الهدف: المشاركة في بيان أنّ التسامح المحمود
هو نهج النبيّ المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، والأئمّة المهديّين من أهل
بيته(عليهم السلام).
محاوِر الخِطبة
1-مطلع الخّطبة.
2-تسامح أنبياء الله تعالى.
3- مفهوم التسامح.
4- نماذج مِن تسامُح النبيّ الأكرم.
5- التسامح في قاموس عباد الرحمن.
6- نماذج مِن تسامُح أئمّة أهل البيت(عليهم السلام).
7-مَن عصى الله فينا نُطيع الله فيه.
8- مِن فوائد التسامح.
مطلع الخِطبة
الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى السلام على خاتم النبيّين
وأشرف الخلق أجمعين سيّدنا ومولانا رسول الله أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله
الطيّبين الطاهرين، وبعد..
قال الله تعالى في مُحكَم كتابه وجليل خطابه:﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ
رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ
* الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾[1].
أيّها المؤمنونَ الكرام؛ إنّ مكارم الأخلاق، في دين الله، لها شأنٌ عظيم ومكانةٌ
عالية، ولذلك دعا الله تعالى أهل الإسلام إلى التحلّي بها، وحثَّهم على تنميتها في
نفوسهم؛ وقد نالت العناية الكبرى والمنزلة الرفيعة في كتاب الله _عزّ وجلّ_، وسنّة
النبيّ المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وسيرة الأئمّة من أهل بيته (عليهم
السلام). وإنّ المتأمّل في التعاليم التي جاء بها الإسلام؛ يجد أنّ القسم الأكبر
منها يهدف إلى تنظيم علاقة الناس بعضهم ببعض، ووضع الأُطر لهذه العلاقة، وفي ذلك
دلالة واضحة على أنّ هذه العلاقة بذاتها لها قيمةٌ سامية في الشريعة الإسلامية.إنّ
تنظيمها على أُسسٍ متينة وقواعد رصينة، يدخل ضمن مصاديق هذه القيمة. ولا شكّ أنّ
أنبياء الله تعالى وأوصياءهم الكِرام (عليهم أزكى الصلاة والسلام) هم أفضل من دعا
إلى الله بأخلاقهم الكريمة وصفاتهم الحميدة. قال الحقّ عَزَّتْ آلاَؤُهُ
فيهم:﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾[2]. ولا نبالغ
بالقول؛ أنّ حاجة المؤمن إلى الاقتداء بهم أعظم من حاجته لمقوّمات عيشه، وأصناف
مَتاعِه.
تسامُح أنبياء الله تعالى
اتّخذ أنبياء الله (صلوات الله عليهم) من التسامح وسيلة تربويّة لتنوير العقل
والقلب؛ إذ بهما يعقِل الإنسان ويَعي أنّ الله قد خلقَهُ حرّاً، فلا يصحُّ أن يكون
عبداً لغير بارئه، ولقد ضرَب الله لنا في كتابه العزيز أمثلةً كثيرة عن تسامح
رُسُلِه الكرام في مواجهةِ ما لاقوه من سُبابٍ وتكذيبٍ وإيذاء. وإنّ في قصّة نبيّ
الله يوسف بن يعقوب (عليهما السلام)، أروع الأمثلة على ذلك.فعلى الرّغم من الأذى
الكبير الذي تعرّض له على أيدي إخوته، والكيد والحسد الذي ملأ قلوبهم اتجاهه؛ إلّا
أنّه في أَوْج لحظات القوّة والاقتدار والتّمكين لم يعاملهم بمثل ما عاملوه به،
وإنّما سامحهم على كلّ ما صدَرَ عنهم من أقوال وأفعال شنيعة، وما زاد على قوله:﴿لَا
تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ
الرَّاحِمِينَ﴾[3]، فكان ذلك مقدّمة لتسامُح نبيّ الله يعقوب (عليه السلام) معهم،
واستغفاره لهم بعد أن سقوهُ مرارة الفراق والّلوعة، وجرّعوهُ غُصص الأحزان وما نتجَ
عنها.
مفهوم التسامح
ليس صعباً على من تدبّر في ماهيّة مفهوم التسامح أن يُدرك كيف جُمعَت فيه غُرر من
مكارم الأخلاق، فالأصلُ فيه مِن الحلم وفَرعُه من العفو وذُروته من الصفح والغفران
وسنامه من الإحسان. وما بين ذلك من كَظْم الغيظ ما يحبّه الله لعباده ويرضاه.
