المسجد أهميته ودوره
الهدف:
التعرّف على أهمية المسجد في الإسلام ودوره العبادي والاجتماعي.
المحاور:
المساجد بيوت الله
ما هو تكليفنا تجاه المسجد؟
المسجد دار عبادة وعلم وتربية
لا تهجروا المساجد
آداب المسجد
تصدير:
عن الرسول الأكرم (ص): (في التوراة مكتوب: إنَّ بيوتي في الأرض المساجد فطوبى
لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إن على المزور كرامة الزائر، ألا بشّر
المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة)[1].
المساجد بيوت الله:
لقد عَظَّم الإسلامُ المسجد وأعلى مكانتَه، ورسَّخَ في النفوس قدسيتَه،
فأضافه اللَّهُ تعالى إليه إضافةَ تشريفٍ وتكريم فقال تعالى:
﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ
لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدً﴾[2]. فالمسجد يحتل مرتبةً مميزة
ومعظّمة في أفئدة المسلمين، متذللةٍ للخالق الديان.
وعن رسول الله ص قال: - في التوراة مكتوب- أنّ بيوتي في الأرض المساجد[3]...
وهي بيوت الصلاة والدعاء، كما ورد عن الإمام الصادق(ع): (عليكم بإتيان المساجد
فإنّها بيوت الله في الأرض، ومن أتاها متطهّراً طهّره الله من ذنوبه، وكتب من
زواره، فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء)[4].
وقال تعالى:
﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ
أَحَدً﴾[5].
فإنّ معنى أن يكون الشيء للَّه تعالى فهذا يعني أنّ هذا الشيء هو خير محض ومحور
هداية وصفاء إلهي في سماء هذه الدنيا الملبَّدة بغيوم الوهم والضياع.
ما هو تكليفنا تجاه المسجد؟
1. بناء المساجد:
إنَّ المسجد يشكّل وجه المجتمع الإسلامي وقلبه. لذلك نجد في الروايات الحث على
بناء المساجد والتأكيد على ذلك: عن الإمام الصادق (عليه السلام): (من بنى مسجداً
بنى اللَّه له بيتاً في الجنة، قال: أبو عبيدة فمر بي أبو عبد اللَّه عليه السلام
في طريق مكة وقد سويت بأحجار مسجداً فقلت له: جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذلك
فقال: نعم)[6].
وعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وأله): (من بنى مسجداً ليذكر اللَّه فيه بنى له
بيتاً في الجنة)[7].
فيجب أن تعيش مجتمعاتنا ثقافة بناء المساجد حتى يصبح بناء المسجد في المناطق هماً
يحمله كل مسلم في قلبه ليبذل طاقاته في سبيل ذلك.
2. الحضور الفاعل في المساجد
قال تعالى:
﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ
اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِين﴾[8].
يجب العمل الجاد ليصبح الحضور في المساجد وكثرة التردّد إليها جزءاً هاماً
وأساسيّاً من ثقافة المجتمع وواجباته. ورد في رواية: (لولا الذين يتحابون بجلالي،
ويعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار، لأنزلت عذابي)[9].
ليس هذا فقط بل المطلوب أيضاً إكثار الجلوس في المساجد حتى تصبح أرواحنا مجبولة على
سكونه ونفوسنا مستأنسة بزواياه، وقد شجّع الإسلام على ذلك، فعن النبي الأكرم (ص):
(يا أبا ذر! إن اللَّه تعالى يعطيك ما دمت جالساً في المسجد بكل نفس تنفست درجة في
الجنة، وتصلي عليك الملائكة، وتكتب لك بكل نفس تنفست فيه عشر حسنات، وتمحي عنك عشر
سيئات)[10].
وفي رواية عن النبي(ص): (لا يرجع صاحب المسجد بأقل من إحدى ثلاث: إما دعاء يدعو به
يدخله الله به الجنة، وإما دعاء يدعو به ليصرف الله به عنه بلاء الدنيا ...)[11].
وعن الإمام الصادق (ع): (من مشى إلى المسجد لم يضع رجلاً على رطب ولا يابس إلا
سبّحت له الأرض إلى الأرض السابعة)[12].
