الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الحجّ بين الولاية والبراءة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

نبارك لصاحب العصر والزمان، الإمام المهديّ المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف)، والإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، والأمّة الإسلاميّة جمعاء، حلول عيد الأضحى المبارك.

أيّها الأحبّة،
إنّ العيد يوم فرح وسرور، ويوم تأمّل وعودٍ مجدّد إلى صفاء الروح وطهرها، وإلى كلّ ما يحبّه الله سبحانه ويرضاه، قولاً نذكره وفعلاً نسلكه.

هو من أعظم الأيّام عند الله تعالى، إذ يفيض فيه على عباده من رحمته، وهم يعاهدونه على التزام الحقّ والطاعة.

هذا وقد حدّد أمير المؤمنين (عليه السلام) مفهوم العيد، بأنّه مرتبط مباشرة في شكل علاقة العبد بربّه، إذ قال (عليه السلام): «وكُلُّ يَوْمٍ لَا يُعْصَى اللَّه فِيه، فَهُوَ عِيدٌ»[1]؛ فمن كان له مطيعاً في أيّامه، كانت أيّامه عيداً.
وهذا يدلّ على أنّ مفهوم العيد وحقيقته إنّما هي في هذا الأمر بالتحديد، في حقيقة علاقة العبد بربّه، ومن المفترض على المؤمن في هذا اليوم، أن يكون جاهزاً لهذا العهد والالتزام.

التولّي والتبرّي
إنّ من أعظم مفاهيم الحجّ، ما يعبَّر عنه في مناسكه وشعائره، من التولّي والتبرّي؛ التولّي لله وأوامره ومَن أمر بطاعتهم، والتبرّي من الشيطان وكلّ من ينطق عنه في هذه الدنيا.

فالنبيّ إبراهيم وابنه النبيّ إسماعيل (عليهما السلام)، قد أظهرا تمام ولايتهم وطاعتهم لأمر الله سبحانه، وتمام براءتهم من الشيطان الرجيم، الذي يسعى لصدّ الإنسان عن طريق الحقّ، بكلّ ما أوتي من قوّةٍ وخديعة.

وقد صوّر الله تعالى تلك المشهديّة العظيمة من حوار الأب مع ابنه، والتي أثبتا فيها تمام تسليمهما لله سبحانه، قال عزّ وجلّ: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ*وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم﴾[2].

وليس الحجّ عبادة خالية من الأبعاد الإنسانيّة، تلك الأبعاد التي لطالما دعا الله تعالى إلى إرسائها بين عباده، حفظاً لسير البشريّة نحو الأمن والأمان بأبعادهما كلّها، ومن تلك الأبعاد الإنسانيّة أن يتولّى الإنسان مَن هم أهلٌ للولاية والطاعة، كما هو حال النبيّ إسماعيل مع أبيه الخليل (عليهما السلام)، وأن يلتزم ما فيه خير له وللناس أجمعين، من عدلٍ وقسطٍ وصلاح...

وكذلك أن يعلن تبرُّؤه ممّن تبرّأ منهم اللهُ ورسولُه، ممّن أشركوا به سبحانه، وكانوا له معاندين، قال سبحانه: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾[3].

وقال سبحانه: ﴿إِنَّا بُرَآؤُا مِنكم وَمِمَّا تَعبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كفَرنا بِكم وَبَدا بَينَنا وَبَينَكمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغضاءُ أَبَداً حتى تُؤمِنُوا بِاللَّهِ وَحدَهُ﴾[4].

وقد وعد الله سبحانه، بأنّ من تولّاه وتولّى رسولَه والمؤمنين، فإنّه سينصره على أعدائه والظالمين، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾[5].