وستأتي في هذه البُرهة من الزمن الكثير من الشواهد الدالّة على ذلك.
التسامح في لسان العرب: من الفعل سَمَحَ به ويسمح به أي جاد به وأعطى عن كرمٍ وسخاء
"كَرُمَ به". وسَمَحَ له أي؛ أعطاه ومنحه.ومن مشتقّاتها أيضًا المسامحة أي؛
المـُساهلة. وتسامحوا تساهلوا "المـُياسرة في الأمر". وفي الحديث: "السَّماحُ رَباحٌ"؛
أَي المُساهلة في الأَشياء تُرْبِحُ صاحبَها، وسَمَحَ وتَسَمَّحَ فَعَلَ شيئاً
فَسَهَّل فيه.
أمّا التَّسامح في الاصطلاح؛ فهو فكرة عظيمة لها آليّاتها التنفيذيّة التي ينتج
عنها فعل قُدرةٍ بحيث يستر المرء القادر الفعل القبيح أو الكلام المسيء الذي صدر
بحقّه ممّن هو تحت قدرته، فيعمَد إلى الحِلْم والصَّفح والغفران والإحسان "التسامح"،
من مُنطلق القوّة والاقتدار على المـُسيء المُذنِب.
والتسامح في عُرف النَّاس هو الحِلم والعفو والصَّفح والمسامحة ممّن يمتلك القُدرة
على الانتقام وانتزاع الحقّ باليد من الأقلّ منه الذي تسبّب له بالأذى، أو الضرر،
وأقدره الله عليه.
مدلول التسامح
التسامح أمرٌ مطلوب مع الجميع، سواءً مع مَن هو أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في
الخَلْق. ويُستثنى من ذلك الكافر المحارب الذي يعيش حالة حرب مع المسلمين، فلا
يَحسُن بالمسلم أن يكون متسامحاً معه؛ بل ينبغي أن يكون شديداً عليه. وأمّا الذين
لهم ذمّة الإسلام وعهده والمستأمنين في المجتمع الإسلاميّ؛ فالإسلام يتسامح معهم،
وإن كانوا من أصحاب العقائد المخالِفة له، فيضمن لهم، وهم يعيشون في ظلّ نظامه
ودولته، أن يجهروا فيما بينهم بمعتقداتهم المخالِفة للإسلام في غير ما دعوة
للمسلمين، ولا طعنٍ في الدين، ويحافظ الإسلام على حياتهم وأموالهم ودمائهم؛
ويمتّعهم بخير الوطن الإسلاميّ بلا تمييز بينهم وبين المسلمين؛ ويدعهم يتحاكمون إلى
شريعتهم في غير ما يتعلّق بمسائل النظام العام، ولا يحقّ للإسلام أن يُكرههم أبداً
على اعتناق عقيدته.وكلّ ذلك حقٌّ جاء به نبيّ الإسلام، وحَفِل به التاريخ الإسلاميّ،
وفاق به الإسلام جميع الأنظمة القديمة والحديثة، وقد شَهِد له بذلك الأعداء،
فالتسامح بهذا المدلول فضيلة خُلقيّة، ومنهجٌ نبيل في العلاقات الإنسانيّة
والاجتماعيّة لا يضرُّ بعقيدةٍ، ولا يَهدر كرامة، ولا يضيّع حقاً.
التسامح المذموم
إذا كان التسامح يعني اللين والمـُدارة والمـُداهنة التي ينتج عنها إعطاء
الدنيّة في الدين، وإباحة المجتمع الإسلاميّ لجحافل دعاة "وعملاء" الجمعيّات
السريّة الكافرة ليشيعوا الفاحشة الفكريّة والخُلقية في الذين آمنوا، باسم "التنوّع
الحضاري"، و"الحريّة الدينيّة"، وما شابَه ذلك من زُخرُفِ القول بحجّة الانفتاح على
الآخَر، وتحسين صورة الإسلام والمسلمين في أذهان أبناء بقيّة الأُمم، فما هذا
بتسامُح؛ بل هو تمييع وخنوع، ومذلّة تجرُّ إلى خيانة دين الله وإصابته بإصابات
بليغة. وإنّ دين اللّه واحد إذا أصابت سهام أعداء الإسلام أيّ جانب منه، فقد أضرّت
بكيانه كلّه.وفي هذا التسامح القبيح روي عن الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام
أنه قال:"جازِ بالحسنة، وتجاوز عن السيئة ما لم يكن ثلماً في الدين، أو وهناً في
سلطان الإسلام".[4]
التسامح من صفات أصفياء الله تعالى
قال الإمام الصادق (عليه السلام):"العفو عند القدرة من سُنن المرسَلين والمتّقين.
