محاور الموضوع
1. مقدمة
2. كن مبادراً إلى فعل الخير
3. فاقد الشيء لا يعطيه
4. إجعل من نفسك ميزاناً
5. من آثار إيصال الخير
الهدف
بيان أهمية ما يتحلى الإنسان بصفة حبّ الخير وأن يهتم بصناعة المعروف مع
الناس.
تصدير الموضوع:
ما على أحدكم أن ينالَ الخير كلّه باليسير قال الروايقلت: بماذا جُعلت
فداك ؟ قال يسرُّنا بإدخال السرور على المؤمنين من شيعتنا.
مقدمــة:
الإنسان اجتماعي بطبعه فلا يستطيع العيش بمفرده ولا تصلح معيشته إلا ببناء وشائج
التواصل والاتصال مع أبناء جلدته، ولطالما أن أصل العُلقة معهم موجودة في أساس خلقة
الإنسان، فإدراكها حينئذ يكون بالوجدان ومن ثّم من أراد العزلة فقد اختار النمط
الشاذ لحياته، ولذا ففي موضوع بحثنا هذا لا نريد الحديث عن هذه الحيثية للمفروغية
عنها، وإنما الحديث عن تنظيم هذه العلاقة لتكون على أسس صحيحة وركائز متينة، إذ
الخطورة الكامنة في العلاقات الملتوية والتهديدات القائمة في التواصل السلبي الأشد
خطراً من العزلة نفسها، ومن هنا فيجب على الإنسان المؤمن أن يتعلم الواجبات والحقوق
وينبغي له أن يطّلع على الآداب والسنن التي تشكل بمجموعها المنظومة التي تحدد
المسار القويم للعلاقات الإجتماعية وتبني الصرح الجميل للتواصل مع الآخرين.
كن مبادراً إلى فعل الخير
ليس صحيحاً أن أطلب من الآخرين صناعة المعروف معي وإسداء الخير إليّ، ومن عاتب
الآخرين على تقصيرهم في إدخال السرور على قلبه بأي سبب عابه الآخرون لعدم مبادرته
وأنه كيف يطلب منهم ما لم يجدوه فيه وهو الإحسان إليهم، ولذا فالمطلوب من المرء
أولاً أن يبادر باتجاه الآخرين لصناعة المعروف معهم وتقديم يد العون والمساعدة وأن
يلمسوا فيه حبّ الخير لهم ويقرأوا في سلوكه السعي للحفاظ على مصالحهم وعدم تجاوز
حدودهم وحقوقهم مضافاً إلى أن التأخير وعدم المبادرة قد تفوت على الرجل عمله،
فالأصل إذن أن يبادر الإنسان إلى الخير حتى لا يفوته الكثير ويدلّ على ذلك قوله
عليه السلام كان أبي يقول: "إذا هممتَ بخير فبادر، فإنك لا تدري ما يحدث".1
وقال عليه السلام: "بادروا بعمل الخير قبل أن تشتغلوا عنه بغيره".2
وكذلك قال عليه السلام: "إنّ الله يُحبُّ من الخير ما يعجّل".3
فاقد الشيء لا يعطيه
فاعلو الخير وصانعو المعروف قلّة، وبالرغم من ذلك فهم صنفان: صنف يفعله وهو قبل ذلك
مُحبٌ للخير، وصنف يفعله مجرداً عن الحبّ لفعله وصناعته، والفارق غير خافٍ على ذي
حجى، فالأول إنما ينبعث عن شعور قلبي وهو حبّ الخير لذاته ومما يزيد في شوقه للفعل
إزالة الألم من قلوب المحتاجين وإزاحة التعب عن كواهلهم، وكلا الشعورين يكشفان عما
انطوى عليه صانع الخير من نبالة المشاعر وحسن السريرة، بخلاف صانع المعروف مع تجرده
عن حبه له، فلعلّ المحرك له والدافع لفعل الخير أمور أخرى كأن يجعل منه جسراً
للعبور إلى بعض مصالحه الشخصية أو قنطرة للوصول إلى شيء من مآربه الدنيوية أو غير
ذلك وهي ليست بنادرة، وبعبارة أخرى فإنّ عمل الخير له علتان: علة فاعلية،وعلة فعلية،
والعلة الفعلية هو نفس الفعل الذي يصنع مع الآخرين فعند الناس هو عمل خير وأما على
مستوى العلة الفاعلية فالأمر يختلف، فمن صنعَ المعروفَ لأيِّ غاية ولأيِّ هدف هذا
هو الفيصل الحقيقي بين صانعي المعروف والكاشف الحقيقي لتلك النوايا المُضمرة في
جواهر الناس وسرائرهم، وبعد هذا يمكن القول أنّ من فعل الخير مُجرداً من مشاعر الحبّ
لفعله فلا الخير فعل ولا المعروف صنع، لأنّ هذا يعطي لا حباً في العطاء وإنما طمعاً
فيما يرغب في الحصول عليه، ولا يتمّ الوصول إليه إلا من خلال فعله هذا. ولذا فهو في
الحقيقة لم يعطِ شيئاً لأنه فاقد لحبّ العطاء، فأين هؤلاء من أولئك، نعم يتشابهان
في العلة الفعلية ويختلفان في العلة الفاعلية كتشابه الثرى والثريا بالأحرف
والإختلاف في البعد والقرب.
