محاور الموضوع
الاحتضار
البرزخ
يوم الحساب
الهدف:
الحثّ على الأعمال الصالحة والنهي عن الأعمال السيئة للنجاة من العذاب الإلهي
تصدير الموضوع
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾ُ
(الزلزلة: 7- 8 )
تمهيد
مهما عاش الإنسان فإنه سوف يرحل يوماً ما عن الدنيا فعلى العاقل التهيؤ لما بعد هذه الدنيا بدءاً من احتضاره إلى موته إلى قبره إلى يوم الحساب.
الاحتضار السهل والعسير
﴿فَلَوْلا إذا بَلَغَتِ الحُلْقُوم * وأَنْتُم حِينَئِذ تَنْظُرُون * وَنَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِنْكُم ولكِنْ لاَ تُبْصِرُون﴾1.
أما المؤمنون فينطبق عليهم قوله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ ارجعي إلى ربك راضية مرضية.
وعن الإمام أبي جعفرٍ الباقِر عليه السلام: إنَّ آية المؤمن إذا حضره الموت أن يبيضَّ وجهه أشدَّ من بياض لونه، ويرشح جبينه، ويسيل من عينيه كهيئة الدموع، فيكون ذلك آية خروج روحه، وإنَّ الكافر تخرج روحه سلاًّ من شدقه كزبد البعير...2 أمَّا المجرمون فينطبق عليهم قوله تعالى: ﴿وَلَو تَرى إذ الظّالِمُونَ في غَمَراتِ المَوْتِ والمَلائِكَةُ باسِطُو أيْدِيهِم أَخْرِجُوا أَنفُسَكُم اليَوْمَ تُجْزَونَ عَذَابَ الهُوْنِ...﴾ 3.
ما يهوِّن سكرات الموت
أ- صلة الرحم:
عن الإمام الصادق عليه السلام أنَّه قال: "مَن أحبَّ أن يخفِّف الله عزَّ وجلَّ عنه سكرات الموت فليكن لقرابته وَصولاً، وبوالديه بارّاً، فإذا كان كذلك هوَّن الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقرٌ أبداً4
ب - برّ الوالدين:
روي أنَّ رسول الله صلى الله عليه واله حضر شاباً عند وفاته فقال له: قل: "لا إله إلاّ الله".
قال: فاعتقل لسانه مراراً.فقال لامرأةٍ عند رأسه: هل لهذا أمّ؟ قالت: نعم أنا أمُّه.قال صلى الله عليه واله: أفساخِطةٌ أنت عليه؟قالت: نعم ما كَلَّمتُهُ مُنذُ ستَّة حجج.قال صلى الله عليه واله لها: إرضي عنه.قالت: رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه.فقال له رسول الله صلى الله عليه واله: قل: "لا إله إلاّ الله". فقالها. فقال له النبي صلى الله عليه واله: ما ترى؟ قال: أرى رجلاً أسود الوجه قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة، وأخذ بكَظمَيَّ.فقال له النبي صلى الله عليه واله قل: يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير إقبل مِنّي اليسير واعف عنِّي الكثير إنَّك الغفور الرحيم. فقالها الشاب. فقال له النبي صلى الله عليه واله: انظر ماذا ترى؟ قال: أرى رجلاً أبيض اللون حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب قد وليني، وأرى الأسود قد تولى عنّي.فقال له: اعد، فأعاد. فقال له: ما ترى ؟قال: لست أرى الأسود، وأرى الأبيض قد وليني. ثمّ طفي على تلك الحال5.
ج - كسوة المؤمن:
عن الإمام الصادق عليه السلام مَن كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقَّاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنّة، وأن يهوّن عليه سكرات الموت وأن يوسع عليه في قبره6.