وتفسير العفو أن لا تُلزِم صاحبك فيما أجرم ظاهراً، وتنسى من الأصل ما أصبتَ منه
باطناً، وتزيد على الاختيارات إحساناً، ولن يجد إلى ذلك سبيلاً إلاّ من قد عفى الله
عنه، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وزيّنه بكرامته وألبسه من نور بهائه، لأنّ
العفو والغفران صفتان من صفات الله _عزّ وجلّ_ أودعهما في أسرار أصفيائه ليتخلّقوا
مع الخلق بأخلاق خالقهم وجعلهم كذلك. قال الله _عزّ وجلّ_: ﴿وَلْيَعْفُوا
وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ﴾[5]، ومن لا يعفو عن بشر مثله، كيف يرجو عفْوَ ملك جبّار"[6]؛ فمن أراد
الآخرة فيجب أن يكون العفو شعاره في هذه الدنيا، ومن أراد السعادة في هذه الحياة
أيضاً، فليعلم أنّ من أهمّ أسباب تحصيل هذه السعادة هو أن تتسامح مع من ظلَمَك،
وتُحسن إلى من أساء إليك، فإنّ التسامح والعفو ينقّيان القلب من الغيظ والحقد
والعداوة، كذلك الصفْح والتجاوز يُطهّران القلب، ويجلبان له السعادة والمسرّات. ومن
المتعارَف عليه؛ أنّ الإنسان لا يُسَرّ وقلبه ممتلئٌ غيظاً وحِقداً، لأنّه في حالة
إلحاح على تبنّي أفكار سيّئة، واحتضان مشاعر سلبيّة في داخله، وهي التي تعمل على
خلْق الصراعات الدائمة في نفسه؛ ممّا يجعله يعيش في حيْرة وقلق واكتئاب، وعلاجه بأن
يعمل بما روي عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام):"عوّد نفسك السماح، وتجنّب
الإلحاح يَلزَمكَ الصلاح"[7]، "ملازمة" ، وأنت أيّها المؤمن إذا رُمت السعادة بأعظم
تجليّاتها، فلك أُسوة بنبيّك الأقدس الذي قال الله تعالى في حقّه:﴿لَقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً﴾[8]، وسيرته المباركة تفيض إشراقًا
بالمواقف المتسامحة مع الخلائق. وتُعدّ تلك المواقف نماذج لمن يُنشد سعادة النفس
ومعالي الأمور، كما أنّها ممتلئة بالمعالِم الواضحات لمـَن يطلب حياة الشرف
والمروءة.
التسامح في مدرسة النبوّة
يعلّمنا مولانا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) درساً عظيماً في التسامح وردّ
الإساءة بالإحسان، وهو في خضمّ معركة أُحد وقد شُخبت جراحاته وكُسرت رباعيته، وقُتل
عمّه سيّد الشهداء حمزة رضوان الله عليه، ومع كلّ ما أصابه من أذى قريش لم يزِد على
أن قال:"اللهم اغفر لقومي، فإنّهم لا يعلمون"[9]، فتأمّل كيف لم يمنعه سوء صنيعهم
به عن مسامحتهم، وإرادة الخير لهم:
إن كان يُعجبك التسامح شيمة ... سَلْ أهل مكّة ساعة
الإنصافِ
ولئن يروقك أن تهيم بماجدٍ ......... فالمجد صِنْعَتَهُ بلا إسـفافِ
تسامح النبيّ مع الذين أجارتهم أمّ هانئ
أَجارت أمّ هانئ بنت أبي طالب (رضي الله عنهما) حموين لها يوم فتح مكّة- وكانا قد
خرجا لمواجهة جيش المسلمين القادم للفتح- فأقبلت إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله)،
وقالت له: زعم ابن أمّي - تعني أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) - أنّه قاتل رجلاً
قد أجرته، فسامَحهما رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأقرّ جوار أم هانئ
قائلاً:قد أَجرنا من أجرتِ، وأمَّنَّا من أمَّنتِ"[10].
