الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1344 - 22 جمادى الآخرة 1440 هـ - الموافق 28 شباط 2019م
حرمة شرب الخمر وعواقبه

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

حرمة شرب الخمر وعواقبه

محاور الخطبة:
- حرمة شرب الخمر
- الشرائع الإلهيّة كلّها حرّمت الخمر
- لا تسقط الصلاة عن شارب الخمر
- الأحاديث الواردة في شارب الخمر
- كيفيّة التعامل مع شارب الخمر
- أحكام تتعلّق بشرب الخمر
- هل لشارب الخمر من توبة؟

مطلع الخطبة
الصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
قال الله -تعالى- في محكم كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ[1].

أيها الأحبة،
إنّ من عظمة التشريع الإسلاميّ، أنّه لا يُحكم فيه بشيء إلّا ومن وراء ذاك الحكم مصلحة للإنسان، فإذا حرّم شيئاً فإنّما لمفسدة ما تقبع خلف هذا الفعل المنهيّ عنه أو ذاك، وإذا أحل شيئاً أو أوجبه، فإنّ من ورائه مصلحة للإنسان، سواءٌ أكان ذلك على مستوى حياته الدنيا، أم مستوى حياته الآخرة.

ولا بدّ في هذا المجال أن يكون المرء على وعي وإدراك من أنّ أحكام الإسلام هي أحكام إلهيّة، حكم بها الله -تعالى-، العالِمُ بخفايا الأمور وعواقبها، فإذا حكم بشيء فإن حكمه هذا ليس عن عبث، إنّما عن علم وحكمة، وأنّ على الإنسان أن يسلّم بذلك تسليماً مطلقاً.

وإنّ هناك أحكامًا عظيمة تدلّنا بوضوح تامّ كم أنّ هذا الدين دين خير وعافية وحبّ وسلام، كم أنّه دين يدعو دومًا لصالح حياة الإنسان وسعادته وكرامته.

ومن تلك الأحكام العظيمة والجليلة، هو الحكم بحرمة شرب الخمر، وحرمة تعاطي كلّ ما يؤدّي مؤدّى الخمر من ذهابٍ للعقل وضياع في التفكير، وتناوله واستخدامه، كتعاطي المخدِّرات بأنواعها.
 
حرمة شرب الخمر
قد نهى الله عن شرب الخمر،  وأمر باجتنابه في عدد من آيات القرآن الكريم، مبيّنًا في بعضها مساوئ ذلك، بالإضافة إلى الأحاديث الشريفة التي وردت عن لسان المعصومين (عليهم السلام)، وهم يشدّدون النكير فيها على شرب الخمر وأمثاله.
فقال -سبحانه-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ.

وفي هاتين الآيتين إشارات متعدّدة:
منها أنّ الحصر ب"إنّما" في الآية المباركة، يشير إلى أنّ شرب الخمر لا ينفكّ عن تلك المفاسد والعواقب الوخيمة التي تنتج عنه، وقد عقّب ذلك بأنّ هذه الأعمال إنّما هي من عمل الشيطان، وإنّ عمل الشيطان في ذلك يتمحور ببثّ البغضاء والعداوة بين المؤمنين، حتّى يضعفوا ويوهنوا، وكذلك الصدّ عن ذكر الله وإقامة الصلاة، والتي تعتبر عمود الدين ومحور علاقة الإنسان بربه -سبحانه-.

وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام)، مبيّناً علّة تحريم شرب الخمر بقوله: "حرّم الله الخمر لفعلها وفسادها؛ لأنّ مدمن الخمر تورثه الارتعاش، وتذهب بنوره وتهدم مروته وتحمله على أن يجترئ على ارتكاب المحارم وسفك الدماء وركوب الزنا، ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه، ولا يعقل ذلك، ولا يزيد شاربها إلّا كلّ شرّ"[2].

وكذلك ورد أنَّ زنديقاً قال للإمام الصادق (عليه السلام): فلِمَ حرّم الله الخمر، ولا لذّة أفضل منها؟

قال (عليه السلام): "حرّمها لأنّها أمُّ الخبائث، ورأس كلِّ شرّ، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبّه، فلا يعرف ربّه، ولا يترك معصية إلّا ركبها، ولا حرمة إلّا انتهكها، ولا رحماً ماسّة إلّا قطعها، ولا فاحشة إلّا أتاها، والسكران زمامه بيد الشيطان، إن أمره أن يسجد للأوثان سجد، وينقاد حيثما قاده"[3].

وإنّ الحكم بالحرمة يشمل كلّ ما يؤدّي مؤدّى شرب الخمر، كتعاطي المواد المخدِّرة التي أصبح انتشارها ينذر بالخطر، والتي لا بدّ إزاء ذلك أن يتنبّه الآباء والأمّهات، وكلّ أصحاب الشأن في مجتمعاتنا من مدى خطورة ذلك، فقد ورد عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنّه قال: "إنّ الله -عزّ وجلّ- لم يحرّم الخمر لاسمها، ولكنّه حرّمها لعاقبتها؛ فما كان عاقبته عاقبة الخمر، فهو خمر"[4].
 
شبهتان
الأولى: الشرائع الإلهيّة كلّها حرّمت الخمر
يقع بعض الناس بشبهة تقول بأنّ الخمر كان حلالًا وجائزاً قبل الرسالة الإسلاميّة، وجاء التحريم فيه بعد بعث الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)!

