محاور الموضوع
وجوب التربية وفوائدها
أثر الولد الصالح في الدنيا والاخرة
العوامل المؤثرة في التربية
بعض ما ينمي بذور الإيمان والوعي الديني داخل أسرتك
الهدف
الحث على التربية الأسرية الصحيحة
تصدير الموضوع
يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾1.
وجوب التربية وفوائدها
لا شك أن الحاجة للولد هي حاجة فطرية لكن الأهم من وجود الولد هو كونه صالحاً إضافة إلى أنه يحمل اسم أهله؛ ويحمل الدعوات الصالحة لهم من خلال أخلاقه ودينه، ولذا ورد في الرواية عن رسول الله الأكرم صلى الله عليه واله: "من سعادة الرجل الولد الصالح"2. وعلى عكسه الولد غير الصالح الذي قد يشكل لوالديه مأساة كبيرة ويعرضهما للمهانة في الدنيا والسؤال في الآخرة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام ، أنه قال: "ولد السوء يهدم الشرف ويشين السلف"3.
من هنا فإنّ التربية الصحيحة هي واجب شرعي أملاه حقّ الولد على والديه. يقول الإمام علي بن الحسين عليه السلام: "وحقّ ولدك أن تعلم أنّه منك مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه، وأنّك مسؤول عمّا وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عزّ وجلّ، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه".
وللولد الصالح فوائد في الدنيا والآخرة، فهو يجلب الراحة النفسية للوالدين، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِين اَمَاماً﴾4، ويكون عوناً لوالديه على متاعب الحياة ومكاره الدهر.ففي الرواية عن الإمام زين العابدين عليه السلام: "إن من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم"5.
واما في الآخرة: إن الولد الصالح يجرُّ الحسنات إلى أهله بعد موتهما من خلال أعماله الخيِّرة ودعائه لهما، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:"ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: "صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسنّة هدى سنّها فهي يُعمل بها بعد موته أو ولد صالح يدعو له"6.
العوامل المؤثرة في التربية
1ـ الأبوان:
إن الأبوين في عيني الولد هما الأنموذج الكامل، وأول قدوة يحاول أن يقلدها، ولذا فإن الطفل ينظر إلى أفعالهما نظرة على أنها الأعمال الصحيحة، فلا يعتبر أن ما يقومان به هو أمر خاطئ بل إن معيار الصواب لديه هو نفس عمل الأبوين، ولذا فإن الأهل تقع عليهم المسؤولية تجاه الولد من عدة جهات:
أـ اتفاقهما واختلافهما:
هذا السلوك الخاطئ من الأهل، يجعل نفسية الولد مضطربة ومتوترة على الدوام.
ب ـ عدم التجاهر بالعادات القبيحة:
لأن الولد لو تعوّد على فعلها منذ الصغر اقتداءً بذويه فإنه وإن علم بقبحها في مرحلة وعيه، فإن من الصعب اقتلاعها حينئذٍ، ويتحمل الأهل مسؤولية ذلك، ولا سيما إذا كانت العادات هذه من المحرمات الشرعية.وإهمال الأبوين لدورهما التربوي يتضح في صورتين:
الأولى: صورة اللامبالاة، فهناك آباء وأمهات ينسون أن لهم أولاداً بحاجة إلى عناية وتربية وتوجيه. فيتركون أولادهم متشردين في الطرق والأزقة، كسالى يفرون من العلم والعمل.
الثانية: وتتمثل في عدم إثابة الطفل أو تشجيعه على السلوك الطيب من جهة. وعدم محاسبته على السلوك السيئ من جهة أخرى.
الثالثة: تدني موقع المهمة التربوية لدى الأم في درجة اهتماماتها:
فهي إمّا أن تقضي قسطاً من وقتها مع سماعة الهاتف، أو تكون جالسة أمام شاشة التلفاز، أو تصرف جلّ الوقت في زيارة جاراتها في كلام يجر كلاماً، وبذا فهي في وادٍ وأولادها في وادٍ آخر يهيمون! أو بسبب وجود انشغالات أخرى كالدراسة والاضطرار للعمل أحياناً.
رابعاً: إغفال الأب مهامه التربوية وكثرة غيابه عن البيت:
قد يتحول البيت إلى ما يشبه الفندق لدى بعض الآباء، حيث يخرجون من بيوتهم قبل أن يستيقظ أولادهم ولا يعودون إلى البيت إلا بعد أن ينام الأطفال تاركين المسؤولية على عاتق الأمهات.غافلاً عن دوره في العملية التربوية
بعض ما ينمي بذور الإيمان والوعي الديني داخل أسرتك:
أ- التغذية العاطفية
وذلك بالكلام الحسن والمحب والتشجيعي مع أسرتك وبالابتعاد عن كلمات السب والذم وأسلوب الضرب لأتفه الأسباب، وبعدم التمييز بين الأولاد، في الهدايا والمعاملة، وعدم التمييز بين الجنسين، وعدم خلف الوعد معهم.
ب- التغذية الإيمانية
وذلك بتعليم الصلاة ،فعن أمير المؤمنين عليه السلام ، أنه قال: "علموا صبيانكم الصلاة، وخذوهم بها إذا بلغوا الحلم"7. فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله: "... ومن علمه القرآن دعي بالأبوين فيكسبان حلتين يضيء من نورهما وجوه أهل الجنة"8.
