الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1647 15 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 17 كانون الأول 2024 م

السيّدة الزهراء (عليها السلام) نصيرة الحقّ

وَهِيَ الْحَوْرَاءُ الْإِنْسِيَّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع مختلف فئات الشعب بشأن التطوّرات في المنطقةانتظار الفرجمراقباتمراقباتيجب أن نكون من أهل البصائر ومن الصابرين كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القيّمين على مؤتمر إحياء ذكرى شهداء محافظة أصفهانفَمَا وَهَنُوا وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا

العدد 1646 08 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 10 كانون الأول 2024 م

وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1297- 18رجب 1439 هـ - الموافق 05 نيسان 2018م
المحقِّرات من الذّنوب

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف: معرفة خطورة ارتكاب الذّنوب مهما صغُرت، وضرورة المسارعة للتخلّص من الذّنوب خصوصاً الصّغيرة منها عبر التّوبة.

مطلَع الخِطبة:
الذّنوب كلّها شديدة وجميعُها كبائر؛ ولا فرقَ بينها من جهة مخالفة المولى سبحانه وتعالى؛ وإنّما الكبائر والصّغائر هي أمورٌ نسبيّة لا ذاتيّة؛ نُطلق عليها لفظ الصّغائر بالإضافة إلى ما هو أكبر منها، ونُطلق عليها لفظ الكبائر بالإضافة والنّسبة إلى ما هو أصغر منها[1]. فالجرح بالنّسبة إلى القتل صغيرة؛ وبالنّسبة إلى الّلطم كبيرة. الزّنا بالنّسبة إلى النّظرةِ المحرَّمة كبيرة؛ وبالنّسبة إلى الّلواط صغيرة وهكذا...، فالذّنوب كلّها كبائر في ذواتِها وهذا ما يعتقد به أكابِرُ العُلماء[2].

وردَ عن الإمام الباقر(عليه السلام): "الذّنوب كلُّها شديدة، وأشدّها ما ينبت عليه الّلحم والدّم؛ لأنّه إمّا مرحومٌ وإمّا معذّب، والجنّة لا يدخُلها إلّا طيّب"[3].

وعليه؛ يُفهم من الرّواية المتقدِّمة ضرورة تجنُّب كلّ ذنبٍ يُعلَم كونه ذنباً، حسب ما نصَّت عليه الشّريعة الإسلاميّة، بل ينبغي تجنُّب كلّ ما يُحتمل أنّه كذلك؛ وذلك لعظَمة مقام الله تعالى وحقِّ طاعتِه.

محقّرات الذّنوب:
 المحقّرات من الذّنوب هي الذّنوب التي يحتقرها الإنسان، ويستهين بها ويقول حسبَ ما ورد في بعض الرّوايات " أُذنِب وأَستغفِر". والله تعالى يقول: {...وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}[4]. أي سنكتب ما قدّموا من الأعمال مطلقاً صالحةً كانت أم طالحة، وآثارها سواءً حسنة أذاعوها وسيّئة أظهروها وبقيت آثارها بعدهم كتعليم عِلم وتأسيس ظلم. ويقول تعالى في آيةٍ أخرى: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}[5].

روي عن الإمام الصادق(عليه السلام): "اتقوا المحقّرات من الذّنوب فإنّها لا تغفر، قلت: [أي الرّاوي]: وما المحقّرات؟ قال: الرّجل يُذنب الذّنب فيقول: طوبى لي لم يكن لي غير ذلك"[6].

وروي عن الإمام الباقر(عليه السلام): " اتقوّا المحقّرات من الذّنوب فإنّ لها طالباً"[7].

وروي عن النّبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) في وصيّته لأبي ذر(رض): "يا أبا ذر: إنّ الرّجل ليعمل الحسنة فيتّكل عليها، ويعمل المحقّرات حتى يأتي الله وهو عليه غضبان، وإنّ الرجل ليعمل السّيئة فيفرق منها يأتي آمناً يوم القيامة"[8].

وعنه(صلى الله عليه وآله): "لا تنظروا إلى صِغَر الذّنب ولكن انظروا إلى من اجترأتم"[9].

الصّغائر ممهّدات للكبائر
حيث أنّ الصّغائر ممهّداتٌ للكبائر؛ وخطواتٌ على طريق الوقوع فيها؛ ولعلّ أبلغَ تعبير في القرآن في هذا المجال قوله تعالى: }ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوّ مبين{[10]، فعلى المؤمن تجنُّب الصّغائر أيضاً، وأن يلتفت إلى الموارد التي تنقلب فيها هذه الصّغائر إلى كبائر؛ حيث يُستفاد من الرّوايات أنّ هناك موارداً تتبدّلُ فيها الصّغائر إلى كبائر.فقد وردَ عن الإمام الرّضا(عليه السلام): "الصّغائر من الذّنوب طُرقٌ إلى الكبائر؛ ومن لم يخَف الله في القليل لم يخَفهُ في الكثير..."[11].

