الهدف:
التعرّف على فضل تلاوة القرآن وآثارها، وثواب تعلّمه وتعليمه، وآدابه الظاهرية.
المحاور الرئيسة
- الحَثّ على تعليم القرآن وتَعَلُّمِه
- العَمَل بالقُرآن وتطبيقه
- آثار ُالقراءة وقيمتُها
- في قراءة القرآن رضوان الله ورحمته
- من الآداب الظاهرية لتلاوة القرآن
تصدير:
روي عن الإمام علي(عليه السلام): (البيت الذي يُقرأ فيه القرآن ويُذكر الله فيه تكثر بركته
وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويُضيء لأهل السماء كما تُضيء الكواكب لأهل الأرض
وإنّ البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذكر الله فيه تقلّ بركته وتهجره
الملائكة وتحضره الشياطين)1.
المقدّمة
لقد حدّد الله تعالى ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليه السلام) سبل الاستفادة من القرآن الكريم،
بالتدبّر والتعلّم والحفظ، والعمل بآياته، وتربية الأمّة على ضوئها، وذلك باعتبار
أنّ القرآن كتاب هداية، ورسالة للعالمين حتى قيام الساعة.
الحَثّ على تعليم القرآن وتَعَلُّمِه:
تعلّموا من مأدبة الله تعالى: لقد ورد الحثّ المباشر من النبيّ (صلى الله عليه وآله
وسلم) على تعلّم
القرآن وتعلّمه، وأنّه مأدبة الله. روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «القرآن مأْدبة الله
فتعلَّموا مِن مأْدبة الله ما استطعتم، إِنَّه النّور المبين، والشفاءُ النافع،
تعلَّموه فإِنّ الله يُشرّفكم بتعلُّمه»2.
واعتبر أنّ تعلّم القرآن حقّ وواجب – ليس بالوجوب الشرعي المصطلح -، روي عن رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما مِن مؤمن ذكراً أَو أُنثى، حرّاً أَو مملوكاً، إِلا ولله عليه حقّ
واجب أَن يتعلّم من القرآن»3.
ثواب تعليم القرآن وتعلّمه:
ومن الخصائص التي يمتاز بها القرآن الكريم، أنّ الأجر والثواب الأخروي والدنيوي
يشمل كلّاً من العالِم والمتعلّم، فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَن عَلَّم آية من
كتاب الله تعالى كان له أَجرها ما تُليت»4.
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «من تَعَلَّمَ القرآن وتواضع في العلم وعلَّم عباد الله وهو يريد ما عند
الله لم يكن في الجنّة أَعظم ثواباً منه، ولا أَعظم منزلة منه، ولم يكن في الجنّة
منزلة وَلا درجة رفيعة ولا نفيسة إِلا وكان له فيها أَوفر النصيب، وأَشرف
المنازل»5.
وعن الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام): «تعلَّموا القرآن فإنّه ربيع القلوب، واستشفوا
بنوره فإِنّه شفاءُ الصدور، وأَحسنوا تلاوته فإِنّه أَنفع (أَحسن) القصص فإِنّ
العالِم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحجّة عليه
أَعظم والحسرة له أَلزم، وهو عند الله أَلوم»6.
العَمَل بالقُرآن وتطبيقه:
لا قيمة للعلاقة بكتاب الله على مستوى القراءة والتدبّر والحفظ وغيرها، دون العمل
والالتزام بتعاليم الله تعالى وتشريعاته التي نزلت وحياً على نبي الإسلام محمد (صلى
الله عليه وآله وسلم). روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)7: «مَن تعلَّم القرآن ولم يعملْ به وآثر عليه حبَّ الدنيا
وزينتها استوجب سخطَ الله، وكان في الدرجة مع اليهود والنصارى الذين ينبذون كتاب
الله وراءَ ظهورهم. ومن تعلَّم القرآن ولم يعمل به حشره الله يوم القيامة أَعمى،
فيقول: يا ربّ لم حشرتني أَعمى وقد كُنتُ بصيراً؟ قال كذلك أَتتك آياتنا فنسيتها
وكذلك اليوم تُنسى، فيؤمر به إِلى النار».
