الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

منبر المحراب- السنة العشرون - العدد: 1001 -31تموز 2012م الموافق 11 رمضان 1433هـ
حِلْم الإمام الحسن الزكي عليه السلام

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل


محاور الموضوع ألرئيسة:
1- الحلم لغة واصطلاحاً
2- الإمام الحسن عليه السلام حليم أهل البيت
3- الحلم نهج الامام الحسن عليه السلام

الهدف:
اظهار حلم الامام الحسن عليه السلام والحثّ على هذه الفضيلة

تصدير الموضوع:
روى المدائني عن جويرية بن اسماء قال: لما مات الحسن عليه السلام اخرجوا جنازته فحمل مروان بن الحكم سريره، فقال له الحسين عليه السلام: "تحمل اليوم جنازته وكنت بالأمس تجرعّه الغيظ؟ قال مروان: نعم كنت أفعل ذلك بمن يوازن حِلمه الجبال"

الحلم لغة واصطلاحاً:
مصدر حَلُمَ فلان أي صار حليماً، قال ابن فارس الحِلم: خلاف الطيش، وقال الجوهري الحِلم الأناة، ويقال: حَلَمَ الرجل في منامه يحَلُمُ حُلْماً، اذا رأى رؤيا، وحَلُمَ يَحلُمُ حِلماً تأنى وسكن عند غضب أو مكروه مع قدرة وقوة.

واصطلاحاً: هو ضبط النفس والطبع عند هيجان الغضب كما يقول الراغب.

"قيل للإمام الحسن عليه السلام: ما الحِلم؟ قال: كظم الغيظ وملك النفس"1، أي أن يسيطر الإنسان على نفسه حينما يواجهه الآخر بتصرف مستفز ذلك أن غريزة الغضب تتحرك عنده لتحميه من الاستفزاز الموجّه إليه.

ولكن الحليم هو من يتحكم في توجيه هذه الغريزة ولا يستخدمها إلا في ظرفها المناسب، لأن إتاحة الفرصة لهذه الغريزة أن تنفجر على شكل تصرف غاضب، قد يضرّ الإنسان بدلاً من أن يفيده.وكم من مظلوم تصرّف تصرّفاً طائشاً وتحوّل بسبب ذلك التصرف إلى ظالم مُدان فأعطى الفرصة لعدوه يقول الإمام علي عليه السلام: "الغضب شرٌّ إن أطلقته دَمَّر"2

الإمام الحسن عليه السلام حليم أهل البيت
من الصفات الخُلُقية التي عُرف بها الإمام الحسن عليه السلام صفة الحلم، وقد اشتهر أنه (حليم أهل البيت)، روى المدائني عن جويرية بن اسماء قال: لما مات الحسن أخرجوا جنازته فحمل مروان بن الحكم سريره، فقال له الحسين عليه السلام: "تحمل اليوم جنازته وكنت بالأمس تجرعّه الغيظ؟ قال مروان: نعم كنت أفعل ذلك بمن يوازن حِلمه الجبال"3.

ولابدّ لنا أن نشير إلى أن أهل البيت عليهم السلام كلهم يتصفون بالحلم، إلا أن الظروف التي عاشها الإمام الحسن عليه السلام اقتضت وساعدت على بروز هذه الصفة في شخصيته بشكل أجلى وأوضح فالإمام كان يواجه تشنجات واستفزازات من جهتين:

الجهة الأولى: خارجية، وتتمثل في معاوية بن أبي سفيان وجبهة الشام، حيث سعى بكل جهده وقوته وإمكانيات سلطته وحكمه إلى أن يشوّه سمعة الإمام الحسن عليه السلام لعزله شعبيّاً، فعمل على إثارة الدعايات والاشاعات الكاذبة والمغرضة على الإمام الحسن عليه السلام وعلى أبيه أمير المؤمنين عليه السلام، واستطاع نتيجة لذلك أن يوجد تياراً في الشام يكره أهل البيت عليهم السلام حتى لقد صدّق بعضهم أنّ علي بن أبي طالب عليه السلام لم يكن يصلي!! ولقد كان معاوية يتعمد كثيراً أن يُسمع الحسن عليه السلام وفي حضوره بعض الاستفزازات وكان بعض أتباعه والمقربين منه كمروان ابن الحكم وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة يقومون بمثل هذا الدور.

الجهة الثانية: داخلية، حيث أنّ قرار الإمام بالصلح مع معاوية، والذي فرضته عليه الظروف، ورعاية مصلحة الأمة، أثار مشاعر بعض المحيطين بالإمام، ونظروا إلى الصلح على أنه موقف ذلٍّ وخنوع واستسلام، فراحوا يوجهّون لومَهم العنيف، وعتابهم الشديد وبعبارات مسيئة وغير لائقة. فواحدٌ يخاطبه قائلاً: "أما والله لوددت أنك متّ في ذلك اليوم ومتنا معك" وآخر يقول: "أخرجتنا من العدل إلى الجور". وثالث يناديه: "السلام عليك يا مذلّ المؤمنين". ويخاطبه بعضهم قائلاً: "يابن رسول الله أذللت رقابنا بتسليمك الامر إلى هذا الطاغية"4.

