محاور الموضوع
تعريف المسجد وتاريخه ودوره.
المسجد بيت كل تقي.
آداب المسجد وفيها ثلاث طوائف من الروايات.
خاتمة
الهدف
بيان آداب وبركات الإختلاف إلى بيوت الله في الأرض.
تصدير الموضوع
عن الإمام الصادق عليه السلام إنما أمر بتعظيم المساجد لأنها بيوت الله في الأرض1.
1- تعريف المسجد وتاريخه ودوره:
سجد يسجد سجوداً خضع وانحنى, والسجود شرعاً وضع الجبهة والأنف على الأرض, والمسجد هو الموضع الذي يسجد فيه, وفي اللغة والعرف هو المكان المُعَد للصلاة. وقد ورد لفظ المسجد في القران الكريم في ثمانية وعشرين موضعاً، ويُعتبر المسجد النبوي الشريف أول مسجد شُيِّد في تاريخ الإسلام بمشاركة أكثر المهاجرين والأنصار تحت إشراف رسول الله صلى الله عليه واله وكذلك هو المشروع الأول في الحركة التبليغية لرسالة السماء بعد الهجرة مما يكشف عن دور المسجد في إرساء القواعد الأساسية لبناء حركة الإسلام العظيم فمضافاً إلى إجتماع المسلمين خلف نبي الرحمة صلى الله عليه واله في الصلوات اليومية والجمعات والأعياد إلى كونه مكاناً للتعلم والتعليم خاصة بما يتعلق بالقرآن الكريم ومن جعله مركزاً لإدارة شؤون المسلمين الاجتماعية والإقتصادية والسياسية إلى المحطة الإعلامية لإعلان الجهاد وعقد الرايات ومن دكة للقضاء إلى المحل الذي تستقبل فيه الوفود الرسمية, وبعبارة مختصرة: المسجد مكانٌ للتعبد، وموضع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية.
2- المسجد بيت كل تقي:
لقد أولى الإسلام إهتماماًخاصاً بالمسجد وشرَّع له أحكاماً إلزامية كوجوب إحترامه وحرمة هتكه وفرض قوانين لمن يدخل إليه وعدم جواز الإقامة أو البقاء فيه كالجنب والحائض وغيرهما وكذلك سنّ آداباً وسنناً للداخلين إليه والمقيمين فيه والخارجين منه وأعطى ثواباً على كل فعلٍ مرتبط به, ونشر الخير والبركات على رواده والمتعبدين فيه. فعن النبي صلى الله عليه واله "المسجد بيت كل تقي"2.
3-آداب المسجد:
آداب المسجد كثيرة فسوف نجعلها على طوائف ثلاث.
الأولى: آداب وبركات قبل الدخول إليه.
الثانية: آداب وبركات بعد الدخول إليه.
الثالثة: آداب حين الخروج منه.
الطائفة الأولى:
والحديث فيها يتضمن تحفيز المرء على الخروج إلى المسجد للحظة الوقوف على بابه منها قوله عليه السلام " في التوراة مكتوب: إن بيوتي في الأرض المساجد فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثم زارني قي بيتي, ألا إن على المزور كرامة الزائر"3.
وفي رواية أخرى قال عليه السلام: "عليكم بإتيان المساجد فإنها بيوت الله في الأرض, ومن أتاها متطهراً طهره الله من ذنوبه وكتب من زواره فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء...."4.
وأما آداب الخروج إلى المسجد منها:
أخذ الزينة من الغسل والتطهّر وتنظيف الأسنان وارتداء أفضل الملابس وقد جمعت في قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾5.
وأما بركات الخروج من داره متوجها إلى المسجد فكثيرة منها:
ما يدل عليه الحديث التالي: حيث قال عليه السلام: "من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة, ويرفع له من الدرجات مثل ذلك وإن مات وهو على ذلك وكلّ الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ويؤنسونه في وحدته ويستغفرون له حتى يبعث"6.
وليكن حضوره قبل الآذان ومن بركات ذلك كما عن مولانا الإمام الحسين عليه السلام...."أقوى الأسباب الجالبة للرزق..... حضور المسجد قبل الآذان"7. وحين الوصول إلى باب المسجد فليستذكر قول الإمام الصادق عليه السلام:"إذا بلغت باب المسجد فاعلم انك قصدت باب بيت ملك عظيم لا يطأ بساطه إلا المطهرون ولا يؤذن بمجالسة مجلسه إلا الصديقون"8.
