الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1238 - 18 جمادى الأولى 1438 هـ - الموافق 16 شباط 2017 م
الشهادة أفضل البرّ

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تصدير:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "فوق كل ذي بر بر حتى يقتل في سبيل الله"[1].
 
الأهداف:
 بيان العطاء وأنواعه المادية والمعنوية، وموقع الجهاد والشهادة منها، وموقع الشهداء القادة من أهل العطاء.
 
المحاور:
مقدمة: فقر وعطاء
أنواع العطاء
نموذج أهل البخل
النموذج الأكمل للأسخياء
الشهداء القادة نموذج العطاء
 
المقدمة: فقر وعطاء
قال الله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ}[2].
إن فقر الإنسان الذي هو من ذاتياته، بل كما يقول أهل المعرفة الفقر هو عين الذات البشرية، هذا الفقر يدفع الإنسان ليكون حريصاً على ما يناله من النعم والخيرات، لأنه وبسبب فقره يعيش هاجس الاحتياج والتذلل عند واجدي النعم من بني آدم؛ ولعل الله أراد بذلك أن يعرف الإنسان على نفسه، ومنها على ربه وليكون الفقر هادياً للإنسان فرداً وجماعة للتوجه نحو الغنى ومصدر الغنى والذي يكون منه وبه الغنى حيث يرد مثل ذلك في دعاء عرفة عن سيد الشهداء: "إلهي أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيراً في فقري"[3].

وثمة أمر آخر، وهو داخل تحت عنوان الابتلاء والاختبار؛ ألا وهو تربية الإنسان على البذل والعطاء من خلال اقتناعه بأن ما خوله الله من نعم لا يدفع عنه الفقر بل لا يعني خروجه عن حقيقة أنه فقير، فهو بين أمرين إما أن يكون خازناً للمال لغيره فيكون خادماً للمال وإما أن يكون المال في خدمته وعبره في خدمة الخلق والمبادئ والقيم والدين؛ وأشد أنواع هذا الابتلاء يأتي في تفضيل غيره على نفسه أي إيثار غيره على نفسه وهو موضوع مدح الباري تعالى في قوله: {...وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ..}[4].

فكأن المولى يريد للإنسان أن يخرج من أنانيته ويهزم فقره بإيثار أمته ودينه وبني جنسه على تلك الأنا الملحة عليه بالحرص على النعم واختصاصه بها دون غيره في الأنفس.
 
أنواع العطاء:
 إن العطاء يمكن تقسيمه إلى مادي ومعنوي وبوسائط فمنها: العطاء قولاً: {...مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}[5]. فالكلمة الطيبة صدقة وحسنة، سواء كانت سلاماً نبتدئ به الآخرين أو موعظة حسنة، أو مواساة في شدة، أو مباركة على نعمة وفرح، أو كانت إصلاحاً بين الناس، أو تعليماً لعلم ما وأشرفها ما كان لتعليم أحكام الله وتلاوة كتاب الله، فالمعلم والمربي والعالم الواعظ من أهم أهل العطاء والإنعام ومن أبعد الناس أثراً في بناء الأجيال.

وقد يكون العطاء فعلاً كالسعي في قضاء حوائج المحتاجين، وإغاثة الملهوفين وإيواء المشردين، وتطبيب المرضى وإعانة المعوقين.

وقد يكون العطاء ببذل المال لذوي الحاجات وأهل الفاقة لأجل سد حاجاتهم بإشباع جوعتهم وكسي عريهم، وعلاج أمراضهم وهذا النوع من العطاء إن لم يكن من العطاء العملي أي العطاء بالفعل فهو رديف له وقرين وقد يكون العطاء ببذل الجاه فيعطي الإنسان من جاهه ومقامه وموقعه بين الناس وعند الناس لينفقه في خدمة الناس وقضاء حوائجهم.

وقد يكون العطاء متجلياً بصورة التضحية النفسية بأن يتجاوز الإنسان حساسياته، وآلامه النفسية ويتعالى عنها فيكظم غيظه هنا ويعفو هناك ويصفح أخرى ويغفر الإساءة ويتجاوز عن الدنية فلا يقابل إساءة المسيء إلا بالحلم والتجاوز ممتثلاً قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[6].
 
نموذج أهل البخل:
لكن ثمة أناساً غلبتهم نفوسهم وقهرتهم أنانياتهم قد استعمرهم حب الذات فأعماهم عن مصالحهم، فذاته محور وجوده بل قد يراها محور الوجود كله، حول نفسه وذاته تدور عواطفه، وأفكاره، وهي القيمة العظمى بل تغدو تلك الذات الذات الأسمى، وينعكس هذا الأمر برغبة جامحة ليجعل نفسه محور اهتمام الآخرين وقبلة نواظرهم، ولذا فهذا النوع لا يعبأ ولا يهتم إلا بقضاياه الخاصة ومصالحه الشخصية، وهمه الأكبر ذاته وما يلحق بها وينتسب إليها كأولاده وعائلته ومن يحسبون عليه.

