الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1393- 11 جمادى الثانية 1441هـ - الموافق 06 شباط 2020م
أثر الصلاة في صلاح الدنيا

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

أثر الصلاة في صلاح الدنيا

محاور الخطبة:
- الأمر بالصلاة
- بين الصلاة والدنيا
- الاستعانة بالصلاة
- الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر
- ولكن أيّ الصلاة تنفعنا؟

مطلع الخطبة:
قال الله -تعالى- في محكم كتابه: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾[1].

الأمر بالصلاة
أيّها الأحبّة،
إنّ من أعظم العبادات التي أمرنا الله بها هي الصلاة بين يديه، وقد أعظم أمرها وأكّد على إقامتها، وشدّد النكير على من استخفّ وتهاون بها.

قال -سبحانه-: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾[2].

قال -سبحانه-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[3].

وإنّ هذا في الواقع يرجع إلى أهمّيّة هذه العبادة في استقامة حياة الإنسان وصلاح أمر دينه ودنياه.

وربّما يحسب بعضهم -جهلاً بحقيقة الصلاة- أنّها مجرّد أمرٍ عباديّ، يجب على الإنسان أداؤه، وأنّ أثارَه ومنافعَه إنّما تعود إليه في الآخرة وحسب، وهذا في الواقع تغافلٌ خطيرٌ عن معرفة حقيقة الصلاة ودورها في استقامة حياة الإنسان وصلاح دنياه.
بين الصلاة والدنيا

ما سرّ هذه الرابطة بين الصلاة ودنيا الإنسان؟
قد يسأل بعضهم: ما سرّ ارتباط الصلاة التي هي عبارة عن أذكارٍ وسجودٍ وركوع، بالدّنيا وما فيها من بلاءاتٍ وهمومٍ ومطامح مادّيّة؟

لنا أن نقول باختصارٍ شديد: إنّ الرابطة تلك، هي الرابطة بين العبد وخالق السماوات والأرض؛ أي رابطة الإيمان بالمدد الغيبيّ والإلهيّ، الذي لا ينفكّ عن هذا الوجود أبداً.

والمصلّي الذي يقف بين يديّ الله -تعالى- متضرِّعاً، إنّما يقف بين يدي خالق كلّ شيء ومَن بيده كلّ شيء، ويرجع إليه كلّ شيء.

وليست الآية التي نتلوها دائماً: ﴿إنّا لله وإنّا إليه راجعون﴾[4]، إلّا ترجمة لتلك الرابطة العظيمة والوثيقة بين حياة الإنسان بما تحوي، وبين الله ربّ السماوات والأرض، حيث إنّ كلّ حركة وكلّ فعل يقوم بهما إنّما يرتبطان بالله وقدرته وقوّته وحوله وسلطته.
ولأنّ الأمر كذلك، فقد كانت الصلاة طريقاً لإصلاح حياة الإنسان الدنيويّة؛ ذلك أنّها معراجُه، ففيها يتوجّه الإنسان إلى الباري -سبحانه- لينالَ منه المدد والعون في أمور حياته كلّها.

الاستعانة بالصلاة
أيّها الأحبّة،
قال الله -تعالى- في محكم كتابه: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾[5].

هذه الاستعانة هي طلب العون الذي «يتمّ في ما لا يقوى الإنسان عليه وحدَه من المهمّات والنوازل، وإذ لا معينَ في الحقيقة إلّا الله -سبحانه-، فالعون على المهمّات ومقاومة الإنسان لها بالثبات والاستقامة والاتّصال به -تعالى- بالانصراف إليه، والإقبال عليه بنفسه، وهذا هو الصبر والصلاة، وهما أحسن سببٍ على ذل؛، فالصبر يصغّر كلّ عظيمة نازلة، وبالإقبال على الله والالتجاء إليه تستيقظ روح الإيمان، وتتنبّه أنّ الإنسانَ متّكٍ على ركنٍ لا ينهدم، وسببٍ لا ينفصم»[6].

الاستعانة على ماذا؟
إنّ الإنسانَ في هذه الحياة عرضةٌ للبلاءات المتعدّدة، منها ما هو مادّيّ ومنها ما هو معنويّ، حيث يعيش في بعض الأحيان حالةً من الحزن والهموم التي تقضُّ سعادته ورغد عيشه، ما يجعله بحاجةٍ ماسّةٍ إلى مَن يعينه على الخروج ممّا هو فيه من الشعور السيّء، ومَن له في هذه الحال أعظم معين من الله -تعالى-؟!

فيلجأ بصلاته ليتعدّى تلك الهموم والأحزان كلّها، مستمدّاً ذلك من الله -سبحانه-.

وهذا ما كان يدأب عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام). وقد ورد في أحاديث المعصومين (عليهم السلام) في بيان هذه الآية المباركة ما عن الإمام الصادق (عليه السلام): «كان عليٌّ (عليه السلام) إذا هاله شيءٌ فزِع إلى الصلاة»، ثمّ تلا هذه الآية: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾[7].

