الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقبات

العدد 1651 13 رجب 1446 هـ - الموافق 14 كانون الثاني 2025م

لا تمحو ذكرنا

﴿لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمعٍ من أهالي مدينة قمّ، بمناسبة ذكرى «19 دي» في حسينيّة الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه) مقتطفٌ من كلام الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في مجلس العزاء لذكرى استشهاد الإمام الهادي (عليه السلام) التسليمُ بابُ قضاءِ الحوائجِمراقبات

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1648 22 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 24 كانون الأول 2024 م

اغتنموا أيّام الله

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنّ أوقاتَك أجزاءُ عمرِك؛ فلا تَنفُدْ لك وقتاً في غيرِ ما يُنجيك»[1].

إنّ الوقت من النعم الإلهيّة التي يُسأل عنها المرءُ بين يدي الله تعالى، فيسأله سبحانه عمّا أفنى عمره فيه وقضاه، وهذا ما يجعله أمام مسؤوليّة كبيرة في التعامل مع وقته؛ إذ يكون ذلك امتحاناً حقيقيّاً، له ارتباط وثيق وتبعات خطيرة على حياته الدنيا وحياته الآخرة على حدٍّ سواء. والمرء الذي يهدر وقتَه في ما لا فائدة فيه، إنّما يضيّع تقدُّماً ما على صعيد حياته الدنيا، من كسبٍ للرزق وتنميةٍ للقدرات والمؤهِّلات التي تسعفه في أن يعيشَ بكرامة وعزّة، وأيضاً يفوّت على نفسه ما يقرّبه من الله تعالى، قال عزّ وجلّ: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحاً﴾[2].

اغتنام العمر وتقسيم الوقت
من هنا، وبما أنّ العمر فرصة لا يمكن تعويضها، ولأنّ أنفاس المرء خطاه إلى أجله، كما عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، حثّ أهل العصمة (عليهم السلام) على اغتنامه، وبيّنوا كيف ينبغي التعامل معه والنظر إليه، وأرشدونا إلى ضابطة تقسيم الوقت والاستفادة منه، فعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «على العاقل، ما لم يكن مغلوباً على عقله، أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه عزّ وجلّ، وساعة يحاسب نفسه، وساعة يتفكّر في ما صنع الله عزّ وجلّ إليه، وساعة يخلو فيها بحظّ نفسه من الحلال، فإنّ هذه الساعة عون لتلك الساعات»[3].

وقد ورد هذا المعنى أيضاً عن الإمام الكاظم (عليه السلام)؛ إذ يقول: «اجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة منه لمناجاته، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان الثقات، والذين يعرّفونكم عيوبكم، ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تَخلَّون فيها للذّاتكم، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث الساعات»[4].

رأس السنة من محطّات محاسبة النفس
ولا ينبغي للعاقل أن يقتصر فقط على ذلك، بل يجب عليه أن يراقب هذه النفس ويحاسبها على هذا الوقت، يطالبها بما كسبت في ما مضى من السنة أو السنوات، ليوقفها على الخطل والخطأ، وعلى التقصير والإهمال، وعلى المخازي والمساوئ، وعلى المعاصي والذنوب، وليجدّ في محاسبتها ومعاقبتها، وليستبق وقوفه بين يدي ربّه؛ ليستوفي منها عقوبتها، ويأخذ عليها عهداً وميثاقاً، وليوطّن نفسه على فعل الخير وعلوّ الهمّة وإرادة الصلاح.

وليس رأس السنة سوى لحظة مناسبة لتلك الانطلاقة الجديدة؛ لتكون وثبة واعدة في طريق تحقيق الغايات والوصول إلى الأهداف، وهذا أمر مطلوب في كلّ يوم، فليكن رأس السنة محطّة من محطّات جردة الحساب، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «حقٌّ على كلِّ مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كلّ يوم وليلة على نفسه، فيكون محاسبَ نفسه؛ فإن رأى حسنة استزاد منها، وإن رأى سيّئة استغفر منها، لئلّا يُخزى يوم القيامة»[5]، وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «حاسِبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوها قبل أن تُوزَنوا، وتجهّزوا للعرض الأكبر»[6].

وثمّة مجموعة أمور ينبغي استحضارها أثناء الحساب -وعلى العاقل أن يكون متشدّداً ومُتقصيّاً لكلِّ صغيرةٍ وكبيرة- منها ما عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «لا يكون الرجل من المتّقين حتّى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشريك شريكه، فيعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه، أمِنْ حلّ أم من حرام»[7].

محطّات إلهيّة عظيمة
إنّ التجهّز للعرض الأكبر والوقوف بين يدي الله تعالى لا يكون إلّا بالسعي والعمل الصالح وصرف العمر في ما يُنجي يوم القيامة، من قبل أن تأتي ساعة لا ينفع فيها ندم ولا حسرة، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «مَن أفنى عمره في غير ما يُنجيه، فقد أضاع مطلبه»[8]، وعنه (عليه السلام): «اشتغال النفس بما لا يصحبها بعد الموت، من أكبر الوهن»[9].

