محاور الموضوع
مقدمة
إطلالة سريعة على نسبة العوانس
أسباب العنوسة
وسائل متعددة لحل هذه المشكلة
خاتمة:صرخة في الظلام
الهدف
بيان مخاطر هذه الظاهرة ولما لها من تهديد للواقع الاجتماعي والاجتراح لبعض الحلول.
تصدير الموضوع:
﴿
وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ
إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
﴾1.
مقدمــة:
العنوسة لغة من مادة عنس، قال ابن منظور: قال الجوهري: عنست الجارية، تعنس اذا طال
مكثها في منزل اهلها بعد ادراكها حتى خرجت من عداد الأبكار، هذا، مالم تتزوج، فان
تزوجت مرة فلا يقال عنست2.
إطلالة سريعة على نسبة العوانس:
تشير بعض الدراسات والإحصائيات إلى الأرقام التالية: ففي مصر أظهرت دراسة الجهاز
المركزي للتعبئة والإحصاء أن عدد الذين وصلوا إلى سن الخامسة والثلاثين دون زواج ما
يقارب التسعة ملايين شخص، منهم ما يزيد على ثلاثة ملايين امرأة، وستة ملايين رجل.
ودراسات أخرى تقول إن العدد تجاوز الثلاثة عشر مليوناً.
وأما في السعودية فقد أوضحت إحصائية وزارة التخطيط فيها أن عدد النساء اللائي بلغن
سن الثلاثين دون زواج وصل إلى مليون وتسعين ألفاً.
وأما في الجزائر ووفقاً للإحصائيات الرسمية وصلت إلى 5./. من إجمالي عدد النساء، من
بينهم أربعة ملايين فتاة لم يتزوجن رغم تجاوزهن سن الرابعة والثلاثين.
وقد أعدَّ أستاذ علم الاجتماع الأردني الدكتور إسماعيل الزيود بعنوان (واقع العنوسة
في العالم العربي إن 50./. من الشباب السوري عازبون و60./. من الفتيات السوريات
عازبات وبذلك تكون النسبة الكلية في سورية 55./.ممن بلغوا سن الزواج.
وكذلك فقد بلغت نسبة العازبين في كل من السودان والصومال 20./. وأظهرت الدراسة أن
نسبة العازبات في البحرين أكثر من 20./. وفي الكويت 30./. وفي قطر والإمارات 35./.
وفي سلطنة عمان والمملكة المغربية بلغت 10./. وأما في العراق فقد بلغت 70./. بينما
في فلسطين فوصلت إلى الحد الأدنى وهو واحد بالمائة.
هذه الإحصائيات تحتاج إلى مزيد من الدقة حيث يجد المتتبع تفاوتاً كبيراً بين بعض
الدراسات فعلى سبيل المثال هناك دراسة أخرى تبين أن نسبة العوانس في الإمارات بلغت
نسبة 70./. وهكذا في سوريا.
وأما لبنان فالدراسات مجمعة على ان نسبة العوانس فيه هي أعلى نسبة من بين الدول
الأنفة الذكر حيث أشارت بعضها إلى أنها بلغت 85./. ممن تجاوزن سن الثلاثين، وهذا في
الحقيقة يعتبر تهديداً للواقع الاجتماعي والأسري.
ولمواجهة هذا التهديد الحقيقي للتقليل من مفاعله ومخاطره فلا بدَّ أولا من بيان
الأسباب والعوامل التي أدت إلى رفع هذه النسبة ثم نقدم مجموعة مقترحات كوسائل علاج.
أسباب العنوسة:
أولا: ماله علاقة بالجانب الاقتصادي:
أ- غلاء المهور: أن المهور العالية التي يشترطها أهل الزوجة على الزوج يقلل من رغبة
الشباب في الزواج منهن.
ب- عدم القدرة على توفير السكن: بسبب غلاء المعيشة، يشكل أيضاً حائلاً من إقدام
الشباب على الزواج.
ج- الشروط التعجيزية: بعض الأهالي يفرضون شروطاً تعجيزية على الشباب بحيث لا طاقة
له على التحمل مما يدفعه إلى العدول عن فكرة الزواج.
د- في بعض المناطق يطلب بعض الآباء مقداراً من المال خارج إطار المهر وهو أشبه
بالثمن لتحصيل رضاه بتزويج ابنته.
هـ- البطالة، إن انتشار البطالة وعدم العثور على الوظيفة أو العمل، تدفع بالشباب
إلى عدم التفكير بتكوين الأسرة.
