محاور الموضوع
1. تعريف مرحلة المراهقة وأهم خصائصها
2. التربية الدينية في مرحلة المراهقة
الهدف:
بيان الواجبات التي تساهم في التربية على الروح الدينية في تربية المراهقين
تصدير:
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "عليك بالأحداث فإنّهم أسرع إلى كلّ
خير"1
ما هي مرحلة المراهقة:
راهق الغلام فهو مراهق إذا قارب الحُلُم، وفي المعنى العام الذي يتصل بعلم النفس
تتخذ المراهقة تحديدات منها:
- المراهقة هي الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد والنضج.
- المراهقة هي التدرّج نحو النضج الجنسي والانفعالي والفعلي.
- وبالمعنى العام فالمراهقة تعني مجمل التغيرات الجسدية والانفعالية والعقلية
والاجتماعية التي تطرأ على الشخصية الإنسانية. وبتوصيف دقيق هي مرحلة من مراحل
النمو التي تُعرف بمشاكلها وعوائقها وصعوباتها في حياة الإنسان. وليس من اليسير
تحديد بداية هذه المرحلة ونهايتها حيث تتأرجح بين الطفولة والرشد، فلا هي طفولة ولا
هي رشد. ويبرز في هذه المرحلة العمريةمعظم المشاكل التربويّة الفكريّة والسلوكيّة.
ومن أجل اجتناب الغموض والإبهام، فقد تمّ حصر سِنِي المراهقة بين سنّ 13 إلى 18
عاماً. مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفتيات يدخلن سنّ البلوغ عادة أبكر من الفتيان ،
لذا فإنّهنّ يجتزن هذه المرحلة أبكر من الفتيان. وعليه، يمكن حصر سنوات المراهقة
بالنسبة لهنّ بين سنّ 11 إلى 17 عاماً.
أهم خصائص المراهقة:
ينبغي النظر إلى مرحلة المراهقة باعتبارها مرحلة هامّة للغاية
في الحياة؛ مرحلة تتميّز بخصائصها عن جميع المراحل الأخرى للحياة. ويمكن أن نوجز
هذه الخصائص بالتالي:
مرحلة الخوف والاضطراب: إنّ خيال المراهق في هذه الفترة واسع وخصيب، وإدراكه
وتعقّله قد لا يسعفه في ضبط خياله وتحديد آماله. وهذا ما يثير مشاعر الخوف
والاضطراب في نفسه.
مرحلة البحث عن الهويّة: بعد أن يطوي الإنسان مرحلة طفولته، يواجه أزمة الهوية، حيث
تجول في ذهنه وفكره أسئلةٌ متعدّدة، ويكون في صدد العثور على إجاباتها. إذ يسأل
المراهق نفسه: ما معنى الحياة؟ ومن أكون؟ ولماذا أحيا؟ وإلى أين أمضي؟ ... وعندما
يجد المراهق الأجوبة الشافية على أسئلته تبدأ رؤيته الكونيّة وهويّته بالتشكّل، وفي
حال لم يلقَ أجوبةً شافية على هذه التساؤلات، سيكون أسيرَ الإحساس بالخَواء،
والغربة عن الذّات.
مرحلة البلوغ: البلوغ يشبه الزلزال، فهو يجعل كافّة وجود المراهق مهتزّاً، وإنّ
الرغبات الغريزية، وعلى رأسها الميل الجنسيّ، والميول العاطفية؛ تجذبه كلَّ حينٍ
إلى ناحيةٍ، وتُخلّ من توازنه النفسيّ.
مرحلة البحث عن الاستقلاليّة والحرّيّة: يعيش الإنسان في مرحلة الطِّفولة دائماً
ملتصقاً بأمِّه وأبيه وتحت رعايتهما وحمايتهما. ولكن مع ظهور البلوغ والتغيّرات
الجسمانيّة عند المراهق تبرز رغبته لتحقيق شخصيَّته واستقلاليَّته؛ متوقّعاً أن لا
ينظر الآخرون إليه كطفلٍ، وأن يثمِّنوا شخصيَّته وفكْرَه وعمله.
التربية الدينيّة في مرحلة المراهقة:
يوجد مجموعة من الواجبات التي تساهم في التربية على الروح الدينية أهمها:
واجبات الأسرة تجاه المرهق:
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "عليك بالأحداث فإنّهم أسرع إلى كلّ
خير"2. وروي عن الإمام الصادق عليه السلام : "لمّا نزلت
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نارا﴾ قال النّاس: كيف نقي أنفسنا
وأهلينا. قال اعملوا الخير، وذكّروا به أهليكم، وأدّبوهم على طاعة الله"3. وعنه عليه
السلام "بادروا أحداثَكُم بالحديث قبل أن يسبِقكم إليهم المرجئة"4.
تعريف المراهق على كليات الدين:
إنّ النضوج العقلي للمراهق يدفعه إلى التفكير بجدّيّة في العالم المحيط به؛ بقصد
تحصيل المعرفة التي هو بأمسّ الحاجة إليها. فتفكير المراهق ليس محصوراً بأمور
الدنيا، بل يشمل المسائل الدينيّة التي تلحّ على عقله، وتطلب منه تفسيراً واقعياً
عن التوحيد والخالق، والغاية من خلق الإنسان، وأصل النشأة الإنسانيّة وكيفيّتها،
وقضايا البعث والحساب والجنّة والنار، وغيرها من المباحث الدينيّة.
