محاور الموضوع ألرئيسة
1ـ الامامة تعيين الهي وليست اختياراً بشرياً
2ـ الامام لا بدَّ وأن يكون المتقدم على جميع الناس.
3ـ الامام علي عليه السلام هو المُتقدّم من بين أصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم.
4ـ معنى يعسوب المؤمنين أنه سيّد المؤمنين ورئيسهم أي أمير المؤمنين عليه السلام.
الهدف:
بيان حقيقة مقام الامامة عند الشيعة، وأنها تعيين الهي، وان أمير المؤمنين علي عليه السلام هو المؤهل الوحيد للخلافة بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم.
تصدير الموضوع:
الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول للناس: "سلوني قبل أن تفقدوني لأني بطرق السماء أعلم من العلماء، وبطرق الأرض أعلم من العالم، أنا يعسوب الدين، أنا يعسوب المؤمنين وإمام المتقين، وديان الناس يوم الدين، أنا قاسم النار، وخازن الجنان، وصاحب الحوض والميزان، وصاحب الأعراف فليس منا إمام إلا وهو عارف بجميع أهل ولايته، وذلك قوله عز وجل" ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾.(بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 52 ص 272)
تمهيد في صفات الولي بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم
الامامة في اعتقاد الشيعة منصب إلهيّ، وليست منصباً بشرياً، ولذا كان تعيين الامام واختياره من قبل الله عز وجل وكانت وظيفة النبي تبيلغ هذا التعيين وهذا الاختيار، وتشهد الآية الكريمة ﴿بَلِّغْ مَا أُنزِلَ﴾ والتي نزلت في شأن بيعة يوم الغدير على أن الأمر كان إلهياً، فالآية أمرت النبي صلى الله عليه واله وسلم بإبلاغ أمر الوصي من بعده للناس، لا بتعيين وصي من بعده للناس.
وعندما نتحدث عن اختيار الهي فهذا يعني ان الامام يمتلك من الصفات الخاصة ما لا يمكن أن يكون لسائر الناس، كما هو الحال في الأنبياء فإن الله عز وجل يختار أنبياءه من بين الناس لما يرى فيهم من صلاحيات ومؤهلات تميزهم عن سائر الناس.
وهذه الصفات والخصائص لا يمكن للإنسان معرفتها، ولذا لم يكن التعيين بيده بل بيد العارف بحقائق العباد.
قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾1. فالله سبحانه حصر الاختيار به، ونفاه عن جميع الناس.
عن علي بن موسى الرضا Lحيث قال:... "إنّ الإمامة أجلّ قدراً، وأعظم شأناً، وأعلا مكاناً، وأمنع جانباً، وأبعد غوْراً من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماماً باختيارهم, إن الإمامة خصّ الله عز وجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرّفه بها, وأشاد بها ذكره فقال: "إني جاعلك للناس إماماً" فقال الخليل عليه السلام سروراً بها: "ومن ذريتي قال الله تبارك وتعالى: ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة".
ـ الإمام المتقدم على سائر الناس
كما وأن طبيعة الإنسان وفطرته تقضي بأنّ على الإنسان الذي يريد أن يكون مرشداً وهادياً للناس أن يكون سباقاً إلى العمل بما يرشد الناس اليه او يدلّ الناس عليه.
فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بدّ وأن يكون عاملاً بهذا المعروف وتاركاً للمنكر والا لواجهه الناس بالرفض لقوله او الاستهزاء به، فكيف بمن يدعي أنّه يقود الناس إلى الجنان ويَقيهم من غضب الرحمن فإنه أولى الناس بأن يكون مهتدياً قبل أن يكون هادياً، وهذا يعني أن صفات الامام الهادي للناس لا بدّ وأن تكون فيه قبل غيره من الناس. قال تعالى: ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾2.