وتعليم الحلال والحرام والتفقه في الدين، فعن الإمام الصادق، قال: "الغلام يلعب سبع سنين...، ويتعلم الحلال والحرام سبع سنين" 9. وعن الإمام الكاظم: "لو وجدت شاباً من شبان الشيعة لا يتفقه لضربته ضربة بالسيف"10.
ج- التغذية الأخلاقية والأدبية
على الوالدين أن يعلما أولادهما الأخلاق والآداب الاجتماعية، ففي الحديث عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله:"أكرموا أولادكم وحسنوا آدابهم يغفر لكم"11. ومما يساعد على التغذية الأخلاقية والأدبية نقل التجارب إلى الشاب ،وأفضل نموذج يمكن أن نسلط الضوء عليه في هذا المضمار هو أمير المؤمنين عليه السلام وولده الإمام الحسن، فمن وصيته له: "... فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبُّك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب، وعوفيت من علاج التجربة"12.
ومما يساعد على التغذية الأخلاقية والأدبية الإرشاد إلى القدوة الصحيحة لأن القدوة السيئة هي التي تجرفه إلى وديان الجهالة والانحراف. وكثيراً ما نجد وسائل الدعاية والإعلام تحاول أن تطرح للشاب قدوات تضيّع الأهداف الحقيقية، بعيداً عن القدوة الحقيقية المتمثلة والمثال الأعلى الذي يتجلى بالرسول الأكرم، وأهل البيت.
ومما يساعد على التغذية الأخلاقية والأدبية إرشاد الشباب إلى الفتّوة الحقيقية، فإن عنوان الفتوة والقوّة وحب الاقتدار عند الشباب يكون في أعلى مستوياته.ودور الأهل في هذا المجال يتجلى في إفهام الشاب أن الفتوة الحقيقيّة ليست في عظمة الساعدين ولا عرض المنكبين والقوة في العراك، بل في العقل الواعي والقلب المليء بالإيمان، ففي الرواية أنه مرّ رسول الله صلى الله عليه واله بقوم يتشايلون حجراً، فقال: "ما هذا، وما يدعوكم إليه؟ قالوا: لنعرف أشدنا وأقوانا، قال: أفلا أدلّكم على أشدكم وأقواكم؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال: أشدّكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له بحق"13.
د- التغذية الرياضية
ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله قال: "علموا أولادكم السباحة والرماية"14.
هـ- التغذية العلمية
وأساس العلم القراءة والكتابة، وقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله: "من حق الولد على والده ثلاثة يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه إذا بلغ"15.
2ـ المدرسة
المدرسة هي البيئة الثانية التي يأخذ منها الطفل علومه الأولى، ولذا فإن اختيار الأهل للمدرسة الملائمة للطفل له الدور الكبير في الحفاظ على سلامته الدينية بحيث يتربى على المبادئ الصالحة التي يرغب الأبوان في أن يحملها ولدهما عند كبره، ففي وصية النبي لعلي عليه السلام قال: "يا علي حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعاً صالحاً"16.
3ـ الأصدقاء
عن الإمام علي عليه السلام: "ليس شيء أدعى لخيرٍ، وأنجى من شرٍ، من صحبة الأخيار"17.كما أن الصديق السيئ يفسد الجيد كما تفسد الفاكهة الفاسدة الفاكهة الجيدة، ففي الحديث عن الإمام علي عليه السلام: "صحبةُ الأشرار تُكسِبُ الشرَّ، كالريح إذا مرَّتْ بالنَتن حملت نتنا"18.
4-المجتمع بشكل عام.
الإعلام المرئي أو المسموع (تلفزيون - انترنيت - مجلات - جرائد - كتب... )
خاتمة
الولد نعمة أنعمها الله تعالى علينا بمجرد وجوده، وأنعم علينا نعمة أخرى بأن أرشدنا إلى طريق هدايته وعرفنا السبيل لتربيته، ولم يترك لنا سوى الاستنارة بهداه والسير على نهج الأنبياء والأئمة الأطهار أعظم المربين للبشرية، لعلنا نوفّق في صناعة إنسان بكل ما للكلمة من معنى، عبد مؤمن مطيع عارف لربه، واع مدرك لهدفه، يسير في الأرض ويعمل فيها الصلاح، معمّراً لآخرته..
1- التحريم: 6
2- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3303.
3- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج4، ص3303.
4- الفرقان:74.
5- وسائل الشيعة (آل البيت)، الحر العاملي، ج17، ص243.
6- الكافي، الشيخ الكليني، ج7، ص56.
7- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج15، ص 169. وتعليم القرآن،
8- الكافي، الشيخ الكليني، ج6، ص49. وتعليم الأحاديث الشريفة.
9- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج15، ص 165.
10- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج75، ص 346.
11-بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج101، ص 95.
12- نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام ، ج3، ص40.
13- من لا يحضره الفقيه، ج4، ص407.
14- وسائل الشيعة آل البيت، الحر العاملي، ج17، ص331.
15- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج15، ص 166.
16- وسائل الشيعة الإسلامية، الحر العاملي، ج15، ص123.
17- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص 1568.
18- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص 1568.