محاور الموضوع الرئيسية:
- عقيدتنا في المهدي والمهدوية.
- الأبعاد الثلاثة لعلاقتنا بالإمام المهدي .
الهدف:
التعرّف على أسس وأبعاد العلاقة بالإمام المهدي .
تصدير الموضوع:
عن رسول الله : "القائم من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي وشمائله شمائلي وسنته سنتي، يقيم الناس على ملتي وشريعتي ويدعوهم إلى كتاب ربي عز وجل، من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني ومن كذبه فقد كذبني ومن صدقه فقد صدقني "1 .
1- عقيدتنا في المهدي والمهدوية
لقد تواترت الأخبار والروايات عن رسول الله وأئمة أهل البيت التي تبشِّر بظهور المهدي في آخر الزمان لينشر العدل، وينصر المستضعفين في العالم، ولهذا يعتقد المسلمون بأن قضية المهدوية ضرورة من ضروريات الإسلام على مستوى كون إمامته امتداداً لنبوّة رسول الله.
وإن ما يعزّز عقيدة المسلمين بالمهدي مجموعة الأخبار التي أكّدت أن الأرض لا تخلو من حجة لله على الأرض، فقد ذكر الشيخ الكليني في الكافي عدة روايات تتحدّث عن أن الأرض لا تخلو من حجة، قال الإمام الصادق: "إن الله أجلُّ وأعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل" 2. وعن الإمام الباقر قال: "والله ما ترك الله أرضاً منذ قبض آدم إلا وفيها إمام يهتدى به إلى الله وهو حجته على عباده، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجّة لله على عباده"، وعنه أيضاً قال: "لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله" 3.
وقد حدّدت الروايات المقصود بذلك، فعن الإمام الكاظم قال: "إن الحجّة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف" وورد عن الإمام الصادق قال: "لو كان الناس رجلين لكان أحدها الإمام" 4 وقال: "إن آخر من يموت الإمام لئلا يحتجّ أحدٌ على الله عزّ وجل أنه تركه بغير حجّة لله عليه" 5.
2- كيف نبني علاقتنا بالإمام المهدي
تستند العلاقة بالإمام المهدي على ثلاثة أبعاد أساسية: هي: البعد العقائدي البعد العاطفي، البعد العملي.
الأول: البعد العقائدي
ويتحقّق بالعقيدة السليمة بالدين الإسلامي، إضافة إلى عدة أمور ترتبط بالعلاقة المباشرة بالإمام المهدي، أهمها:
أـ معرفة الإمام المهدي حق المعرفة: قال رسول الله: "من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية" 6. يستفاد من الروايات الواردة عن أهل البيت أن لمعرفة الإمام المعصوم أهمية عظيمة وأنها أساس لمعرفة الله، وأن طريق الهداية للحق والثبات على الصراط المستقيم لا يتم إلا بمعرفة الإمام المعصوم واقتفاء أثره والسير على خطاه والاستضاءة بنوره والثبات على ولايته.فعن الإمام الباقر قال: "إنما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت، ومن لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف الإمام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالاً.!"7 . فليس المراد منها هو معرفة اسمه ونسبه فقط، بل إن المقصود بالمعرفة كما ورد عن الإمام الصادق حيث يقول: " وأدنى معرفة الإمام أنه عدل النبي إلا درجة النبوة ووارثه، وأن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله والتسليم له في كل أمر والرد إليه والأخذ بقوله،ويعلم أن الإمام بعد رسول الله علي بن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم أنا ثم من بعدي موسى ابني ثم من بعده ولده علي وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعد علي الحسن ابنه والحجة من ولد الحسن"8 .
وعن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله تبارك وتعالى: "يوم ندعوا كل أناس بإمامهم" 9. فقال: "يا فضيل اعرف إمامك فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك تقدم هذا الأمر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره.. لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه" 10.
ب – الثبات على الدين في عصر غيبته : من أهم التكاليف الشرعية في عصر الغيبة هو الثبات على العقيدة الصحيحة بإمامة الأئمة ألاثني عشر وخصوصاً خاتمهم وقائمهم المهدي ، كما يتوجب علينا عدم التأثر بموجات التشكيك وتأثيرات المنحرفين مهما طال زمان الغيبة أو كثرت ضروب المشككين فعن رسول الله قال: "والذي بعثني بالحق بشيراً ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني حتى يقول أكثر الناس ما لله في آل محمد حاجة ويشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا يشككه فيزيله عن ملتي ويخرجه من ديني" 11. وعن أمير المؤمنين قال: "للقائم منا غيبة أمدها طويل، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعى فلا يجدونه،ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة"12 .
ج- تجديد البيعة والولاية له :ا جاء في دعاء العهد الوارد عن الإمام الصادق : "اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعةً له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبداً " 13.