د - قراءة سورة الزلزلة:
عن الإمام الصادق عليه السلام لا تملُّوا مِن قراءة "إذا زلزلت الأرض زلزالها" فإنَّه من كانت قراءته بها في نوافله لم يصبه الله عزَّ وجلَّ بزلزلة أبداً، ولم يمت بها، ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا حتّى يموت، وإذا مات نزل عليه ملكٌ كريم من عند ربِّه فيقعد عند رأسه فيقول: يا ملك الموت أرفق بوليّ الله فإنَّه كان كثيراً يذكرني ويذكر تلاوة هذه السورة7.
العديلةُ عند الموت
وهي تعني العدول من الحقّ إلى الباطل في وقت الموت، وذلك أن يحضر الشيطان عند المحتضر، ويوسوس له حتّى يوقعه في الشك، فيخرجه من نعمة الإيمان، إلى جحيم الشرك أو الكفر.
أعمال تبعد العديلة
أ - المواظبة على أوقات صلوات الفريضة:
ففي الحديث أنَّ ملك الموت قال: .... إنَه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلاّ وأنا أتصفحهم في كلِّ يوم خمس مرّات، فقال رسول الله صلى الله عليه واله: إنَّما يتصفحهم في مواقيت الصلاة، فإن كان ممّن يواظب عليها عند مواقيتها لقنَّه شهادة أن لا إله إلاّ الله محمّداً رسول الله صلى الله عليه واله، ونحّى عنه ملكُ الموت إبليس8.
ب - قراءة آية ربنا لا تزغ قلوبنا:
﴿رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾9.
ج - المواظبة على تسبيح الزهراء عليه السلام
البرزخ
وحشةُ القبر وما يرفعها:
أ - عيادة المريض
فعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "كان فيما ناجى به موسى عليه السلام ربّه أن قال: يا ربّ أعلمني ما بلغ من عيادة المريض من الأجر؟، قال عزّ وجلّ: أوكِّل به ملكاً يعوده في قبره إلى محشره"10.
تولِّي أمير المؤمنين عليه السلام:
روِيَ عن أبي سعيد ألخدري أنَّه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: "يا علي أبشر وبشِّر فليس على شيعتك حسرة عند الموت، ولا وحشة في القبور، ولا حزن يوم النشور. ولكأنّي بهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم، يقولون: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إنَّ ربَّنا لغفور شكور الذي أحلَّنا دار المقامة من فضله لا يمسُّنا فيها نصب ولا يمسُّنا فيها لغوب"11.
ب - صلاة الليل
فقد ُروِيَ عن الإمام الرضا عليه السلام أنَّه قال: "عليكم بصلاة الليل، فما من عبد يقوم آخر الليل فيصلي ثمان ركعات، وركعتي الشفع، وركعة الوتر، واستغفر الله في قنوته سبعين مرّةً إلاّ أجير مِن عذاب القبر ومِن عذاب النار، ومُدَّ له في عمره، ووسع عليه في معيشته"12.
ج - الدعاء
قراءة الدعاء عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله أعددت لكلِّ هولٍ لا إله إلا الله، ولكلِّ همٍّ وغمٍّ ما شاء الله، ولكلِّ نعمة الحمد لله، ولكلِّ رخاءٍ الشكر لله، ولكلِّ أعجوبةٍ سبحان الله، ولكلِّ ذنبٍ أستغفر الله، ولكلِّ مصيبةٍ إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون...عشر مرات.
لا تنسوا موتاكم:عن رسول الله صلى الله عليه واله أنََّه قال: أهدوا لموتاكم. فقلنا: يا رسول! وما هديِّة الأموات؟ قال صلى الله عليه واله: الصدقة والدعاء.
يوم الحساب
رُوِيَ عن أمير المؤمنين عليه السلام أنَّه قال: "والناس يومئذٍ على طبقات ومنازل، فمنهم من يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً، ومنهم الَّذين يدخلون الجنَّة بغير حساب، لأنَّهم لم يتلبّسوا من أمر الدنيا بشيء، وإنَّما الحساب هناك على من تلبَّس هاهنا، ومنهم من يحاسب على النقير والقطمير، ويصير إلى عذاب السعير، ومنهم أئمة الكفر وقادة الضلال، فأولئك لا يقيم لهم وزناً، ولا يعبأ بهم، لأنَّهم لم يعبأوا بأمره ونهيه، فهم في جهنَّم خالدون، تلفح وجوههم النَّار، وهم فيها كالحون"13.