وجاء في (الإصابة): "كان اصحاب الحسن عليه السلام يقولون له: يا عار أمير المؤمنين. فيقول عليه السلام: العار خيرٌ من النار"5. ومثل هذه الكلمات لا شك انها تستفز الإنسان وتؤجج غيظه، لكن الإمام الحسن عليه السلام واجهها بحلم وأناة بالغين، واستطاع بذلك امتصاص الآثار والنتائج السلبية التي يمكن ان تتمخض عنها.

الحلم نهج الامام الحسن عليه السلام:
لقد كان الحِلْم منهجاً سلوكياً ومَعْلَماً بارزاً في حياة الامام الحسن عليه السلام وكان يتعامل به في مقابل الاستفزازات الفردية العادية ومع ذوي التوجهات المخالفة له، وكشاهد على المنحى الاول يُروى انه كانت عنده عليه السلام شاة فوجدها يوماً قد كسرت رجلها، فقال لغلامه:" من فعل هذا بها؟ "قال الغلام: أنا. قال الامام:" لم ذلك؟ "قال الغلام: لأجلب لك ألهمّ والغمّ. فتبسّم عليه السلام، وقال له: "لأُسِرُّك، فأعتقه وأجزلَ له في العطاء"6. وضمن المنحى الثاني ينقل المؤرخون انه اجتاز على الامام شخص من أهل الشام ممن غذاهم معاوية بالكراهية والحقد على آل البيت عليهم السلام فجعل يكيل للامام السب والشتم، والامام عليه السلام ساكت لم يردّ عليه شيئاً من مقالته، وبعد فراغه التفت الامام عليه السلام فخاطبه بناعم القول وقابله ببسمات فياضة بالبشر قائلاً: "أيها الشيخ: أظنك غريباً؟ لو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك ولو استحملتنا حملناك، وان كنت جائعاً أطعمناك وان كنت محتاجاً أغنيناك، وان كنت طريداً آويناك" ومازال عليه السلام يلاطف الشامي بهذا ومثله ليقلع روح العداء والشرّ من نفسه حتى ذهل ولم يطق رد الكلام، وبقي حائراً خجلاً كيف يعتذر للامام وكيف يمحو الذنب عنه؟ وطفق يقول: "الله أعلم حيث يجعل رسالته"7.

إن مما يساعد على اتخاذ الموقف الحليم فهم الطرف المقابل ومعرفة الظرف النفسي والفكري الذي يحيط به، فإذا فهمت أنه مضلّل، أو مُعبّأ وأنه هو الآخر ضحية لعدو واحد، كنت أقدر على السيطرة على الموقف وتحويله لصالحك لا لصالح العدو.

ولهذا فإن العاقل هو الذي يملك الحلم، يقول الإمام علي عليه السلام: "بوفور العقل يتوفر الحِلم"8 ويقول: "عليك بالحِلم فإنه ثمرة العلم"9 ويقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "والذي نفسي بيده ما جُمع شيءٌ الى شيء أفضل من حِلم الى عِلم"10، فالعالم هو الذي ينبغي ان يتحلّى بالحلم، لأنه يتفهم سلبيات الجاهلين ودوافع أخطائهم.

وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"11.

وفي رحاب الإمام الحسن عليه السلام ما أحوجنا إلى قراءة سيرته العطرة، والتزام خطه الرسالي، والأخذ بمنهجه في التسامح الاجتماعي، لتسود أجواءنا المحبة والوئام، ولنتوجه لمواجهة الأعداء والأخطار صفّاً كالبنيان المرصوص،اللهم صل على محمد وآله، وحَلّني بحِلية الصالحين، وألبسني زينةَ المتقين، في بسط العدل، وكظم الغيظ... اللهم اجمع شمل المسلمين ووحّد كلمتَهم يا ارحم الراحمين.


1- الريشهري: محمدي/ ميزان الحكمة ج2 ص516.
2- المصدر السابق ص231.
3- ابن أبي الحديد: عبد الحميد/ شرح نهج البلاغة ج16 ص13 دار الجيل – بيروت/ الطبعة الأولى 1987م
4- القرشي: باقر شريف/ حياة الإمام الحسن ج 2 ص 273 – 282/ دار الكتب العلمية- قم.
5- العسقلاني: ابن حجر/ الاصابة ج2 ص72 الطبعة الاولى 1992م دار الجيل – بيروت.
6- القرشي: باقر شريف/ حياة الامام الحسن ج1 ص214.
7- المصدر السابق ص314-315.
8- المصدر السابق ص514.
9- المصدر السابق ص515.
10- المصدر السابق ص571.
11- الريشهري: محمدي/ ميزان الحكمة ج2 ص234.

15-08-2012 | 07-34 د | 3536 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net