إجعل من نفسك ميزاناً
بعض الأحيان ربما يصيب محبّ الخير وفاعله شيء من التردد والشبهة في نوع العطاء أو
سنخه أو ما شاكلهما، وأفضل سبيل للخروج من ذلك أن يصنع من نفسه ميزاناً يزن عليه
أفعاله مع الآخرين فما يحبه لنفسه يحبه للآخرين وما لا يرضاه لنفسه لا يرضاه لهم
وفي ذلك أخبار كثيرة منها ما جاء في الرواية بأنّ الله سبحانه وتعالى أوحى إلى آدم
فقال: "يا آدمُ إني أجمع لك الخيرَ كلّه في أربع كلمات: واحدة لي، وواحدة لك،
وواحدة فيما بيني وبينك، وواحدة فيما بينك وبين الناس..... وأما التي فيما بينك
وبين
الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك"4.
من آثار إيصال الخير إلى الناس
إن الآثار المترتبة على فعل الخير مع الناس لكثيرة وسأشير إلى بعض منها ويمكن
تقسيمها إلى صنفين:
الأولى: آثار دنيوية
الثانية: آثار أخروية
أما الأولى:
أ-كان الله في حاجته، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "من كان في حاجة أخيه
المسلم كان الله في حاجته ما كان في حاجة أخيه"5
ب- خير من صيام شهر واعتكافه، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "والله لقضاء
حاجة المؤمن خير من صيام شهر واعتكافه"6
ج- أفضل من عشر حجج، في حوار مع الإمام الصادق عليه السلام مع أحد أصحابه وهو
المشعل ألأسدي فقال عليه السلام له: "إنّ العبد إذا طافَ بهذا البيت أسبوعاً سبع
أشواط وصلّى ركعتين وسعى بين الصفا والمروة كتب الله له ستة آلاف حسنة، وحطّ عنه
ستة آلاف سيئة، ورفع له ستة آلاف درجة، وقضى له ستة آلاف حاجة للدنيا كذا وادّخر له
للآخرة كذا فقلت له: جُعلت فداك إن هذا لكثير، فقال: ألا أخبرك بما هو أكثر من ذاك
؟ قلت: بلى، فقال عليه السلام: لقضاء حاجة امرئ مؤمن أفضل من حجة وحجة حتى عدّ عشر
حجج" 7
أما الثانية:
الصورة البرزخية لفعل الخير، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا بعث الله المؤمن
من قبره، خرج معه مثال يقدمه أمامه..... فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله
سبحانه وتعالى حتى يقف بين يدي الله عزّوجل ويحاسبه حساباً يسيراً ويأمر به إلى
الجنة والمثال أمامه فيقول له المؤمن: رَحِمَك الله نِعمَ الخارج معي من قبري....
فمن أنت فيقول له المثال أنا السرور الذي أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا خلقني
الله لأبشّرك" 8
مباح له الجنة، عن الإمام الصادق عليه السلام: "أوحى الله عزوجل إلى داوود إن العبد
من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي، فقال داوود: يا رب وما تلك الحسنة؟ قال:
يُدخل على عبدي المؤمن سروراً ولو بتمرة".9
1- بحار – ج 71-ص 222
2- المصدر السابق ص 215.
3- المصدر نفسه ص 224.
4- بحار – ج 75- ص 26
5- بحار – ج 71- ص 286.
6- المصدر نفسه ص 285.
7- وسائل الشيعة – ج13-ص305.
8- بحار –ج 71- ص 283.
9- بحار ج 71- ص 283.