا أن نعمد، أوّلًا، إلى صناعة كلّ شيءٍ وإنتاجه. وسوف أعود لأشير لاحقًا إلى هذه النقطة.

ثمّة اليوم مئات المجموعات، المجموعات الناشطة من الشباب الحَسَنيّ التفكير، سواءٌ أكانوا من طلبة الجامعات، أم من الخرّيجين، يقومون بأعمالٍ مهمّةٍ على مستوى البلاد، وقلت إنّني سأعاود الإشارة لاحقًا إلى ما يقومون به. وقد كان هذا نتيجة الحظر. لأنّه تمَّ فرض الحظر علينا؛ فكّرنا بأن نسدَّ احتياجاتنا بأنفسنا. إذًا، انتهى الحظر أيضًا لمصلحتنا؛ أيْ إنَّ أمريكا هُزمت في هذه السياسة أيضًا. لاحظوا، هذه هزائم متتالية للطرف الأمريكيّ.

قوّة أمريكا إلى أفول!
أرجو أن تلتفتوا إلى هذه النقطة بدقّةٍ أيّها الشباب الأعزّاء. فالأعمال المستقبليّة للبلاد بأيديكم أنتم، ويجب أن تتنبهوا لهذه الأمور. لِنَدَع الآن التحدّي بين إيران وأمريكا جانبًا. عندما ننظر بنظرةٍ أوسع إلى وضع أمريكا، نجد أنّ قدرة أمريكا واقتدارها وهيمنتها في العالَم آيلةٌ إلى الزوال والأفول، وهي تتضاءل وتتناقص دومًا بمرور الأعوام. وأمريكا اليوم أضعف بكثيرٍ من أمريكا قبل أربعين سنةً، عندما انتصرت الثورة. القدرة الأمريكيّة آيلةٌ نحو الأفول. هذه هي النقطة المهمّة.

الكثير من سياسيّي العالَم المعتَبَرين، وعلماء الاجتماع المعتَبَرين في العالَم يعتقدون أنّ قوّة أمريكا الناعمة قد اهترأت وتآكلت، وهي في طور الزوال. فما هي القوّة الناعمة؟ القوّة الناعمة هي أن تستطيع حكومةٌ ما إقناع الأطراف الأخرى بأن تتبنّى إرادتَها ورأيَها وعقيدتَها. هذه القوّة لدى أمريكا اليوم، آيلةٌ نحو الضمور التامّ، ونحو الزوال الكامل في مختلف المجالات. في زمن حكومة أوباما، كان الوضع على هذا النحو أيضًا. لكن في زمن هذا السيّد (2) الذي تجري معارضته بشكلٍ واضحٍ، حيث تتمّ معارضتُه في العالَم في معظم المجالات التي يتّخذ فيها قراراتٍ -ليس فقط المعارضة الشعبيّة- فلو تقرّر إجراءُ استفتاءٍ وسؤالُ شعوب البلدان المختلفة، سيُدلُون بآراء سلبيّةٍ [حوله]. بل حتّى الحكومات التي تجامل أمريكا راحت تخالفها؛ فالصين تعارض، وأوروبّا تعارض، وروسيا تعارض، والهند تعارض، وأفريقيا تعارض، وأمريكا اللاتينيّة تعارض! القوّة الناعمة لأمريكا متّجهةٌ نحو الأفول والضمور والسقوط. وهذا ليس بالشيء الذي أقوله أنا، بل هو من الآراء التي يطرحها علماء الاجتماع المهمّون في العالَم اليوم.