تسامُح النبيّ(صلّى الله عليه وآله) مع من أراد قتله
مِن موارد عفوِه وسماحته ما اشتهر في الآفاق لمـّا تسامح مع تلك المرأة اليهودية
التي جاءته بشاة مسمومة فأكل منها، فجيءَ بها، فقيل له ألّا نقتلها قال:" لا". وما
أكثر هذه الموارد في سيرته المباركة، ولا بأس أن نذكر ما رواه جابر بن عبد الله
الأنصاريّ قال: كنّا مع رَسُول اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله) بذات الرّقاع، فإذا
أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرَسُول اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله)، فجاء رجل من
المشركين وسيف رَسُول اللَّهِ معلّق بالشجرة، فاخترطه فقال: تخافني؟ قال: "لا"،
فقال: فمن يمنعك منّي؟ قال "اللَّه"، فسقط السيف من يده، فأخذ رَسُول اللَّهِ (صلّى
الله عليه وآله) السيف، فقال:"من يمنعك منّي؟" فقال: كُن خير آخذ، فقال (صلّى الله
عليه وآله):"تشهد أن لا إله إلّا اللَّه وأنّي رسول اللَّه؟" قال: لا، ولكنّي
أُعاهدك أن لا أُقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك؛ فخلّى سبيله، فأتى أصحابه، فقال:
جئتكم من عند خير الناس"[11].
هذه بعض المواقف التي صدرت عنه (صلّى الله عليه وآله)، وهيهات أن يصف الواصف
تسامُحه وإن أطال الكلام، أو أن يحكيه العارف وإن ملأ بطون الدفاتر وبرى ألسنة
الأقلام، فما أحوجنا إلى قراءة سيرته العَطِرة، والالتزام بخطّه الرساليّ، والأخْذِ
بمنهجه في التسامح الاجتماعيّ، لتسود أجواء المحبّة والوئام فيما بيننا، وتتوثَّق
روابط قلوبنا وتتقوّى بيننا الأخوّة الإيمانيّة التي تُعدّ خِلّة من خِلال المتّقين،
وخِصلة من خِصال المهتدين، وأعظم الوشائج بين عباد الله الصالحين.
مِن تسامُح أمير المؤمنين عليّ عليه السلام
تحدّثنا سيرة الأئمّة من أهل بيت النبوّة (عليهم السلام) أنّهم يحملون روح الحبّ،
وينابيع الصفاء ومناهل التسامح مع أعدائهم ومبغضيهم والمتصدّين لهم بالأذى والسباب،
والساعين لقتلهم وتصفيتهم، بل وحتّى مع قتلتهم، وهذا أمرٌ غير معهود عند أحد من
الخلائق، غير الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا، فقد قال الشافعي: أخبرنا
إبراهيم بن محمّد عن جعفر بن محمّد عن أبيه أنّ عليّاً (عليه السلام) قال في ابن
مُلجم بعد ما ضربه: "أطعموه واسقوه، وأحسنوا إساره؛ إن عشت، فأنا وليّ دمي أعفو إن
شئت، وإن شئت استقدت، وإن متّ فقـتـلـتمـوه فلا تـمثّـلـوا"[12].
ومِن كلام له (عليه السلام) قبل موته على سبيل الوصيّة:"وصيّتي لكم أن لا تشركوا
بالله شيئاً، ومحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، فلا تضيّعوا سنّته، أقيموا هذَين
العمودَين، وأوقدوا هذَين المصباحين، وخلاكم ذم، أنا بالأمس صاحبكم، واليوم عِبرة
لكم، وغداً مفارقكم، إن أبقَ فأنا وليُّ دمي، وإن أفنَ فالفناءُ ميعادي، وإن أعفُ،
فالعفوُ لي قربة، وهو لكم حسنة، فاعفوا ألا تحبّون أن يغفر الله لكم؟"[13]
هيهات هيهات تاهت الحلوم، وحارت الألباب وتصاغرَت العُظماء وتحيّرت الحُكماء
وتقاصَرت الحلماء وحصرت الخطباء وجُهلت الألباء وكلّت الشعراء وعَجِز الأُدباء
والبُلغاء عن وصف شأن من شؤون أمير المؤمنين (عليه السلام). وإنّي أعجز من أن أعلّق
على تسامحه مع أشقى الأوّلين والآخرين، فلا ريب إنّ المرتضى عين المصطفى ويمينه، لو
حلَف الدهر ليأتينّ بمثله حنثت يمينه، وإنّ أيّ تعليق ووصف سيبقى قاصراً بعد أن وصف
الله _عزّ وجلّ_ ذلك الخُلق العظيم الذي انبثق منه خُلق أبي الحسن عليه السلام،
أعني به خُلق رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذي وصفه الله بقوله:
﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[14].
