محاور الموضوع ألرئيسة:
مقدمة: لا يُصبّ البحر في جرة فاطمة عليها السلام وليلة القدر
1- مجهولية القدر والقيمة.
2- ليلة القدر ليلة مباركة.
3- خير الليالي.
4- وعاء نزول القرآن.
الهدف:
بيان كون الخلق عاجزين عن معرفة الزهراء عليها السلام ببيان أوجه الشبه بين ليلة القدر وبين سيدة النساء عليها السلام.
تصدير الموضوع:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لو كان الحسن شخصاً لكان فاطمة بل هي أعظم، فإن فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً"1.
مقدمة:
لا يُصبُّ البحر في جرة:
يقول الإمام الخميني قدس سره عن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام: "امرأة هي مفخرة بيت النبوة وتسطع كالشمس على جبين الإسلام العزيز، امرأة تماثل فضائلها فضائل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، والعترة الطاهرة غير المتناهية.
امرأة لا يفي حقها من الثناء كل من يعرفها، مهما كانت نظرته... ومن غير الممكن صبّ البحر في جرة، ومهما تحدث عنها الآخرون فهو على قدر فهمهم ولا يضاهي منزلتها".
هذا الإيجاز من الإمام الخميني قدس سره يوضح القصور عن معرفة تمام حقيقة فاطمة الزهراء عليها السلام فضلاً عن قصور البيان عن التعبير عن ذلك المخلوق الذي كان عطية الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ومن عنصر ملكوتي تشرف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بنيله بعد صوم أربعين يوماً... ولذا عبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن شرف عنصرها بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لو كان الحسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، فإن فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً"2.
ولكن لا بد من الإشارة إلى أن هناك إمكانية ما، لمعرفة ما شاء الله له أن يُعرف من فضل الصديقة الكبرى ومقامها... فإن كان لنا عذر هو القصور عن معرفة تمام وكمال المقام... إلا أن ثمّة مرتبة من المعرفة يسرها الله لنا لا نُعذر بالتقصير عن طلبها، ولقد كشفت الروايات والآيات عن ذلك ولنعد إلى الروايات لنحاول فهم شيء ومعرفة ولو يسيرة بهذه الحوراء الإنسية المُسمّاة فاطمة بنت محمد (صلوات الله عليها) وعلى أبيها وبعلها وبنيها.
فاطمة ليلة القدر:
في تفسير نور الثقلين والبرهان وكذلك أورده العلامة المجلسي في بحار الأنوار عن تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي مسنداً عن الإمام الباقر عليه السلام في تفسير سورة القدر: "إنَّ فاطمة هي ليلة القدر، من عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنما سُميّت فاطمة لأنّ الخلق فُطموا عن معرفتها، ما تكاملت النبوة لنبيٍّ حتى أُمر بفضلها ومحبتها وهي الصدّيقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى"3.
ففي هذه الرواية تمَّ تشبيه فاطمة عليها السلام بليلة القدر وقد حاول بعض العلماء ايجاد أوجه شبه بين الزهراء عليها السلام وليلة القدر منها:
1- مجهولية القدر والقيمة: كما أن ليلة القدر مجهولة وللدلالة على عدم امكان تعريف ليلة القدر للناس قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾ وفي الرواية إشارة إلى هذا الوجه من الشبه وهو كون الخلق فطموا عن معرفتها. وكيف تُدرك من كانت لمن هو أسوة الخلق ومقتداهم أمّاً. ففاطمة بتعبير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمُّ أبيها. بل كيف يُدرك مقام من قال حجة الله على خلقه الإمام الحسن العسكري عليه السلام: "نحن حجج الله على الخلق، وفاطمة الزهراء حجة الله علينا"4. ومن عجيب ما ورد في حقها ما ورد في توقيعات صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف أن أسوته ومقتداه أمه فاطمة الزهراء عليها السلام.