الثاني: البعد العاطفي
وذلك من خلال العلاقة العاطفية والروحية الخاصة، التي تتجلى من خلال:
أ – الدعاء للإمام المهدي والدعاء بتعجيل الفرج: الدعاء له بتعجيل فرجه، فقد ورد من الناحية المقدّسة على يد محمّد بن عثمان في آخر توقيعاته : " وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم " 14 ومن ذلك الدعاء المعروف "اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن..." 15.وهناك أدعية كثيرة للإمام تراجع في مصادرها... ولعل لذلك أيضاً آثاراً أخرى نحن لا نعلمها. فعن يونس بن عبد الرحمن قال: أن الرضا كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر بهذا الدعاء: "اللهم ادفع عن وليك وخليفتك وحجتك على خلقك ولسانك المعبر عنك بإذنك الناطق بحكمتك وعينك الناظرة في بريتك وشاهدك على عبادك الجحجاح المجاهد العائذ بك العابد عندك،..... الخ"16 .
ب- إظهار محبّته وتحبيبه إلى الناس، إظهار الشوق إلى لقائه ورؤيته، والبكاء والإبكاء والتباكي والحزن على فراقه، التصدّق عنه بقصد سلامته. وإقامة مجالس يذكر فيها فضائله ومناقبه، أو بذل المال في إقامتها، والحضور في هكذا مجالس، والسعي في ذكر فضائله ونشرها.
الثالث: البعد العملي
ومن أجلى مصاديقه الانتظار الإيجابي لصاحب الزمان : تؤكّد الأخبار على أن انتظار الفرج أفضل العبادة، وهو في توأمة مع الجهاد، فقد سأل شخص الإمام الصادق: ماذا تقول فيمن مات وهو على ولاية الأئمة بانتظار ظهور حكومة الحق؟ فقال : هو بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه- ثم سكت هنيئة- ثم قال: هو كمن كان مع رسول الله. ونقل هذا المضمون في روايات كثيرة منها: أنه بمنزلة المجاهد بين يدي رسول الله.وأنه بمنزلة من استشهد مع رسول الله, وأنه بمنزلة من كان قاعداً تحت لواء القائم 17.
أ- مفهوم الانتظار: ويطلق الانتظار عادة على حالة من يشعر بعدم الارتياح من الوضع الموجود، ويسعى إلى إيجاد الوضع الأفضل والأحسن،ويمكن القول أن الانتظار مركب من أمرين:ألأول عدم الانسجام مع الوضع الموجود،والآخر السعي للحصول على الأفضل،ولهذا فانتظار الإمام المهدييلازمه عدم الرضا و الانخراط بالواقع المنحرف أو الفاسد،والقيام بواجب الإصلاح ومواجهة كل أشكال وأنواع الفساد والانحراف والباطل، مهما غلت التضحيات،وهو ما يستدعي شمولية في تربية المنتظرين.ولهذا نلاحظ أن الروايات قد وصفت الانتظار بالعبادة, والمنتظرين بالمجاهدين والشهداء بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال رسول الله: " أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج من الله عزوجل" و: "أفضل العبادة انتظار الفرج".
ب- كيف نربي أنفسنا على الانتظار؟ إن المنزلة الرفيعة والخاصة للمنتظرين في الأخبار والروايات ترتبط بالوظيفة الملقاة على عاتقهم والتكاليف الواجبة عليهم تجاه الرسالة والمجتمع والأمة؛ لناحية التمهيد، وحفظ الدين، والدفاع عن الأعراض والأموال والكرامات والأوطان، وتشيد أسس الدولة المهدوية الموعودة والعادلة وهذا ما يستلزم تربية النفس والمجتمع على عدة أمور، طبعا بعد التسليم بسلامة العقيدة، وقوة الإرادة والإيمان، وثباتها، في ساحتي النظر والعمل. فإن انتظار مصلح عالمي كالإمام المهدي يتطلب تربية تنسجم في مبادئها ومعاييرها مع هذه العالمية والشمولية، لان أول وأكثر ما يحتاجه هذا التحّول العالمي هو بناء العناصر الإنسانية التي يجب أن تتصف:
- بقوة الإيمان والعقيدة.
- المستوى الفكري والعلمي الكبيرين.
- الاستعداد النفسي والروحي للتضحية.
- الاستعداد الجهادي والفكري والسياسي.
- إصلاح المجتمع وتماسكه وتآلفه وإحياء روح الجماعة في مختلف المجالات.
1-كمال الدين ج2 ص 411.
2-الكافي، ج1،ص 178.
3-الكافي، ج1، ص 179.
4-الكافي، ج1، ص 180.
5-الكافي، ج1، ص 180.
6-غيبة النعماني ص 130، الكافي ج 2 ص 21.
7-الكافي ج 1 ص 181 ح 4.
8-بحار الأنوار ج 2 ص 120.
9-الإسراء:71.
10-الكافي ج 1 ص 371، غيبة النعماني ص 329، غيبة الطوسي ص 276.
11-كمال الدين ج 1 ص 51، بحار الأنوار ج 51 ص 68 ح 10.
12-كمال الدين ج 1 ص 303 ح 14، إعلام الورى ص 400.
13-مصباح الزائر ص 169، البلد الأمين ص 82، مصباح الكفعمي ص 550.
14-كمال الدين وتمام النعمة : 485، الغيبة للشيخ الطوسي : 293، الاحتجاج 2 / 284.
15-(46) الإقبال ص 85، مصباح الكفعمي ص 146.
16-(47) بحار الأنوار ج 92 ص 333، مصباح المتهجد ص 409.
17-يراجع بحار الأنوار،ج52، ص125.