التسامح في قاموس عباد الرحمن
قال الله تعالى في مُحكم كتابه: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾[15]، يا محمّد : قُل لعبادي الذين يرجون
لقائي ويرجون محبّتي، "قل لعبادي": تأمّل كيف أعطاهم شرف النسبة إليه سبحانه مثلما
قال:﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ﴾[16]، ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ﴾: إذا جاءك إنسان، فقال لك: فلان قد أساء إليك، ويقول فيك كذا وكذا، فهناك
حسن، وهناك أحسن- لاحظ أنّ الله لم يقُل: قولوا حُسنى، بل أَمَر: بأن يقولوا التي
هي أحسن"أفعل التفضيل". ومتابعةً لهذا المنهج المبارك قال الله تعالى في سورة
النور:﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[17]، وقال إمام العترة النبويّة الطاهرة جعفر بن محمّد
الصادِق (عليهما السلام):"لأن أندمَ على العفوِ أحبُّ إليَّ من أندَم على العقوبة؛
كان يقال لي أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلاً من ظلم من
دونه"[18] ، وهذا ممّا يدلّ على أنّ عباد الله حقّاً مطلوب منهم أن يتسامحوا فيما
بينهم، ولا يبادلون الإساءة بالإساءة؛ وإنّما يردّوها بالإحسان: ﴿فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾[19]؛ عند ذلك تَهِبُّ
نسائم الخير وتنتشر أخلاق المجتمع الأخويّ الفاضل الطاهر،وتتلاشى أوصاف مجتمع
التنافر والكراهيّة والاستعلاء والأنانيّة.
قطرةٌ من بحر تسامُح مولانا الحسين (عليه السلام)
فيما يلي نذكر حادثة جرَت لمولانا الإمام أبي عبد الله الحُسين (عليه السلام) ظهَر
فيها من مكارم أخلاقه وسِعة صدره وتسامُحه ما صيّر ناصب العداء لأهل بيت النبوّة من
أشدّ الناس حبّاً للحسين ولأبيه أمير المؤمنين (عليهما السلام). ولنترك الحديث عن
تلك اللَّحظات للعبد الذي شمله تسامح سيّد الشهداء، فليس كمثله من يستطيع تصويرها
بدقَّةٍ وصِدْق، قال عصام بن المصطلق[20]: دخلت الكوفة، فأتيت المسجد، فرأيت
الحُسين بن عليّ جالساً فيه، فأعجبني سمته ورواه، فقلت أنت ابن أبي طالب؟ قال أجل،
فأثار منّي الجسد ما كنت أجنه له ولأبيه، فقلت: فيك وبأبيك، وبالغت في سبّهما ولم
أكنّ، فنظر إليّ نظر عاطف رؤوف، وقال:"أمن أهل الشام أنت"، فقلت أجل، قال: شنشنة
أعرفها من أخزم، فتبين فيَّ الندم على ما فرط منّي إليه، فقال:﴿لا تثريب عليكم
اليوم يغفر الله لكم﴾، انبسط إلينا في حوائجك لدينا تجدنا عند حُسن ظنّك بنا، فلم
أبرح وعلى وجه الأرض أحبّ إليّ منه ومن أبيه، وقلت﴿الله أعلم حيث يجعل رسالته﴾ ثم
أنشأت أقول:
ألم ترَ أنّ الحلم زينٌ لأهله ....... ولا سيّما إن زان
حلمك منصب
ســـليل رسـول الله يقتصّ هديه ....... عليه خباء المكرمات مُطنب
قريب من الحسنى بعيد من الخنا.. صفوح إذا استعتبته فهو معتب
صفوح على الباغي ولو شاء لاقه .... بشنعاء فيها لامرئ متأدّب
فقل لمسامي الشمس أنّى تنالها .. تأمل سناها وانظرنَ كيف تُعرب
وهذه القطرة من ذلك البحر، والشذرة من ذلك البذر ،كافية وافية لبيان تسامح إمام
الشهداء الذي بكى رحمة على أفراد جيش اللئام الزاحف صوب قتاله، كيف سيدخلون النار
بسببه.