البعد السياسيّ في التولّي والتبرّي
إنّ عمليّة الولاية والبراءة تلك، تحمل في ظاهرها وباطنها بعداً سياسيّاً، إذ إنّ الحجّ وغيره من العبادات العظيمة التي فرضها الله تعالى، لا تنفكّ عن البعد السياسيّ الذي يحاكي حركة الإنسان وثقافته، فمن سلك مسلك الأنبياء والمرسلين، واتّبع خطواتهم، لا بدّ من أنّه سيعلن ولاءَه لمن يقودون مسيرتهم ويحملون مبادئهم، ولا بدّ أيضاً من أن يتبرّأ ممّن يحملون منطق إبليس ويسلكون مسلكه، الذين يبثون الأحقاد والظلم والاستبداد والاستكبار وكلّ مظاهر الانحراف.

لأجل ذلك، لا ينبغي تصوير الحجّ، بكلّ شعائره ومناسكه، منفكّاً عن ذلك البعد السياسيّ، الذي يترجم على أرض الواقع في سلوك الناس وخياراتهم السياسيّة التي يرفعونها ويلتزمون بها، فمن حجّ بيت الله الحرام، فأحرم وطاف وسعى ورمى الجمرات، لا يمكنه أن يسكت عن ظلم دول الاستكبار العالميّ، ولا يمكنه عدم المولاة لمن يدافعون عن الإنسانيّة ومبادئ الإسلام ومقدّسات المسلمين.

من كلامٍ للإمام الخامنئيّ في هذا الخصوص، يقول (دام ظلّه):
«إنّها سياسة، ثمّة في الحجّ عمل سياسيّ، بيد أنّ هذا العمل السياسيّ هو نفسه وبعينه التكليف الدينيّ، إنّه العبادة ذاتها. لاحظوا أنّ هذه من النقاط المهمّة. نعم، أن يمنعوا مثل هذه التحرّكات السياسيّة فهذا أيضاً عمل سياسيّ، لكنّها سياسة غير دينيّة، سياسة مناهضة للدين. أن يقولوا: لا يحقّ لكم في الحجّ أن تكشفوا حقيقة أميركا، فهذا أيضاً حراك سياسيّ، لكنّه حراك سياسيّ شيطانيّ، حراك سياسيّ غير إسلاميّ. ولكن أن تعلنوا هناك عن براءتكم من أيّ مشرك، ومن أيّ معادٍ للإسلام، فهذا أيضاً حراك سياسيّ، لكنّها سياسة تمثّل عين الدين، هذه هي السياسة الدينيّة. هذه نقاط يجب أن نعلمها في خصوص الحجّ»[6].
 
إنّ أشدّ مظاهر الانحراف الثقافيّ والفكريّ، أن نُقصي الإسلام بعباداته وشعائره، عن حياة الإنسان الاجتماعيّة والسياسيّة، وقد نبّه الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرُّه) مراراً وتكراراً من هذا الانحراف الخطير الذي يودي بالإسلام إلى الجمود.

وممّا دعا إليه -رضوان الله عليه- ما يُعرف بمسيرة البراءة في الحجّ، إذ يطوف الحجّاج معاً، وهم يرفعون شعارات المناهضة والمواجهة لكلّ أقطاب الاستكبار العالميّ، وإنّما هذا تعبير حقيقيّ عن مفهوم الحجّ إلى بيت الله الحرام.

نسأل الله في هذا اليوم المبارك، أن يُعجّل فرج وليّنا صاحب العصر والزمان، وأن يحفظ نائبه الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وأن يُعيده على الأمّة الإسلاميّة جمعاء بالخير واليمن والبركة، وأن ينصر المجاهدين في كلّ مكان، ويثبّت أقدامهم في مواجهة الظلم والعدوان، وأن يُذِلّ المستكبرين والطواغيت، ولا سيّما أميركا وإسرائيل وأعوانهما.

وكلّ عام وأنتم بخير.


[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، الحكمة 428، ص551.
[2] سورة الصافّات، الآيات 102-107.
[3] سورة التوبة، الآية 3.
[4] سورة الممتحنة، الآية 4.
[5] سورة المائدة، الآية 56.
[6] من خطابٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 03/07/2019م.
 

09-07-2022 | 14-35 د | 343 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net