الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1368 - 13 ذو الحجة 1440 هـ - الموافق 15 آب 2019م
الغدير كمال الدين وتمام النعمة

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق


 
محاور الخطبة
- قصّة الغدير
- عظمة يوم الغدير
- يوم تجلٍّ من تجلّيات الرّحمة الإلهيّة
- إنّه يوم عيد
- من أعمال عيد الغدير وآدابه
 
مطلع الخطبة
قال الله -سبحانه-: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[1].

أيّها الأحبّة،
نقفُ في هذا الأسبوع على ذكرى حادثة تاريخيّة عظيمة، حادثةٍ تمثّل منعطفاً كبيراً في التاريخ الإسلاميّ، أُرِيدَ منها حفظ جهد النبوّات كلّها، ولا سيّما جهد الرّسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله).
هي ذكرى تنصيب أمير المؤمنين عليٍّ (عليه السلام) خليفة للرّسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله).
 
قصّة الغدير
لمّا قضى النبيّ المصطفى (صلّى الله عليه وآله) مناسكه، وانصرف راجعاً إلى المدينة، ومعه من كان من الجموع، ووصل إلى غدير خمّ من الجحفة التي تتشعّب فيها طرق المدنيّين والمصريّين والعراقيّين، وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجّة، نزل إليه جَبرئيل الأمين عن الله بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾[2]. وأمره أن يقيم عليّاً علماً للنّاس ويبلّغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كلّ أحد، وكان أوائل القوم قريباً من الجُحفة، فأمر رسول الله أن يردّ من تقدّم منهم ويَحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان، ونهى عن سمرات[3] خمس متقاربات دوحات عظام، أن لا ينزل تحتهنّ أحد، حتّى إذا نودي بالصلاة صلاة الظهر عمد إليهنّ فصلّى بالناس تحتهنّ، وكان يوماً هاجِراً يضعُ الرّجل بعضَ ردائه على رأسه وبعضَه تحت قدميه من شدّة الرّمضاء، وظلّل لرسول الله بثوب على شجرة سمرة من الشمس، فلما انصرف (صلّى الله عليه وآله) من صلاته، قام خطيباً وسط القوم على أقتاب الإبل وأسمع الجميع، فقال: «الحمد لله، ونستعينه، ونؤمن به، ونتوكّل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالِنا الّذي لا هادي لمن ضلّ، ولا مضلّ لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمّداً عبدُه ورسولُه. أمّا بعد، أيّها النّاس، قد نبّأني الّلطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبيّ إلّا مثلَ نصف عمر الّذي قبله، وإنّي أوشَك أن أُدعى فأجبت، وإنّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت ونصحت وجهدت، فجزاك اللهُ خيراً! قال: «ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وأنّ محمّداً عبدُه ورسولُه، وأنّ جنّته حقّ ونارُه حقّ، وأنّ الموتَ حقّ، وأنّ الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأنّ الله يبعثُ من في القبور؟»، قالوا: بلى، نشهد بذلك، قال: «اللهمّ اشهد»، ثمّ قال: «أيّها النّاس، ألا تسمعون؟»، قالوا: نعم، قال: «فإنّي فرْط على الحوض، وأنتم واردون عليّ الحوض، وإنّ عرضه ما بين صنعاء وبصرى، فيه أقداحُ عدد النّجوم من فضّة، فانظروا كيف تخلُفوني في الثّقلين».

فنادى منادٍ: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: «الثقلُ الأكبر كتابُ الله، طرفٌ بيد الله -عزّ وجلّ- وطرف بأيديكم؛ فتمسّكوا به لا تضلّوا، والآخر الأصغر عترتي، وإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يتفرّقا حتّى يُراد عليّ الحوض، فسألت ذلك لهما ربّي، فلا تقدّموهما فتهلكوا، ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا»، ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها حتّى رُؤي بياضُ آباطهما، وعرفه القوم أجمعون، فقال: «أيّها النّاس، من أولى النّاس بالمؤمنين من أنفسهم؟»، قالوا: الله ورسولُه أعلم، قال: «إنّ الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم؛ فمن كنت مولاه فعليّ مولاه»، يقولها ثلاث مرّات... ثمّ قال: «اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبَّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيث دار، ألا فليبلّغ الشاهد الغائب».

ثمّ لم يتفرّقوا حتّى نزل أمينُ وحي الله بقوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «الله أكبر على إكمال الدّين، وإتمام النّعمة، ورضا الرّبّ برسالتي، والولاية لعليّ من بعدي»، ثمّ طفق القوم يهنّئون أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)...
 
عظمة يوم الغدير
أيّها الأحبّة،
إنّ هذا اليوم عظيم الشأن والمقام في قلوب المؤمنين، منذ وقوع هذه الحادثة، وقد رُوي عن الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) ما يؤكّد لنا هذه الحقيقة، كما عن الإمام الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه: «إِنَّ يَوْمَ الْغَدِيرِ فِي السَّمَاءِ أَشْهَرُ مِنْهُ‏ فِي‏ الْأَرْضِ»[4].

وكذلك عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «وَاسْمُهُ فِي السَّمَاءِ يَوْمُ‏ الْعَهْدِ الْمَعْهُود، وَفِي الْأَرْضِ يَوْمُ الْمِيثَاقِ الْمَأْخُوذِ وَالْجَمْعِ الْمَشْهُودِ»[5].
 
