محاور الموضوع الرئيسة:
- عليٌّ عليه السلام من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخاصَّته.
- علي عليه السلام يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله.
- علي فدائي الإسلام.
الهدف:
التعرّف على جوانب من جهاد الإمام علي عليه السلام.
تصدير الموضوع:
قال الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَالله رَؤُوفٌ بِالْعِبَاد﴾1.
لقد خلق الله صورة علي عليه السلام المجاهد وبطل الإسلام و برّز تضحياته وفدائيّته ومنها قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾2.
1ـ علي عليه السلام يشري نفسه إبتغاء مرضاة الله:
تآمرت قريش على قتل رسول الله وكان القرار بعد أن اجتمعوا في دار الندوة وقد كثرت الآراء بينهم أن يندبوا من كلّ قبيلة فتىً شابّاً معروفاً في قبيلته، ويقتلونه ضربة رجل واحد، واتّفقوا على ليلة تنفيذ الخطة، فأتى جبرائيل إلى النبيّ وأخبره بذلك، وأذن له بالهجرة، فعند ذلك أخبر عليّاً بأمورهم وأمره أن ينام في مضجعه على فراشه الذي كان ينام فيه،... فأجاب عليه السلام: "أو تسلمْ يا رسول الله إن فديتك نفسي؟". فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "نعم بذلك وعدني ربّي"، فتبسّم علي عليه السلام ضاحكاً، وأهوى إلى الأرض ساجداً، شكراً لما أنبأه به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سلامته، ثمّ ضمّه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى صدره وبكى وَجْداً به، فبكى عليّ عليه السلام لفراق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعندما جاء الليل، إتّشح عليّ عليه السلام ببرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي اعتاد أن يتّشح به، واضطجع في فراش النبيّ مطمئن النفس رابط الجأش ثابت الجنان مبتهجاً بما أوكل إليه فرحاً بنجاة النبيّ، وجاء فتيان قريش والشرّ يملأ نفوسهم...، ولمّا حانت ساعة تنفيذ خطّتهم، هجموا على الدار، فوثب عليّ عليه السلام من فراشه وشدّ عليهم فأجفلوا أمامه وفرّوا إلى الخارج... فهبط جبرائيل فجلس عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرائيل يقول: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة فوق سبع سماوات.
وفي رواية تخلَّف عليٌّ عليه السلام يوم الهجرة ليبيت في فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويصرف الأعداء عنه، ويؤدِّي الأمانات إلى أهلها، حتى تكتمل رسالة الإسلام المحمَّدية، فنزل فيه قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَاد﴾3.
2ـ بعليٍّ كفى الله المؤمنين القتال:
في استبساله يوم وقعة الأحزاب قيل: إنَّ الآية المباركة: ﴿وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال﴾4 نزلت في الإمام عليٍّ عليه السلام.
حتى أنَّ ابن مسعد كان يقرأ الآية: ﴿وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَال﴾ بعليٍّ بن أبي طالب5.
3ـ ليس أفضل من إيمان عليٍّ عليه السلام وجهاده في سبيل الله:
الآية الكريمة تشهد بجهاد عليٍّ وبطولاته: ﴿أجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِندَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدَوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأمْوَالِهِمْ وَأنفُسِهِمْ أعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُون﴾، عند تفاخر "العبَّاس وطلحة" بالسقاية وسدانة الكعبة.
4- علي فدائي الإسلام:
حضَّ اللّه سبحانه وتعالى المسلمين على الشجاعة والثبات في تبليغ الدعوة وفي الجهاد في سبيلها، يقول اللّه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ﴾6، ولأن القادة هم القدوة لجنودهم، فاقتدى علي عليه السلام بشجاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الدعوة إلى الله والقتال في سبيله، وتتمثّل شجاعته عليه السلام في مواقف متعددة أدّت إلى انتصار المسلمين، فمثلاً في غزوة بدر الكبرى كان عدد جيش كفار قريش يساوي ثلاثة أضعاف جيش المسلمين، ومن المتعارف عليه أن تكون الغلبة للأكثر عدداً، لكن علياً عليه السلام استطاع أن يقتل نصف قتلى المشركين وبعضهم من الكبار عندهم مما غيّر موازين المعركة وحسم النصر لصالح المسلمين في معركة غيّرت مجرى الأحداث في التاريخ الإسلامي. وشارك عليه السلام إلى جانب بدر في كل غزوات ومعارك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدا تبوك، دفاعاً عن الإسلام وفي الدعوة إليه، منها: يوم بني النضير، ويوم الخندق حين تحزّبت الأحزاب ضد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث تصدى علي عليه السلام لقادتهم وقتل عمرو بن ود العامري الذي تحدّى المسلمين بغطرسته وعنفوانه، وكان يُعد بألف فارس، وكان قتله سبباً لهزيمة أحزاب المشركين في الخندق، وحينها قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله الشهير: "برز الإيمان كله إلى الشرك كله"7، وكان عليه السلام إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خيبر، وتؤكّد الأخبار أنه لما أقبل علي عليه السلام بالراية يهرول وخلفه الناس، فركّز رمحه قريباً من الحصن، وأشرف عليه حبر من الأحبار فقال: من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب، فقال اليهودي: غَلبتم وما أُنزل على موسى، ولما دارت المعركة بينهم حزّ علي رأس مرحب قائد جيش اليهود فتراجع اليهود مهزومين واختبئوا خلف الحصن، فقلع عليه السلام باب خيبر8 وقاتل اليهود حتى هزمهم.وإلى هذا أشار ابن أبي الحديد في قصيدته قائلاً:
يا قالع الباب الذي عن هزه عجزت أكفٌ أربعون وأربع
وانتصر المسلمون يوم حنين حين قتل علي عليه السلام أبو جرول حامل راية المشركين إلى حنين.
1- البقرة:207.
2- البقرة:207.
3- البقرة:207
4- الأحزاب:25
5- دلائل الصدق 2: 174
6- الأنفال، الآية45.
7- بحار الأنوار،ج20،ص215
8- مناقب آل أبي طاب،ج2،ص125