الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

منبر المحراب- السنة العشرون - العدد:981- 20 ربيع ثاني 1433هـ الموافق 13 آذار 2012م
تمرّد الأولاد: أسبابه وعلاجه

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل


محاور الموضوع ألرئيسة:
- العناية بالأبناء لا تحتاج توصية.
- تمرد الأبناء أصل المشاكل.
- العوامل المساعدة على التمرد.
- كيف نعالج حالة التمرد.
- عالج بدقيقة.

الهدف:
بيان مشكلة التمرد، والفصل بين السلبي والإيجابي منه، وحثّ الآباء على تحمل مسؤولياتهم وعدم التخلي عنها، وبيان أسباب التمرد وطرق معالجته.

تصدير الموضوع:
﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ 1.

مقدمة:

العناية بالأبناء لا تحتاج توصية:
ربما يتوقف الكثيرون عند التأكيدات الإلهية على رعاية حقوق الأبويين والعناية بهما التي يوصي بهما الله تعالى الأبناء من حيث الكم والنوع، إلى درجة قرَنَ تعالى شكرهما بشكره فقال: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ 2.

وفي قوله ﴿إِلَيَّ الْمَصِيرُ أحد معنيين، إما كون شكر الوالدين يؤول إلى شكره تعالى ويصير إليه وليس أقل من أن يكون مصداقاً من مصاديقه. أو بمعنى فيه نبرة من التهديد، أي أنَّ هناك مساءلة إلهية عن أداء هذا الحق للوالدين والعناية بهما مع ما في كلمة شكر من إثبات لتقدم يد الإحسان للأبويين على مقابلته بما يلاءم. ومن جهة ثانية لا يمكن قياس هذه التأكيدات لا كماً ولا نوعاً مع ما ورد من الوصايا حول حقوق الأبناء والرعاية والعناية بهم... وقد نقل صاحب تفسير الأمثل عن بعض المفسرين قولهم: (... ذلك لأنَّ الوالدين وبحكم عواطفهما القوية قل ما يهملوا (يهملون) أولادهما بيد النسيان، في حين يلاحظ بكثرة أنَّ الأولاد ينسون الأبوين، وخاصة عند الكبر، وتعتبر هذه آلم وأشد حالة لهما وأسوأ صور كفران النعمة بالنسبة للأولاد)3.

وبكلمة موجزة إنَّ الآباء بطبعهم وسيرتهم لا يهملون مسؤولياتهم عن أبنائهم، بل يقومون بذلك بلا حاجة إلى توصية ولا إلى أوامر.

ومع ذلك فإنَّ القرآن عندما أورد مواعظ لقمان لابنه كأنه أراد أن يلفت إلى هذا الأمر، وقدم له بمدح الحكمة وحكمة لقمان على الخصوص كأن القيام بمهمة رعاية الأبناء هي من مصاديق الحكمة... ومن جهة ثانية يقدم القرآن بذلك النموذج والصورة الإيجابية للقيام بدور الأبوة الناجحة حيث يرشد إلى ذلك بالمثل الصالح والقدوة.

وعليه فعلى الأب أن يعيش قبل كل شيء حس الأبوة في داخل نفسه كما أنَّ عليه أنّ في ساحة تحمل هذه المسؤولية ولا يتخلى عنها فيَكِلها إلى غيره حتى ولو إلى الأمهات.

تمرد الأبناء أصل المشاكل:
وقد عرض القرآن الكريم كذلك نماذج مختلفة لتفاعل الأبناء مع رعاية الآباء لهم وعنايتهم بهم، وقدم صوراً مختلفة بعضها ايجابي وآخر سلبي بل شديد السلبية وبيِّن نتيجتها، ومما ذكره قصة نوح عليه السلام مع ابنه الذي وصل بسوءِ تفاعله مع دعوات أبيه إلى أن يخرجه ذلك من كونه من أهل نوح: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ 4.

