محاور الموضوع
مقدمة
المقام الأول: ما جرى على يديه حال حياته:
أ- قبل ولاية العهد.
ب- بعد ولاية العهد.
ج- الإمام الرضا عليه السلام يستثمر الكرامات
المقام الثاني: ما جرى في مشهده المقدس
خاتمة: كرامة في عصرنا
الهدف:
بيان مجموعة من الكرامات التي جرت ببركة الإمام الرضا عليه السلام لتثبيت إيمان
المؤمنين
تصدير:
"إنْ اخذَ هارون من رأسي شعره، فاشهدوا أنيّ لست بإمام".
مقدمة:
لقد أشاد الإمام الكاظم عليه السلام بولده الإمام الرضا عليه السلام ، وقدمه على
السادة الأجلاء من أبنائه وأوصاهم بخدمته، والرجوع إليه في أمور دينهم، فقال لهم: "هذا
أخوكم علي بن موسى عالم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، سلوه عن أديانكم،
واحفظوا ما يقول لكم، فاني سمعت أبي جعفر بن محمد عليه السلام يقول لي: إنّ عالم آل
محمد لفي صلبك، وليتني أدركته فانه سميّ أمير المؤمنين...1". ولشدة عظمته ترك مدحه
الشاعر ابو نواس اجلالاً له وتعظيماً، وحين عُوتب على عدم مدحه الامام بعد توليته
لولاية العهد2 فاجاب معاتباً:
قيل لي انت أوحد الناس طرّاً
في فنون ٍمن المَقال النبيه
لك من جوهر الكلام نظام
يُثمر الدّر في يدي مُجتنيه
فلماذا تركت مدحَ ابن موسى
والخصال التي تجمّعنّ فيه
قلت: لا أهتدي لمدح امام
كان جبريلُ خادماً لأبيه
وقد خرج الامام الرضا عليه السلام يوما على بغلة فارهة، فدنا الشاعر المذكور وسلّم
عليه وقال يابن رسول الله! قلت: فيك أبياتاً أحبُّ ان تسمعها مني، فقال له: قل،
فانبرى ابو النواس قائلاً:
مُطهَّرون نقيَّات ثيابُهُمُ
تجري الصلاة عليهم كلما ذُكروا
من لم يكن علويّاً حين تنسبه
فما له في قديم الدهر مُفتخر
أولئك القوم أهل البيت عِندهُمُ
علمُ الكتاب وما جاءت به السور 3
وقد أعجب الامام عليه السلام بهذه الابيات فقال: "لأبي نواس: قد جئتنا بأبيات
ماسبقكَ اليها أحد..."
ثم التفت الى غلامه فقال له: "مامعك من فاضل نفقتنا"؟ فقال: ثلاثماية دينار، قال: "ادفعها
له"، فلما ذهب الى بيته، قال لغلامه، "لعله استقلّها، سُقْ اليه البغلة".4
لقد جرى على يدي الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام من المعاجز مثل ماجرى على
يدي جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث كان يبديها امام الآخرين لإيصالهم
الى ما يبغون الوصول اليه وسواء كان من باب التحدي ام من باب الرافة لمن احتاج الى
بينة، او لازالة الشك من نفسه بالاطمئنان او اليقين، ومنه ما رواه محمد بن سنان:
قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام في أيام هارون، إنك قد شهرت نفسَك بهذا
الامر، وجلست مجلس ابيك، وسيف هارون يقطر الدم فقال عليه السلام : جرَّأني على هذا
ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "ان اخذ ابو جهل من رأسي شعرة، فاشهدوا
اني لست بنبي وانا أقول لكم: ان اخذ هارون من رأسي شعرة فاشهدوا اني لست بامام"5.
