محاور الموضوع
• الفصل الأول: الحسين ربيب جده
أـ الوحي يهنئ ويعزى
ب ـ حضانة فريدة
ج ـ الحسين في كنف الوحي
د ـ سبع سنوات
•الفصل الثاني: الحسين عليه السلام وارث جده
الهدف:
بيان مرحلتين من حياة الإمام الحسين وهما تربيته في حضن جده وإرثه عمامته
تصدير:
قال تعالى ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا َرِثُنِي﴾.
مقدمة:
قال زيد بن أرقم: "قام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فينا خطيباً بماء يدعى خُمِّا بين مكة والمدينة.....". "أيها الناس.... أتارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله.... وأهل بيتي, أذكركم الله في أهل بيتي, أذكركم الله في أهل بيتي...." فقلنا من أهل بيته, نساؤه؟ قيل: لا, وإيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر, ثم يطلِّقها, فترجع إلى أبيها وقومها, أهل بيته أصله حرموا الصِّدقة بعده, هم آل علي عليه السلام1.
الفصل الأول: الحسين ربيب جده
الوحي يهنِّيء ويعزّي النبي صلى الله عليه واله وسلم بولده الحسين عليه السلام: جرت العادة أن الناس يقدمون التهنئة عند الولادة ويقدمون التعازي عند الوفاة ويتم الأمران عقيب تحققهما, إلا الحسين عليه السلام فإن النبي صلى الله عليه واله وسلم تلقى التهنئة الإلهية والتعزية بولده دفعة واحدة وفي فترة مختلفة عن زمني الولادة والإمامة وإن كان متعلق التعزية واحد وهو الموت إلا إن متعلق التهنئة إثنان وهما الحمل به ثم الولادة وقد تمت الإشارة إلى هذه المعاني في كتاب المناقب.2
• الولادة الميمونة:
يوم الثلاثاء أو الخميس لثلاث خلون من شعبان أو لخمس منه سنة ثلاث أو أربع أو خمس بالمدينة المنورة أشرقت الأرض بولادة سبط رسول الله الإمام الحسين عليه السلام 3 وكان وجه الحسين بن علي يشبه وجه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكان جسد الحسين عليه السلام يشبه جسد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.4
• حضانة فريدة:
وضعت فاطمة عليها السلام وضعاً مباركاً من رحم مطهر فتلقته يد الإمامة لتضعه في الحضن حيث يجب فكان حجر النبوة, فأذّنت في اليمنى ثم أقامت في اليسرى واستعيض عن تحنيكه بشيء من التربة بأطهر وأصدق لسان وهو لسان جدّه المصطفى محمد صلى الله عليه واله وسلم وأنظف وأكثر الأنامل أمانة حيث مصّ إبهامه الشريف لينبت لحمه، وفي خبر... قال لعلي عليه السلام: "بأي شيء سميت ابني قال: ما كنت أسبقك باسمه يا رسول الله, قد كنت أحبّ أن اسمّيه حرباً فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم: ولا أسبق أنا بإسمه ربي...."5
ثم هبط جبرائيل حاملاً من الله لمحمد السلام والتهنئة وقال له: "إن علياً منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون قال النبي صلى الله عليه واله وسلم وما اسمه؟ قال: شبير, قال لساني عربي؟ قال: سمه الحسين فسماه الحسين عليه السلام "6
• الحسين في كنف الوحي:
عناية الوحي وعالم الملائكة بالحسين لم ولن تحصل لأي شخص آخر من لدن آدم والى يوم القيامة, فمما ذكرناه سابقاً من التهنئة من لحظة الحمل الأول إلى الولادة إلى حمل الاسم من الله سبحانه وتعالى ويضاف إليها ما جاء في بعض الكتب التاريخية منها أن جبرائيل قدَّم بعض زغب جناحه عربون محبة لسبطي الرسول فاتخذاها تعويذتين7.
ومنها ما عن ابن عباس قال: "لما ولد الحسين عليه السلام أمر الله جبرائيل أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنئ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وزادت الأخبار أن أحد الملائكة اسمه فطرس وقد عوقب بالنفي فانضم إلى الوفد الملائكي طالباً من النبي الشفاعة الذي سأل الله تعالى أن يعتقه للحسين فاستجيب له وكان يفتخر ويقول من مثلي وأنا عتيق الحسين عليه السلام "8.
ومنها أنه كان جبرائيل يناغي الحسن ويُهدهد مهد الحسين وقد ورد في ذلك أن جبرائيل هبط إلى بيت النبوة ووجد الزهراء عليها السلام نائمة والحسين يبكي فأخذ يناغيه ويلهيه عن البكاء حتى استيقظت الزهراء فأعلمها الرسول صلى الله عليه واله وسلم بذلك9. إلى ما رواه جمع من علماء الفريقين اعترك الحسن والحسين فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم:إيهاً حسن خذ حسيناً فقال علي عليه السلام يا رسول الله على حسين تُؤلبه وهو أكبرهما؟ فقال صلى الله عليه واله وسلم هذا جبرائيل يقول: "إيهاً حسين خذ حسناً"10. هذا يتعلق بمرحلة الولادة وأما مرحلة الشهادة فقد نقل ابن عساكر ما يقارب الثلاثين حديثاً حول إخبار جبرائيل بشهادة الحسين جده المصطفى صلى الله عليه واله وسلم.
