الهدف:
التعرف على حق المؤمن على المؤمن والتعرف على ما حرّم الله على المؤمن.
مفاهيم محورية:
- حق المؤمن على المؤمن
- ما يحرم على المؤمن تجاه أخيه المؤمن.
- حفظ حرمة المؤمن وحرمة دمه
- حرمة القتل من الضرورات.
- عقوبة قتل العمد العذاب الأبدي.
- خاتمة:استعمال السلاح العشوائي
تصدير:
وردفي خطبة رسول الله )ص (في منى في حجّة الوداع: "أيّ يوم أعظم حرمة؟ قال الناس:
هذا اليوم. قال: فأيّ شهر؟ قال الناس: هذا. قال: وأيّ بلد أعظم حرمة؟ قال الناس:
بلدنا هذا. قال: فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في
شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربّكم، فيسألكم عن أعمالكم"8.
حق المؤمن على المؤمن:
إنّ الشريعة الإسلامية المقدّسة التي حملتْ لنا التشريعات الهادية إلى مصالحنا
والمبعِّدة لما يفسدنا أوصلت لنا رسالة حق المؤمن على أخيه المؤمن، حتى نلتفت لها
وتلتزم بقوانينها ونحافظ على حدودها، بل إن بعض الروايات ذكرت أن المعصوم (ع) قال
لمن سأل عنها وهو المعلى بن خنيس وألحَّ على معرفتها: إني شفيق عليك، أخشى أن تضيع
ولا تحفظ، ولا تعلم ولا تعقل ..."[1].
ما يحرم على المؤمن تجاه أخيه المؤمن:
ذكرت الأدلة الشرعية كثيراً من المحرمات بين أخوة الإيمان إذا ما التزموا بالحذر
منها سوف ينالون الكرامة عند الله والفوز في الدنيا والآخرة، ومن هذه الأدلة ما ورد
عن الإمام الصادق (ع) يقول:
- المسلم أخو المسلم.
- لا يظلمه.
- ولا يغشه.
- ولا يخذله.
- ولا يغتابه.
- ولا يخونه.
- ولا يحرمه.[2]
ويمكن أن نقول أن كل ما جاء في الحقوق السبعة يدخل نقيضها في الممنوعات بين أخوة
الإيمان.
حفظ حرمة المؤمن وحرمة دمه:
روي عن رسول الله )ص): "إنّ اللَّه حرّم من المسلم دمه وماله وعرضه وأن يظنّ به ظنّ
السّوء".1
حرمة النفس والعرض والمال من الأمور التي شدّد الدين الإسلامي عليها كثيراً، واعتبر
أنّ الاعتداء عليها من المحرّمات المؤكّدة ومن الذنوب الكبيرة التي يستحق مرتكبها
عقوبة دنيوية وأخرى أخروية. قال تعالى:
﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي
حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ﴾2, حيث تتضمّن نهياً عن قتل النفس المحترمة إلا
بالحق أي إلا أن يكون قتلاً بالحق، بأن يستحقّ ذلك لقود أو ردّة أو لغير ذلك من
الأسباب الشرعية. ولعل في توصيف النفس بقوله: حرّم الله من غير تقييد إشارة إلى
حرمة قتل النفس في جميع الشرائع السماوية فيكون من الشرائع العامة.
فإذا تسلّط الأشرار على الأنفس والأعراض والأموال، هُتكت الحرمات والمقدّسات، وعمّ
فساد الأخلاق، وضعفت العلاقات الاجتماعية، وتفكّك كيان الأسرة التي هي نقطة البدء
في إصلاح الجيل الناشئ والحفاظ على سلامته الروحية، وحينئذٍ سيفتقد الأمان
والاستقرار والطمأنينة. ورد عن الإمام الرضا (ع): "حرّم الله قتل النفس لعلّة فساد
الخلق في تحليله لو أُحلّ وفنائهم وفساد التدبير"3.
وقد اعتبر القرآن الكريم قتل النفس الواحدة قتلاً للناس جميعاً، إلا أن يكون القتل
عقاباً لقتل مثله أو عقاباً لجريمة الإفساد في الأرض. ورد عن أبي عبد الله (ع): في
قول الله عزّ وجلّ:
﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ قال: "هو واد في جهنم لو
قتل الناس جميعاً كان فيه، ولو قتل نفساً واحدة كان فيه"6.
أما العقاب الدنيوي فقد وردت تفاصيله في قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ
وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ
شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ
مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ
* وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ﴾7.
