الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1203 - 10 رمضان 1437 هـ - الموافق 16 حزيران 2016 م
الصلح الحسني تمهيد للقيام الحسيني

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

 الهدف:
الكشف عن بعض ملابسات ظروف صلح الإمام الحسن(عليه السلام) مع معاوية بن أبي سفيان.
 
محاور الموضوع:
1-  كلمة لا بد منها.
2-  أسباب الصلح: أ-الأسباب غير المباشرة. ب- الأسباب المباشرة.
 
تصدير:
عن الإمام الحسن(عليه السلام): "... يا أبا سعيد، علّة مصالحتي لمعاوية علّة مصالحة رسول الله(صلى الله عليه وآله) لبني ضُمرة وبني أشجع ولأهل مكّة حين انصرف من الحديبية...ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلاّ قُتل"[1]
 
كلمة لا بدَّ منها:
حُكي الكثير عن الصلح الذي أبرمه الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب(عليه السلام) مع معاوية بن أبي سفيان بن حرب، وقد أُلّفت كتب وعُقدت الأبحاث والدراسات الكثيرة حول هذا الصلح. ويمكن القول إنَّ الشخصية التاريخية للإمام عليه السلام قد انطبعت بطابع هذا الصلح.

وعلى رغم أنّ الحسن (عليه السلام) وأخاه الحسين (عليه السلام) "إمامان قاما أو قعدا"[2]. وأنه حسب قول النبي (صلى الله عليه وآله) " هو سيد شباب أهل الجنة، وحجّة الله على الأمّة، أمره أمري وقوله قولي. من تبعه فإنه مني، ومن عصاه فإنّه ليس مني".[3]

وقوله (صلى الله عليه وآله) بحق الحسنين(عليهما السلام):" أنا سلمٌ لمن سالمتم، وحرب لمن حاربتم"[4]

وقوله (صلى الله عليه وآله) لأنس بن مالك عندما أراد أن يبعد الحسن(عليه السلام) عنه :"ويحك يا أنس (عليه السلام) ابني وثمرة فؤادي، فإنّ من آذى هذا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله".[5] وقوله(صلى الله عليه وآله) بحقّه عليه السلام: "اللهم إنّ هذا ابني وأنا أحبّه، فأحبه وأحبّ من يحبّه".[6]

أخلص إلى القول إنّ هذا الذي تقدّم جزء يسير من تراث يبرز شيئا من منزلة الحسن(عليه السلام) من النبي(صلى الله عليه وآله). ويبين بما لا يدع مجالاً للشكّ عصمته (عليه السلام) "أمره مري".

أقول: وعلى رغم كلّ ما تقدّم. فإنّ شخصية هذا الإمام العظيم لم تسلم من التطاول والتشويه والإفتراء من قبل المفترين والمتحاملين، أو الأغبياء والمغفَّلين؛ لا سيما فيما يتعلّق بصلحه مع معاوية. وسنعرض فيما يلي بعضاً ممَّا يساعد في فهم الحيثيات التاريخية للصلح، والأداء الفذّ للإمام(عليه السلام) بإزاء الأحداث التي تنحني أمامها الجبال الرواسي.
 
أسباب الصلح:
أ- الأسباب غير المباشرة:

بويع علي(عليه السلام) للخلافة في ذي الحجّة(أواخره) عام 35 هـ[7] واستشهد(عليه السلام) في هذا الشهر الشريف من عام 40 هـ.

خاض خلال هذه السنوات الأربع وعشرة أشهر ثلاثاً من أعظم الحروب التي خيضت إلى حينه.

فكانت حرب الجمل التي حصلت عام 36 هـ والتي حصدت ما يزيد عن ثلاثين ألف قتيل.[8] وهي التي كان على رأسها إحدى من زوجات النبي وبعض كبار الصحابة، وقد سمّيت بحرب الناكثين.

ثمّ كانت حرب صفّين عام 37 هـ. مع معاوية وأهل الشام، وقد قُتل في هذه الحرب من الطرفين ما يزيد على المائة وعشرة آلاف قتيل[9]. موزّعة على طرفي القتال، وقد سمّيت هذه الحرب بحرب القاسطين.وخاض الحرب الثالثة مع الخوارج في النهروان، وهم الفئة التي خرجت عليه بسبب قبوله بالتحكيم، بعد أن فرضوا عليه إيقاف الحرب، عندما انطلت عليهم خديعة رفع المصاحف من قبل جيش الشام. كانت هذه الحرب أواخر العام 38 وأوائل العام 39 هـ.وقد أزهقت هذه الحرب أرواح أربعة آلاف من صفوف الخوارج فقط[10]. عدا عن الذين سقطوا من جيش الإمام. وقد سُميت هذه الحرب بحرب المارقين.

مرّت ما يقرب من خمس سنين على أصحاب الإمام علي (عليه السلام) وهم لا تضع حرب أوزارها عندهم حتى يشهروا أسلحتهم لحرب أخرى. وكانوا من جهة أخرى لا يحاربون على جبهات الكفر والشرك، إنّما كانت الأطراف الأخرى بوجههم ومن عشائرهم وإخوانهم، ومن عرفهم وعرفوه؛ والذين تحوّل جزء كير منهم إلى جبهة جيش الشام. وقد خلفت هذه الحروب المتوالية عند جيش الإمام الحسن(عليه السلام) إلى الراحة والموادعة والسلام ومن جهة أخرى ولّدت عصبيّات وضغائن وأحقاداً،أين منها أحقاد بدر وخيبر وحُنين؟!
 