• سبع سنوات:
ترعرع الحسين عليه السلام في حضن جده سبع سنوات كانت زاخرة بالعناية واللطافة والرعاية والتعليم فأضحت روايات وقصص يتناقلها الصحابة ونساء النبي صلى الله عليه واله وسلم إلى الأجيال اللاحقة الحسين وأخوه الحسن على منبر جدهما وهو يخطب وهما على ظهره وهو ساجد وهما على عاتقه وهو ماشي وبحق هو ربيب بيت النبوة ويكفيه فخراً وكرامة, ونختم الفصل الأول بما رواه أحد الصحابة قال:"كان الحسين عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقد أمسينا فقال له: إذهب إلى أمك, فهاب فقلت:الصحابي أذهب معه؟ قال صلى الله عليه واله وسلم لا, فجاءت برقة من السماء, فمشي في ضوئها حتى بلغ أمة"11.
الفصل الثاني: الحسين وارث جده
قال الله سبحانه تعالى حكاية على لسان زكريا ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾12. وقد روي عن زينب بنت أبي رافع عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم "أنها أتت أباها بالحسن والحسين في شكواه التي مات فيها, فقالت: تورثهما يا رسول الله شيئاً؟ فقال صلى الله عليه واله وسلم: أما الحسن فله هيبتي وسؤددي وأما الحسين فله جرأتي وجودي"13 وفي رواية بحار الأنوار14 "فإن له شجاعتي وجودي".
الإمام الحسين عليه السلام هو ابن رسول الله كما جاء في بعض الروايات والزيارات وقد صرح النبي صلى الله عليه واله وسلم بقوله: "حسين مني" فكذلك هو وارث جده على مستوى الصفات والمهام فأما الصفات فقد اشرنا إليها آنفاً وأما المهام فقد عبرت عنها بعض الزيارات منها زيارة الأربعين حيث جاء فيها "اللهم إني أشهد أنه وليك وابن وليك وصفيك وابن صفيك.... وأعطيته مواريث الأنبياء وجعلته حجة على خلقك من الأوصياء" مما لا شك فيه أن الإرث هنا هو إقامة الحجة عليهم والدفاع عن رسالة السماء التي أعطيت لكل الأنبياء والرسل على مر التاريخ. ويتجلى هذا المعنى جيداً عند تصفح التاريخ بتأني, فبعد رحيل خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه واله وسلم انقلب القوم على أعقابهم متقمصين الخلافة مع علمهم بقطب الرحى وبعد تداولها بينهم إلى حين قيام الطلقاء وأبناء الطلقاء فآلت إليهم وتحولت الخلافة إلى قيصرية وكسروية وغدت كرة يتقاذفها بنو أمية بعد أن أضحوا أوتادها منكرين للوحي مكذبين الرسول إلى غير ذلك من المثالب وقد لخصّ لنا المقريزي أعمالهم بقوله "بنو أمية هدموا الكعبة وجعلوا الرسول دون الخليفة, وختموا في أعناق الصحابة, وغيروا أوقات الصلاة ونقشوا أكٌفَّ المسلمين, ومنهم من أكل وشرب الخمرة على منبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ووطئوا المسلمات في دار الإسلام بالبقيع"15.
هذا الواقع الذي لم يبق من الإسلام إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه كان يحتاج إلى شجاعة وجرأة وتضحيات خطيرة تمنع الفساد وتزيله من الواقع الاجتماع فكان ولا بدّ من الدماء الزاكية لسبط الرسول الإمام الحسين عليه السلام وبذلك عادت الرسالة إلى وضوحها وأحكامها إلى نصابها, فكأنما بعث النبي من الجديد ليصحح ويستكمل رسالته ولذا كان الحسين وارث جده وبحق قوله صلى الله عليه واله وسلم: "وأنا من حسين".
1-صحيح مسلم, كتاب فضائل الصحابة,ج5ـ ح 1873
2-المناقب, ج4ـ ص 50
3-حسب اختلاف المصادر وهي كثيرة كإعلام الورى وابن عساكر ومقتل الحسين وسيرة أعلام النبلاء وكشف الغمة وغيرها
4-ابن عساكر, ج7ـ ص 117
5-بحار, ج43ـ ص 239
6-بحار,ج43ـ ص 238
7-ابن عساكر, ج7ـ ص 121
8-المناقب,ج4ـ ص 74
9-المناقب,ج4ـ ص75
10-اسد الغابة, ج2ـ ص 20/ اعلام الورى, ص265/ ابن عساكر,ج7ـ ص122/ كشف الغمة,ج2ـ ص 219 وغيرها
11-ابن عساكر,ج7ـ ص 122/ سيرة أعلام النبلاء,ج3ـ ص 282
12-مريم, 60
13-كنز العمال,ح37709
14-بحار,ج43ـ ص 263
15-المقريزي, التخاصم بين الأمويين والهاشمين ص 32