تحميل

محاور الموضوع الرئيسة:
- فاطمة عليها السلام أم أبيها.
- علاقة فاطمة بأبيها.
- فاطمة صديقة شهيدة.

الهدف:
التعرّف على جوانب من علاقة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بفاطمة الزهراء عليها السلام.

تصدير الموضوع:
روي عن الإمام علي بن موسى الرضا،عن آبائه من أهل البيت عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:"إني سميت ابنتي فاطمة لأن الله عز و جل فطمها و فطم من أحبها من النار"¹.

1- فاطمة عليها السلام أم أبيها
 أفضل ما يمكن أن نعرّف به السيدة الزهراء عليها السلام، ما جاء في الروايات عن أصدق البشر وأكملهم صلى الله عليه واله وسلم قوله"فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني" ²."إنما فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذها"³ .

و قال صلى الله عليه واله وسلم: "يا فاطمة! ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين و سيدة نساء هذه الأمة و سيدة نساء المؤمنين" ⁴.
و يسأل الإمام علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيقول: "يا رسول الله!أي أهلك أحب إليك؟ قال: (فاطمة بنت محمد)" ⁵.

ومن الواضح أن ما ورد عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم هو توجيه للأمة وتعريف لأبنائها بالمقام الخاص للسيدة الزهراء عليها السلام عند الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه واله وسلم، و تكبر فاطمة و تشب، و يشب معها حب أبيها لها،و يزداد حنانه عليها، و تبادله‏ فاطمة هذا الحب، و تملأ قلبه بالعطف و الرعاية فيسميها "ام أبيها" ⁶.

(أم أبيها) صلوات الله عليها، إنّها كنية ما أجلّها وأعظمها! فهي تعبر عن عمق الارتباط الروحي الضخم بين المانح العظيم المقدّس، وبين الممنوحة الطاهرة المطهّرة بحكم التنزيه من كل رجس ودنس، هذه الكنية تنبيه للأمة بما ينبغي عليها من توقير البتول وحفظ مقامها الشامخ من قلب الرسول.

2- تعامل الزهراء عليها السلام مع أبيها
 أما تعامل الزهراء عليها السلام مع أبيها صلى الله عليه واله وسلم فقد كانت تهتم به اهتمام الأم بولدها، فمنذ أيام طفولتها كانت تدفع عنه أذى المشركين ⁷، وتخفّف آلامه وتضمد جروحه، وتمسح الدم عن وجهه في الحرب" ⁸، وإذا عاد من سفرٍ بادرت إلى استقباله واعتنقته وقبّلت بين عينيه، وكانت تتأثر لحاله وتحنو عليه. أخرج الطبراني والحاكم وغيرهما عن أبي ثعلبة الخشني، قال: كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا قدم من سفر، صلّى في المسجد ركعتين، ثمّ أتى فاطمة فتلقته على باب البيت، فجعلت تلثم فاه وعينيه وتبكي، فقال صلى الله عليه واله وسلم: " ما يبكيك ؟" فقالت: "أراك شعثاً نصباً، قد أخلولقت ثيابك" فقال لها: "لا تبكي، فإنّ الله قد بعث أباك بأمرٍ لا يبقى على وجه الأرض بيت ولا مدر ولا حجر ولا وبر ولا شعر إلاّ أدخله الله به عزّاً أو ذلاً حتى يبلغ حيث بلغ الليل " ⁹. وكانت " سلام الله عليها " تؤثره بما عندها من طعام كالاُمّ المشفقة على ولدها، فعن أنس، قال: جاءت فاطمة عليها السلام بكسرة خبز لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال: "ما هذه الكسرة؟" قالت: "قرص خبزته ولم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة.." ¹⁰. وعن عبدالله بن الحسن قال: دخل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على فاطمة عليها السلام فقدّمت إليه كسرة يابسة من خبز شعير، فأفطر عليها، ثم قال: "يابنية، هذا أول خبزٍ أكله أبوك منذ ثلاثة أيام"، فجعلت فاطمة عليها السلام تبكي ورسول الله صلى الله عليه واله وسلم يمسح وجهها بيده" ¹¹.

3 - علاقة الحب والحنان
كانت الزهراء عليها السلام" أحب الناس الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم" ¹²، وهي بهجة قلبه وبضعة منه، يغضب لغضبها، ويرضى لرضاها، ويغضبه ما يغضبها، ويبسطه ما يبسطها، ويؤذيه ما يؤذيها، ويسرّه ما يسرّها ¹³.

وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه واله وسلم قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه،" وكان النبي صلى الله عليه واله وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها" ¹⁴. وإذا أراد سفراً أو غزاة كان صلى الله عليه واله وسلم آخر الناس عهداً بفاطمة عليها السلام ¹⁵، وإذا قدم كان صلى الله عليه واله وسلم أوّل الناس عهداً بفاطمة عليها السلام ، وكان صلى الله عليه واله وسلم لا ينام حتى يقبّل عرض وجهها،... ويدعو لها" 16. وكان صلى الله عليه واله وسلم يكثر من زيارتها وتعهدها ويقول لها: " فداك أبي وأُمّي " ¹⁷ ويقبّل رأسها فيقول: "فداك أبوك" ¹⁸ "وكان صلى الله عليه واله وسلم يعينها على الجاروش والرحى" ^19.

4- النبي يمسح دموع فاطمة عليها السلام
حينما استشهد حمزة بن عبدالمطلب عليه السلام في أُحد بكت فاطمة الزهراء عليها السلام فانهالت دموع المصطفى صلى الله عليه واله وسلم لبكائها ²⁰، وحينما ماتت رقية قعدت على شفير قبرها إلى جنب النبي صلى الله عليه واله وسلم وهي تبكي، فجعل النبي صلى الله عليه واله وسلم يمسح الدموع عن عينيها بطرف ثوبه رحمةً لها" ²¹.

5- فاطمة صديقة شهيدة
كانت شهادة الزهراءعليها السلام في السنة الحادية عشرة من الهجرة، واتّفق المؤرّخون على أنّ السيّدة فاطمةعليها السلام قد عاشت بعد أبيها أقلّ من سنة، علماً بأنّها كانت في ريعان شبابها كما كانت في أتمّ الصحة في حياة أبيها، نعم اختلفوا في يوم وشهر وفاتها اختلافاً شديداً.فقد روي أنها عاشت بعد النبيّصلى الله عليه واله وسلم ستة أشهر. وقيل: خمسة وتسعين يوماً. وقيل: خمسة وسبعين يوماً أو أقلّ من ذلك روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "أنها قبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه، سنة إحدى عشرة من الهجرة" ²². وعن الإمام الباقرعليه السلام: "وتوفّيت ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعون يوماً".

ـ هلمّي يا بنية: رأت السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلامأَباها في المنام وهو يقول لها: "هلمّي إليّ يا بُنَيَّة فإنّي اليك مشُتاقٌ" ثمّ قال لها: "أنتِ الليلةَ عندي".انتبهت من غفوتها. فتحت عينيها واستعادت نشاطها، واغتنمت تلك السويعات الأخيرة من حياتها، وشرعت تغسل ثياب أطفالها بيديها المرتعشتين، ثم دعت أطفالها وطفقت تغسل رؤوسهم، ودخل الإمام عليّ عليه السلام البيت وإذا به يرى عزيزته قد غادرت فراش العلّة وهي تمارس أعمالها المنزلية , ولما سألها عن سبب قيامها بتلك الأعمال فأخبرته بالرؤيا.

- أنت الليلة عندي: جاء عن أسماء أنّ فاطمة الزهراءعليها السلام لمّا حضرتها الوفاة قالت لأسماء: "إنّ جبرئيل أتى النبيّ لما حضرته الوفاة بكافور من الجنّة فقسّمه أثلاثاً، ثلثاً لنفسه، وثلثاً لعلي، وثلثاً، لي وكان أربعين درهماً فقالت: يا أسماء ائتني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا، وضعيه عند رأسي، فوضعته ثم قالت لأسماء حين توضّأت وضوءها للصلاة: هاتي طيبي الذي أتطيّب به، وهاتي ثيابي التي اُصلي فيها فتوضأت" ثم تسجَّت بثوبها ثم قالت: "انتظريني هنيئةً وادعيني فإن أجبتك وإلاّ فاعلمي أنّي قدمت على أبي فأرسلي إلى علي".

وحين حانت ساعة الاحتضار وانكشف الغطاء نظرت السيّدة فاطمة عليها السلام نظرة حادة ثم قالت: "السلام على جبرائيل، السلام على رسول الله، اللهمّ مع رسولك، اللهمّ في رضوانك وجوارك ودارك دار السلام، ثم قالت: هذه مواكب أهل السماوات وهذا جبرئيل وهذا رسول الله يقول: يا بنية أَقدمي فما أمامكِ خيرٌ لك" وفتحت عينيها ثم قالت: "وعليك السلام يا قابض الأرواح عجّل بي ولا تعذّبني" ثم قالت: "إليك ربّي لا إلى النار" ثم غمضت عينيها ومدّت يديها ورجليها.

فنادتها أسماء فلم تجبها، فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الحياة، فوقعت عليها تقبّلها وهي تقول: يا فاطمة إذا قدمت على أبيك رسول الله فاقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام، ودخل الحسن والحسين فوجدا أمهما مسجاة فقالا: يا أسماء ما ينيم أمنا في هذه الساعة ؟ قالت:" يا ابنيّ رسول الله ليست أمكما نائمة، قد فارقت الدنيا" ²³.