الإصرار على الذّنب:
يُستفاد من الآيات القرآنيّة والأحاديث الشّريفة أنّ ممارسة الذّنب لعدّة مرّات وعدم المبادرة إلى التوبة يُعدُّ إصراراً على الذّنب؛ والإصرار على الذّنب يُعتبر عنواناً مستقلّاً للمعاصي.

مثالُه؛ رجلٌ ينظر إلى النّساء والعينُ تزني حسب الروايات وزناها النّظر؛ ولكن زنى النّظر أصغر من الزّنا الشّرعي؛ ومع إصراره ومواظَبَتِه على هذا النّظر تُصبح كبيرة فقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[12].

فالآية كما هو واضح تشترط أنّه إذا ترك الإصرار صحّت توبته وغفر الله ذنبَه.فالإصرار على الذّنب يستوجِب الاستهانة بأمر الله تعالى وعدم رعاية مقامِه تعالى.سواءً كان الذّنب المذكور من الصّغائر أم من الكبائر[13].

كما هو واضح أيضاً؛ فالآية الكريمة المتقدِّمة مع ما سبقها من آيات (133 - 134) من سورة آل عمران، تُبيّن أنّ الّذين آمنوا على ثلاثِ طبقات:
1- المتّقون.
2- التّائبون.
3- غير المصرِّين.

وتُبيّن أنّ الجنة للمتّقين منهم دونَ المصرِّين.

 وروي عن الإمام الصّادق(عليه السلام): " أنّه لمـّا نزلَت هذه الآية الكريمة؛ صعَد إبليس جبلاً بمكّة يُقال له ثور، فصرخَ بأعلى صوتِه بعفارته فاجتمعوا إليه، فقالوا: يا سيّدنا لِما دعوتَنا؟ قال: نزلت هذه الآية، فمن لها؟ فقام عفريت من الشّياطين فقال: أنا لها بكذا وكذا، قال: لستَ لها، فقام آخرٌ فقال مثل ذلك، فقال: لستَ لها، فقال الوسواس الخنّاس: أنا لها، قال: بماذا؟ قال: أعِدهم وأُمنِّيهم حتّى يواقعوا الخطيئة؛ فإذا وقعوا بالخطيئة أنسيتُهم الإستغفار، فقال: أنت لها توكَّل بها إلى يوم القيامة"[14].

 وعنه (عليه السلام): "لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار"[15].

وروي عن النّبي(صلى الله عليه وآله): "أنّه نزل بأرضٍ قرعاء فقال لأصحابه: ائتوا بحطب، فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، قال: فليأتِ كلّ إنسان بما قَدِر عليه، فجاؤوا به حتّى رَموا بين يديه بعضَه على بعضِه فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): هكذا تجتمع الذّنوب، ثمّ قال: إيّاكم والمحقّرات من الذّنوب، فإنّ لكلّ شيءٍ طالباً، ألا وإنّ طالبها يكتب ما قدّموا وآثارهم وكلّ شيء أحصيناهُ في إمامٍ مبين"[16].

يقول الإمام علي(عليه السلام):" من أصرّ على ذنبه اجترأَ على ربّه"[17].

وعنه (عليه السلام): "إيّاك والإصرار فإنّه من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم"[18].

والسّبب في تحويل الصّغيرة إلى كبيرة هو تراكم الظّلمة على القلب الّذي هو أشبه بالصّدأ الّذي يُصيب الحديد وينتشر فيه شيئاً فشيئاً؛ ويشتدُّ كلّما تراكم الصّدأ عليه فيؤدّي إلى تلَفِه وهكذا ارتكاب الصّغائر والإصرارُ عليها.

الاستهانة بالذّنب:
روي عن سماعة قال سمعت أبا الحسن(عليه السلام) يقول: "لا تستكثروا كثير الخير ولا تستقلّوا قليل الذّنوب، فإنّ قليل الذّنوب يجتمع حتى يكون كثيراً؛ وخافوا الله في السرِّ حتّى تقطعوا من أنفُسِكم النَصَف[19]"[20].

فينبغي على المؤمن أن لا يلتفت إلى قَدرِ المعصية؛ ولكن إلى قدْرِ من عصى؛ فلا ينتهك حُرمات الله تعالى.

الابتهاج والسّرور عند ممارسة الذّنب:
روي عن الإمام علي (عليه السلام): "شرُّ الأشرار من يتبجّح بالشّر"[21]، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "من تلذّذ بمعاصي الله أورثه الله ذُلّاً"[22].

 وروي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام):" إيّاكَ والإبتهاجُ بالذّنب؛ فإنّ الإبتهاجَ به أعظمُ من ركوبه"[23]. وعنه (عليه السلام): " لا وِزر أعظمُ من التبجُّح بالفجور"[24].

وعنه (عليه السلام) أيضاً: "حلاوةُ المعصية يُفسدها أليمُ العقوبة"[25].

