فضل وآثار زيارة الإمام
الحسين(عليه السلام)
الهدف:
التعرّف على فضل وثواب وآثار زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)
المحاور الرئيسة:
- فضل زيارة الحسين(عليه السلام) وثوابها
- زيارة الأربعين من علامات المؤمن
- آثار العزم على زيارة الحسين
- شواهد نصّية من زيارة الأربعين
تصدير:
عن صفوان بن مهران قال: قال لي مولاي الصادق (صلوات الله عليه): في زيارة
الأربعين تزور عند ارتفاع النهار. وتقول: السلام على ولي الله وحبيبه، السلام على
خليل الله ونجيبه، السلام على صفي الله وابن صفيه، السلام على الحسين المظلوم
الشهيد، السلام على أسير الكربات وقتيل العبرات، اللهم! إني أشهد أنه وليك وابن
وليك وصفيك وابن صفيك الفائز بكرامتك أكرمته بالشهادة وحبوته بالسعادة واجتبيته
بطيب الولادة وجعلته سيدا من السادة وقائدا من القادة وذائدا من الذادة وأعطيته
مواريث الأنبياء وجعلته حجة على خلقك من الأوصياء...[1].
فضل زيارة الحسين(عليه السلام) وثوابها:
ورد في الروايات المستفيضة غايات وفوائد بالغة التأثير في مصير الإنسان ومساره عند
زيارته لقبر سيد الشهداء (عليه السلام) وأنّ الزيارة طريق أقصى لبلوغ أقصى درجات
الكمالات، فالزيارة باب معراج للأولياء والصالحين.. ولنستعرض نبذة من تفاصيل مفاد
الروايات الواردة: فقد روى في كامل الزيارات روايات مستفيضة خلاصة مضامينها:
1. إنّ من أتى قبره عليه السلام كتبه الله في عليّين.
2. بلْ في جملة من تلك الروايات المستفيضة، في أعلى عليين[2].
3. وفي جملة منها: كمن زار الله فوق عرشه.
4. ومصححة بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه السلام: فإذا أتاه ناجاه الله[3].
5. وروى روايات مستفيضة أيضاً أنّ زائره عليه السلام، يُناديه سيد الأنبياء،
وأمير المؤمنين بالبشارة[4].
6. بلْ في بعض الروايات: زاره فوق كرسيه[5].
7. وعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إنّ زائر الحسين جعل ذنوبه جسراً على
باب داره ثم عبرها، كما يُخلف أحدكم الجسر ورائه إذا عبره[6]. وقد ورد عن أبي عبد
الله عليه السلام، بعد قوله: مغفرة من ذنوبه، ثم لم يزل يقدّس بكل خطوة حتى يأتيه،
فإذا أتاه ناجاه الله...[7]. والظاهر أنّ هذا التقديس، الذي هو التطهير من الذنوب،
والنورانيّة تهيئة لتصاعد روح الزائر ليبلغ مقام النجوى مع الله سبحانه.
زيارة الأربعين من علامات المؤمن:
عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) قال: "علامات المؤمنين خمس؛ صلاة الإحدى
والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله
الرحمن الرحيم"[8].
آثار العزم على زيارة الحسين:
روي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "إنّ لله ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه
السلام؛ فإذا همّ الرجل بزيارته أعطاهم الله ذنوبه، فإذا خطا مَحوْها، ثم إذا خطا
ضاعفوا حسناته، فما تزال حسناته تتضاعف حتى توجب له الجنة"[9]. ثم اكتنفوه، وقدّسوه،
ويُنادون ملائكة السماء أنْ قدسوا زوّار حبيب حبيب الله، فإذا اغتسلوا ناداهم النبي
محمد صلى الله عليه وآله: يا وفد الله أبشروا[10].
الواضح أنّ الرواية تتضمّن تصريحاً بأنّ التقديس هو تطهير من الذنوب، والطهارة
الحاصلة من إبعاد الذنوب عن الزائر.
وفي الرواية إشارة ظريفة وهي: أنّ الزائر ما أنْ يهمّ في قلبه وعزمه على الزيارة،
حتى تقوم الملائكة الموكّلة بقبر الحسين عليه السلام بإبعاد ذنوبه عنه، وإنْ كان
مكان الزائر في أقصى الأرض، ثم إذا بدأ للحركة والخطوات، ففي أوّل خطوة تقوم
الملائكة بمحو الذنوب، ولم تقتصر على إبعادها، ثم إذا خطا بقية الخطوات يتبدّل
تقديسهم إليه وتطهيرهم له، من محو الذنوب إلى إفاضة الحسنات.
من زاره كمن زار الله فوق عرشه:
بل في جملة من الروايات المستفيضة أنّ من زار الحسين عليه السلام كمن زار الله فوق
عرشه أو فوق كرسيه، ومنها:
وفي معتبرة الحسين بن محمّد القمي، قال: قال لي الرضا عليه السلام: "من زار قبر أبي
ببغداد كان كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، إلّا
أنّ لرسول الله وأمير المؤمنين فضلهما. قال ثم قال لي: من زار أبا عبد الله عليه
السلام بشط الفرات كان كمن زار الله فوق كرسيه"[11].
ونظير ذلك ما رواه ابن قولويه في الصحيح إلى جويرية بن العلاء عن بعض أصحابنا قال
عليه السلام: "من سرّه أنْ ينظر إلى الله يوم القيامة، وتهون عليه سكرة الموت وهول
المطّلع، فليكثر زيارة الحسين عليه السلام، فإنّ زيارة الحسين عليه السلام زيارة
رسول الله صلى الله عليه وآله"[12].