وعن الإمام الصادق جعفر بن محمّد(عليه السلام): «إِنّ الرجل إِذا كان يعلم السورةَ ثم نسيها
أَو تركها ودخل الجنّة أَشرفت عليه من فوق في أَحسن صورة فتقول: تعرفني؟ فيَقول:
لا. فتقول: أَنا سورة كذا وكذا لم تعمل بي، وتركتني، والله لو عملتَ بي لبلغتُ بك
هذه الدرجة، وأَشارت بيدها إِلى ما فوقها»8.
فضل قراءَة القرآن وتجويده وترتيله: لقد كثُرت الأخبار التي تحثّ على قراءة القرآن
وترتيله، ووعدت أصحابها بالثواب الجزيل، وورد فيها الإشارة إلى العديد من الآثار
الدنيوية والأخروية التي يستحقّها قارئ القرآن.
آثار ُالقراءة وقيمتُها:
اعتبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قراءة القرآن أفضل العبادة فروي عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم): «مَن قرأَ عشر
آيات في ليلة لم يُكتب من الغافلين، ومَن قرأَ خمسين آية كُتب مِن الذاكرين، ومَن
قرأَ مائة آية كُتِب مِن القانتين، ومَن قرأَ مائتي آية كُتب مِن الخاشعين، ومَن
قرأَ ثلاثمَّائة آية كُتب مِن الفائزين، ومن قرأَ خمسمائة آية كتب من المجتهدين،
ومن قرأَ أَلف آية كُتب له قنطار -مِنْ تِبْرٍ- والقنطار خمسون أَلف مثقال ذهب،
والمثقال أَربعة وعشرين قيراطاً، أَصغرها مثل جبل أُحُد، أكبرها ما بين السماءِ
والأرض»9.
واعتبر (صلى الله عليه وآله وسلم) قراءة القرآن من أفضل العبادة، فورد عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم)10: «أَفضل العبادة
قراءَةُ القرآن».
ولقارئ القرآن ثواب الشاكرين، كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «قال الله تبارك وتعالى:
من شُغِل بقراءَة القرآن عن دعائي ومسأَلتي أَعطيتُه أَفضلَ ثوابِ الشَّاكرين»11.
وإذا نظرنا إلى بعض الآثار الأخروية نجد أنّ قراءة القرآن كفّارة للذنوب، وستر من
النار ... فروي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «يا سلمان عليك بقراءَة القرآن فإنَّ قراءَته
كفّارة للذنوب، وسترٌ من النَّار، وأَمانٌ من العذاب، ويُكتب لمن يقرأ بكلِّ آيةٍ
ثوابَ مائة شهيد، ويعطى بكلِّ سورةٍ ثوابَ نبيّ مرسل، وتُنزَّلُ على صاحبه
الرَّحمة، وتستغفر له الملائكة، واشتاقت إليه الجنَّة، ورضي عنه المولى، وإِنَّ
المؤمن إِذا قرأَ القرآن نَظَرَ اللهُ إِليه بالرحمة، وأَعطاه بكلِّ حرفٍ نوراً على
الصراط...» 12.
القراءة تلاوة:
عن الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)، في وصيَّةٍ لولده محمَّد بن الحنفية: «عليك بتلاوة
القرآن في ليلك ونهارك، ولزوم فرائضه وشرائعه، وحلاله وحرامه، وأَمره ونهيه،
والتهجّد به، والتِّلاوة في ليلك ونهارك، فإنَّه عهد من الله تعالى إِلى خلقه فهو
واجب على كلّ مسلم أَنْ ينظر كلّ يوم في عهده»13.
