الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الغدير وحقيقة الولاية والانتماء
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم



روي عن الامام علي حول علاقته برسول الله صلى الله عليه وآله قوله: (... وقد علمتم موضعي من رسول اللها بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني جسده ويشمّني عُرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبةَ في قول ولا خطلةً في فعل، ولقد كنت اتّبعه إتّباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالإقتداء به، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوة، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه...) إلى آخر كلامه.

عبّرت آثارنا الإسلامية عن يوم الغدير بتعابير من قبيل "عيد الله الأكبر"، و"يوم العهد"، و"يوم الميثاق المأخوذ" وهو ما يعكس وجود اهتمام وتأكيد خاص لهذا اليوم الشريف، وأهم ما يميّز هذه التعابير ويشكل العمدة والمضمون الحقيقي لقضية الغدير هو الولاية، وتبليغ الوحي بواسطة النبي أن علياً هو الشخصية الوحيدة المؤهّلة لتولي منصب إمامة المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.

1- مفهوم الولاية ودلالاتها:

كلمتا (ولاية) و(ولاء) بمعنى واحد، وهما مصدران من ولي الشيء يليه، إذا لزمه، أو توجه إليه، أو تبعه فكان إلى جانبه، قبله أو بعده، وفي جملة مشتقات هذا الفعل، (والٍ) وهو صاحب السلطان، و(مولى) و(وليّ) بتشديد الياء، وهما كذلك بمعنىً واحد، وكل واحدة منهما تحمل معنى التابع والمتبوع، وقد أفردت معاجم اللغة أبحاثا تفصيلية حول معنى الولاية نوجزها بالتالي:

ـ الوَلاية: مصدر وَلِيَ: النصرة "الناس عليه ولاية" مجتمعون لنصرته في خير أو شر: القرابة والنسب.
ـ الوِلاية: مصدر وَلِيَ. السلطة والإمارة، البلاد التي يحكمها الوالي، في القانون: إدارة شؤون القصَّر أو المحجور عليهم.
ـ والىَ موالاةً وولاءً (ولي) بين الأمرين: تابع، الشيء تابعه، فلاناً: صادقه وصافاه وناصره وحاباه.
الوالي: صاحب السلطة. وكانت رتبة إدارية في بعض البلدان.

2- المعنى الحقيقيّ للولاية:

قال الراغب في "المفردات" في مادّة وَليّ. اَلْوَلاَءُ والتَّوالي أَنْ يَحْصُلَ شَيئانِ فَصَاعِداً حُصُولاً لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ مِنْهُمَا. أي: لا حجاب، ولا مانع، ولا فصل، ولا افتراق، ولاغيريّة، ولابينونة بينهما بحيث لو فرضنا وجود شيء بينهما فهو منهما، لا من غيرهما. مثلاً، يسمّون مقام الوحدانيّة بين العبد وربّه حيث لا حجاب في أيّ مرحلة من مراحل الطبع، والمثال، والنفس، والروح، والسرّ: ولايةً.

ويسمّون مقام الوحدة بين الحبيب والمحبوب، والعاشق والمعشوق، والذاكر والمذكور، والطالب والمطلوب حين ينعدم أيّ انفصال بينهما بأيّ وجه من الوجوه: ولاية.

وقال العلاّمة الطباطبائيّ حول معنى الولاية في رسالة "اَلوِلاَيَة" وفي تفسير "الميزان": الْوَلاَية هِيَ الْكَمالُ الاْخيرُ الْحَقِيقِيُّ لِلإنْسَانِ وَإنَّهَا الْغَرَضُ الاْخِيرُ مِنْ تَشْرِيعِ الشَّرِيعَةِ الْحَقَّةِ الإلَهيَّةِ.
وقال في التفسير: والولاية وإن ذكروا لها معانٍ كثيرة، لكِنَّ الاْصْلَ في مَعْنَاهَا ارْتِفَاعُ الْوَاسِطَةِ الْحَائِلَةِ بَيْنَ الشَّيْئَينِ بِحَيْثُ لاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ مِنْهُمَا. ثمّ استعيرت لقرب الشيء من الشيء بوجه من وجوه القرب كالقرب نسباً، أو مكاناً، أو منزلة، أو بصداقة، أو غير ذلك.

3- الشهادة بالولاية عنوان الايمان:

يحدّث الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله لمّا صلّى بالنبيّين ليلة المعراج أمره الله أن يسألهم: بم تشهدون؟
فالتفت إليهم وقال: (بم تشهدون؟
قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله، وأن علياً أمير المؤمنين وصيّك على ذلك، أخذت مواثيقنا لكما بالشهادة).
وهذه الشهادة طلبها الله تعالى من ملكين اكتنفا عرشه، فقال لهما: اشهدا أن لا إله إلاّ أنا. فشهدا.
فقال عزّ وجلّ: اشهدا أن محمداً رسول الله. فشهدا.
فقال تبارك وتعالى: اشهدا أن علياً أمير المؤمنين فشهدا.