وليست [وحدها] القدرة المعنويّة والقوّة الناعمة لأمريكا تسير نحو الأفول. بل حتّى الليبراليّة الديمقراطيّة، التي تُعدُّ الركن الأساسيّ للحضارة الغربيّة [هي الأخرى تسير نحو الأفول]. هؤلاء أسقطوا سمعة الليبراليّة الديمقراطيّة، وما زالوا يسقطونها. قبل سنين من الآن، قال أحد علماء الاجتماع المعروفين في العالَم: إنّ وضع أمريكا الحاليّ هو نهاية تكامل التاريخ الإنسانيّ، ولا يمكن للبشر التطوّر والارتقاء أكثر من هذا. هذا الشخص نفسه، سحب كلامه الآن، وراح يقول: لا، ويتمنى أوضاعًا وأنماطًا أخرى. قد لا يقول بصراحةٍ: "لقد أخطأت"، لكنّه يطرح الآن كلامًا آخر، مخالفًا تمامًا للكلام الذي كان يقوله يومذاك. حسنًا، هذا هو وضع أمريكا [اليوم]، بالطبع، الليبراليّة الديمقراطيّة -كما سبق وأشرت مرارًا- قد جلبت التعاسة للشعوب الغربيّة، التي تقوم أركانُ حكوماتِها وأنظمتِها الاجتماعيّةِ وأسسُها على الليبراليّة الديمقراطيّة. الليبراليّة الديمقراطيّة، السائدة في الغرب اليوم، جعلتهم أنفسهم تعساء بائسين، فالفوارق الاجتماعيّة، وانعدام العدالة الاجتماعيّة، وانهيار العائلة، والفساد الأخلاقيّ الشامل المتفشّي، والنزعة الفرديّة المتطرّفة الشديدة، أتعستهم هم أنفسهم، وقد جاء هذا السيّد الآن -الرئيس الأمريكيّ الحاليّ العجيب الغريب- الذي أطاح بهذه الشعارات كلّها، ومرّغ -في الواقع- ما تبقّى من سمعة أمريكا والليبراليّة الديمقراطيّة بالوحل. حسنًا، هذا فيما يتعلّق بقوّة أمريكا الناعمة.

وأقول: إنّ القوّة الصلبة لأمريكا أيضًا قد تضعضعت بشدّةٍ. القوّة الصلبة تعني القوّة العسكريّة والقوّة الاقتصاديّة. العسكرتاريّة الأمريكيّة. نعم، أمريكا تملك الأدوات والمعدّات العسكريّة، بيد أنَّ القوّات العسكريّة الأمريكيّة مكتئبةٌ بشدّةٍ وحائرةٌ وتائهةٌ ومتردّدةٌ. ولذلك نراهم، في الكثير من البلدان التي يوجدون فيها، ولكي يتمكّنوا من تحقيق أهدافهم، يستخدمون منظّماتٍ إجراميّةٍ من أمثال بلاك ووتر وما شاكل؛ أي إنَّ الجنديّ الأمريكيّ غير قادرٍ على تنفيذ الخطة الأمريكيّة. هذه هي طاقاتهم الإنسانيّة. وكذا الحال بالنسبة لاقتصادهم. فيما يتعلّق بالاقتصاد الأمريكي، أمريكا اليوم مدينةٌ بمقدار خمسة عشر تريليون دولارٍ! الرقم رقمٌ أسطوريٌّ، خمسة عشر تريليون دولار ديون أمريكا! وعجز الميزانيّة الأمريكيّة قد قارب الثمانمئة مليار دولارٍ للسنة الجارية. هذا، في الواقع، تخلُّفٌ اقتصاديٌّ. وهم يغطّون على هذا كلّه بالبهارج والأضواء والشعارات وأنواع الكلام والمظاهر البرّاقة، لكن هذا هو الواقع في أمريكا. هذا عن القوّة الصلدة. إذًا، أمريكا آيلةٌ إلى الأفول. ليعلم الجميع هذا. وليعلم أولئك الذين -وبدعمٍ من أمريكا- يُبدون الاستعداد لنسيان القضيّة الفلسطينيّة بالكامل في هذه المنطقة، بأنّ أمريكا آيلةٌ إلى الزوال.