مَن عصى الله فينا نُطيع الله فيه
نحن في هذه الصفحة مع نموذج من عباد الله الذين أدّبهم خاتم النبيّين (صلّى الله
عليه وآله)، فكانوا مِن خيرة المقتفين لآثار الأنبياء والأوصياء لا تهزّهم إساءة،
ولا تستفزّهم جهالة، لأنّ لغو السفهاء يتلاشى فى رحاب تسامُحهم كما تتلاشى الأحجار
في أغوار البحر المحيط. ومن هؤلاء الكرام أبو ذرّ الغفاريّ(رضي الله عنه)، فقد
شتمَهُ رجلٌ ذات يوم، فما كان من أبي ذرّ إلّا أن قال له متسامحاً متسامياً:"يا هذا
لا تُغرق في شتمنا، ودع للصلح موضعاً، فإنّا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن
نطيع الله فيه"[21]؛ وهذا درس عظيم يوضح كيف أنّ المؤمن ذو قلب رحيم، عطوف حنون
يكظم الغيظ ويسامح، ويعفو عن الناس وإن أساؤوا.والمؤمن المتسامح أسمى من أن يتصرّف
من منطلق غيظٍ أو غضبٍ أو حقد. وكيف يعرف قلبه الأحقاد، وقد تمكّنت فيه هداية الله
وحبّ المؤمنين ؟
قبسٌ من نور تسامح الإمام السجّاد (عليه السلام)
ربّى الإمام أمير المؤمنين عليّ والأئمّة الهداة من أهل بيت النبوّة (عليهم السلام)
أتباعهم على التسامح والعفو، وأن لا يتمادوا في الخصومة، عملاً بقول الله _جلّ
جلاله_:﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾[22]،
وبقوله تعالى: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامً﴾[23]، وبقوله
عزّت آلاؤه: ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾[24]، وقال الإمام
الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام):"إنّا أهل بيت مروّتنا العفو عمّن ظلمنا"[25]،
وهذه رواية جامعة لبيان مقام خُلُق العفو والتسامح عند أهل البيت، والمتتبّع
لسيرتهم (عليهم السلام) سيجد ما هو أكثر من ذلك، لا سيّما ما جرى بين الإمام
السجّاد عليه السلام وتلك الجارية التي شجّت رأسه الشريف، فتأمّلوا كيف قابلها، وهي
تتدرّج بذِكْر الآيات القرآنيّة الكريمة وطلبت منه كَظم الغيظ، فكظمَ غيظه صلوات
الله عليه، ثمّ عفا عنها، ثمّ أحسن إليها بإعتاقها.قال الحافظ عبد الرزّاق بن همّام
الصنعاني:"جُعلت جارية لعليّ بن الحسين عليهما السلام تسكُب عليه الماء، وهو يتهيّأ
للصلاة، فسَقط الأبريق من يدِ الجارية على وجهه، فشجّه، فرفع عليّ بن الحسين رأسه
إليها، فقالت الجارية إنّ الله _عزّ وجلّ_ يقول: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾، فقال:
قد كظمتُ غيظي، قالت: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾، فقال لها: عفا الله عنك،
فقالت: ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾ قال:"اذهبي، فأنتِ حرّة لوجه الله تعالى"[26].
مِن فوائد التسامح
قال جابر بن عبد الله الأنصاريّ(رضي الله عنه) قال رسول الله (صلّى الله عليه
وآله):"رحِم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى، سمحا إذا
قضى"[27].