لا ينبغي للأمّ والأب أن يتركا ابنهما المراهق وحيداً في ما يتعلّق بمعالجة المسائل
الفِكريّة الخاصّة بمرحلة المراهقة، وإيجاد الأجوبة على الأسئلة الأساسيّة، بل
ينبغي لهما أن يساعداه بأسلوب منطقيّ على معالجة مسائله. ولا ينبغي أن يُترك
الأبناء من دون الإجابة على أسئلتهم المحقّة.
التفقه في أمور الدين:
من وصايا الإمام علي عليه السلام إلى ولده محمد أنّه قال له: "تفقّه في الدين،
فإنّ الفقهاء ورثة الأنبياء"5. وهنا يجب أن يعلّم المراهق الأحكام الشرعية
الإبتلائية ليؤدي وظائفه العبادية بشكل صحيح.
العلم والثقافة العصرية:
ولا بدّ للشابّ المؤمن أن يتعلّم العلوم العصريّة، وأن لا يكون أمّيّاً. فتعلّم
العلوم العصريّة، إضافة إلى أنّه يساعد على تفتّح الاستعدادات، يساعد أيضاً على
تنمية القوى العقليّة، ويمنع الشَّاب من السُّقوط في وادي الجهل عن الرسول الأكرم
صلى الله عليه وآله وسلم : "من تعلّم في شبابه كان بمنزلة الرَّسم في الحجر".6 وقد
جمع الإمام الحسن المجتبى عليه السلام أولاده وإخوانه ذات يوم، وقال لهم: "إنّكم
صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلّموا العلم، فمن يستطع منكم أن
يحفظه؛ فليكتبه وليضعه في بيته"7.
وعن الإمام الصادق عليه السلام ـ أيضاًـ: "لست أحبّ أن أرى الشابّ منكم إلا
غادياً في حالين؛ إمّا عالماً أو متعلّماً"8.
تعليمه القرآن:
يجب بتعويد الأولاد الأحداث على تلاوة القرآن والأنس به، فإنّ القرآن يختلط بدمه
ولحمه، ويترك أثراً في كافّة وجوده. وهذا هو معنى كلام الإمام الصادق عليه السلام :
"من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه"9.
ترغيب المراهقين بالأعمال العباديّة:
عندما يكون الشاب في صدد تربية نفسه
إسلاميّاً، يجدر به أن يُولي العبادة أهمّيّة خاصّة، روي عن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم : "إنّ أحبّ الخلائق إلى الله عزّ وجلّ شابٌ حدث السّنّ، في صورة
حسنة، جعل شبابه وجماله لله وفي طاعته؛ ذلك الذي يباهي به الرحمان ملائكته، يقول:
عبدي حقّاً"10.
فحينما يترعرع الشابّ في ظلّ عبادة الله، وفي حال ارتبط بالله في مرحلة شبابه وبثّه
مكنونات قلبه؛ عندها ستزداد درجاته المعنويّة عشرات الأضعاف؛ كالصَّلاة، والصَّوم،
وأمثالهما، ولكن من دون استعمال أسلوب الأوامر والنواهي والتسلّط، بل بالترغيب،
واللطف، وأحياناً بالهدية والجائزة على أداء الصَّلاة أو الصَّوم.عن الإمام الصادق
عليه السلام : "يؤدّب الصبي على الصوم ما بين خمس عشرة سنة إلى ستة عشرة سنة"11
ملء أوقات الفراغ:
يجب على الوالدين أن يملئا أوقات فراغ أبنائهما المراهقين بالبرامج التربويّة
المناسبة، ومن جملتها: البرامج الرياضية. في الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام
أنّه قال: "إنّ الله يبغض كثرة النوم وكثرة الفراغ"12
وإنّ تمضية الوقت معهم في الليل والنهار؛ مع العائلة والأبناء. وأن ينفّذوا معاً
برامج مشتركة قدر الإمكان؛ كقراءة حديث من نهج البلاغة، وتفسير آيةٍ من القرآن،
ونقْل ذكرى جميلةٍ من مراحل الحياة، وغيرها...
الأصدقاء والعشرة الصالحة:
يساهم الأصدقاء بنسبة عالية في تشكّل شخصيّة الشباب الدينيّة والأخلاقيّة. فما أكثر
الشباب الذين انحرفوا إثر مجالستهم لأصدقاء السّوء، حيث يقولون بعد إدراكهم لخطئهم
واشتباههم: ﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً﴾13. وعن
الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "المرء على دين خليله، فلينظر
أحدكم من يخالل"14
وإنّ خوف المراهق من العزلة قد يدفعه للانخراط في أوساط مجموعة من الزملاء والأقران
غير المناسبين، وربما الخطرين ـ أيضاً ـ، كلّ ذلك من أجل التغلّب على مشاعر العزلة،
والنبذ الاجتماعيّ، أو لأجل إثبات الذات. من هنا، ينبغي على الأبوين مراقبة علاقات
المراهق الاجتماعيّة، خصوصاً من ناحية صداقاته، بالإضافة إلى توعية أبنائهم على
كيفيّة إقامة علاقات صحيحة وسليمة مع الآخرين، وكيفيّة انتخاب الأقران.
1- الكافي، ج8، ص93
2- الكافي، ج8، ص93
3- مستدرك الوسائل، ج12، ص201.
4- أصول الكافي، ج6، ص 47.
5- بحار الأنوار، ج1، ص216.
6- بحار الأنوار، ج1، ص222.
7- بحار الأنوار، ج2، ص152.
8- بحار الأنوار ، ج1، ص170.
9- وسائل الشيعة، ج2، ص140
10- أعلام الدين، ص120.
11- وسائل الشيعة، ج10، ص237.
12- الكافي، ج5، ص84..
13- الفرقان، 28.
14- مستدرك الوسائل، ج8، ص327.