وهذا المرض قد يتفاقم ليصل صاحبه إلى موت الإنسانية فيه فيموت إحساسه بغيره فلا يرقَّ لصغير ولا يشفق على كبير ولا يحنو على فقير، لا يوجد في نفسه حمية على شرف، أو عرض، أو دين أو وطن، إلا بقدر ما يكون سلّماً يوصله إلى إشباع رغباته وتحقيق أمنياته.

ولذا قد يتوسل بأي وسيلة محرمة، وبشعة، وقبيحة لأجل إشباع ميله نحو الغنى والسلطة فيتاجر بالمحرمات، ويدوس الكرامات ويطحن الشرف والعفاف. ويزداد تسافلاً ليتحول من طالب بخيل إلى آمر بالبخل ناهٍ عن العطاء، {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ}[7].
 
النموذج الأكمل للأسخياء:
لقد وصف الله رسوله بالكثير من الأوصاف التي تدل على تفانيه في القيام بخدمة البشرية في العمل على هدايتها، تفاني جعله يسترخص بذل راحته، وأمنه وعواطفه وأحاسيسه بل حياته لأجل إيصال هذا الخير لبني البشر وعن هذا قال تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ}[8].

أو قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[9].

فقد أعطى الرسول (صلى الله عليه وآله) الناس محبته وشفقته ورحمته وعفوه وشفاعته كيف لا وهو الذي جاء بالأمر الإلهي الذي يحث على العطاء ويعد عليه الجزاء الحسن من خلال قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}[10].

وإذا وقفنا على باب من أخبرنا أن "الجنة دار الأسخياء"[11] لنسأله من هم أفضل الأسخياء وأكرم أهل الجود والعطاء فسنقرأ قوله (صلى الله عليه وآله) الوارد عنه رواية: "فوق كل ذي بر بر حتى يقتل الرجل في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر"[12].

نعم إن الأنبياء والأولياء في رأس قائمة الباذلين المضحين والمعطين وكذلك العلماء بعدهم، وفي درجة بعدهم ولكن قريبة منهم الشهداء. فالشهداء أهل سخاء وجود ونبل لأنهم جادوا بأنفسهم وبذلوها في سبيل الله، سبيل المستضعفين والمظلومين والمقهورين، قدموا عرقهم جهاداً، ودماءهم شهادة ليعزوا بعرق جهادهم ودماء جراحهم وشهادتهم أمتهم ودينهم ويحفظوا شعوبهم وأوطانهم؛ فقد بذلوا لله وللوطن وللأمة وللدين كل ما يملكون. وكما قال الشاعر: "والجود بالنفس أسمى غاية الجود"[13].
 
خاتمة: الشهداء القادة نموذج العطاء
لقد كان السيد عباس الموسوي سيد شهداء المقاومة الإسلامية وكذلك الشيخ راغب شيخ شهدائها وكذلك الحاج رضوان أهم نماذج العطاء والبذل والتفاني، فلقد أعطى الشيخ راغب حرب أمته من علمه توعية ولم يبخل بجهد وكان رمز عزة الأمة عندما رفض المصافحة والإذعان للمحتل، وكذلك كان السيد عباس الموسوي في عمله وعلمه طود عز شامخ بذل راحته وحمل روحه في راحتيه يتنقل بين منطقة ومنطقة مؤذن جهاد وقائد مجاهدين يؤنسهم في مواطن المواجهة ويشاركهم الخندق والطلقة والفراش واللقمة ويحمل هموم المستضعفين والفقراء.

وكذلك كان الحاج رضوان، الحاج عماد مغنية متميزاً بعطائه في كل ما له صلة بمواجهة أعداء الأمة وتربية، وتنظيم المجاهدين والقيادة للعمل الجهادي...

هؤلاء القادة الشهداء يشكلون لأبناء الأمة في هذا العصر وسيبقون يشكلون للأجيال القادمة نماذج أهل الجود والسخاء وأهل العطاء والفداء وراية عز هذا الشعب وهذا الوطن وهذه الأمة.

وحقاً كما قال الإمام الخميني (قدس سره): "الشهادة عز أبدي".


[1]  وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 15، ص 17.
[2]  النساء/ 128.
[3]  مفاتيح الجنان، دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) في عرفة.
[4]  سورة الحشر/ 9.
[5]  سورة إبراهيم/ 25.
[6]  سورة فصلت/ 34.
[7]  سورة النساء/ 37.
[8]  سورة الشعراء/ 3.
[9]  سورة التوبة/ 128.
[10]  سورة الليل/ 5.
[11]  البحار، المجلسي، ج 30، ص 415.
[12]  الكافي، الكليني، ج 2، ص 348.
[13]  مناقب أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج 1، ص 340.

15-02-2017 | 10-35 د | 2475 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net