والمراد من النظر إلى الله سبحانه، هو النظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
فإنّه أعظم خليفة الله، إذْ يتعالى الله عن الرؤية الجسمانية، أو المراد الرؤية
القلبية إلى الله سبحانه.
موائد من نور لزوار الحسين عليه السلام:
ورد في عدّة روايات أنّ زوار الحسين بن علي عليه السلام يوم القيامة على موائد من
نور. وأنّ زوار الحسين عليه السلام يكونون تحت لوائه ويدخلون الجنة، وأنهم يختصّون
بالنظر إلى وجه الحسين عليه السلام قبل دخوله الجنة[13].
وفي رواية: تحت لواء رسول الله صلى الله عليه وآله الذي بيد علي عليه السلام[14].
كرامة الله لزائر الحسين عليه السلام:
عن أبي عبد الله عليه السلام: "من أراد أنْ يكون في كرامة الله يوم القيامة؛ وفي
شفاعة محمّد صلى الله عليه وآله، فليكن للحسين زائراً ينال من الله الفضل والكرامة،
وحسن الثواب، ولا يُسأل عن ذنب في حياة الدنيا، ولو كانت ذنوبه عدد رمل عالج وجبال
تهامة وزبد البحر، إنّ الحسين عليه السلام قُتل مظلوماً مضطهداً نفسه، عطشاناً هو
وأهل بيته وأصحابه"[15].
وتفيد الرواية وصول الزائر المُدمن الزيارة إلى كرامة خاصّة في عالم القيامة. إذْ
يوم القيامة لا يُراد منه يوم ساعات، بل يُراد منه عالم، أعظم مدة من عالم الدنيا،
كما أنّه ينال قرباً خاصاً من النبي صلى الله عليه وآله ويحظى بوجاهة، بشمول شفاعة
النبي صلى الله عليه وآله له.
طول العمر وزيادة الرزق والسعادة في زيارته الحسين عليه السلام:
وفي رواية عن أبي عبد الله عليه السلام في ثواب زيارة الحسين عليه السلام: "... يمدّ
الله في عمرك، ويزيد الله في رزقك، ويحييك الله سعيداً، ولا تموت إلّا سعيداً،
ويكتبك سعيداً"[16].
شواهد نصّية من زيارة الأربعين:
تتضمّن زيارة الأربعين للإمام الحسين (عليه السلام) معان ومضامين عالية وعميقة،
نشير إليها بإيجاز شديد:
- البعد العاطفي الوجداني في مطلع الزيارة: حيث ورد السَّلامُ عَلى وَلِيِّ
الله وَحَبِيبِهِ... السَّلامُ عَلى الحُسَيْنِ المَظْلُومِ الشَّهِيدِ.
- التولّي وتجديد الشهادة بالولاية والاعتراف بالمنزلة الخاصة للإمام(عليه السلام)،
حيث ورد: اللّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ وَلِيُّكَ وَصَفِيُّكَ وَابْنُ
صَفِيِّكَ الفائِزُ بِكَرامَتِكَ أَكْرَمْتَهُ...
- هدف التضحية استنقاذ الناس من الجهل والضلالة، حيث ورد:... وَبَذَلَ
مُهْجَتَهُ[17] فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ وَحَيْرَةِ
الضَّلالَهِ...
- الإيمان بالحسين ونهج أهل البيت(عليهم السلام)، حيث ورد: وَأَشْهَدُ أَنِّي بِكُمْ
مُؤْمِنٌ وَبِإِيَّابِكُمْ مُوقِنٌ بِشَرايِعِ دِينِي وَخَواتِيمِ عَمَلِي
وَقَلْبِي لِقَكْبِكُمْ سِلْمٌ وَأَمْرِي لاَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ وَنُصْرَتِي لَكُمْ
مُعَدَّةٌ...
- لعن الظالم والتبري منه حيث ورد: فَلَعَنَ الله مَنْ قَتَلَكَ وَلَعَنَ الله مَنْ
ظَلَمَكَ وَلَعَنَ الله اُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ...
[1] الشيخ الطوسي،
مصباح المتهجد، 790، السيد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ص101.
[2] كامل الزيارات، باب 59.
[3] كامل الزيارات، باب 62/ 2.
[4] كامل الزيارات، باب 62/ 3، باب 52/ 3.
[5] كامل الزيارات، باب 59/ 3.
[6] كامل الزيارات، باب 62/ ح 1؛ ورواه الصدوق في الفقيه، ج 347: 2، وثواب الأعمال
116.
[7] التي مرّت سابقاً في رقم 4.
[8] الشيخ المفيد، المزار، ص53، الشيخ الطوسي، مصباح المتهجد، 790. السيد ابن طاووس،
إقبال الأعمال، ص100(عن الشيخ الطوسي).
[9] كامل الزيارات، باب 49، ح 3.
[10] الصدوق في ثواب الأعمال، 111.
[11] كامل الزيارات، باب 59/ 7 (59/11).
[12] كامل الزيارات، باب 60/ 1.
[13] كامل الزيارات، باب 56/ 1.
[14] كامل الزيارات، باب 55، ح 1.
[15] كامل الزيارات، باب 62، ح 6.
[16] باب 61، ح 6.
[17] ي القاموس: المهجة الدم، أو دم القلب والروح