وهذه الشبهة، إمّا أن يكون منشؤها الخطأ والجهل، وإمّا أن تكون افتراءً قبيحاً على الأنبياء والمرسلين الذين سبقوا نبيّنا الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، وإنّ قبح هذا الافتراء ناتج عن قبح شرب الخمر، الذي لا يعقل تشريعه من عاقل عاديّ، فكيف إذا كان نبيّاً يُوحى إليه من ربّ العزّة والجلال؟! فكيف به إذ ذاك أن يجيز ما يدمّر حياة الإنسان ويجعله فاقد العقل والوعي؟!

وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): "ما بعث الله -عزّ وجلّ- نبيّاً قطّ، إلّا وفي علم الله -عزّ وجلّ- أنّه إذا أكمل له دينه، كان فيه تحريم الخمر، ولم تزل الخمر حراماً"[5].

الثانية: لا تسقط الصلاة عن شارب الخمر
يشتبه بعض الناس قائلاً: إنّ من ابتلي بشرب الخمر، فإنّه لا يجوز له إقامة الصلاة!
 وهذه شبهة في غاية الخطورة، حيث إنّها تضع شارب الخمر في موضع مظلم للغاية، وبدل أن يكون فاعلاً لحرام واحد، فإنّها تدفعه لارتكاب حرام آخر، ألا وهو ترك الصلاة؛ ومن هنا لا بدّ من التأكيد على أنّ الصلاة تبقى واجبة على شارب الخمر، إلّا في حال كونه سكراناً، فإنّه لا تصحّ حينئذٍ.
 
الأحاديث الواردة في شارب الخمر
ورد العديد من الأحاديث التي تحكي عن مصير شارب الخمر وعاقبته، سواءٌ أكان في الدنيا أم في الآخرة، نقتصر منها على الآتي:

1- اللعن
عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام): "لعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الخمر عشرة: غارسها، وحارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبايعها، ومشتريها، وآكل ثمنها"[6].

2- محاسبته محاسبة عباد الأوثان
فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "مدمن الخمر يلقى الله يوم القيامة كعابد وثن"[7].

3- لا ينال شفاعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا ينال شفاعتي من استخفَّ بصلاته، فلا يرد عليّ الحوض، لا والله، ولا ينال شفاعتي من شرب المسكر، لا يرد عليّ الحوض، لا والله".[8]

4- عذاب شارب الخمر
عن الإمام الباقر (عليه السلام): "يأتي شارب الخمر يوم القيامة مسودَّاً وجهه، مدلعاً لسانه، يسيل لعابه على صدره، ينادي: العطش، وحقٌّ على الله أن يسقيَه من طينة خبال، قيل له: وما بئر خبال؟ قال: بئر يسيل فيها صديد الزناة"[9].

كيفيّة التعامل مع شارب الخمر
وردت بعض الإرشادات التي تدعو إلى كيفيّة التعامل مع شارب الخمر من الناحية الاجتماعيّة، منها ما ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "من شرب الخمر بعد أن حرّمها الله على لساني، فليس بأهلٍ أن يُزوَّج إذا خطب، ولا يُشفَّع إذا شفع، ولا يصدَّق إذا حدّث، ولا يؤتَمن على أمانة، فمن ائتمنه بعد علمه، فليس للذي ائتمنه على الله ضمان، وليس له أجر ولا خلف"[10].
 
أحكام
أيّها الأحبّة،
لا بدّ من بيان بعض الأحكام المتعلّقة بشرب الخمر، تلافياً للشبهات التي قد تطرأ بسبب عدم العلم بها، منها:

1- حرمة شرب القليل من الخمر
إنّ حرمة شرب الخمر لا تتعلّق بالكمّيّة، فكما أنّ الكثير منه حرام شربه، فكذلك القليل، ولو كان بمقدار نقطة في وعاء ماء كبير، فيصبح ماء الوعاء هذا بأكمله حراماً.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "إنَّ ما أسكر كثيره فقليله حرام، فقال له الرجل: فأكسره بالماء؟ فقال (عليه السلام): لا، وما للماء يحلُّ الحرام! اتّقِ الله، ولا تشربه".[11]

2- الجلوس على مائدة الشراب
ويدلّنا على تعظيم قبح شرب الخمر في الإسلام ما حكم فيه من تحريم الجلوس على مائدة يشرب عليها، حتّى وإن امتنع الجالس عن تناوله، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ملعون ملعون من جلس على مائدة يُشرب عليها الخمر"[12].
 
هل لشارب الخمر من توبة؟
إنّ شدّة التقريع على شارب الخمر في ديننا الحنيف، لا يعني إطلاقاً إغلاق باب التوبة أمامه، فإنّ الله -تعالى- يقول: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم[13].

وهذا يعني أنّ من ابتُلي بهذا الفعل المحرّم له أن يتوب إلى الله، وأن يعود إلى رشده ووعيه، وهذا ليس أمراً مستصعباً، إنّما هو أمر سهل وبسيط، فيما لو عزم الإنسان على التوبة وإصلاح نفسه، وقوّى إرادته بوجه وساوس إبليس، الذي يريده بهذا الفعل أن يدمّر حياته ويعيث في الأرض فساداً.

[1] سورة المائدة، الآيتان 90-91.
[2] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص764.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج10، ص180.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج6، ص412.
[5] المصدر نفسه، ص395.
[6] الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج17، ص224.
[7]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج6، ص404.
[8] المصدر نفسه، ص400.
[9]  المصدر نفسه، ص396.
[10] المصدر نفسه، ص396.
[11]  المصدر نفسه، ص410.
[12] المصدر نفسه، ص268.
[13]  سورة الزمر، الآية 53.

28-02-2019 | 15-11 د | 3406 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net