ومن الأمثلة على هذا في القرآن الكريم, ما أرشد الله -عزّ وجلّ- بني إسرائيل إليه لمّا أشتدّ عليهم البلاء من قِبل فرعون، فقال: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾[8].

ونجد أنّ الله -تعالى- قد أرشد نبيّه الأكرم (صلّى الله عليه وآله) إلى الاستعانة بالصلاة في أداء مهمّته الرساليّة، قال -سبحانه-: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلً﴾[9].

وكذلك، كيف أنّ النبي يونس (عليه السلام) قد تخلّص من بطن الحوت بفعل أنّه كان من المصلّين، قال -سبحانه وتعالى- في ذلك: ﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾[10].

وكذلك ما جرى بين النبيّ شعيب (عليه السلام) وقومه، وهو ينهاهم عن عبادة غير الله، قال -تعالى-: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾[11].

الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر
إنّ من البلاءات التي تصيب الإنسان في هذه الحياة الدنيا، بلاءات تتعلّق بالروح والنفس، والتي نعبّر عنها أحياناً بالبلاءات المعنويّة، ومنها الاضطراب والوهن والكآبة والضجر وغير ذلك الكثير.

ولا يخفى أنّ الإنسان في أحيانٍ كثيرةٍ يلجأ إلى ما يخرجه من هذا الضيق، ومن تلك المشاعر المظلمة، من خلال الترفيه والتسلية وما شاكل، وهي وإنْ كانت تصلح في بعض الأوقات، إلّا أنّها دون شكٍّ لن تكون حلّاً وعلاجاً نهائيّاً وكاملاً.

والدواء الناجع لذلك، هو في التوجّه إلى  الله -تعالى- متضرّعاً بين يديه.

بالإضافة إلى ذلك، إنّ العديد من الهموم والأحزان التي تصيب قلب الإنسان، إنّما يرجع سببها إلى اقتراف الذنوب والخطايا، فيقع المرء فريسة ما يقترفه بيديه، فإنّ للذنوب آثاراً على الروح والقلب، لا يجليها إلّا الاستغفار والتوبة واللجوء إلى الله.

وأكثر الطرق حمايةً للإنسان كي لا يقع فريسة الذنوب تلك، هو الصلاة، حيث تقيه وتحصّنه، يقول -تعالى-: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾[12].

وقد رُوي أنّ فتىً من الأنصار كان يصلّي الصلاة مع الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ويرتكب الفواحش، فوُصف ذلك لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال: «إنّ صلاته تنهاه يوماً ما»، فلم يلبث أن تاب[13].

وعنه (صلّى الله عليه وآله): «لا يزال الشيطان يُرعِب من بني آدم ما حافظ على الصلوات الخمس، فإذا ضيّعهنّ تجرّأ عليه، وأوقعه في العِظام»[14].

ولكن أيّ صلاة تنفعنا؟
إنّ الصلاة التي وعدنا الله أن يخرجنا بها ممّا نحن فيه من ضيق وهمّ وحزن، وكذلك التي وعدنا بها أن تكون ناهية لنا عن اقتراف الفحشاء والمنكر، هي تلك الصلاة التي تتضمّن الخشوع والخضوع لله بين يديه، والتي تُقام كما أرادها هو -سبحانه وتعالى-، لا أن تكون مجرّد واجبٍ نؤدّيه ونُسْقطه عن كاهلنا.

قال -سبحانه- : ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾[15].

فالفلاح هو حين تكون الصلاة عن خشوعٍ وخضوع.

وكذلك، بأن لا يستخفّ العبد بها، سواءٌ أكان في ما يتعلّق بوقت أدائها أم في ما يتعلّق بشروط صحّتها من وضوءٍ وطهارةٍ وما شاكل، يقول -سبحانه-: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُون﴾[16]، ويقول -عزّ وجلّ-: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾[17].
 
[1]  سورة البقرة، الآية 45.
[2]  سورة طه، الآية 132.
[3]  سورة الجمعة، الآية 9.
[4]  سورة البقرة، الآية 156.
[5]  سورة البقرة، الآية 45.
[6]  الميزان في تفسير القرآن، العلّامة الطباطبائيّ، ج1، ص152.
 [7]  الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج3، ص480.
[8]  سورة يونس، الآية 87.
[9]  سورة المزمّل، الآيتان 1-2.
[10]  سورة الصافّات، الآيات 142-143-144.
[11]  سورة هود، الآية 87.
[12]  سورة العنكبوت، الآية 45.
[13]  بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج79، ص198.
[14]  وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج4، ص28.
[15]  سورة المؤمنون، الآيتان 1-2.
[16]  سورة الماعون، الآيتان 4-5.
[17]  سورة المؤمنون، الآية 9.

06-02-2020 | 11-25 د | 1221 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net