لو لم يكن من فوائد التسامح والسماحة إلّا ترحُّم رسول الله(صلّى الله عليه وآله)
على المتّصف بهذه الصفة لكفى، فكيف والمتعارف عليه أنّه لا يؤثر في النفس الحرّة
شيء كالتّسامح، وناهيك بما يتبعه من جمال الأحدوثة، واستفاضة الذكر وهما يزيدان في
قدرة المتسامح واعتباره، وينأيان به عن مواضع الخصومة، واستثارة الأعصاب. فالتسامح
من الأخلاق الكريمة التي يتحلّى بها العظماء الذين يحسُن بالمسلم أن يتبع خُطاهم،
فيتسامح في كثير من الأمور، ويضرب صفحاً عن كلّ ما يسعَهُ فيه التغاضي عنه؛ وما
أجمل أن يستحضر المرء ما قاله أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام):
أُغَمِّضُ عيني عن أمور كثيرة ......... وإنّي على ترك
الغموض قدير
وما من عمى أغضي ولكن لربما...... تعامى وأغضى المرء وهو بصير
وأَسْكُتُ عن أشياءَ لو شئتُ قلتها ........ وليس علينا في المقال أمير
أصَبِّرُ نفسي باجتهادي وطاقتي .......... وإنّي بأخلاق الجميع خبيرُ
أفضل وسيلة لحُسن العِشرة وعمارة الديار
من عادة الزوج أن يكون البادئ بالإحسان لزوجه وأولاده، فإذا وجد فيهم إساءة آلمته
فلربّما اشتدّ غضبه وصعُب عليه أن يعفو ويصفح لأنّه يحتسب إساءة الأهل حينئذ نوعاً
من الجحود ونكران الجميل، لهذا احتاج إلى توجيه خاصٍّ إليه بأن يعفو ويصفح حتى
يستحقّ من الله المغفرة والعفو والصفح. ولهذا نجد أنّ الله تبارك وتعالى لمـّا
بيَّن أنّ من الأزواج والأولاد من يكون فتنة؛ قال عَزَّتْ آلاَؤُهُ: ﴿يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ
فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ﴾[28].
والزوجة هي المقصود الأوّل بهذا التسامح لأنّها أنيسة الرجل وشريكة حياته، تشاطره
السرّاء والضرّاء، وتواسيه في الأفراح والأحزان وتنفرد بجهود شاقّة مضنية من تدبير
المنزل ورعاية الأسرة ووظائف الأمومة، فعلى الرجل أن يُحسن عِشرتها، ويسوسها بالرفق
والمداراة، تلطيفاً لمشاعرها، وذلك مما يسلّيها ويخفّف متاعبها ويضاعف حبّها
وإخلاصها لزوجها. ولا يغيب عنك أيّها الرجل الكريم أنّ المرأة بحُكم عواطفها
ووظائفها، مُرهفة الاحساس، سريعة التأثّر، قد تسيء الى زوجها بكلمة نابية، أو تقريع
جارح، صادرَين عن ثورة نفسيّة وعاطفيّة، فعلى الرجل أن يضبط أعصابه، ويقابل إساءتها
بحُسن التسامح والإغضاء، لأنّ التسامح سلاح القويّ، والوسيلة الأمثل لبقاء سفينة
الأُسرة آمنة مطمئنّة تسير في بحر الحياة، لا تُزعزعها عواصف النفرة والخلاف، ولا
الصلف والتعسّف الذي قد يستبدّ ببعض الأزواج، فيحسبون أنّ قوّة الشخصيّة ومصادرَ
عزِّة الرجولة وسبُلها لا تبرز فيهم إلّا عَبر التحكّم بالزوجة، والتجهّم لها،
والتطاول عليها بالإهانة، وتلك خِلالٌ مقيتة تنمّ عن شخصيّة ضعيفة معقّدة، تعكّر
صفو الحياة الزوجيّة وتنغّص الهناء العائلي. فإذا كان الرجل يريد أن يكون عزيز
الجَناب أمام زوجته، فهذه العزّةُ يمكِن تحصيلُها في ولوجِ بابِ التسامح والعفو
والصَّفح والمغفرة، فطِيبُ النفس وإقالةُ العثرة وكَظم الغيظ والعفوُ؛ كلُّ ذلك
يعَدّ مما حضَّ عليه الإسلام في التعامُل، ومَن كانت هذه صفَته فهو خليقٌ بأن يكونَ
من أهل العزَّة والرفعة؛ لأنَّ النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال:"عليكم
بالعفو، فإنّ العفو لا يزيد العبد إلاَّ عِزَّاً، فتعافوا يُعزكم الله"[29]، وقال (صلّى
الله عليه وآله وسلّم):"ما مِن عبدٍ ظُلِمَ بمظلمةٍ، فيُغضِي عنها لله إلاَّ أعزَّ
الله بها نصَره"[30]، فبالتسامح تكون العِزَّة يا طالب العزّة.
هذا، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على المبعوث رحمة للعالمين
سيّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
1- سورة آل عمران، الآيتان 133و134.
2- سورة الأنعام، الآية 90.
3- سورة يوسف، الآية 92.