روح الاستقلال كبيرة!
الحيُّ هو شعوب المنطقة. الحيُّ هو الحقائق القائمة في هذه المنطقة. أمريكا سائرةٌ نحو الأفول، حتّى في منطقتها، ناهيك عن هذه المنطقة. من مظاهر انكسار أمريكا أنّها لم تستطع التأثير على روح المطالبة بالاستقلال لدى شعبنا ولدى شبابنا. لاحظوا، إنّ مشاعر شبابنا وأحداثنا [يافعينا] الأعزّاء اليوم، في أنحاء البلاد كلّها، مشاعر مطالبةٌ بالاستقلال. بعضٌ منهم قد لا يكون ملتزمًا كثيرًا بالأسس الدينيّة، لكنّه يشعر بضرورة المقاومة تجاه هيمنة الأجنبيّ. وهذا يدلُّ على أنّ أمريكا، رغم هذا الإعلام كلّه، وهذه المساعي كلّها التي بذلتها، ومع هذه الامبراطوريّة الخبريّة والإعلاميّة التي أطلقتها في العالَم، لم تستطع التأثير على جيل الشباب في بلادنا، ولم تتمكّن من إضعاف روح المقاومة والاستقلال فيهم، والقضاء عليها. إنّني أقول هذا بجدٍّ لأنّني أراه. فشبابنا اليوم، من حيث وجود الحافزيّة على الصمود والمقاومة، إن لم يكونوا متقدّمين على جيل الشباب في بداية الثورة، فهم غير متأخّرين عنهم. إنّ المرء ليشاهد هذا الشيء بوضوحٍ في الوقت الحاليّ. والأمر غير مختصٍّ بشبابنا، فهو حالةٌ راحت تترسّخ بين شباب البلدان الأخرى على حسب معلوماتنا واطّلاعنا، وخصوصًا البلدان المجاورة لنا. يرى المرء كلام الشباب الأعزّاء المؤمنين في البلدان القريبة منّا والجارة لنا، وأفعالهم، ورسائلهم، وسلوكهم، ويشعر أنّ روح الاستقلال كبيرةٌ فيهم. وبالطبع، فإنّ العدوّ الأمريكيّ يرى أنّنا نحن السبب في بعض هذه الحالات، ويقول: إنّ هذا بسبب تحرّك الشباب الإيرانيّ. وهم يهدّدوننا، يهدّدوننا أنْ لماذا هاجم الشباب في البلد الفلانيّ قوّاتنا؟ وهذا حقًّا من عجب القول! يبعثون رسائل [لنا] أنّه إذا هاجم الشباب في البلد الفلانيّ المجاور لكم قوّاتنا أو الأفراد المناصرين لنا، فسوف نَعُدُّكم أنتم المقصّرين والمسبّبين [لذلك]. إنّه لحماقة منكم أن تعدّونا المقصّرين.

من حقّ الشعوب أن تكرهَكم
الشعب العراقيّ يُبغضكم، شباب العراق يكرهونكم، شباب سوريا يُبغضونكم، شباب لبنان يكرهونكم، وفي هذه الجهة من الشرق، شباب أفغانستان يكرهونكم أنتم الأمريكيّين، وشباب باكستان يبغضونكم، فما علاقتنا نحن بهذا؟ إنّهم يكرهونكم، وقد يبادرون إلى فعل شيءٍ ضدّكم. نعم، نعم هذا واقع، فلماذا لا يدرك الأمريكيّون هذا الواقع؟ لماذا لا يفهمون كراهيّة الشعوب لهم؟ لماذا لا يدركون [هذا الأمر]؟ لقد أسأتم، وقمتم بأعمال قبيحةٍ، وسعيتم للسيطرة على هذه البلدان، وأهنتم هذه الشعوب؛ لذلك هم يكرهونكم. من حقّ الشعب العراقيّ أن يبغضكم، ومن حقّ الشعب السوريّ أن يكرهكم، وكذا الحال بالنسبة للبلدان الأخرى. أمريكا آيلةٌ إلى الزوال، ليعلم الجميع هذا. الذين يميلون إلى أنْ نذهب ونتصالح مع الأمريكيّين يخطّطون خططًا لا أساس لها ولا أركان؛ فأمريكا سائرةٌ نحو الأفول. وعوامل أفول أمريكا ليست وليدة اليوم والأمس القريب لكي يحاول بعضهم معالجتها. إنّما هي حالةٌ تعود إلى امتداد التاريخ وترتبط به. والعامل والسبب في هذا الوضع الذي يعاني منه الأمريكيّون سببٌ طويل الأمد، فقد أوجدوا، على مرّ التاريخ، حالةً هذه نتيجتها، وهي لا تُعَالَجُ بسهولةٍ. هذه سُنّةٌ إلهيّةٌ، وهم محكومون بالسقوط والأفول والزوال عن ساحة القوّة العالميّة.