يوم تجلٍّ من تجلّيات الرّحمة الإلهيّة
إنّنا نتلّمس أهمّيّة هذا اليوم المبارك وعظمته من خلال الوقائع التي حدثت فيه، وكيف أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) كان حريصاً شديد الحرص على تبليغ ما أُمر به من ربّ العزّة والجلال.
ولنا أن نقول بأنّ هذا اليوم كان يوماً قد تجلّت فيه الرحمة الإلهيّة على عباده المؤمنين؛ ذلك أنّ الله -سبحانه- قد أكمل دينه وأتمّ نعمته عليهم، وبأنّه لم يُبقِ أمّة الإسلام بعد النبيّ دون قائد وراع، فكان الإمام عليّ (عليه السلام) نِعْمَ الخليفة بعده، يحمي أركان هذا الدّين، ويصونه من أيدي المعتدين، ليأتي من بعده أبناؤه وأحفاده المعصومون المطهّرون ويستمرّون في حراسة هذا الدّين القويم.
 
إنّه يوم عيد
أيّها الأحبّة،
لا ينبغي أن يمرّ هذا اليوم على المسلمين كغيره من الأيام، بل لا بدّ أن يقفوا عنده جيّداً، أن يتأمّلوا فيما جرى فيه من وقائع.
إنّه في الحقيقة عيد من أعياد المسلمين، بل إنّه عيد الله الأكبر، وأفضل أعياد أمّة النبيّ المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، فعن الإمام الصّادق (عليه السلام) أنّه قال: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلّى الله عليه وآله): يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ أَفْضَلُ‏ أَعْيَادِ أُمَّتِي‏، وهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَمَرَنِي اللَّهُ -تَعَالَى ذِكْرُهُ- فِيهِ بِنَصْبِ أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) عَلَماً لِأُمَّتِي يَهْتَدُونَ بِهِ مِنْ بَعْدِي، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَكْمَلَ اللَّهُ فِيهِ الدِّينَ، وَأَتَمَّ عَلَى أُمَّتِي فِيهِ النِّعْمَةَ، وَرَضِيَ لَهُمُ الْإِسْلَامَ دِينا...»[6].
 
من آداب وأعمال عيد الغدير
إنّ لهذا اليوم آداباً وأعمالاً متعدّدة، إنْ دلّت على شيء، فإنّما تدلّ على مكانة هذا اليوم عند الله -سبحانه وتعالى-، وممّا ورد في ذلك:

1- الصوم.
فقد رُويَ عن الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ الإمام الصّادق (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ غَيْرَ الْعِيدَيْنِ؟
قَالَ: «نَعَمْ يَا حَسَنُ، أَعْظَمُهُمَا وَأَشْرَفُهُمَا».
قُلْتُ: وَأَيُّ يَوْمٍ هُوَ؟
قَالَ: «هُوَ يَوْمٌ نُصِبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ -صَلَوَاتُ اللَّهِ وسَلَامُهُ عَلَيْهِ- فِيهِ عَلَماً لِلنَّاسِ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! وَمَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَصْنَعَ فِيهِ؟
قَالَ: «تَصُومُهُ يَا حَسَنُ، وَتُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وتَبَرَّأُ إِلَى اللَّهِ مِمَّنْ ظَلَمَهُمْ؛ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَانَتْ تَأْمُرُ الْأَوْصِيَاءَ بِالْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يُقَامُ فِيهِ الْوَصِيُّ أَنْ يُتَّخَذَ عِيداً».
قَالَ قُلْتُ: فَمَا لِمَنْ صَامَهُ؟
قَالَ: «صِيَامُ سِتِّينَ شَهْراً...»[7].

2-  الغسل.

3-  زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام).

4-  قراءة دعاء الندبة.

5-  التبسّم بوجوه النّاس.

6-  أن يهنّئ المرء من يلقاه من إخوانه المؤمنين بقوله: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنا مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بِولايَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ»[8].

7-  المؤاخاة.
«والحَمْدُ للهِ الَّذِي عَرَّفَنا فَضْلَ هذا اليَوْمِ وَبَصَّرَنا حُرْمَتَهُ وَكَرَّمَنا بِهِ وَشَرَّفَنا بِمَعْرِفَتِهِ وَهَدانا بِنُورِهِ، يا رَسُولَ الله يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلَيْكُما وَعَلى عِتْرَتِكُما وَعَلى مُحِبِّيكُما مِنِّي أَفْضَلُ السَّلامِ ما بَقِيَ الليْلُ وَالنَّهارُ وَبِكُما أتَوَجَّه إِلى الله رَبِّي وَرَبِّكُما فِي نَجاحِ طَلِبَتِي وَقَضاء حَوائِجِي وَتَيْسِيرِ اُمُورِي، اللّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ»[9].
 
والحمد لله رب العالمين

[1]  سورة المائدة، الآية 3.
[2]  سورة المائدة، الآية 67.
[3]  شجرات.
[4]  الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج 14، ص 388.
[5]  المصدر نفسه، ج5، ص224.
[6]  الشيخ الصدوق، الأمالي، ص 188.
[7]  الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجّد، ص737.
[8]  الشيخ العطارديّ، مسند الإمام الرضا(ع)، ج 2، ص19.
[9]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج95، ص 321 - من أدعية يوم الغدير-.

15-08-2019 | 11-51 د | 2214 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net