في قراءة القرآن رضوان الله ورحمته:
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)14: «يُدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدّمُ القرآن
أَمامَه في أَحسن صورة فيقول: يا ربّ أَنا القرآن وهذا عبدك المؤمن قد كان يُتعِب
نفسه بتلاوتي، ويُطيل ليله بتَرتيلي، وتفيض عيناه إِذا تهجّد، فارضِهِ عنِّي كما
أَرضاني، فيقول العزيز الجبّار، عبدي ابسط يمينك، فيملأها من رضوان الله، ويملأ
شماله من رحمة الله، ثمَّ يُقال له: هذه الجنَّة مباحة، فاقرأْ واصعد، فإِذا قرأَ
آيةً صعدَ درجةً».
من الآداب الظاهرية لتلاوة القرآن:
1- الطهارة:
والمقصود بالطهارة الخلوّ من الحدث الأكبر والأصغر بالوضوء أو الغسل أو التيمّم
بدلاً عنهما، وقد صرّح الفقهاء بكراهة قراءة ما زاد على سبع آيات للجنب، مضافاً إلى
حرمة قراءته آيات السجدة من سور العزائم الأربع: "العلق" و"النجم" و"فصّلت"
و"السجدة".
2- تنظيف الفم:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) "نظّفوا طريق القرآن" قيل: يا رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) وما طريق القرآن؟
قال: "أفواهكم" قيل: بماذا؟ قال: "بالسواك". وفي حديث آخر: "طيّبوا أفواهكم بالسواك
فإنّها طرق القرآن".
3- الإقبال والتهيّؤ التامّ على التلاوة:
ينبغي لقارئء القرآن أن يستقبل القبلة، ويجلس بتأدّب وخشوع، ويُقبل على التلاوة
متفرّغاً لها، وقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): "قارئء القرآن يحتاج إلى ثلاثة
أشياء: قلب خاشع، وبدن فارغ، وموضع خالٍ، فإذا خشع لله قلبه فرّ منه الشيطان
الرجيم"15.
4- البدء بالاستعاذة:
قال تعالى ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ﴾16.
من كمال الأدب أن يشرع القارئ في القراءة بالاستعاذة، ويقصد بها تطهير القلب من
تلوّثات الوسوسة الصارفة عن ذكر الله تعالى، وختم القراءة بقوله: صدق الله العليّ
العظيم.
5- الترتيل بصوت حسن:
قال تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلً﴾17، والترتيل هو بيان الحروف وإظهارها
وحفظ الوقوف.
والمراد بحفظ الوقوف أن لا يقف القارئ كيفما كان، بل يقف حيث يكون الوقف حسناً.
والمراد ببيان الحروف أن يُخرج الحروف كما ينبغي من جهر وهمس وإطباق واستعلاء على
ما ذكره علماء التجويد.
والترتيل كما في بيان الإمام الصادق (عليه السلام) هو: "أن تتمكّث فيه وتُحسّن به
صوتك"18. والمقصود من حسن الصوت الّذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله.
6- الحزن والخشوع:
من آداب قراءة القرآن وتلاوته أنْ يستشعر المرءُ حالةَ الحُزن والخشوع. قال النبيّ
محمَّد(صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ القرآن نزل بالحزن، فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا)19.
1- الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص610.
2- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج1، 287.
3- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ص287.
4- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ص288.
5- الشيخ الصدوق، عقاب الأعمال، ص51.
6- نهج البلاغة، الخطبة رقم 110.
7- الشيخ الصدوق، عقاب الأعمال ص 52.
8- الكافي، ج2، ص445.
9- الكافي، ج2، ص448.
10- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 168.
11- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج92، ص200.
12- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج1، ص292.
13- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج1، ص293.
14- الكافي، ج2، ص449.
15- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج 4، ص 241.
16- سورة النحل، الآية 98.
17- سورة المزمل، الآية 4.
18- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 89، ص 191.
19- الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج 4، ص 271.