في المقابل، هناك الجمهوريّة الإسلاميّة!
أنا، طبعًا، لا أريد تضخيم الأمور والمبالغة. لقد بدأنا من الصفر. الطريق الذي قطعه الآخرون خلال مئة عامٍ أو مئةٍ وخمسين عامًا، أو أكثر، لا أدّعي أنّنا قطعناه خلال هذه الأعوام الأربعين. لكنّني أقول: إنّنا تقدّمنا إلى الأمام دومًا خلال الأعوام الأربعين هذه، وازددنا قوّةً دومًا. ومسيرة الجمهوريّة الإسلاميّة، على مدى أربعين عامًا، تُثبت هذا المعنى بوضوح. إنّنا نشهد مسيرةً جادّةً نحو الاستقلال الصناعيّ والاستقلال السياسيّ في بلادنا. حين قلت: هناك مئات المجموعات الشابّة، فهذا واقع، وأنا أعرف بعض هذه المجموعات عن قربٍ، وأعرف بعضَها عن بُعدٍ، شبابٌ جادّون نشطون موهوبون مبتكرون ذوو هممٍ عاليةٍ، عاكفون على العمل والسعي والجهد في المجالات المختلفة، الفكريّة، والعمليّة، والعلميّة، والتقنيّة، لا يفكّرون في رئاسةٍ ولا في أن يصبحوا مديرين أو وزراء أو نوّابًا، إنّما يُركّزون على العمل. هكذا هو الوضع اليوم. هذه ظاهرةٌ مباركةٌ توجد في بلادنا اليوم، وسوف تستمرّ.