ومن جملة الآداب قبل الدخول إلى المسجد تجنب الامور التالية:
1- أن لا يكون لأحد عنده مظلمة يدل عليه ما عن النبي صلى الله عليه واله قال: "أوحى الله إليّ.... أنذر قومك لا يدخلوا بيتاً من بيوتي ولأحد من عبادي عند أحدهم مظلمة فإني ألعنه ما دام قائماً يصلي بين يديّ حتى يرد تلك المظلمة"9.
2- "ترك أكل البقلة المنتنة صلى الله عليه واله من أكل هذه البقلة المنتنة فلا يقرب مسجدنا"10.
3- "أن لا يجعل المسجد طرقاً عنه صلى الله عليه واله لا تجعلوا المساجد طرقاً حتى تصلوا فيها ركعتين "11.
الطائفة الثانية:
حول الاداب والبركات لما بعد الدخول, أول الآداب أن يدخل بقدمه اليمنى ويؤخر اليسرى بالسكينة والوقار والتواضع والخشوع وليتوجه مباشرة للإتيان بصلاة التحية فعن النبي صلى الله عليه واله: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين"12.
وبعد ذلك فليجلس منتظراً الصلاة بأنه من بركاته أنه عبادة كما في الرواية عن النبي صلى الله عليه واله "الجلوس في المسجد لإنتظار الصلاة عبادة, ما لم يحدث, قيل: يا رسول الله وما الحدث؟ قال الإغتياب" 13. وليكن انتظاره بأن لا يشتغل بشيء إلا بإحدى ثلاثة وإلا لكان لغواً إما مصلياً أو ذاكراً لله تعالى أو سائلاً عن علم.
بركات الاختلاف الى المسجد:
مما لا يخفى أن لإختلاف المرء إلى المسجد بركات عظيمة ومتنوعة وقد جمعها النبي صلى الله عليه واله في رواية واحدة حيث قال: "من أدمن إلى المسجد أصاب الخصال الثمانية: آية محكمة, أو فريضة مستعملة, أو سّنة قائمة أو علم مستطرف أو أخ مستفاد, أو كلمة تدله على هدى أو تردّه عن ردى, وترك الذنب خشية أو حياء"14.
حتى أن البركات تفاض على المرء ما دام جالساً فيه ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه واله لأبي ذر قال: "يا أبا ذر إن الله يعطيك ما دمت جالساً في المسجد بكل نفس تنفست درجة في الجنة وتصلي عليك الملائكة, وتكتب لك بكل نفس تنفست فيه عشر حسنات, وتمحى عنك عشر سيئات"15.
الطائفة الثالثة:
آداب الخروج هناك مجموعة آداب ينبغي للخارج من المسجد ان يحافظ عليها منها: فليقف عند الباب ويقول "اللهم دعوتني فأجبت، دعوتك وصليت مكتوبتك وانتشرت في أرضك كما امرتني, فأسألك من فضلك العمل بطاعتك واجتناب سخطك والكفاف من الرزق برحمتك " 16. ومن الآداب أن ينوي العودة اليه فعن النبي صلى الله عليه واله "سبعة يظللهم الله بظلّه يوم لا ظلّ الا ظله... ورجل قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه"17.
خاتمة:
عن النبي صلى الله عليه واله "إن للمساجد أوتاداً, الملائكة جلساؤهم, إذا غابوا افتقدوهم، وإن مرضوا عادوهم, وإن كانوا في حاجة أعانوهم"18.
1-وسائل الشيعة – ج5- ص 297
2 - مجمع الزوائد –ج2- ص 22 وكنز العمال ج7-ص 561- والمعجم الكبيرج6 – ص755-وتفسير الرازي ج 4ص 13.
3 - بحار الانوار ج83- ص 383.
4 - المصدر السابق –ج 83- ص 384
5- الأعراف: 31
6 - بحار الانوار ج73- ص 336
7 - بحار الانوار ج 73/ ص 318
8 - بحار الانوار ج 83/ ص 374
9 - بحار الانوار ج 84/ ص 257
10 - بحار الانوار ج 84 ص 9
11 - بحار الانوار ج 76 ص 328
12 - المبسوط/ الطوسي-ج 8 /ص90 والبخاري ج2/ص41 وغنائم الايام ج2/ ص238
13 - بحار الانوار ج 83/ ص 384
14 - المصدر السابق ج 84- ص 3
15 - بحار الانوار ج85
16 - الرسائل العشر ص288 بحر الانوار ج81-ص22والكافي ج3-ص309.
17 - وسائل الشيعة ج 5- ص 199
18 - بحار الانوار ج 80 ص 373