المقام الاول: ماجرى على يديه في حياته وعلى مرحلتين
الاولى: ماقبل ولاية العهد
ماروي عن ابن ابي نجران وصفوان قائلاً: حدثنا الحسين بن قياما وكان من رؤساء
الواقفة، فسألنا ان نستاذنَ له علي الرضا عليه السلام ففعلنا فلما صار بين يديه قال
له: انت إمام؟ قال: نعم، قال اني اشهد الله انك لست بامام، قال فمكث عليه السلام
طويلاً في الارض منكّس الراس ثم رفع رأسه اليه، فقال له: "ما علمّك اني لست بامام"؟
قال: لأنا روينا عن ابي عبد الله عليه السلام ان الامام لا يكون عقيماً، وانت قد
بلغت هذا السن وليس لك ولد، قال فنكسَ رأسه اطول من المرة الاولى ثم رفع رأسه فقال:
"اشهد الله انه لا تمضي الايام والليالي حتى يرزقني الله ولداً مني"، قال عبد
الرحمن بن ابي نجران، فعددنا الشهور من الوقت الذي قال فوهب الله له أبا جعفر في
أقلّ من سنة، قال: وكان الحسين بن قياما هذا واقفاً في الطواف فنظر اليه ابو الحسن
الاول عليه السلام يعني الامام موسى بن جعفر عليه السلام : "فقال له: مالك حيّرك
الله، فوقف عليه بعد الدعوة".
معاجز للخروج من الحيرة والضلالة:
عن عبدالله بن المغيرة: قال كنت واقفياً وحججت على ذلك، فوقع في نفسي ان آتي الرضا
عليه السلام فاتيت المدينة، فوقفت ببابه فقلت للغلام: قل لمولاك رجل من اهل العراق
بالباب، فسمعت نداءه وهو يقول: "ادخل يا عبدالله بن المغيرة فدخلت فلما نظر اليّ
قال: قد اجاب الله دعوتك وهداك لدينه، فقلت اشهد انك حجة الله وامين الله على
خلقه"6
الثانية ما بعد ولاية العهد
ففي بداية ولاية العهد احتبس المطر فجعل بعض حاشية المأمون والمبغضين للامام عليه
السلام يقولون: "انظروا لما جاءنا علي بن موسى الرضا وولي عهدنا حَبَسَ الله عنا
المطر، وسمع المأمون بذلك فاشتدَّ عليه، وطلب من الامام عليه السلام ان يدعو الله
لكي يمطر الناس، فخرج عليه السلام الى الصحراء وخرج الناس ينظرون، فصعد المنبر فحمد
الله تعالى وأثنى عليه" ثم قال: "اللهم يا رب انت عظّمت حقنا أهل البيت
عليهم السلام، فتوسلوا
بنا كما أمرت وأملوا فضلك ورحمتك وتوقعوا احسانك ونعمتك، فاسقهم سقياً نافعاً عامّاً
غير رايث، ولا ضائر وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا الى منازلهم
ومقارهم "
يقول الامام الجواد عليه السلام : "فوالذي بعث محمداً بالحق نبياً لقد نسجت الرياح
في الهواء الغيوم وارعدت وابرقت وتحرك الناس كانهم يريدون التنحّي عن المطر"
فانصرف
الناس ونزل المطر بكثافة فجعل الناس يقولون: هنيئاً لولد رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم كرامات الله عز وجل.
الامام يستثمر الكرامات:
وقف الامام الرضا عليه السلام خطيباً فقال: "... واعلموا انكم لا تشكرون الله تعالى
بشيئٍ بعد الايمان بالله وبعد الاعتراف بحقوق أولياءه من آل محمد صلى الله عليه
وآله وسلم أحب اليه من معاونتكم لاخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم الى
جنان ربهم فان من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك وتعالى"7.