أريد أن أوصيكم، أيّها الشباب الأعزّاء، بتوصياتٍ عدّةٍ، فهذه أمورٌ ضروريّةٌ لمستقبل البلاد.
التوصية الأولى: أن لا تنسَوا معاداة أمريكا، ولا تنخدعوا بابتسامات العدوّ الكاذبة المفضوحة.
أحيانًا، يقولون: لا مشكلة لنا مع الشعب الإيرانيّ، بل مشكلتنا مع حكومة الجمهوريّة الإسلاميّة. إنّهم يكذبون! فحكومة الجمهوريّة الإسلاميّة ليست بشيءٍ من دون الاعتماد على هذا الشعب. إنّهم يعادون الشعب، الشعب الذي لم يتخلَّ عن وجوده وحضوره وقوّته وإرادته طوال هذه الأعوام الأربعين. والحظر موجَّهٌ ضدّ الشعب. لا تنسَوا عداء أمريكا. لقد كانت أمريكا تعادي الشعب الإيرانيّ قبل الثورة أيضًا، لكن في ذلك الحين، كان عملاؤها على رأس السلطة، فكانت تفعل ما تريد هنا، وتتصرّف كما يحلو لها، وكان النظام البهلويّ الطاغوتيّ المشؤوم العميل يتبعهم ويمتثل لأوامرهم. وقد وقفت الجمهوريّة الإسلاميّة أمامهم بقوّةٍ. لذا، فإنّ عداءهم واضحٌ وبيِّنٌ، وهم يمارسونه من جوانب مختلفةٍ. لا تأبهوا لأكاذيبهم هذه. حسنًا، إلى متى [سيستمرّ] هذا العداء؟ هناك سؤال ٌيُطرَح: إلى متى العداء مع أمريكا؟ الجواب هو: إلى أن تتخلّى أمريكا عن نزعتها في الهيمنة والسيطرة، فإن تخلّت عن هذه النزعة، يمكن التعامل معها مثل باقي البلدان، وإقامة علاقات معها، وحتمًا، مثلُ هذا الشيء مستبعدٌ. فذات الاستكبار -وقد قالها أحد الإخوة الأعزّاء هنا- ذاتٌ تنزع إلى السيطرة والهيمنة. نعم، ما دام الوضع على هذا النحو، سيكون العداء موجودًا. أمّا إذا تخلَّت [أمريكا] عن هذا الوضع وطرحته جانبًا، فسوف يزول العداء والقطيعة والضغينة وما إلى ذلك بالكامل. ولكن هذا ليس بالشيء الذي يمكن له أن يتحقّق.

النقطة الثانية هي نظريّة المقاومة مقابل العدوّ القويّ. روِّجوا لهذه النظريّة وانشروها.
لا يتصوَّرَنَّ بعض الأشخاص بأنّه علينا التراجع لكون العدوّ يمتلك قنابل وصواريخ، ولديه أجهزةٌ إعلاميّةٌ وما شابه. لا، أبدًا! فنظريّة المقاومة نظريّةٌ أصيلةٌ وصحيحةٌ، سواءٌ على المستوى النظريّ أو على المستوى العمليّ، ويجب أن يُرَوَّجَ لها على كلا المستويين. على المستوى النظريّ، عليكم أن تبيّنوا وتوضّحوا. وأنتم الشباب تستطيعون تبيين نظريّة المقاومة هذه بشكلٍ جيّد جدًّا، سواءٌ فيما بينكم، أو في البيئة والأجواء التي تعيشون فيها، أو حتّى في العلاقات مع البلدان الأخرى والشباب الآخرين. بيّنوا للجميع نظريّة المقاومة، وأنّ هدف الاستكبار هو السيطرة والهيمنة والتسلّط على الشعوب، وليعلم الجميع بأنّ هذا هو هدف الاستكبار. [أمّا] على المستوى العمليّ، فنعتقد أنّ حركة المقاومة هي حقُّ الشباب؛ شباب العراق، شباب سوريا، شباب لبنان، الشباب في شمال إفريقيا، والشباب في مناطق شبه القارّة الهنديّة وأطرافها، هناك شبابٌ يقاومون أمريكا ويقفون في وجهها ويصمدون، وهذا حقّهم، ونحن نعتبر ذلك من حقّهم، ودعم هذه التيّارات يعني دعم نظريّة المقاومة.