ومن الأمثلة ما أورده تعالى من حوار بين والدين صالحين وابنهما فقال تعالى: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ 5.
فقد ضمت هذه الآيات مجموعة من صفات هذا الولد الجاحد إضافة إلى كفره باليوم الآخر، احتقاره لأبويه وإهانته لهما الذي قيل أن لفظة (أف) تدل عليهما وفضلاً عن كونه مملوءاً بالغرور والكبر وكونه منكراً لجميل والديه وغير مؤدب معهما... ضمت هذه الآيات صفة وسمة رئيسة هي تمرده وطغيانه ومعاندته للحق وصلابته على ذلك والذي أرشد إليه قوله تعالى: ﴿وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللهَ فاصعب مرض وأشد مانع وأصلب معوق امام نجاح الأبوين في مسألة تربية الأبناء هي العناد والتمرد المانع من قبول النصائح والإرشادات الأبوية.

العوامل المساعدة على التمرد:
قد يكون من طبيعة الإنسان كونه عاقلاً أن لا يقبل الأمور بسرعة ويسلم لها طواعية وينقاد لها بسلاسة دون أي ردات فعل، وقد يكون هذا مطلوباً أيضاً ليكون للفرد شخصيته المستقلة وليكوِّن مواقفه على ضوء قناعاته وليكون حراً مختاراً لا مسلوب الحرية والإرادة. وليكون مقاوماً فيما بعد لما يصادر إنسانيته أو ينال من معتقداته أو يدنس مقدساته ويُعتدى على حرماته ويوهن قيمه، وهذا هو البُّعد الإيجابي من التمرد الذي يعني عدم السقوط أمام الطواغيت والطغيان والإنحراف ومقاومة كل ما يأسر الإرادة ويقيد الحركة.

ولكن ثمة تمرد سلبي هو من أعقد المشكلات في الأسر والمجتمعات فهو يعني المعارضة الدائمة والعصيان المستمر والرفض السلبي لكل ما يقدم للشباب والأطفال.

وهذا التمرد قد يبدأ بأحضان الأسرة برفض توجيهات الأبوين وتعاليم الإسلام وقد يأخذ شكل التمرد على الحياة الدراسية والمدرسية، وقد يأخذ شكل التمرد والخروج على القوانين والمجتمع والسلطة.
لكن لا بدَّ من الإشارة إلى أن ثمة مجموعة أسباب وعوامل تدعم وتساعد على التمرد وهي باختصار:

1- انشغال الوالدين: مما يؤدي إلى اهمال الأولاد مما يحولهم إلى معاندين.

2- الحرمان العاطفي: خصوصاً الحرمان من حنان الأم.

3- طرق الضغط السلبية: خصوصاً عندما لا يغير الآباء طريقة تعاملهم مع أبنائهم عند تحولهم من الطفولة إلى المراهقة فالشباب حيث يصرون على معاملتهم كأطفال لا يملكون وعياً ولا إرادة.

4- فرض القناعات وأنماط التفكير وأساليب العيش: التي لا وجه شرعياً لها بل هي أمور موروثة ومعتادة ومألوفة بحيث تصادم ما يحمله الأولاد اهتمامات وآمال. (لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمانٍ غير زمانكم)6.

5- طبيعة المرحلة العمرية ومقتضياتها:
فالمراهقة مثلاً هي مرحلة الإحساس بالقوة والغرور والنزوع إلى الاستقلال وهي مرحلة التحدي لما يتصوره المراهق عقبات تحول دون طموحه لذا ينشأ لديهم عادة الرفض السلبي وكذلك الإيجابي.

