يؤكِّدُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه) في كلماتِهِ أهمّيّةَ الأسرةِ، والدورَ الّذي تقومُ بهِ في بناءِ الولدِ الصالحِ؛ ولذا يخصُّها بأوصافٍ، نعرضُ بعضاً منها هنا:
1. نعمةٌ تستحقُّ شكراً: الزواجُ نعمةٌ إلهيّةٌ كبرى، وحيثُ إنَّ لكلِّ نعمةٍ شكراً، يكونُ شكرُ هذهِ النعمةِ بالحفاظِ على رابطةِ الزواجِ قويّةً ومحكَمةً، وبعدمِ السماحِ للمشاكلِ، والأحداثِ، والضغائنِ، والانتقاداتِ غيرِ البنّاءةِ، والجدالاتِ الكثيرةِ، والنفقاتِ المضرّةِ، بأنْ تزلزلَ هذهِ الرابطةَ وهذهِ المؤسّسةَ العائليّةَ[1].
2. الطمأنينةُ في تجلّي المودةِ والرحمةِ: أكثرُ ما يحتاجُ البشرُ إليهِ هوَ الطمأنينةُ. وسعادةُ الإنسانِ تكمنُ في بقائِهِ آمناً منَ الاضطرابِ والتأزّمِ النفسيِّ، وفي أنْ يبقى متحلّياً بالطمأنينةِ النفسيّةِ والروحيّةِ، وهذا ما تُوفِّرُهُ الأسرةُ للإنسانِ، رجلاً كانَ أمِ امرأةً. العبارةُ التاليةُ لافتةٌ وجميلةٌ جدّاً، يقولُ تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾[2]؛ العلاقةُ الصحيحةُ بينَ الرجلِ والمرأةِ هيَ علاقةُ المودّةِ والرحمةِ، في أنْ يُحِبّا ويعشقا بعضَهما بعضاً، وكذلكَ في أنْ يكونا رحيمَينِ ببعضِهِما. فالحبُّ المترافقُ معَ العنفِ ليسَ مقبولاً، وكذا الرحمةُ منْ دونِ المودّةِ ليسَتْ مقبولةً هيَ الأخرى[3].
3. الأسرةُ محلُّ تربيةِ الإنسانِ: المجتمعُ منْ دونِ أسرةٍ هوَ مجتمعٌ مضطربٌ ومُهتزٌّ، هوَ مجتمعٌ لا تنتقلُ فيهِ المواريثُ الثقافيّةُ والفكريّةُ والعقائدُ بسهولةٍ منْ جيلٍ لآخر. هوَ مجتمعٌ لا تتحقّقُ فيهِ تربيةُ الإنسانِ ببساطةٍ وسهولةٍ. عندما يخلو المجتمعُ منَ الأسرةِ، أوْ يكونُ وضعُ الأسرةِ فيهِ متضعضعاً، فلنْ يحصلَ الإنسانُ فيهِ على التربيةِ، ولوْ كانَ ذلكَ في أفضلِ دُورِ التربيةِ[4].
4. ثنائيّةُ الخُلقةِ الأتمِّ: في الخُلقةِ الإلهيّةِ، المرأةُ والرجلُ كلاهُما جُزءا نظامِ الخُلقةِ الأتمِّ. ومنْ دونِ أيٍّ منهُما يكونُ نظامُ الخُلقةِ ناقصاً. وإذا ما عرفَتِ المجتمعاتُ الإنسانيّةُ جيّداً مكانةَ كلٍّ منْ هذَينِ الجنسَينِ في الطبيعةِ البشريّةِ، واستفادَتْ في الاتّجاهِ الصحيحِ، فسيتحقّقُ ذلكَ النظامُ الإلهيُّ الكاملُ، وليسَ فقطْ سيصلُ كلُّ موجودٍ إلى كمالِهِ الوجوديِّ منهما كما ينبغي، ولنْ يبقى أيُّ استعدادٍ مهدوراً وضائعاً، ولنْ يُظلَمَ أحدٌ، بلْ إنَّ البشريّةَ ستستفيدُ منْ فيضِ هذا الانسجامِ والتعاونِ والاجتماعِ الصحيحِ للمرأةِ والرجلِ[5].
5. محوريّةُ المرأةِ في الأسرةِ: إنَّ المرأةَ داخلَ الأسرةِ مكرَّمةٌ وعزيزةٌ، وهيَ محورُ الإدارةِ الداخليّةِ لها، هيَ شمعةٌ لكلِّ أفرادِ الأسرةِ، ومصدرُ الأنسِ والسكينةِ والهدوءِ. ومؤسّسةُ الأسرةِ الّتي هيَ مرتعُ الراحةِ لحياةِ الإنسانِ المليئةِ بالتحدّياتِ والمصاعبِ، تستقرُّ وتكتسبُ الهدوءَ والطمأنينةَ بوجودِ المرأةِ، وسواءٌ أكانَتْ زوجةً أوْ أمّاً أوِ ابنةً[6].
6. الدورُ الأساسُ للمرأةِ هوَ الأسرةُ: مسؤوليّةُ إدارةِ المجتمعِ الإسلاميِّ وتقدّمِهِ تقعُ على عاتقِ الجميعِ، على عاتق المرأةِ وعلى عاتقِ الرجلِ، كلٌّ منهما بنحوٍ ما، وبحسبِ قدراتِهِ وإمكاناتِهِ. البحثُ هوَ هلْ يحقُّ للمرأةِ أنْ تقضيَ على دورِها داخلَ الأسرةِ، بسببِ كلِّ الأمورِ المرغوبةِ والجذّابةِ والجميلةِ الّتي يمكنُ تصوّرُها لها خارجَ محيطِ الأسرةِ؟ ... برأيي إنَّ أهمَّ دورٍ يمكنُ للمرأةِ أنْ تؤدّيَهُ في أيِّ مستوىً منَ المستوياتِ العلميّةِ والمعرفيّةِ والبحثيّةِ والروحيّةِ (المعنويّة)، هوَ الدورُ الّذي تؤدِّيهِ كأمٍّ وكزوجةٍ، وهوَ الأهمُّ منْ بينِ أعمالِها الأخرى كلِّها، وهوَ العملُ الّذي لا يمكنُ لأحدٍ غيرِ المرأةِ القيامُ بهِ[7].
نباركُ لكُم ذكرى زواجِ النورَينِ (عليهما السلام) وأسبوعَ الأسرةِ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] الأسرة، لقاء مطوّل مع سماحة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، ص35، بتاريخ 09/06/2003م.
[2] سورة الروم، الآية 21.
[3] الأسرة، لقاء مطوّل مع سماحة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، ص38، بتاريخ 19/06/2002م.
[4] المصدر نفسه، ص46، بتاريخ 29/10/1977م.
[5] المصدر نفسه، ص50.
[6] الأسرة، لقاء مطوّل مع سماحة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، ص74، بتاريخ 27/07/2005م.
[7] المصدر نفسه، ص79، بتاريخ 04/07/2007م.