4- الولاية بالطاعة والعمل:

لا شكّ ولا ريب أنّ ولاية النبيّا وأهل بيته فريضة ثابتة من الله تعالى على عباده، بمعنى متابعتهم والائتمام بهم، وأنّها شرط في صحّة الأعمال وقبولها فلا يصحّ عمل أحد من المكلّفين، ولا يقبله الله إلاّ بها، ولكن تصرّح النصوص بأنّ ولاية أهل البيت عليهم السلام لا تتحقّق إلاّ بطاعة الله، ولا تُنال إلاّ بالورع عن محارم الله، وإنّ المطيع لله هو الوليّ لهم، والعاصي لله ليس لهم بوليّ.
ورد عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (لا تذهب بكم المذاهب، فوالله ما شيعتنا إلاّ من أطاع الله عزّ وجلّ). وعنه في حديث طويل، قال فيه: "يا جابر! والله ما نتقرّب إلى الله تبارك وتعالى إلاّ بالطاعة، وما معنا براءة من النار، ولا على الله لأحد من حجّة، من كان لله مطيعاً فهو لنا وليّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، وما تُنال ولايتنا إلاّ بالعمل والورع).

وقوله: قال: (يا معشر الشيعة، شيعة آل محمّدو! كونوا النمرقة الوسطى).

إلى أن قال: ثمّ أقبل علينا فقال: "والله ما معنا من الله براءة، ولا بيننا وبين الله قرابة، ولا لنا على الله حجّة، ولا نتقرّب إلى الله إلاّ بالطاعة، فمن كان منكم مطيعاً لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصياً لله لم تنفعه ولايتنا، وَيْحَكم لا تغترّوا! وَيحكم لا تغترّوا!".

ويؤيّد معناها قوله تعالى: ﴿قُلْ إن كُنتُم تُحِبُّونَ اللهَ فاتّبِعوني يُحبِبْكُمُ اللهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ومثلها من الآيات، ويرشد إليه معنى الولاية، لأنّها بمعنى المتابعة في الأقوال والأفعال، والعاصي لله ليس بتابع أهل البيت عليهم السلام، بل هو مخالف لهم، لأنّهم لا يعصون الله تعالى.

5- أبعاد ودلالات الغدير:

لقد تحدّث الامام الخامنئي عن أهمية حادثة الغدير موضحا أثرها المضموني على العقيدة وحقيقة الولاء والانتماء حيث قال:

ـ إن الروح الحقيقية للغدير تتمثل بحكم الولاية الإلهية وسلطة العدل الإلهي والفضيلة. "فإن تنصيب أمير المؤمنيند الذي تم بأمر من الباري تعالى وعلى يد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، كان وميضاً وإشعاعاً للولاية الإلهية المقدسة وناتجاً عن بلورة الوجود الإلهي في كيان أمير المؤمنين عليه السلام، وهذا ما يؤكد ضرورة فهم المعنى الحقيقي للولاية والانتماء الى أمير المؤمنين عليه السلام.

ـ إن الغاية من بعثة جميع الأنبياء، هي تعليم وتزكية الإنسان، وقد قام خاتم الأنبياءا صلى الله عليه وآله من أجل ديمومة هذا التحرك وخلوده بتنصيب أمير المؤمنين عليه السلام خليفة له، لكي تتواصل التربية التدريجية للبشرية على يد الأئمة المعصومين عليهم السلام.

ـ إن واقعة الغدير تنطلق من روح الإسلام ومضمونه الحقيقي، فقول الله تعالى لنبيه على ما قام به من جهاد قبل ما يناهز سبعين يوماً من رحيله ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ أي بلّغ الناس بما أمرتك وإلا فإنك لم تبلّغ رسالتي، إنما هو دليل على أن روح الإسلام الحقيقية تكمن في واقعة الغدير.

ـ حين نفهم حقيقة الولاية لعلي بن أبي طالب وللأئمة عليهم السلام، نرجع إلى أنفسنا لنرى هل تنطوي جوانبها على هذا الولاء أم لا؟ وإذا لم نجد الولاء سألنا الله سبحانه أن يرزقنا الولاء للأئمة، وبذلنا الجهد في سبيل الحصول على هذا الولاء.

خاتمة: لما أنهى رسول اللها خطبة الغدير، قال حسان بن ثابت الأنصاري: ائذن لي يا رسول الله، أن أقول في علي أبياتا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (قل على بركة الله).
فقام حسان منشداً:

يناديهم يوم الغدير نبيهم             بخمٍ وأسمع بالرسول مناديا
فقال: فمن مولاكم ونبيكم         فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت نبين           ولم تلق منا في الولاية عاصيا
فقال لك: قم يا علي فإنني       رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه        فكونوا له أتباع صدقٍ مواليا


* مجلة المحراب – فرع الإعداد

12-11-2011 | 04-34 د | 1637 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net