التاريخ: 8 ربيع الأول سنة 260هـ
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾1
تسلّم الإمام الحسن العسكري عليه السلام الإمامة وهو في مطلع شبابه، ولم تتجاوز حياته بعد إمامته عشر سنوات عاش فيها محنة قاسية مع ستة من الحكام الظالمين كانت شهادته على يد سادسهم "المعتمد".
ألقاب الإمام
اشتهر الإمام الحسن بن علي بن محمّد عليه السلام بالعسكري نسبةً إلى ولادته وترعرعه في بلدة سميت بـ "عسكر"، لكن للإمام عليه السلام ألقاباً عديدة كان يعرف بها، منها:
- الزكي: لُقِّب به لما عرفه الناس القريب منهم والبعيد من عبادته وتقواه.قال أحد المقرّبين منه: كان يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وأنتبه، ثمّ أنام، وهو ساجد.وقال عبيد الله بن خاقان (وزير المعتمد) لابنه حينما تعجّب من تعظيم الأب للإمام: "لو زالت الخلافة من خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا (أي الإمام العسكري عليه السلام)، فإن هذا يستحقها من فضله، وعفافه، وهديه، وصيانة نفسه، وزهده، وعبادته، وجميل أخلاقه وصلاحه".وعن أخلاق الإمام العسكري عليه السلام قال القطب الرازي: "كانت أخلاقه كأخلاق رسول الله".
- الهادي: فقد كان الإمام هادياً للناس منذ طفولته، وهذا ما تشير إليه قصة ذلك الرجل الذي مرَّ بالإمام عليه السلام وهو طفل صغير يبكي بين أترابه، فقال الرجل له:أشتري لك ما تلعب به؟ فأجابه الإمام: ما للّعب خلقنا، فسأله الرجل: لماذا خلقنا؟ فأجابه عليه السلام: للعلم والعبادة، فسأله الرجل متعجباً من أين لك هذا؟ فأجابه عليه السلام: من قوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾2، قال الرجل ما نزل بك وأنت صغير لا ذنب لك؟! فإذا بالإمام عليه السلام يجيبه: "إليك عني يا بهلول، إنّي ما رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تُقد إلاّ بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم"3.
- الخاصّ: سمّي به لما خصَّه الله تعالى من الفضائل والكرامات واستجابة الدعاء، حتى أنّ المعتمد في أول خلافته قدم إلى بيت الإمام عليه السلام طالباً أن يدعو الله عزّ وجلّ بمدِّ عمره لما كان يعرف من فضل الإمام عليه السلام ومنزلته عند الله تعالى.
-السراج: فقد كان الإمام سراجاً معنوياً زيتُه القرب من الله تعالى يضيء لأهل السماوات بنور قد يشاهده بعض الخواص كخادم الإمام الذي كان يقول: "إذا نام سيدي أبو محمّد العسكري رأيت النور ساطعاً من رأسه إلى السماء"، كما كان سراجاً للناس يُفيض علماً نافعاً قد اعترف به حتى غير المسلمين فقال عنه طبيب نصراني في عصره: "هو أعلم في يومنا هذا ممن هو تحت السماء".
وصيّة الإمام
ومن نور هذا السراج المبارك كانت وصيّة الإمام عليه السلام لشيعته: "أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السجود وحسن الجوار، فبهذا جاء محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ...فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي، فيسرّني ذلك. اتقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شينا"4.
* زاد المناسبات - المركز الإسلامي للتبليغ، ط1: كانون الثاني 2009م - 1430هـ، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ص: 43-46.
2- المؤمنون:115
3- الشيرواني- المولى حيدر – مناقب آل البيت عليهم السلام– مكتبة أهل البيت عليهم السلام- ص 293
4- العلامة المجلسي – بحار الانوار – ج 75 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام– ص 372