التاريخ: 7 صفر سنة 127 هـ
عرف الإمام الكاظم عليه السلام بباب الحوائج إلى الله تعالى لما عرف عنه في العمل المتواصل في خدمة الناس وقضاء حوائجهم.
قضاء الحوائج
فقد كان عليه السلام يتفقّد فقراء المدينة في الليل فيحمل إليهم الدقيق والتمر من دون أن يعلموا من أيّ جهة هو، وقد ورد في تاريخ بغداد أنّه عليه السلام كان يصُّر ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ويخرج بها ليلاً ليوزعها على بيوت المحتاجين، وكان يضرب المثل بصراره.
وقد ورد في حياة الإمام الكاظم عليه السلام قصص كثيرة تعبِّر عن مدى اهتمامه بخدمة الناس وقضاء حوائجهم.
فقد ورد أنّ الإمام عليه السلام مرَّ برجل من أهل السواد دميم المنظر فسلَّم عليه، ونزل عنده، وحادثه طويلاً ثمّ عرض عليه نفسه في القيام بحاجة إن عرضت. فقيل له: يا ابن رسول الله، أتنزل إلى هذا، ثمّ تسأله عن حوائجه وهو إليك أحوج؟ فقال عليه السلام: "عبد من عبيد الله، وأخ في كتاب الله، وجار في بلاده، يجمعنا وإيّاه خير الآباء آدم. وأفضل الأديان الإسلام"1.
وورد عن أحد معاصريه قوله: "قدمت المدينة أطلب دَيناً فأعياني، فقلت لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى عليه السلام فشكوت إليه، فأتيته في ضيعته فذكرت له قضيّتي فدخل ولم يقم إلاّ يسيراً حتى خرج إليّ، فقال لغلامه: "اذهب" ثمّ مدَّ يده إليَّ فرفع إليَّ صرَّة فيها ثلاثمائة دينار ثمّ قام فولَّى، فركبت دابتي فانصرفت.
وكان عليه السلام يحثُّ الآخرين على التحلِّي بمكرمة خدمة الناس الجليلة.فقد ورد أنّه عليه السلام: "كتب إلى أحدهم طالباً إعفاءه أحد المسلمين ممّا يراه عليه حقاً وممّا ورد في تلك الرسالة: "اعلم أنّ الله تعالى تحت عرشه ظلاًلا يسكنه إلاّ من أسدى إلى أخيه معروفاً، أو نفَّس عنه كربة، أو أدخل على قلبه سروراً، وهذا أخوك، والسلام"2.
وكان عليه السلام يدعو الناس إلى مساعدة الناس الضعفاء المحتاجين فكان يقول: "عونك للضعيف من أفضل الصدقة"3.
وكان عليه السلام يعتبر أنّ كفّارة العمل في السلطة وإن كان شرعياً تتحقّق في خدمة الناس فمن أقواله لعلي ابن يقطين: "كفارة عمل السلطان الإحسان للإخوان"4.
وكان عليه السلام يحذِّر من عدم الإنفاق من الطاعة فيؤدّي ذلك إلى إنفاق الأكثر في المعصية.فكان يقول: "إيّاك أن تمنع في طاعة الله، فتنفق مثليه في معصية الله"5.
العبد الصالح
إنّ كلّ ما مرَّ هو غيض من فيض سيرة الإمام الكاظم عليه السلام في خدمة الناس التي اشتهر بها عند المسلمين من كافّة مذاهبهم فعرَّفه الشيخ كمال الدين بن طلحة الشافعي بقوله: "هو الإمام الكبير القدر العظيم الشأن الكثير التهجّد، الجادّ في الاجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهور له بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً ويقطع النهار متصدّقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظماً، كان يجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عباداته كان يُسمّى بالعبد الصالح، ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله، لنجح المتوسّلين إلى الله تعالى به، كرامته تحار فيها العقول، وتقضي بأنّ له عند الله تعالى قدم صدق لا تُزلُّ ولا تزول".
1- العلامة المجلسي – بحار الأنوار – ج 75 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام– ص 325
2- العلامة المجلسي – بحار الأنوار – ج 71 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام– ص 313
3- العلامة المجلسي – بحار الأنوار – ج 75 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام– ص 326
4- العلامة المجلسي – بحار الأنوار – ج 10 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام – ص 247
5- العلامة المجلسي – بحار الأنوار – ج 75 – مكتبة أهل البيت عليهم السلام– ص 320