والمسجد سوق الآخره: يروى عن رسول الله (ص) قوله : (المساجد سوق من أسواق الآخرة
قراها المغفرة وتحفتها الجنة)[13].
المسجد دار عبادة وعلم وتربية:
أ. الصلاة في المسجد
ورد عن أمير المؤمنين (ع): (ليس لجار المسجد صلاة إذا لم يشهد المكتوبة في
المسجد، إذا كان فارغاً صحيحاً)[14].
فهذه الرواية تؤكّد على المسلم وتنبّهه إلى ضرورة أداء الصلاة الواجبة في المسجد،
وتحثّ جار المسجد على حضور صلاة الفريضة فيه ما لم يكن معذوراً لمرض أو غيره من
الأعذار الشرعية.
بل تؤكّد الروايات على أهمية المشاركة في صلاة الجماعة في المسجد، فعن الرسول
الأكرم (ص): (من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة
ويرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك وكل اللَّه به سبعين ألف ملك
يعودونه في قبره ويؤنسونه في وحدته ويستغفرون له حتى يبعث)[15].
ب. العلم والتعلّم
لقد أكّد الإسلام على التعلّم في المسجد، وقد ورد في الرواية أن الرسول الأكرم
(ص) خرج فإذا في المسجد مجلسان، مجلس يتفقّهون ومجلس يدعون اللَّه ويسألونه، فقال:
"(كلا المجلسين إلى خير، أما هؤلاء فيدعون اللَّه، وأما هؤلاء فيتعلّمون ويفقهون
الجاهل، هؤلاء أفضل بالتعليم، أرسلت لما أرسلت ثم قعد معهم)[16].
ج. المسجد مربي الأجيال المؤمنة
عن الرسول الأكرم (ص): (من أدمن إلى المسجد أصاب الخصال الثمانية: آية محكمة،
أو فريضة مستعملة، أو سنة قائمة، أو علم مستطرف، أو أخ مستفاد، أو كلمة تدله على
هدى أو ترده عن ردى، وترك الذنب خشية أو حياء)[17].
فإذا أدمن الإنسان المسجد أصاب كل هذا الخير وكان من المهتدين، يقول الإمام الخميني
(قدّه): (المحراب هو موضع الحرب، موضع المواجهة والحرب ضد الشيطان والطواغيت)5.
في كملته هذه، يبيّن الإمام الخميني (قدّس سرّه) دوريـن جهاديـين للمسجد، أحدهما
جهاد النفس والشيطان والآخر جهاد طواغيت الدنيا. فجهاد النفس والشيطان هو من أدق
الأمور وأصعبها حتى أعطته الروايات لقب الجهاد الأكبر. لذا فإن هذا الجهاد الذي
سيلقي بظلاله على حركة الإنسان كلّها في الدنيا. يقول الإمام الخميني (قدّه):
(اسعوا في إعادة المساجد إلى ما كانت عليه في صدر الإسلام، ولتنتبهوا إلى أنه ليس
في الإسلام عزلة أو اعتزال)[18].
يقول الإمام الخميني: (لم يقتصر مسجد الرسول (صلى الله عليه وأله) على المسائل
العبادية كالصلاة والصوم، بل كانت المسائل السياسية أكثر من ذلك)[19].
لا تهجروا المساجد:
عن الإمام الصادق (ع): (شكت المساجد إلى اللَّه تعالى الذين لا يشهدونها من
جيرانها، فأوحى اللَّه عزَّ وجلَّ إليها: وعزتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة، ولا
أظهرت لهم في الناس عدالة، ولا نالتهم رحمتي ولا جاوروني في جنتي)[20].
فعدم قبول الصلاة وعدم نيل الرحمة يشير إلى أن أعمالهم تفقد قيمتها وهي بالتالي
تفقد آثارها المرجوّة، فتصبح أعمالهم لا ثمار لها وإن فرض ظهور بعض الثمار المرحلية
لها، وهذا يعني ضياع المجتمع الإسلامي وتفككّه بشكل تدريجي.