وإنّ من أهمّ المحطّات الإلهيّة العظيمة التي ينبغي اغتنامها في الدنيا وعدم تضييعها هي أشهر النور: رجب وشعبان وشهر رمضان؛ إذ إنّها أشهر متناهية الشرف، خصّها الله وميّزها بين الشهور؛ فشهر رجب، فضّله الله تعالى، وعظّم حرمتَه ومكانتَه، وأوجب للصائمين فيه كرامتَه؛ وشهر شعبان، هو شهر تشعُّبِ الخيرات، وهو شهر رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، الذي دعانا (صلّى الله عليه وآله) إلى إعانته عليه، بالصوم والاستغفار؛ حبّاً وتقرّباً إلى الله تعالى، علّنا نكون ممّن ينال شفاعته (صلّى الله عليه وآله) في القيامة؛ أمّا شهر رمضان، وهو أعظمها وأكرمها، وهو شهر الضيافة الإلهيّة والكرم العظيم، فيه يدعو الله عبادَه إلى مائدته العظمى، ويجود عليهم من فضله ونعمه الكثير، ولو علم العباد ما فيه لتمنَّوا أن يكون السنةَ كلَّها.

هذه الأشهر الثلاثة المباركة، أشهرٌ ينبغي اغتنامُها بالعبادة والطاعة والعمل الصالح، بالصوم والصلاة وتلاوة القرآن وحضور المساجد، بالعلاقات الطيّبة والحسنة مع الناس والأرحام والأسرة.

رجب شهر الله
إنّ أوّل هذه الأشهر الشريفة -كما هو معلوم- شهرُ رجب، وهو شهر الله العظيم، وفيه رضوان الله الأكبر، وهو شهر الاستغفار والرحمة، وكان أهلُ الجاهليّة يعظّمونه، ولمّا جاء الإسلام، لم يزدد إلّا تعظيماً وفضلاً.

وقد استفاضت الروايات في بيان مكانته، وكيف ينبغي للمؤمن أن يستفيد من بركاته وفضائله؛ إذ يضاعف الله في الحسنات، ويمحو السيئات، وممّا ينبغي للمؤمن اغتنامُه فيه:

1. الدعاء: وهو سلاحُ المؤمن المُنجي من الأعداء، ومدرُّ الأرزاق، بل إنّه أفضلُ العبادة، ولا يُتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بمثله، وثمّة أدعيةٌ عظيمةٌ وخاصّةٌ في شهر رجب، وصلتنا عن أهل العصمة (عليهم السلام)، ومنها ما أوصى به الإمامُ الصادق (عليه السلام) محمّدَ بن ذكوان، المعروف بالسجّاد، حين طلب من الإمام (عليه السلام)، قائلاً: جُعِلتُ فداك، هذا رجب، علّمني فيه دعاءً ينفعني الله به، فقال (عليه السلام) : «... وقل في كلِّ يومٍ من رجب، صباحاً ومساءً، وفي أعقاب صلواتك، في يومك وليلتك: يا مَنْ اَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْر، وَآمَنَ سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِّ شَرٍّ...»[10].

2. الاستغفار، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): رجب شهر الاستغفار لأمّتي؛ أكثروا فيه الاستغفار، فإنّه غفور رحيم»[11].

3. الصوم، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «مَن صام يوماً من رجب إيماناً واحتساباً، جعل الله تبارك وتعالى بينه وبين النار سبعين خندقاً، عرض كلّ خندق ما بين السماء والأرض»[12].

4. الذكر والطاعة، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إنّ الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكاً، يُقال له: الداعي، فإذا دخل شهر رجب، ينادي ذلك الملك كلّ ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين، ويقول الله تعالى: أنا جليس مَن جالسني، ومطيع مَن أطاعني، وغافر مَن استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمَن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومَن سألني أعطيته، ومَن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي، فمَن اعتصم به وصل إليّ»[13].


[1]  الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص159.
[2]  سورة الكهف، الآية 110.
[3] الشيخ الصدوق، الخصال، ص525.
[4] ابن بابويه القمّيّ، فقه الرضا (عليه السلام)، ص337.
[5] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، ص‏301.
[6] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج67، ص73.
[7] الشيخ الطبرسيّ، مكارم الأخلاق، ص468.
[8]  الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص450.
[9]  المصدر نفسه، ص126.
[10] السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج3، ص211.
[11] أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعريّ القمّيّ، النوادر، ص17.
[12] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص59.
[13] السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج3، ص174.

25-12-2024 | 10-52 د | 215 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net