الجيش المفكّك:
برزت ظاهرة التفكّك كما ينقل الشيخ المفيد، عندما بدأ التحضير للحرب، فأرسل الإمام(عليه السلام) حجر بن عدي الكندي يأمر العمّال بالمسير واستنفر الناس للقتال، فتثاقلوا عنه ثمّ خفّوا ومعه أخلاط من الناس:
1- فبعضهم شيعة له ولأبيه (عليهما السلام).
2- وبعضهم محكّمة(خوارج)، يؤثرون قتال معاوية بكلّ حيلة، بغضاً لمعاوية لا حبّاً بالحسن(عليه السلام).
3- وبعضهم أصحاب فتن وطمع في الغنائم.
4- وبعضهم شكّاك لا يرون للحسن أيّة أفضليّة على معاوية.
5- وبعضهم أصحاب عصبيّة، اتّبعوا رؤساء قبائهم لا يرجعون إلى دين.[11]

ويلخّص هذا المشهد المرير كلام الإمام(عليه السلام) في المدائن: "... وكنتم في منتدبكم إلى صفّين ودينكم أمام دنياكم، فأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم. ألا وإنّا لكم كما كُنَّا، ولستم لنا كما كنتم. ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفّين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون ثاره. وأمّا الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر..."[12].
 
ب- الأسباب المباشرة:
1-خيانة القادة: جعل الإمام الحسن(عليه السلام) عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، على مقدّمة جيش من اثنى عشر الفاً ليعسكر في مسكن. ولكن بعد أيّام بلغ الإمام خبر التحاق عبيد الله بمعاوية بعدما قبض مليون درهم،وقد التحق به ليلاًمع ثمانية آلاف. وكان الإمام قد ولّى قيس بن سعد وسعيد بن قيس يخلفان عبيد الله إذا حدث له أمر على التوالي[13].

وقد يقول قائل: كيف يثق الإمام بهذا الرجل؟ لكن يجب أن نعلم أنّ هذا الرجل هو ابن العباس بن عبد المطلب، وشقيق عبد الله بنالعباس وهو أحد قادة جيش أمير المؤمنين(عليه السلام).وقد قام بسربن أرطأة أحد عمّال معاوية بقتل ولديه[14].

وقد تولى من تبقّى من الجيش قيس بن سعد الذي حاول معاوية إغراءه بالمال، لكنه حمد بشجاعة وتُقى[15].
 
2-الإهانات والمؤامرات: انطلق الإمام من المدائن نحو ساباط، فكمنت له مجموعة من الخوارج الذين كانوا في صفوف بعض ألوية الجيش.وضربوه بقوّة أحدثت جرحاً نازفاً وساءت صحّته بشدة[16].

وقد أرسل معاوية لمن تبقّى من الجيش بعض مَنْ رافق عبيد الله بن العباس ليبث بين صفوفهم الشائعات الكاذبة، صائحاً فيهم: إنّ الحسن يكاتب معاوية على الصلح، فَلِمَ تقتلون أنفسكم.[17]

ورماه رجل بسهم أثناء صلاته، فلم يؤثر به[18]، وطعنه سنان بن جراح في فخذه[19].وقد وعد جماعة فيهم عمرو بن حريث وقيس بن الأشعث وشبث بن ربعي وحجّار بن أبجر بتسليم الإمام حيّاً إلى معاوية.

ومع ذلك، فقد خطب فيهم الإمام(عليه السلام) تلك الخطبة في المدائن، وقد تقدّم بعضها، وممّا قاله: "... ألا وإنّ معاوية دعانا إلى أمر ليس عزّ ولانصفة(العلم). فإن أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه إلى الله عزّ وجلّ بظباء السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضا". وما إن بلغ هذا الموضع حتى وقف معظم الجيش وقال: البقيّة، البقيّة[20].

وقد جهد الإمام(عليه السلام) مع ذلك، في سبيل حفظ ما أمكن وفضح معاوية. فكان من بنود الصلح: ترك سبّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وعدم ذكره إلا بخير. وأن يعمل معاوية بسنة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وكتاب الله.وأن يأمن الناس حيثما كانوا في أرضهم.وأن يكون الأمر للحسن(عليه السلام) بعد موت معاوية، وإن لم يكن فللحسين(عليه السلام)[21].


[1] علل الشرائع للشيه الصدوق/ص200.
[2] إرشاد المفيد، ص220.
[3] فرائد السبطين للحموريين، ج35 وآمالي الصدوق، ص151.
[4] سنن الترمذي، ج15 ص199، وابن ماجة،ج1، مها5.
[5] سنن ابن ماجه، ج1،ص51.
[6] تهذيب ابن عساكر، 42-ص205.
[7] تاريخ اليعقوبي، ج2، ص 165 والمسعودي في مروج الذهب,ج2 ص346.
[8] تاريخ اليعقوبي، ج2، ص172.
[9] المسعودي في مروج الذهب،ج2،ص393.
[10] تاريخ اليعقوبي،ج2، ص182.
[11] الإرشاد للمفيد،ص189، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي،ص167.
[12] أسد الغابة لابن الأثير،ج2،ص13-14 والكامل لابن الأثير،ج3،ً406،وتذكرة الخواص لابن الجوزي،ص199، وبحار الأنوار للمجلسي،ج44،ص21.
[13] تاريخ اليعقوبي،ج2،ص204.
[14] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي،ج2،ص14.
[15] تاريخ اليعقوبي،ج2،ص204.
[16] تاريخ اليعقوبي،ج2،ص205.
[17] شرح نهج البلاغة،ج16،ص42.
[18] تاريخ اليعقوبي،ج2،ص191.
[19] الإرشاد للمفيد،ص190.
[20] المصادر السابقة.
[21] من كتاب صلح الحسن للشيخ راضي آل ياسين،ص259-261.

15-06-2016 | 12-44 د | 1976 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net