النقطة الثالثة هي أن تّرَوا أنتم الشباب أنفسكم مسؤولين حيال قضيّة تقدّم البلاد.
وخطّة التقدّم خطّةٌ مشخّصةٌ معلومةٌ، خطّةٌ مدروسةٌ ودقيقةٌ. وقد لاحظتم أنّ نموذج التقدّم الإيرانيّ الإسلاميّ، الذي بوسعه أن يكون الإطار لمسيرة هذا البلد في المجالات المختلفة إلى خمسين سنةٍ قادمةٍ، قد تمَّ تبيينه وتحديده وإعداده، وهو في متناول أيدي الخبراء وأصحاب الرأي؛ لينضجوه ويكملوه ويعدِّلوه. احسبوا أنفسكم جزءًا من الناشطين في هذه الخطّة الواسعة الشاملة، وأعدّوا أنفسَكم لهذه المهمّة. وهذا الاستعداد والجاهزيّة قد يكون تارةً من خلال الدراسة والتحصيل العلميّ، وقد يكون تارةً أخرى عن طريق البحث العلميّ والتحقيق، وطورًا يكون عن طريق الصناعة والبناء، وحينًا عن طريق العلم والإبداع، وحينًا عن طريق اتّخاذ مواقف سياسيّةٍ صحيحةٍ، وحينًا آخر عن طريق الوجود في الساحة السياسيّة؛ فكلّ يومٍ وكلّ فترةٍ من حياتكم تقتضي أحد هذه الأمور. عدّوا أنفسكم، في الأحوال كلّها، مكلّفين ومسؤولين إزاء تقدّم البلاد، والمشاركة في تحقيقه [هذا التقدّم].

من الأعمال الأساسيّة التي يجب أن نقوم بها على الصعيد الاقتصاديّ ومستقبل البلد، قطع اعتماد اقتصاد بلدنا على النفط.

وهذا ما قاله، ويقوله، علماء الاقتصاد والخبراء والواعين كلّهم. ليس اليوم، بل قالوه مرارًا وتكرارًا ومنذ سنين، وهو شيءٌ واقعيٌّ. وقد طلبت، أنا أيضًا، من المسؤولين أن يحاولوا قدر الإمكان فصل اقتصادنا عن بيع النفط الخام. إنّنا، إذ نبيع النفط الخام، فإنّنا نستخرج ثروتَنا وأرصدتنا الكامنة تحت الأرض، التي لا تقبل التجدّد، بل تنفد وتنتهي، فنبيعها ونقبض الأموال مقابلها، لننفقها على إدارة البلاد. هذا خطأ! ينبغي استخدام هذه الأرصدة والاستفادة منها بحيث يكون لها دخلٌ [مردود] مضافٌ. ينبغي استخدامها بالنحو الأمثل. هذه التبعيّة للنفط من إشكالات اقتصادنا المهمّة.

حسنًا، ليجتمع شبابنا المؤمن، من أهل التفكير والعمل، ويجدوا طرقًا لإخراج [اقتصاد] البلاد من حالة الاعتماد على النفط. بالطبع، لقد تمّ وضع السياسات لهذه العمليّة. وما صندوق التنمية الوطنيّة الذي أسّسناه حين وضع السياسات العامّة، وأعلنّا عنه، سوى لخدمة هذا الغرض، وهو أن نستطيع الخروج من التبعيّة للنفط. وأقولها هنا: إنّنا لا نستقي نموذج التنمية من الغرب. أوّلًا، نحن نُطلق على هذه الحركة اسم التقدّم، وليس -كما يسمّونه هم- النموّ والتنمية. نحن لا نقتبس نموذج تقدّم البلاد من الغرب، فالغربيّون أنفسهم قد جلبوا التعاسة لأنفسهم بانتهاجهم هذا النهج والنموذج، وخلقوا الكثير من المشكلات لأنفسهم؛ فهناك البهارج والمظاهر، لكنّ الباطن فاسدٌ ومنخورٌ وآيلٌ نحو البِلَى، ونحن لا نقتبس عنهم. طبعًا، نحن ننتفع من العلوم العصريّة ومن التقنيات الحديثة إلى أقصى الدرجات، ونعدّ التقدّمَ مصدرًا لسعادة الشعب وعزّته، وسببًا من أسباب الأمن في البلاد، وإنّنا نبذل الجهود والمساعي من أجل تقدّم البلاد. وعلى شبابنا وأعزّائنا أن يعدّوا أنفسهم مسؤولين في هذا المجال، ويشعروا بالتكليف والواجب.

