الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1176- 28 صفر 1437هـ - 10 كانون الأول 2015م
محمد (ص) رسول الإسلام

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

محمد (ص) رسول الإسلام

الهدف:

التعرّف على عناصر القوة في شخصية رسول الله (ص)
 
المحاور:
- وعي الرسول (ص) للمسؤولية
- أخلاقـه الرساليـة
- الصبر على الأذى
- الوفاء والصدق في القول والعمل
- تواضع النبي (ص) مع خصمه المحاور
 
تصدير:
 جاء في حديث عن الإمام الحسين بن علي ( ع) أنه قال : سألت أبي أمير المؤمنين عن رسول الله كيف كان سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عياب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والإكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحداً ولا يعيره، ولا يطلب عثراته ولا عورته ولا يتكلم إلا في ما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا[1]...
 
مقدمة:
بما أنّ شخصيّة رسول الله (ص) هي الشخصيّة المصطفاة لعمليّة تغييريّة شاملة وشاقـة، فقد وهبها عناصر القوّة، لمواجهة العقبات، وتحدي مواقف الرفض الجاهلي، وقد اتسمت هذه الشخصية بأهم وأكمل الصفات التي يحتاجها القائد وأهم ما في هذه الصفات، ما يلي:
 
1- وعي الرسول (ص) للمسؤولية: من الطبيعي فأن أيّا من الحركيين المصلحين، بصفته صاحب أطروحة يريد أن يضعها بين يدي الناس، بهدف أن يكون لها النفوذ والقبول في واقع الأمة، لابد وأن يكون عالما ومستوعبا لتفاصيل هذه الأطروحة، مما يعزز من مواقفه، ويضاعف من تحمله لمسؤوليته في سبيل ترويجها، فكيف برسول الله (ص) الذي هو على موعد من السماء أن تلقي عليه قولا ثقيلا، وأن تحمله أمانة عالمية شاملة ؟؟

 لذا كان من عناصر نجاح حركة الرسول (ص)، أنه كان قد أحاط بكل خطوط رسالته التي حملها للأمّة، وكان على وعي وبصيرة لما يدعو إليه من مبادئ هذه الرسالة ومفاهيمها، ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فلم تعد تلك الأطروحة لدى الرسول (ص) كمهنة من المهن التي يزاولها عادي الناس انتظارا لعائد مادي، أو أملا لمردود جاهي، أو طمعا في مركز إجتماعي. وإنما كانت لديه الأطروحة هدفا من الأهداف والغايات، التي يعيش تأثيرها في نفسه وروحه وعقله مذ فتح عينه على الدنيا، والتي تصاغرت وتفانت أمامها كل الرغبات المادية والدنيوية. لذا كان وعيه وشعوره بالمسؤولية تجاهها، دافعا من دوافع الإصرار والتصميم على مواصلة الطريق إليها، فكان يقول لعمه أبي طالب عليه السلام: (يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه) إيمانا منه بأنّ هذه الأطروحة الجديدة هي موضع أمل كل الإنسانية على امتداد التأريخ. لذلك لما كانت هذه الأطروحة تطلعا في كل أحاسيسه ومشاعره، فقد بقي يراقب ويتابع درجة تأثيرها في عمق النفوس، وفي مظاهر السلوك الإنساني.
 
2- أخلاقـه الرساليـة: فقد استلهـم رسول الله (ص) من رسالته جل صفاته وخصاله وقيمه الأخلاقية، لذا لم يتحدث القرآن عن صفاته الجسدية كطول القامة أو قصرها، أو لون العين، أو لون الشعر، وإنما تحدّث عن عمق تلك الشخصيّة الرسالية، وعن روحها وصفاتها وخصالها وأخلاقها، فقال تعالى : ﴿وإنـك لعلى خلق عظيم [القلم : 4] وقال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[ التوبة : 128] وقال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران : 159] وهذا إيحاء لنا عندما نتناول حياة الأنبياء والعظماء، والقادة في منهجنا التربوي والتغييري، أن لا نشغل أنفسنا في صفاتهم الجسديّة، ولا في خصوصيّاتهم وعلاقاتهم العائلية، إلا بما يتصل بحركة الرّسالة وحركة الناس معهم في المنهج.

