محاور الموضوع
مقدمة
المحور الأول: في العقيدة
المحور الثاني: بيان علل الشرائع
المحور الثالث: إنتزاعات قرآنية
خاتمة
الهدف
تسليط الضوء على جانب مهم في حياة الإمام الرضا عليه السلام الفكرية وهي
"المناظرات".
تصدير الموضوع:
قال الإمام الصادق عليه السلام لولده الامام الكاظم عليه السلام إنّ عالم آل محمد
لفي صلبك, وليتني أدركته
مقدمة:
الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ثامن الأئمة الأطهار عالم آل محمد صلى الله
عليه واله وسلم لقد مُدّت إليه أعناق العلماء لتلتقط بعضاً من دُرر علمه وكلما
تحيرّت العقول عن إدراك كنه الأشياء خضعت له لتستنير بنور معارفه، وهكذا فكلما تاهت
الأفهام عن عِلل وحِكم التشريعات صغت أصول مسامعهم إلى معارفه, وهكذا فكلما تاهت
الأفهام عن عِلل وحِكم التشريعات تدبَّرت واستضاءت ببياناته فأزاح عنهم الشبهات
وأرشدهم إلى الصواب وكشف لهم عن حقائق الأشياء وأما مناظراته فقد بهرت العقول
وأفحمت الأعداء فإن إحتجاجاته قد بهتت الذين كفروا, وهو أيضاً الذي عُرف عنه بما
اصطلَحَ عليه إبراهيم بن العباس الصولي "بالإنتزاعات القرآنية"، ولقد شهد المؤلف
والمخالف بعلمه وغزارة معارفه ويكفيه ما ذكره في حقه أبوه الإمام موسى بن جعفر عليه
السلام حيث قال عليه السلام: "هذا أخوكم علي بن موسى عالم آل محمد
صلى الله عليه واله وسلم, سلوه عن أديانكم, واحفظوا ما
يقول لكم, فاني سمعت أبي جعفر بن محمد عليه السلام يقول لي: إن عالم آل محمد صلى
الله عليه واله وسلم لفي صلبك, وليتني أدركته فإنه سميّ أمير المؤمنين1.
وكذلك قال إبراهيم بن العباس سمعت العباس يقول: "ما سُئل الرضا عليه السلام عن شيء
إلا علمه, ولا رأيت أعلم منه.... "وكان المأمون يمتحنه
بالسؤال عن كل شيء, فيجيبه الجواب الشافي......."2.
ويقول الإمام الرضا عليه السلام: "كنت أجلس في الروّضة,
والعلماء بالمدينة متوافدون فإذا أعيي الواحد منهم عن مسألة, أشاروا إليّ بأجمعهم,
وبعثوا إلي بالمسائل فأجبت عنها"3.
المحور الأول: في العقيدة
التوحيد: سأله رجل عن الدليل على حدوث العالم فقال: "أنت
لم تكن ثم كنت وقد علمت أنك لم تكوّن نفسك ولا كوّنك من هو مثلك"4.
وكذلك فقد روى الحسين بن بشار عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام فقال:
سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون؟ أو لا يعلم إلا ما
يكون ؟ فقال عليه السلام: "إن الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء".
النبوة والأنبياء: قال الإمام الرضا عليه السلام: "إنما
سُمي أولو العزم لأنهم كانوا أصحاب الشرايع والعزايم وذلك أن كل نبي بعد نوح كان
على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل عليه السلام وكل نبي كان
في أيام إبراهيم وبعده كان على شريعته ومنهاجه, وتابعاً لكتابه إلى زمن موسى عليه
السلام وهكذا بالنسبة لموسى وعيسى عليه السلام إلى زمن نبينا محمد صلى الله عليه
واله وسلم فهؤلاء الخمسة أولو العزم فهم أفضل الأنبياء والرسل, وشريعة محمد صلى
الله عليه واله وسلم لا تنسخ إلى يوم القيامة ولا نبي بعده إلى يوم القيامة, فمن
اّدعى بعده النبوة أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه"5.
الإمامة والأئمة عليه السلام: عن عبد العزيز بن مسلم قال: كنا مع الرضا عليه السلام
بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة
اختلاف الناس فيها, فدخلت على سيدي عليه السلام فأعلمته خوض الناس فيه فتبسم ثم قال
عليه السلام: "..... وَأَمْرُ الإمامة من تمام الدين ولم
يمض صلى الله عليه واله وسلم حتى بيَّن لأمته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم،
وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم علياً عليه السلام عَلَماً وإماماً....".
...... هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها إختيارهم, إن الإمامة
أجلّ قدراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس
بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماماً باختيارهم, إن الإمامة خصّ الله عزوجل
بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخّلة مرتبة ثالثة..... فقال عزوجل "إني
جاعلك للناس إماما" فقال الخليل عليه السلام "سروراً
بها "ومن ذريتي فقال الله تعالى لا ينال عهدي الظالمين"
فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة....إن الإمامة هي
منزلة الأنبياء, وإرث الأوصياء, إن الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول صلى الله عليه
واله وسلم."6.