الحاجة الأساسيّة للبلد هي هِمَمُكم العالية! عليكم أنتم الشباب أن تشحذوا الهمّة، وأن تتمتّعوا بالهمّة العالية، وتسعوا، وتعملوا، وتَدَعوا الخوف جانبًا، وتنبذوا الكسل، وتجعلوا الإبداع شعارَكم وعلى رأس جدول أعمالكم، وتعدّوا التجديد والابتكار واجبكم الكبير، وليكن هذا بالطبع مشفوعًا بالغيرة والنزعة الوطنيّة. هذه أمورٌ لازمةٌ لبلادنا ولشبابنا. ولتكونوا في المجالات كلّها مجموعاتٍ نشطةٍ فعّالةٍ ومتحرّكةٍ.

وأقول للمسؤولين:كانت هذه توصياتنا للشباب، إلّا أنّها موجّهةٌ للمسؤولين أيضًا، فليأخذ المسؤولون هذا الكلام بعين الاعتبار، وليأخذوا الشبابَ مأخذ الجدّ، وليفتحوا أيديهم، بالمعنى الواقعيّ للكلمة، لجيل الشباب، وليساعدوه؛ فهو جيلٌ مندفعٌ. أرى في بعض الأحيان أنّ مجموعةً من الشباب أنجزت عملًا جيّدًا جدًّا وممتازًا ومفيدًا، لكنّ المؤسّسة المسؤولة والمعنيّة بهذا الإنجاز لا تساعدهم! هذه من إشكالات عملنا. ليأخذ المسؤولون الشباب مأخذَ الجدّ، ولينظروا بعين الجدّ والاهتمام لأعمالهم وإنجازاتهم، وليهتمّوا بهم.

وسوف ترونه بأعينكم
وما أريد قوله في نهاية كلمتي هو: أيّها الشباب الأعزّاء! كما قلت، اعلموا أنّ مستقبل هذا البلد، ومستقبل إيران الإسلاميّة أفضل وأكثر تألّقًا من ماضيها بكثيرٍ. اعلموا أنّ هذا الشعب، لو تقدّم وسار بهذه الروح التي تحملونها وتظهرونها اليوم، فإنّه -بلا شكٍّ- سيتمكّن، في المستقبل غير البعيد، من أن يصل إلى ذروةٍ وقمّةٍ في العالَم، تكون له اليد العليا دائمًا في التعاملات العالميّة، وسيستطيع تحقيق مقاصده. هذا شيءٌ حتميٌّ وقطعيٌّ ولا شكَّ فيه، وسوف ترونه بأعينكم -إن شاء الله- أنتم الشباب، وسوف تخبرون وتلمسون، في ذاك اليوم، هذا التقدّم العظيم الذي تحقّق في البلاد بفضل الإسلام وبفضل الثورة الإسلاميّة.

نسأل الله -تعالى- أن يحشر أرواح شهدائنا الأبرار الطاهرة، الذين فتحوا هذا الدرب ووفّروا للبلاد هذه الأجواء الآمنة، مع أرواح شهداء صدر الإسلام وكربلاء الطاهرة، وأن يُرضِيَ القلب المقدّس للإمام المهديّ المنتظر (أرواحنا فداه)، والروح المطهّرة لإمامنا الخمينيّ الجليل، وأرواح شهدائنا الأبرار عنّا جميعًا، وأن يُعرِّفنا واجباتنا، وأن يوفّقنا جميعًا -إن شاء الله- لأداء هذه الواجبات.

والسّلام‌ عليكم ‌و‌رحمة اللّه ‌و‌بركاته.

1ـ الثالث عشر من شهر آبان 1358 هجريًّا-شمسيًّا، الموافق للرابع من تشرين الثاني 1979م، ذكرى سقوط وكر التجسّس الأمريكيّ في طهران على يد الشباب الجامعيّ الإيرانيّ.
2ـ الرئيس الأمريكيّ الحاليّ دونالد ترامب.

28-11-2018 | 15-10 د | 1270 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net