و- الفكرة الاستقلالية للفتاة:وهذا العامل يعتبر أكثر العوامل والأسباب انتشاراً
وشياعاً لظاهرة العنوسة وهو طموح المرأة مهنياً وعلمياً خاصة في لبنان، فالمرأة
اللبنانية لديها طموح يعلو أكثر فأكثر مما يدفعها إلى تأجيل الزواج بهدف تأسيس
حياتها الخاصة وتامين مواردها إلإقتصادية، وما إن تصل إلى ماتطمح به فيكون قد فاتها
القطار إذ تجد أنها بلغت من الكبر ماشاء الله فقلما يرغب فيها أحد الرجال.
ز- جشع بعض الآباء: منهم من يرفض فكرة تزويج ابنته طمعاً بوظيفتها ومالها لأنها تدر
عليه دخلاً شهرياً.
ثانيا: ماله علاقة بجانب العادات والتقاليد:
أ- اشتراط الحسب والنسب: للأسف بعض الآباء يشترطون في الرجل أن يكون صاحب حسب ونسب
معروف ويتخلون عن صفاته الشخصية الحميدة وسمعته وسلوكه.
ب- التزام الترتيب بين الفتيات في الزواج: حيث يوجد لدى بعض الأسر طقوس معينة في
تزويج بناتهم، فلا يزوجون الصغرى قبل الكبرى، وبصدهم للأزواج الراغبين في الزواج من
الصغرى، حتى تكبر وتبلغ سنا لايرغب بهن احد.
ج- من يعمل في السلك العسكري. بعض الآباء ونتيجة الوهم المسيطر عليه يمنع ان يزوج
الشاب –الذي يطلب ابنته للزواج منها ويريدها - لكونه يعمل في السلك العسكري او
الجهادي بحجة انه معرض للقتل في اية لحظة ونتيجة ذلك الوهم يخشى من رجوع ابنته الى
بيته مجدداً، فلذلك يرفض اصلاً فكرة تزويجه.
ثالثا: الإعلام.
أ- الصور الإباحية، والأفلام الخليعة:
لا يخفى على أحد ماللدور الإعلامي من خطورة على الأسرة بصورة عامة وعلى ظاهرة
العنوسة بصورة خاصة، فالإعلام غير النظيف من أفلام ومسلسلات وإعلانات تنشر ثقافة
مزيفة تدفع بالشباب والفتيات إلى الفساد والانحراف ويعتبرون انه لطالما يشبعون
الجانب الجنسي بغض النظر عن كونه مشروعاً أم غير مشروع فلا حاجة بعد ذلك إلى تحمل
أعباء تكاليف الزواج يجدون فيه مفراً من تحمل المسؤولية للأسرة، ويستمرون في حالة
التيه إلى حين استيفاقهم من غيّهم إلى ضرورة تكوين الأسرة والحفاظ على النسل،
فيكونون قد تجاوزوا مرحلة لم يعد يرغب بهن للزواج.
ب- محاربة الزواج المبكر.
ج- محاربة تعدد الأزواج.
د- الدعوة للمساواة بين الرجل والمرأة.
هـ - تشجيع – مايسمى- الصداقة بين الجنسين.
و- الحب الوهمي بين الشباب والفتيات تحت عنوان الزملاء والأصدقاء.
ز- قضاء الوقت الأطول على رسائل التواصل الاجتماعي بحيث يكون للشاب عدة فتيات،
ويكون للفتاة الواحدة عدد من الشباب بحيث يفتقد الجميع توجيه المحبة والرحمة إلى
شخص واحد.
رابعا: أسباب قدرية.
المعروف إن نسبة الولادات للإناث تفوق نسبة الولادات للذكور هذا من جهة ومن جهة
أخرى، فان الحروب التي تندلع في أي بلد فيكون وقودها نسبة عالية جداً من الذكور مما
يجعل الفارق كبير وتتسع الهوة بين الجنسين، مما يضيف إلى عدد العوانس نسبة عالية من
الأرامل فترتفع بذلك نسبة النساء اللواتي لا أزواج لهن.
الحلول:
الحل الأول: تعميم ثقافة أرجحية الزواج المبكر
والتمسك شرعاً بمحبوبيته، إذ الأفضل للإنسان أن لا تطمس ابنته في بيته فعن النبي
صلى الله عليه واله وسلم قال: "ما من شاب تزوج في حداثة
سنه إلا عج شيطانه: ياويله، ياويله! عصم مني ثلثي دينه، فليتق الله العبد في الثلث
الباقي"3.