3- الصبر على الأذى: فكلما كانت الغاية والهدف أثمن، كان الطريق إليها أعقد، يحتاج إلى صبر أطول، لذا لما كان هدف النبي صلى الله عليه واله أن يؤسس إنسانية ويبني مجتمعا إنسانيا. ولا يكون المجتمع إنسانيا مالم يتصف بالحلم والأناة والصبر وسعة الصدر، لذلك لم يجمّـد إنسانيته في التعامل مع الواقع بصبر وأناة، فكانت إنسانيته تتحرك كالشمس فوق كل بر وفاجر، وفوق كل محسن ومسيء له. في وقت كان السيد المسيح عيسى بن مريم يقول: (كن كالشمس تطلع على البر والفاجر)[2]، وكان رسول الله (ص) يواجه صور الأذى والألم، الذي يكيله جهلة قريش ومشركوها، فكان يواجهه بشعاره الإنساني المعروف (اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون)، فإنه ينطلق بهذه المناجاة إلى الله عزّ وجل من منطلقين:
- من منطلق رحمته ورأفته بالأمّة، فإنه يحب أن يراها مغفورا لها، ولا يحب لها العنت والعذاب والأذى كما عرفنا من رقة طبعه وسعة صدره.
- من منطلق علمه بأنّ شرك هؤلاء ليس من خلال علمهم المضاد، بل من خلال الجهل الذي يفتقد عنصر العلم والوعي.
 
4 – الوفاء والصدق في القول والعمل: وهو دليل قوة الشخصية وتوازنها، وهو ما يقتضيه منهج التربية الإسلامية، الذي يصب دائما في إطار التوافـق بين قـول المربي وعمله، وهو من أبلغ عوامل التأثير. لذا كان رسول الله (ص) لا يأمر بشيء إلا وهو أول المؤتمرين به، ولا ينهى عن شيء إلا وكان أول المنتهين عنه. إنّ تطبيق مقرّرات الأطروحة التي يعرضها الرّسول (ص) على نفسه قبل كلّ شيء، دليل على انسجام عقله وروحه مع جوهر عقيدته ورسالته، وهو مما يعزز من قوة شخصيته وصدقها في إيمانها وعقيدتها، لأنّ الإيمان يجمع ثلاثة عناصر، كما جاء فـي قصار الحكم عن لإمام علي عليه السلام: (الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان)[3]. ومن هنا يعلمنا الإسلام أن نصدق القول بالعمل والتطبيق في كل قضايانا ومواقفنا، إبتداء من أصغر الدوائر التي نتعامل معها، وانتهاء بالدائرة الإجتماعية العامة. فكما جاء في الحديث: (إذا وعدتم الصبيان ففوا لهم فإنهم يرون أنكم الذين ترزقونهم)[4]، وفي حديث آخر: (أشد الناس حسـرة يوم القيامة من وصف عـدلا ثم خالفـه إلى غيره، ورجل وعـظ أناسا بشيء فعـملوا بـه فدخلـوا الجنة ولم يعمل به فدخل النار)[5].
 
5- علاقته بأصحابه: قال تعالى: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وعن أبي عبد الله (ع) قال: (كان رسول الله(ص) يقسّم لحظاته بين أصحابه، فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية؛ وقال: ولم يبسط رسول الله رجليه بين أصحابه قط، وإن كان ليصافحه الرّجل فما يترك رسول الله(ص) يده من يده حتى يكون هو التارك...) (أصول الكافي، ج2، ح1)
 
وفاة النبي(ص):
رُوي في المناقب عن ابن عباس انه أُغمي على النبي (ص) في مرضه، فدُقّ بابه، فقالت فاطمة (ع): من ذا؟ قال: انا رجل غريب اتيت اسأل رسول اللّه (ص) اتأذنون لي في الدخول عليه فأجابت امض رحمك اللّه، فرسول اللّه عنك مشغول، فمضى ثم رجع، فدق الباب وقال: غريب يستأذن على رسول اللّه (ص) اتأذنون للغرباء، فأفاق رسول اللّه (ص) من غشيته وقال: يا فاطمة اتدرين من هذا؟ قالت: لا يا رسول اللّه قال: هذا مفرق الجماعات ومنغض اللذات، هذا ملك الموت ما استأذن واللّه على احد قبلي ولا يستأذن على احد بعدي. استأذن عليّ لكرامتي على اللّه ائذني له، فقالت: ادخل رحمك اللّه فدخل كريح هفافة وقال: السلام على اهل بيت رسول اللّه، فاوصى النبي (ص) الى علي (ع) بالصبر عن الدنيا وبحفظ فاطمة (ع) وبجمع القرآن وبقضاء دينه وبغسله وان يعمل حول قبره حائطاً ويحفظ الحسن والحسين (ع).


[1] - معاني الأخبار، ص 83، بتلخيص.
[2]- بحار الأنوار: 95 / 167
[3] - غرر الحكم: ح / 227
[4]- الكافي: 6 / 50
[5]- الكافي: 2 / 175

10-12-2015 | 13-34 د | 2439 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net