الحساب اليسير والرحمة الإلهية:
عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله ثلاث من كنَّ فيه حاسبه اللّه حساباً يسيراً، وأدخله الجنَّة برحمته، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه واله: تعطي من حرمك وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك14.
ومما يخفف الحساب (حسن الخلق)
فقد رُوِيَ أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام قال لنوف: يا نوف صل رحمك يزد الله في عمرك، وحسن خلقك يخفف الله حسابك.
مما يطول الحساب؟
عن الإمام الصادق عليه السلام إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب، كلاهما من أهل الجنَّة: فقير في الدنيا، وغني في الدنيا، فيقول الفقير: يا ربّ على ما أوقف، فوعزَّتك إنَّك لتعلم أنَّك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور، ولم ترزقني مالاً فأؤدي منه حقاً أو أمنع، ولا كان رزقي يأتيني منها إلاّ كفافاً على ما علمت وقدَّرت لي. فيقول الله جلّ جلاله: صدق عبدي خلوّا عنه يدخل الجنَّة. ويبقى الآخر حتّى يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيراً لكفاها، لم يدخل الجنَّة. فيقول له الفقير: ما حبسك؟ فيقول: طول الحساب. مازال الشيء يجيئني بعد الشيء يغفر لي، ثمَّ أسأل عن شيء آخر حتّى تغمدني الله عز َّوجلَّ برحمته، وألحقني بالتائبين. فمن أنت؟فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفاً15.
المسائل التي يسأل عنها يوم القيامة:
أ - العمر والمال وحبّ أهل البيت عليهم السلام
فقد رُوِيَ عن رسول الله صلى الله عليه واله لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه. وشبابه فيما أبلاه. وعن ماله من أين كسبه، وفيما أنفقه.
وعن حبِّنا أهل البيت16
ب - الصلاة
فعن الإمام الباقر عليه السلام: " إنَّ أوّل ما يُحاسب به العبد الصلاة، فان قُبلِت قُبِل ما سواها"17.
ج - الحواس واستعمالها
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ 18.
د - الدَيْن:
ففي الرواية عن أحد الصادقين عليه السلام، قال: "يؤتى يوم القيامة بصاحب الدَّين يشكو الوحشة، فإن كانت له حسنات أخذَ منها لصاحب الدَّين... وإن لم تكن له حسنات أُلقي عليه من سيِّئات صاحب الدَّين"19.
هـ - الحقوق والمظالم:
فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله أتدرون ما المفلس؟ قالوا: "المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع عنده. فقال الرسول صلى الله عليه واله: كلا المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النَّار"20.
1- الواقعة: 83 - 85
2- الصدوق - من لا يحضره الفقيه - ج1: 81/366
3- الأنعام: 93
4- الصدوق الأمالي - ص 318
5- الطوسي الأمالي - ج 1، ص 62 ـ 63، ح 4
6- الكليني-الكافي - ج 2، ص 204، كتاب الإيمان والكفر: باب مَن كسا مؤمنا
7- الكليني-الكافي- ج 2 ص 626
8- م . ن. ج 3، ص 136
9- آل عمران: 8
10- الكليني-الكافي- ج3 ص121
11- المجلسي -بحار الأنوار- ج 95 - ص 396
12- المجلسي- بحار الأنوار- ج 87، ص، 161
13- المجلسي -بحار الأنوار- ج 90 ص 105
14- بحار الانوار . ج 7 ص 96
15- المجلسي- بحار الأنوار- ج 7 ص 259
16- المجلسي- بحار الأنوار - ج 7 ص 258
17- الكليني-الكافي- ج 3 ص 268
18- الإسراء:36
19- المجلسي- بحار الأنوار- ج 7 ص 274
20- الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث، الطبعة الأولى- ج 3 ص 2444