2- ليلة القدر ليلة مباركة: بمعنى كما قال العلماء العمل فيها مبارك مضاعف الأثر بحيث يوازي عمراً كاملاً من العمل والمداومة عليه من حيث الثواب والأثار والبركات. فليلة القدر بهذا المعنى مباركة. وكذلك الزهراء عليها السلام فمن أسمائها المباركة. وهي الخير الكثير المعطى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهي الكوثر من قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ ومباركة حيث إنّ الذكر المنسوب إليها تحت اسم تسبيح الزهراء عليها السلام يجعل كل صلاة بألف صلاة، وقد جاء في شرح احقاق الحق للسيد المرعشي من رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "... يا سلمان حب فاطمة ينفع في ماءة من المواطن أيسر تلك المواطن الموت، والقبر، والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة...".
3- خير الليالي: بنصّ القرآن الشريف "ليلة القدر خير من ألف شهر" فليلة القدر لا يوجد ليلة من ليالي السنة توازيها شرفاً وقدراً وقيمة ومقاماً وبركة فالزهراء عليها السلام كذلك كما أن ليلة القدر سيدة الليالي كذلك هي فاطمة عليها السلام سيدة النساء على الإطلاق من الأولين والآخرين، فلا توجد امرأة توازي الزهراء عليها السلام مقاماً وقدراً وشرفاً وكرامة ولذا جاء في كلام لابن عباس (رض): "والله ما كان لفاطمة كفؤ غير علي"5. فهي خير النساء بل من خير الخلق ففي حديث طويل عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "على ساق العرش مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وعلي وفاطمة والحسن والحسين خير خلق الله"6.
4- وعاء نزول القرآن: فقد قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر﴾. فليلة القدر الوعاء الزماني الذي شكل ظرفاً تشرف بنزول القرآني فيه فاكتست الليلة قداسة بتشرفها بنزول آيات الكتاب وتقدس بذلك وتشرف الزمان المحيط بها قبلاً وبعداً فأصبح الشهر شريفاً يستحق أن يسمى شهر الله وهو ﴿الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾. والزهراء عليها السلام كانت ابنة تربت في البيت الذي كان الملك ينزل فيه على قلب أبيها بآيات الكتاب، فرافقت آياته ووعتها وحفظتها، وانتقلت إلى أن تصبح زوجة من هو عدل القرآن والقرآن الناطق وكانت أماً لمن كُلّفوا حمل أمانة حفظ وتبيين وتجسيد آيات القرآن... وهي المشتركة مع أبيها وبعلها وابنيها في نزول الكثير من آيات الكتاب، وهي المُطهّرة بنصّه، والمُجسّدة لِقِيَمِهِ، فهي خلاصة الكمال النسائي بل هي مجمع الكمالات الإنسانية... وفاطمة تعرف معاني القرآن وتحصي في كيانها معارفه وحقائقه وتجسّد في شخصها قيمه ومُثُله، فهي من حجج الله على الخلق، وبابٌ من أبواب العلم كما نص على ذلك الحديث النبوي القائل: "إنَّ الله جعل علياً وزوجته وأبناءه حجج الله على خلقه، وهم أبواب العلم في أمتي، من اهتدى بهم هدي إلى صراط مستقيم"7.
خاتمة:
نعود كما بدأنا مُقرّين بالقصور فضلاً عن التقصير بالنهوض في معرفة الصدّيقة الكبرى عليها السلام فضلاً عن التعريف بها وأنىَّ لأوعيتنا الضيقة المحدودة أن تطيق الإحاطة بالبحر اللجي...
1- فرائد السمطين، ج2، ص68.
2- فرائد السمطين، ج2، ص68.
3- بحار الأنوار، المجلسي، ج42، ص105.
4- الإنتصار، العاملي، ج7.
5- المجلسي، البحار، ج43، ص101.
6- بحر المعارف، ص428.
7- شواهد التنزيل الحافظ الإسكافي، ج1، ص58.