حرمة القتل من الضرورات:
ورد العديد من الآيات القرآنيّة التي تشير إلى حرمة القتل منها قوله تعالى: "وَلاَ
تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ
مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ
إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا"1. الإسراء:33
إن الإسلام يحاسب على أقلِّ أذى ممكن أن يُلحقه الإنسانُ بالآخرين، فكيف بقضية
القتل وإراقة الدماء؟! بالطبع هناك حالات ينتفي معها احترام دم الإنسان، كما لو قام
بالقتل أو ما يوجب إنزال العقوبة به، لذلك فإنَّ الآية بعد أن تثبت حرمة الدم كأصل،
تشير للاستثناء بالقول إلا بالحق.
وفي حديث معروف عن الرسول (ص): "لا يحلُّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله
وأنَّ محمداً رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والزاني المحصن، والتارك
لدينه المفارق للجماعة[3]"2.
وقال تعالى: "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ
خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا
عَظِيمًا"6.
لقد قررت الآية أربع عقوبات أخروية لمرتكب القتل العمد، والعقوبات الأخروية هي:
- الخلود والبقاء الأبدي في نار جهنم.
- إحاطة غضب الله وسخطه بالقاتل.
- الحرمان من رحمة الله ولعنه.
- العذاب العظيم الذي ينتظره في الآخرة.
والملاحظ هنا أنَّ العقاب الأخرويَّ الذي خصّصه الله للقاتل في حالة العمد، هو من
أشدُّ أنواع العذاب والعقاب.
وورد عن الإمام الصادق(ع) قوله:"لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً
حراماً".
وفي رواية عنه (ع) أيضاً: "أتى رسول الله (ص) فقيل له: يا رسول الله قتيل في مسجد
جهينة، فقام رسول الله (ص) يمشي حتى انتهى إلى مسجدهم، قال: وتسامع الناس فأتوه
فقال (ص): من قتل ذا؟
قالوا يا رسول الله ما ندري، فقال: قتيل من المسلمين بين ظهراني المسلمين لا يُدرى
مَن قتله، والله الذي بعثني بالحق لو أنَّ أهل السماوات والأرض شركوا في دم امرئٍ
مسلم ورضوا به لأكبَّهم الله على مناخرهم في النار".
الاشتراك في القتل:
ومن الحديث آنف الذكر يستفاد أنه لا فرق في حرمة قتل النفس بين القاتل وسائر
الشركاء بأيِّ نوع اشتركوا، كما ورد عن الإمام الباقر (ع): "إنَّ الرجل ليأتي يوم
القيامة ومعه قدر محجمة من دم فيقول: والله ما قتلت ولا شركت في دم، فيقول تعالى:
بلى ذكرت عبدي فلاناً فترقّى ذلك حتى قُتل فأصابك من دمه"8.
وأيضاً عنه (ع): "لو أنّ رجلاً قُتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب، لكان الراضي
عند الله شريك القاتل"9.
خاتمة: الاستعمال العشوائي للسلاح:
قال تعالى:
﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ
تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ
ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[4]
قد درج البعض على عادة إطلاق الرصاص في الهواء بمناسبة وغير مناسبة، لفرح كان أو
لحزن، وهذا ما أدى ويؤدي إلى أمور منها القتل لبعض الناس، أو الجرح لبعضهم، أو
إصابة بعض الممتلكات والإضرار بها كالسيارات والنوافذ وغير ذلك..
فلا يظن أن من يطلق الرصاص غير عابئ ولا مبالٍ بما قد ينتج عن ذلك من إضرار في
الأنفس والممتلكات فضلاً عن الترويع والأذى النفسي للنساء والأطفال عدا عن تشويه
صورة مجتمع المؤمنين، فلا يظن هؤلاء أنهم معذورون أبرياء بل إن لهم حظاً من الدماء
التي تنتج عن سلاحهم الذي استعملوه، بل حتى لو لم ينتج عن ذلك إصابة أحد أو الإضرار
بأحد فإنه كافٍ في المؤاخذة الشرعية. وحرمة الفعل هذا أنه يأتي مكرّساً لهذه العادة
ومساهماً في شيوعها مع مخالفة الفعل لتوجيهات القيادة الشرعية بما يوهن مقامها
ويوهن الحكم الشرعي وتنجرُّ الى مقام الولاية والعياذ بالله. وهنا يفترض تبديل
السؤال ليصبح هل ان إطلاق الرصاص في الهواء هو عشوائي أم لا...؟ خصوصا أن سماحة
الأمين العام اعتبر في إحدى المناسبات أنه اطلاق للرصاص على عمامته.
[1] - بحار الانوارج7 ص 224
[2] أصول الكافي ج2 ص 167.
[3] صحيح البخاري ومسلم، نقلاً عن تفسير في ظلال القرآن، ج5، ص323
[4] المائدة، 33.