وهذا أمر لم يجتمع لأحد من الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم إلا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقد كان المتقدّم في الصفات على سائر الناس في زمان النبي صلى الله عليه واله وسلم ، وهذا ما ترشدنا اليه الروايات الكثيرة من طرق السنة والشيعة بأن أمير المؤمنين عليه السلام كان أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم:
ـ أعلم الناس: لما كان الامام علي عليه السلام باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، فهذا يعنى أن أحداً لا يمكنه أن ينال من علم رسول الله الا بأن يأتي إلى الإمام أولاً، وهذا ما يشهد له الواقع التاريخي فالذين تصدّوا للخلافة لم يستغنوا عن الرجوع إلى الامام لحل الكثير من المعضلات حتى اشتهر قول بعضهم: "لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن".
ـ أشجع الناس: فشجاعة علي عليه السلام وتضحيته في سبيل النبي صلى الله عليه واله وسلم تبدأ منذ نعومة أظفاره حيث كان ينام مكان النبي أثناء حصار شعب أبي طالب كما بات على فراش النبي صلى الله عليه واله وسلم في تلك الليلة المعروفة التي صممت قريش فيها على أذية النبي صلى الله عليه واله وسلم.
ـ أعدل الناس: فلم يهادن أحداً من الناس على حق من الحقوق وها هو يحدثنا في قصة أخيه عقيل: "والله لقد رأيت عقيلاً، وقد أملق حتى استماحني من برّكم صاعاً، ورأيت صبيانه شُعْثُ الشعور, غُبر الألوان من فقرهم كأنما سُوِّدت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكداً وكرّر عليّ القول مردداً فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني,وأتبع قياده مفارقاً طريقي، فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها فضجّ ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها. فقلت له ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرّني إلى نار سجرّها جبارها لغضبه. أتئن من الأذى ولا أئنّ من لظى"3.
علي عليه السلام يعسوب الدين
و قد ورد في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يصف أمير المؤمنين عليه السلام: "أنت يعسوب الدين والمال يعسوب الظلمة"4 وهذه صفة اختص بها أمير المؤمنين عليه السلام من بين سائر الاصحاب.
قال الشارح المعتزلي هذه كلمة قالها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بلفظين مختلفين، تارة: "أنت يعسوب الدين" وتارة: "أنت يعسوب المؤمنين"، والكل راجع إلى معنى واحد، كأنه جعله رئيس المؤمنين وسيدهم، أو جعل الدين يتبعه، ويقفو أثره، حيث سلك كما يتبع النحل اليعسوب.
وأما من لا يتبع أمير المؤمنين عليه السلام فهو من الظلمة الذين يضعون مصالحهم والمال أمامهم ويسيرون خلفه، فهو الذي يشكل القدوة لهم.
هذا مفاد الحديث وبالنظر إلى ما تقدم من أن احق الناس بالامامة هو الذي يتقدمهم في الصفات يعلم بوضوح أن كون أمير المؤمنين علي عليه السلام يعسوب الدين يرجع الى ما يمتلكه من صفات تميز بها عن سائر المؤمنين.
ـ لقب أمير المؤمنين عليه السلام
ورد في الروايات اختصاص هذا اللقب بالامام علي عليه السلام ولذا لا يطلق حتى على سائر الائمة بل حتى على قائم اهل البيت ، ففي الرواية: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "سأله رجل عن القائم يسلّم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: لا ذاك اسمٌ سمىّ الله به أمير المؤمنين عليه السلام "5 .
الفاته أخي المبلّغ,لا تنسى تذكير المصلين بمشروع إحياء صلاة الصبح يعقبها دعاء العهد في المسجد جماعة لمدة أربعين صباحاً,على أن يكون البدء في يوم المبعث النبوي الشريف في 27 رجب الأصب 1433هجري.الموافق 18 حزيران 2012م.
1-الآية 68 من سورة القصص
2-الآية 35 من سورة يونس
3-نهج البلاغة، الخطبة 224
4-بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 35 ص 67
5-الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 ص 411