الحل الثاني: إن تدرك الفتاة انه لا خير لها
في هذه الحياة الدنيا أفضل من كونها أمّاً تربي صغارها وتحصن نفسها، ولتعلم ان
شهادات العلم في الدنيا التي تعلقها على جدران بيت أبويها لا تعادل صورة لطفلها في
بيت زوجها فعن الإمام الرضا عليه السلام "إن امرأة سالت
أبا جعفر عليه السلام فقالت: أصلحك الله إني متبتلة فقال عليه السلام لها: وما
التبتل عندك؟ قالت لا أريد التزويج أبدا، قال: ولم؟ قالت التمس في ذلك الفضل، فقال:
انصرفي فلو كان في ذلك فضل لكانت فاطمة عليها السلام أحق به منك..."4.
الحل الثالث: على الأبوين أن يوافقا على زواج ابنتهما من أول خاطب إذا
كان صاحب دين وخلق ويغمضون أعينهم عن المال والحسب والنسب والمناصب والحجارة
والعقارات وليعلما أن ابنتهما ليست سلعة تباع وتشترى وإنما هي الأمانة الكبرى
وحفظها لا يتم إلا بتزويجها من الأمين القوي الذي يحفظها بأمانته ويدافع عنها
بقوته، وعليهما البحث دائماً عن المؤمن الذي يخاف الله تعالى، لأنه إن أحبها أكرمها
وان أبغضها لم يظلمها، عن الإمام الرضا عليه السلام "إذا
خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه فزوجه، ولا يمنعك فقره وفاقته، قال تعالى:
﴿
إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
﴾
5" 6. وقال الإمام الحسن عليه السلام:"زوجها
من رجل تقي، فانه إن أحبها أكرمها وان أبغضها لم يظلمها"7.
الحل الرابع: خير النساء اقلهنَّ مهراً
وأصبحهن وجهاً، فعلى الأبوين أن لا يغرقا نفسيهما بالمهور والوظيفة والسكن وغير ذلك
من الأمور الدنيوية المتبدلة والزائلة فكم من فقير أضحى غنياً وكم من غني أمسى
فقيراً، فعن النبي صلى الله عليه واله وسلم: "أفضل
نساء امني أحسنهن وجهاً واقلهن مهراً"8.
الحل الخامس: تنشئة الفتاة على الحياء والعفة وعدم الابتذال لان رغبة
الأزواج في الفتيات العفيفات الطاهرات وهذا لا يتم إلا بمواكبتهن ومراقبتهن - بشكل
ايجابي - وتحذيرهن من مخاطر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الغير ضرورية، عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: "إنما المرأة قلادة فانظر
ما تتقلد، وليسللمرأة خطر لا لصالحتهن ولا لطالحتهن: فأما صالحتهن فليس خطرها الذهب
والعفة هي خير من الذهب والفضة، وأما طالحتهن فليس خطرها التراب، التراب خير
منها" 9.
الحل السادس: قبول فكرة تعدد الزيجات عند
النساء، لما له من دور في تخفيف المعاناة وتقليص نسبة ظاهرة العنوسة، يقول الله
تعالى
﴿فَانكِحُواْ
مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء﴾10.
خاتمة: صرخة في الظلام.
ظاهرة العنوسة تهديد للواقع الاجتماعي ولابد من العمل لمواجهة هذه التهديدات أما
بتخفيف وطأته وإما بتحويله إلى فرصة فانه مما لا شك فيه إن نسبة العنوسة إذا ارتفعت
كثيرا كما هي في لبنان والعراق وسوريا وغير ذلك سيدفع بالكثيرات منهن إلى الوقوع في
الفساد والانحراف. والحل إنما يكون بوضع آلية تضبط حركة الزواج والإنجاب مستفيدين
من التشريع الإلهي المقدس الذي يقوم على أساس العقد المؤقت.لاسيما في ظل الهجمة على
مجتمعاتنا والتي تحمل إلينا حربين، الأولى ناعمة والثانية دامية فنخلص بناتنا
وأخواتنا من الانجراف بسبب الانحراف، ولنكثر من عملية الإنجاب فلا طالما أضحى
مجتمعنا واعياً وبصيراً بمصيره ومستقبله فإنهم لا يولدون إلا أولاداً مؤمنين مضحين
وهذا يحتاج إلى دعامتين: ثقافة إسلامية واعية وقوانين ضابطة ملزمة.
1 - النور 32
2 -لسان العرب –ج6-ص149
3 -بحار الانوار: ج103-ص221
4 - بحار الانوار ج103 ص219
5 -النور 32
6 - بحار النوار ج3-ص372
7 - مكارم الاخلاق ص204
8 -بحار الانوار 103-237
9 - وسائل الشيعة ج14-ص17
10 - النساء:3