اقترافُ الذّنب عند الطّغيان:
إنّ من الأسباب التي تبدِّل الصّغائر إلى كبائر هو صدور الذّنب عن حالة من الطّغيان. فالطّغيان الذي يعني تجاوز الحدّ، وإن كان له مفهوم أوسع من الإستهانة بالذّنب، إلّا أنّ تهاون الإنسان وارتكابه للصغيرة من غير أن يعبَأ بأمرها، يُعَدّ مِصداقاً من مصاديق الطّغيان والإستهانة بأمر الله تعالى، فقد قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى}[26].

ويقابل ذلك الآية الكريمة، {فَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[27]. فالطّغيان وإيثار الحياة الدّنيا يؤدّي إلى الجحيم.أمّا من خافَ مقامَ ربّه ونهى النّفس عن الهوى، فإنّ ذلك يؤدّي إلى الجنّة.

قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) في وصيّته لابنِ مسعود: "ولا تُؤثرونَ الحياة الدّنيا على الآخرة بالّلذات والشّهوات فإنّه تعالى يقول في كتابه: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا...}"[28].

الغرور بالسّتر الإلهي:
ومن الموارد التي تحوّل الذّنب الصّغير كبيراً، هو أن يُخالج المذنب تفكيره أنّ عدم مُجازاة الله سبحانه السّريعة له تدلُّ على رضى الله عنه وحبّه لَه.وأن الله تعالى أمهلهُ في الدّنيا وسترَ عليه ولن يعاقبه في الآخرة كما جاء في قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[29].

ومعنى الآية: إنّهم كانوا يقولون لو كان محمّد(صلى الله عليه وآله) نبيّاً لعذّبنا الله فقال تعالى: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ } أي يكفيهم ذلك عذاباً.

التّجاهر بالمعصية:
إنّ التّجاهر بالذّنب أمامَ النّاس يبدّل الذّنوب الصّغيرة إلى كبيرة لأنّ هذا التجاهر يعبّر عن صفة التّجرّؤ على الأوامر الإلهيّة والاستهانةِ بها.

روي عن الإمام الرّضا(عليه السلام): "المـُستتر بالحسنة يعدِل سبعين حسنة، والمذيع بالسّيئة مخذول، والمستتر بالسّيئة مغفورٌ له"[30].

روي عن الإمام علي(عليه السلام): "إيّاك والمجاهرة بالفجور فإنّه من أشدّ المآثم"[31].

وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله): "كلّ أمّتي معافى إلّا المجاهرين الذين يعملون العمل بالّليل فيستره ربّه، ثمّ يصبح فيقول: يا فلان إنّي عملت البارحة كذا وكذا"[32].

وروي عن الإمام الصادق(عليه السلام): "إنّي لأرجو النّجاة لهذه الأمّة لـِمَن عرِفَ حقّنا منهم إلّا لأَحدِ ثلاثة: صاحبُ سلطانٍ جائر، وصاحِبُ هوىً أو الفاسق المـُعلن"[33].

[1] راجع: الشيخ الطّوسي، الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد، فصلٌ في الإيمان والأحكام، ص144، (بتصرف).
[2] وممّن يذهب إلى هذا الرّأي: الشّيخ المفيد، وابن البرّاج الطرابلسي، وأبو الصلاح الحلبي، وابن إدريس الحليّ، و الشيخ الطوسي بل نسبه الطّبرسي في تفسيره مجمع البيان إلى أصحابنا مطلقاً.
[3] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 27.
[4] سورة يس، الآية 12.
[5] سورة لقمان، الآية 16.
[6] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص287.
[7] المصدر نفسه، ج2، ص270.
[8] الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص462.
[9] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 74، ص 168.
[10] سورة البقرة، الآية 168.
[11] الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرّضا(عليه السلام)، ج1، ص 193.
[12] سورة آل عمران، الآية 135.
[13] راجع: العلامة الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 4، ص 21.
[14] راجع: الشيخ الطوسي، الأمالي، ص 551.
[15] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 288.
[16] المصدر نفسه.
[17] الميرزا النوري، مستدرك وسائل الشيعة، ج11، ص 368.
[18] الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص 97.
[19] النَصَف والنصفة بفتحتين إسم من الإنصاف وهو لزوم العدل في المعاملات مع الله تعالى وغيره.
[20] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، باب استصغار الذنب، ح2، ص 287.
[21] الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص 294.
[22] التميمي الآمدي، تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم، ص 186.
[23] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج75، ص 159.
[24] الّليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص 540.
[25] التّميمي الآمدي، تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم، ص 186.     
[26] سورة النّازعات، الآيات 37-39.
[27] سورة النازعات، الآيتان 40-41.
[28] الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص455.
[29] سورة المجادلة، الآية 8.
[30] الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص 428.
[31] الليثي الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، ص 95.
[32] المتقي الهندي، كنز العمال، ج 4، ص 239.
[33] الشيخ الصدوق، الخصال، ج1، ص 119.

04-04-2018 | 14-41 د | 2034 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net