4-عبد الواحد بن محمّد بن عبد الواحد الآمديّ التميميّ، غُرر الحِكَم ودُرر الكَلِم،
ص341، طبعة: دار الكتاب الإسلاميّ، قم، وعليّ بن محمّد بن الحسن بن أبي نزار الليثيّ
الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص223، طبعة:1، دار الحديث، قم.
5- سورة النور، الآية 22.
6- الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام، مصباح الشريعة المنسوب له (ع)،
ص158-159، طبعة:1، مؤسّسة الأعلميّ، بيروت.
7- الآمديّ التميميّ، غُرر الحِكَم ودُرَر الكَلِم، ص458، والليثيّ الواسطيّ، عيون
الحِكَم والمواعظ، ص340.
8- سورة الأحزاب، الآية 21.
9- أبو القاسم الطبرانيّ، المعجم الكبير، ج6، ص120، حديث 5694، طبعة:2، مكتبة
العلوم والحكم، الموصل.
10- إسحاق بن إبراهيم بن مخلّد بن راهويه الحنظليّ، مسند إسحاق بن راهويه، ج5، ص16،
حديث 2114، طبعة:1، مكتبة الإيمان، المدينة المنوّرة، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف،
وأبو داوود في السنن، وأحمد في المسند، وغيرهم.
11- رواه البخاريّ في صحيحه، كتاب الجهاد، باب: من علّق سيفَه بالشجر في السفر،
ورواه باختلاف ألفاظ ثقة الإسلام الشيخ الكلينيّ في الكافي، ج8، ص127، طبعة 4: دار
الكتب الإسلامية، طهران، ومعنى اخترط السيف: أي سلَّهُ.
12- إمام الشافعيّة محمّد بن إدريس الشافعيّ، الأم، ج4، ص229، طبعة: دار الفكر،
بيروت.
13- عزّ الدين بن هبة الله بن محمّد بن محمّد ابن أبي الحديد المدائنيّ، شرح نهج
البلاغة، ج15، ص143 طبعة:1، مكتبة آية الله المرعشيّ النجفيّ، قم.
14- سورة القلم، الآية 4.
15- سورة الإسراء، الآية 53.
16- سورة الفرقان، الآية 63.
17- سورة النور، الآية 22.
18- محمّد بن مفلح، الآداب الشرعيّة، ج1، ص183، فَصْلٌ: فِي الْإِنْكَار عَلَى
السُّلْطَان وَالْفَرْق بَيْن الْبُغَاة وَالْإِمَام الْجَائِر.
19- سورة فصلت، الآية 34.
20- محمّد بن مفلح بن محمّد بن مفرج المقدسيّ ثمّ الصالحيّ الحنبليّ، الآداب
الشرعيّة والمنح المرعيّة، ج1، ص302، فَصْلٌ: حَمْلُ مَا جَاءَ عَنْ الْإِخْوَانِ
عَلَى أَحْسَنِ الْمَحَامِلِ.
21- أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان الإربليّ، وفيّات الأعيان وأنباء
أبناء الزمان، ج2، ص67-68، طبعة: دار صادر، بيروت.
22- الحافظ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج43، ص224، طبعة: دار الفكر.
23- أبو سعد منصور بن الحسين الآبيّ، نثر الدرّ، ج2، ص55، طبعة:1، دار الكتب
العلميّة، بيروت، ومحمّد بن مفلح الصالحيّ الحنبليّ، الآداب الشرعيَّة، والمنح
المرعيَّة، ج2، ص11، طبعة: عالم الكتب، والتذكِرة الحمدونيّة، وغيرهم.
24- سورة الأعراف، الآية 199.
25- سورة الفرقان، الآية 63.
26- سورة القصص، الآية 55.
27- الشيخ الصُّدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ، الأماليّ، ص289، المجلس
الثامن والأربعون، طبعة:6، كتابجي طهران.
28- الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان العكبريّ، الإرشاد، ج 2، ص 146،
طبعة:2، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم السلام، نشر: دار المفيد للطباعة والنشر،
لبنان، والحافظ ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج41، ص387، طبعة: دار الفكر.
29- محمّد بن حبّان بن أحمد التميميّ البستيّ، صحيح ابن حبان، ج11، ص267، طبعة:2،
مؤسّسة الرسالة، بيروت.
30- سورة التغابن، الآية 14.
31- الشيخ محمّد بن يعقوب الكُليني، الكافي، ج2، ص108.
32- أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج2، ص436، حديث رقم9622، طبعة: مؤسّسة قرطبة، القاهرة.