كيف نعالج حالة التمرد:
سبق القول أن من أهم طرق ووسائل النجاح في الوظائف الأبوية أن يكون الأب من الذين يعيشون الأبوة احساساً ويكون لديهم القناعة التامة بهذا الدور وأنه دور فعال في الأسرة فلا بدَّ للنجاح من تكوين هذا الوعي لدى الآباء. ويمكن أن نضيف إلى هذا الشرط العام أموراً تختص بمواجهات حالة التمرد السلبي منها:

1- المبادرة إلى التأديب وعدم التأخر: ولذا ورد في وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه الحسن عليه السلام : (فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبُّك)7 وقد عبرت الروايات أن قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيه قبلته... فالأب بالخيار بين أن يلقي في هذه الأرض الخيرات أو يترك للأشرار وأهل اللهو ليملأوها أعشاباً سامة وأشواكاً.

2- الإلتفات إلى المراحل العمرية في التربية فالطفولة لها مقتضيات تختلف عن المراهقة والشباب ولا بد من معرفة هذه المقتضيات وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (الشباب شعبه من الجنون)8 مما يدل على جموع القدرة وارتفاع الشهوات في مقابل عدم النضوج العقلي وضعف التجربة.

3- التربية من موقع المحب: فالحب هو الذي يعطي للحياة الأسرية معناها وابعادها ويسهل للأب والأم طرق النفوذ إلى قلوب الأولاد ليؤثروا في نفوسهم وسلوكهم وتقويم ما أعوج منها، كما أن العاطفة الأبوية ضرورة لا تقل شأناً عن عاطفة الأمومة وهذان لهما دور مهم ومؤثر في السلامة النفسية للأولاد ولا بد نم إبراز هذا الحب بأعمال خارجية كالمعانقة والتقبيل والتعبير اللفظي القوي وإذا عدنا إلى القرآن وإلى سورة لقمان نجده في مقام وعظه لابنه يكرر كلمة (يا بني) التي تدل على أن الكلام صادر من جهة المحبة والإشفاق كما أن أمير المؤمنين في وصيته لابنه الإمام الحسن عليه السلام يقول: (فوجدتك بعضي... بل وجدتك كلي... حتى كأن شيئاً لو أصابك أصابني...).

4- لا تكن أحادي النظرة: بمعنى أنك كأب لا ترى إلا السلبيات الصادرة عن الأبناء بل أيضاً حاول أن ترى الأعمال الحسنة وأثنِ عليها وكافئ على ذلك وحاول أن تُنمّي الإحساس بالنجاح في نفوسهم وأظهر لهم حسن ظنك بهم.

5- اعتمد الحوار: ولا تستبد بموضوعه وزمانه بل شاورهم بذلك.

6- عدم اظهار التعارض: بين آراء الأب والأم والتنافي ولا بد من انسجام الوالدين واتفاقهما على القيم وغيرها وإلا حصل التشوش عند الأبناء وتسلل الإضطراب إلى نفوسهم من خلال اضطراب منظومة القيم.

خاتمة:

عالج بدقيقة: هناك أسلوب جديد لمعالجة التمرد السلبي عند الأبناء هو أسلوب الدقيقة الواحدة9 ويعتمد هذا الأسلوب على جعل الأبناء يشعرون بعدم الرضا عن تصرفهم الخاطئ ولكن بالرضا عن أنفسهم، ففي النصف الأول من الدقيقة تقول لابنك إنك غاضب منه ومصاب بسببه بخيبة أمل وأنت حزين لسلوكه الخاطئ وفي النصف الثاني انظر إلى وجهه واجعله يشعر بأنك تقف إلى جانبه ولست ضده وقل له إنه شخص طيب وإنك تحبه ولكنك غير راض عن سلوكه.


1- سورة لقمان، الآية: 13.
2- سورة لقمان، الآية: 14.
3- تفسير الأمثل، الشيرازاي، ج13، ص37 و38.
4- سورة هود، الآية: 46.
5- سورة الأحقاف، الآية: 17.
6- أحقاق الحق، ج31.
7- نهج البلاغة، ج3، ص40.
8- ميزان الحكمة، الريشهري، ج2.
9- الأستاذ الدكتور سبنسر جونسون رائد أسلوب الدقيقة الواحدة.

13-03-2012 | 05-51 د | 4017 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net