وفي إحدى مناظراته بحضور المأمون وكان المناظرون كثر, فاختاروا يحيى بن الضحّاك
السمرقندي للسؤال قال الإمام عليه السلام يا يحيى ما تقول في رجل أدعى الصدق لنفسه
وكذّب الصادقين, أيكون صادقاً محقاً في دينه أم كاذباً؟ فسكت يحيى ولم يحر جواباً,
فقال الإمام عليه السلام: "إن زعم يحيى أنه صدّقِ
الصادقين, فلا إمامة لمن شهد بالعجز عن نفسه.... ولا إمامة لمن أقرّ عليه صاحبه بأن
بيعته فلتة وقى الله شرّها"7. وزاد الشيخ الصدوق في العيون وان زعم أنهم
كذبوا, فلا أمانة للكذاب ثم سُئل بأي شيء تصح الإمامة لمدّعيها ؟ قال عليه السلام "بالنص
والدليل فقال السائل: فدلالة الإمام فيما هي"؟ أجابه الإمام: "في
العلم واستجابة الدعوة"8.
علوم الأئمة: سُئل الإمام الرضا عليه السلام عن وجه إخبارهم بما يكون أجابه الإمام
عليه السلام: "ذلك عهد معهود إلينا من رسول الله, قال له السائل: فما وجه أخباركم
بما في قلوب الناس؟ أجابه الإمام عليه السلام: "أما بلغك
قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وما
من مؤمن إلا وله فراسة ينظر بنور الله على قدر إيمانه ومبلغ استبصاره وعلمه, وقد
جمع الله في الأئمة ما فرقّه في جميع المؤمنين, وقال عزوجل في محكم كتابه إن في ذلك
لآيات للمتوسمين"9.
المحور الثاني بيان علل الشرائع:
في أحد مجالس المأمون تكلم عمران الصابي, وصباح بن نص الهندي في علل الاشياء وسألا
الامام عليه السلام عن مجموعة من علل الاحكام في عدد من الابواب الفقهية من عبادات
ومعاملات حول الصلاة قال عليه السلام: "توقير له وخضوع من
العبد إذا سجد, واقرار بأن فوقه رباً يعبده, ويسجد له, وأما الصوم فأجاب امتحنهم
بضرب من الطاعة, كيما ينالوا عنده الدرجات ليعرفهم فضل ما انعم عليهم من لذة الماء
وطيب الخبز...". وأجاب عن علة شهادة امرأتين مقابل شهادة رجل واحد؟ قال:
"لأنها نصف رجل في سهم المواريث ولأنها لا تحفظ حفظ الرجل
وعن تحريم الميتة قال لما فيها من الإفساد للأبدان.... والدم يورث القساوة ويعفّن
البدن"10. وهكذا في بقية الامور الفقهية.
المحور الثالث إنتزاعات قرانية:
أطلق ابراهيم بن العباس الصّولي مصطلح انتزاعات على ردود الامام عليه السلام من
محكمات القرآن ومتشابهاته فيقول في هذا المضمار ما رأيت الرضا عليه السلام سُئل عن
شيء إلا علِمهُ, ولا رأيت أعلم منه, بما كان في الزمان, إلى وقته وعصره وكان
المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب عنه وكان جوابه كله, وتمثله انتزاعات من
القرآن الكريم فعلى سبيل المثال: ففي أحد المجالس, أثار الناس قضيةً تخبّط فيها
الفقهاء والحضور.... عن رجل حضرته الوفاة فقال عند موته: لفلان عليّ دين ألف درهم
إلا قليلاً, حار الورثة كم القليل ؟فمن الفقهاء فسره بخمسين وآخرون بمائة وهكذا...
وقد أجاب الامام الرضا عليه السلام انتزاعاً من القرآن: "القليل هو النصف لقوله
تعالى: }يا ايها المزمل قم الليل إلا قليلاً, نصفه، فنصفه بدلاً من (قليلاً ) 11.
خاتمة:
قال محمد بن عيسى اليقطيني: لما اختلف الناس في أمر أبي الحسن الرضا عليه السلام
جمعت من مسائله مما سُئل عنه وأجاب فيه ثمانية عشر ألف مسألة 12.
1 - أعيان
الشيعة: ج4-ص100 وكشف الغمة: ج 3- ص 107 .
2 - الفصول المهمة .
3 - عيون أخبار الرضا ص 222- إعلام الورى ص 369 .
4 - التوحيد – الصدوق – ص293 .
5 - عيون أخبار الرضا –ج 2- ص 80
6 - من لا يحضره الفقيه ج 4-ص300 والخصال: ص 527 وعيون اخبار الرضا ج 1-ص 212
7 - المناقب – ج 4- ص 351
8 - عيون اخبار الرضا ج 2- ص 577
9 - قران كريم – س الحجر – اية 75- عيون الاخبار ج1-ص 161- والمناقب: ج4- ص 352 .
10 - المناقب ج 4- ص 356و357
11 - الفصول المهمة ص 241 .
12 - لفصول المهمة – ص 241- المناقب ج4- ص 351 .