والنعمة إذا وجدت ولم يعطها الإنسان حقها ولم يستفد منها تحولت إلى نقمة، فعن
الإمام الصادق (ع): (ثلاثة يشكون إلى اللَّه عزَّ وجلَّ: مسجد خراب لا يصلي فيه
أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه غبار لا يقرأ فيه)[21].
يقول الإمام الخميني (قدّس سرّه): (لا تهجروا المساجد فإن ذلك هو تكليفكم)[22].
إذا كان المسجد هو محور حركة الإنسان المؤمن الرسالي فهجره والتخلي عنه يعني تفكّك
نواة الإسلام وتشتّت المجتمع الإسلامي، وهو من أخطر الأمراض الداخلية التي يمكن أن
يبتلى بها المجتمع الإسلامي، حتى اعتبر الإمام الخميني أنّ بقاء الإسلام يعتمد على
حفظ دور هذه المساجد!
يقول الإمام الخميني (قده): (إن حفظ المساجد من الأمور التي يعتمد عليها وجود
الإسلام اليوم)[23].
آداب المسجد:
للمسجد في الإسلام العديد من الآداب والواجبات منها:
أ. احترام المسجد
هناك عدة معايير أشارت إليها الروايات للجلوس في المسجد، نذكر بعضها:
في الرواية عن النبي الأكرم (ص): (الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة عبادة، ما لم
تحدث، قيل: يا رسول اللَّه وما الحدث؟ قال: الاغتياب)[24].
فارتكاب المحرّم وخصوصاً الغيبة التي يمكن ارتكابها في المسجد أكثر من غيرها من
المحرّمات سيسلب فضل الجلوس في المسجد.
ب. عدم رفع الصوت:
عنه (ص): (جنبوا مساجدكم... رفع أصواتكم إلا بذكر اللَّه تعالى)[25].
ج. ترك اللغو:
عن رسول اللَّه (ص) وقد سأله أبو ذر عن كيفية عمارة المساجد، قال:(لا تُرفع
فيها الأصوات ولا يخاض فيها بالباطل، ولا يشترى فيها ولا يباع، واترك اللغو ما دمت
فيها، فإن لم تفعل فلا تلومن يوم القيامة إلا نفسك)[26].
د.إتيانها بهيئة مناسبة:
قال تعالى:
﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾[27].
ه.الاشتغال بالمستحبات:
عن النبي (ص): (كل جلوس في المسجد لغو إلا ثلاثة: قراءة مصلٍّ، أو ذكر اللَّه،
أو سائل عن علم)[28].
[1] ثواب الإعمال،
الصدوق، 27.
[2] سورة الجن، آية 18
[3] البحار، 83، 373، 37
[4] أمالي الصدوق 293، 8
[5] سورة الجن، الآية 18.
[6] الكافي، الشيخ الكليني، ج3، ص368.
[7] روضة الواعظين، ص337.
[8] سورة التوبة، الآية 18.
[9] علل الشرائع، الصدوق، 521.
[10] بحار الأنوار، المجلسي، ج 74، ص 85.
[11] وسائل الشيعة،3،480، باب 3
[12] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 5، ص 200.
[13] بحار الأنوار، المجلسي، ج 81، ص 4.
[14] الكافي، الشيخ الكليني، ج3، ص368.
[15] روضة الواعظين، ص337.
[16] منية المريد، ص106.
[17] الكلمات القصار، ص64.
[18] الكلمات القصار، ص64.
[19] منهجية الثورة، ص478.
[20] بحار الأنوار، المجلسي، ج 80، ص 381
[21] الوافي، الفيض الكاشاني، ج 9، ص 1735
[22] الكلمات القصار، ص64.
[23] الكلمات القصار، ص65.
[24] بحار الأنوار، المجلسي، ج 72، ص 2491
[25] الوافي، الفيض الكاشاني، ج 7، ص 506
[26] مكارم الأخلاق، ج2، ص374.
[27] سورة الأعراف، الآية 31.
[28] الوافي، الفيض الكاشاني، ج 26، ص 195.