وفي الثانية روي ان بعض افراد البلاط كانوا يخدمون الامام ويرفعون الستر عنـــد
مجيئه وعند خروجه فاتفقوا يوماً على عدم رفع الستر له....نفذوا مااتفقوا عليه ولم
يرفعوا له الستر، فجاءت ريح شديدة فرفعته حين دخوله وحين خروجه، فقال بعضهم لبعض:ان
لهذا الرجل عند الله منزلة وله منه عناية،انظروا الى الريح كيف جاءت ورفعت له الستر...ارجعوا
الى ماكنتم عليه من خدمته 8
المقام الثاني: ماجرى من مشهده المقدس
روى عبدالله بن بنان الطائي قال: سمعت محمد بن عمر النوقاني يقول: بينما أنا نائم
بنوقان في عليّة لنا في ليلة ظلماء اذا انتبهت فنظرت الى الناحية التي فيها مشهد
علي بن موسى الرضا عليه السلام بسناباد فرأيت نوراً قد علا حتى امتلأ منه المشهد
وصار مضيئاً كانه نهار فكنت شاكاً في امر الرضا ولم اكن علمت انه حق، فقالت لي أمي
وكانت مخالفة: مالك؟ فقلت لها: رأيت نوراً ساطعاً قد امتلأ منه المشهد بسنا باد،
فقالت أمي: ليس ذلك بشيئ انما هذا من عمل الشيطان ! قال: فرأيت في ليلة اخرى... مثل
ماكنت رأيت من النور... فقصدت الى المشهد فوجدت الباب مغلقاً فقلت: اللهم ان كان
أمر الرضا حقاً فافتح لي هذا الباب ثم دفعته بيدي فانفتح فقلت في نفسي لعله لم يكن
مغلقاً على ما وجب، فغلقته حتى علمت انه لم يمكن فتحه الا بمفتاح ثم قلت: "اللهم ان
كان من أمر الرضا حقاً فافتح لي هذا الباب ثم دفعته فانفتح فدخلت وزرت وصليت
واستبصرت في أمر الرضا عليه السلام ..."9
خاتمة: كرامة من عصرنا.
مما نقله بعض فضلاء درس الشيخ وحيد الخراساني في وسط التسعينات وهو يحكي لهم قصة
الشيخ عبدا لله الكلبيكاني الذي جاور الإمام الرضا عليه السلام لمدة تقارب الثلاثين
سنة وقد أصابه مرض فأدخل إلى إحدى مستشفيات مدينة مشهد، واتفاقاً كان سريره يطلُّ
من نافذة غرفته على القبة المذهّبة للإمام الرضا عليه السلام فاخذ يخاطب الإمام في
نفسه من خدمته طيلة السنوات الخالية الطويلة والآن هو أحوج ما يكون إلى عنايته
ورعايته ثم بكى حتى نامت عينه فرأى ان الإمام الرضا عليه السلام جاء لعيادته وقدم
له وردة فتناولها من يده الشريفة ثم أفاق باكياً من شدة فرحه وسماع ندائه من قبل
الإمام ثم يقول الشيخ الوحيد وكان قد أعطي هذا الشيخ كرامة وهي ان يده التي مدها
لأخذ الوردة من يد الإمام ما مسح بها على مريض إلا وعوفي وشوفي بإذن الله سبحانه
وتعالى.
والحمد لله رب العالمين
1- اعيان الشيعة ج4-ص 100 وكشف الغمة ج3 ص107
2- الائمة الاثنى عشر – ابن طولوع ص98
3- خلاصة الذهب المسبوك: ص 200
4- كشف الغمة ج3- ص 107 ونزهة الجليس ج2 –ص105
5- بحار الانوار ج45-ص59 ومناقب آل ابي طالب ج4 – ص 368
6- عيون الاخبار ج2 –ص218 والبحار ج49-ص39 والخرائج والجرائح ص207 وكشف الغمة
ج3-ص135 والاختصاص –ص 84
7- العيون ج2-ص168
8- الاتحاف بحب الاشراف ص157
9- عيون الاخبار ج2- ص287 والبحار ج49- ص327.