الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1396 - 03 رجب 1441هـ - الموافق 27شباط 2020م
الحياة السياسيّة للإمام الهادي (عليه السلام)

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق


محاور الخطبة
- ولادته
- كنيته
- ألقابه
- الظروف السياسيّة التي عاشها الإمام (عليه السلام)
- سياسة الحكّام العبّاسيّين مع الإمام (عليه السلام)
- المتوكّل يهدم قبر الإمام الحسين (عليه السلام)
- الفوضى الاقتصاديّة في عصر الإمام (عليه السلام)

مطلع الخطبة
باتُوا على قُلَلِ الأَجبَالِ تحرسُهُمْ               غُلْبُ الرجالِ فلمْ تنفعْهُمُ القُلَلُ
واستُنزِلوا بعدَ عزٍّ منْ معاقِلِهمْ                  وأُسكِنوا حُفَراً يا بئسَ ما نَزَلُوا
ناداهُمُ صارِخٌ من بعدِ ما دفِنُوا                أينَ الأساورُ والتيجانُ والحُلَلُ
أينَ الوجوهُ التي كانَتْ مُنعَّمةً                  من دونِها تُضرَبُ الأستارُ والكِلَلُ
فأفصحَ القبرُ عنهُمْ حينَ ساءَلهُمْ               تلكَ الوجوهُ عليها الدودُ تقتتِلُ
قدْ طالَ ما أكلوا دهراً وقدْ شرِبُوا              وأصبحُوا اليومَ بعدَ الأكلِ قدْ أُكِلُوا
[1]

أيّها الأحبّة،
تصادف أولى أيّام هذا الشهر المبارك من أيّام شهر رجب الأصبّ، مناسبات عدّة، كولادة الإمام الباقر (عليه السلام)، وولادة الإمام الهادي (عليه السلام) وشهادته، وسوف نتعرّض في هذه الخطبة، إلى شيء من الحياة السياسيّة التي عايشها الإمام الهادي (عليه السلام).

ولادته
وُلد الإمام عليّ بن محمّد الهادي (عليه ‌السلام)، الإمام العاشر من الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، طبقاً لقولَين مشهورين؛ إمّا في النصف من ذي الحجّة، أو في الثاني من شهر رجب الأصبّ، سنة اثنتي عشرة أو أربع عشرة ومئتين.

كانت ولادته (عليه ‌السلام) -كما في بعض كتب السير- في قرية «صريا» التي تبعد عن المدينة ثلاثة أميال.

كنيته
يُكنّى (عليه‌ السلام) بأبي الحسن، وتمييزاً له عن الإمامين الكاظم والرضا (عليهما ‌السلام) يُقال له: أبو الحسن الثالث.

ألقابه
لُقّب (عليه السلام) بعدّة ألقاب، كان أشهرها الهادي والنقيّ، وكذلك المرتضى، والفتّاح، والناصح.

وهي طبعاً تشير إلى أكثر من سمة قد اتّسم بها (عليه السلام) حتّى برزت وظهرت للناس، وقد عُرف هو وابنه بالعسكريَّين (عليهما ‌السلام).

الظروف السياسيّة التي عاشها الإمام (عليه السلام)
يمكن تقسيم حياة الإمام الهادي (عليه‌ السلام) التي ناهزت الأربعين سنةً إلى مراحل متعدّدة بلحاظ طبيعة مواقفه وطبيعة الظروف التي كانت تحيط به.

أمّا المرحلة الأولى فتتمثّل في الحقبة الزمنيّة التي عاشها (عليه السلام) في حياة أبيه الإمام الجواد (عليه‌ السلام)، وهي بين سنة ٢١٢ هـ، وسنة ٢٢٠ه.

وقد عاصر فيها كلّاً من المأمون والمعتصم العبّاسيَّين.

والمرحلة الثانية تتمثّل في الفترة الزمنيّة بين تولّيه (عليه ‌السلام) منصبَ الإمامة في نهاية سنة ٢٢٠ هـ، إلى حين استشهاده (عليه‌ السلام) في سنة (٢٥٤ هـ)، وهي أربع وثلاثون سنةً تقريباً.

عاصر الإمام (عليه السلام) في هذه المدّة التي تمتدّ من عام 218ه إلى عام 255ه ستّةً من ملوك بني العبّاس، وهم: المعتصم - الواثق- المتوكّل - المنتصر - المستعين - المعتزّ.

سياسة الحكّام العبّاسيِّين مع الإمام (عليه السلام)
أمّا سياسة الحكّام، فنذكر على سبيل المثال أنّ سياسة المأمون كانت تقوم على التمسّك بمذهب المعتزلة والدفاع عنهم، وهذا يعني فسح المجال تلقائيّاً أمام الشيعة والعلويّين. ولكنّ الأمور تغيّرت بمجي‏ء المتوكّل إلى سدّة الحكم، حيث ابتدأ بالتشدّد والضغط من جديد، وانتهج سياسة الدفاع عن آراء أهل الحديث وتحريضهم ضدّ المعتزلة والشيعة، وهو ما نجم عنه قمع هذين المذهبَين بشدّة، وتعرّض العلويّون، ولا سيّما في أيّام المتوكّل، إلى الملاحقة والاعتقال والاضطهاد.

المتوكّل يهدم قبر الإمام الحسين (عليه السلام)
وأقدم المتوكّل على هدم قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، إذ كان يتحرّق غيظاً ممّا يسمعه من تهافت الناس على زيارة هذا القبر الشريف. كما هدم كلّ بناء حول القبر، وأجرى الماء عليه، إلّا أنّ الماء دار حول القبر ولم يصل إليه، ومن هنا كانت تسمية المكان بالحائر. ومنع المتوكّل رسميّاً المسلمين من زيارة قبر ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسيّد شباب أهل الجنّة (عليه السلام)، وأنزل العقوبة بالزائرين، والّتي تمثّلت في القتل والصلب وقطع الأيدي.

الفوضى الاقتصاديّة في عصر الإمام (عليه السلام)
نتج عن هذه الفوضى السياسيّة فوضى اقتصاديّة تمثّلت في النهب والسلب وعدم التوزيع الصحيح للثروة، فضلاً عن احتكار الأموال الطائلة، وانتشار البؤس والفقر بين الأكثريّة الساحقة من أبناء الأمّة، إلى جانب البذخ والإسراف الّذي كان يطغى على سلوك الخلفاء.

وظاهرة بناء القصور في عهد المتوكّل ظاهرة ملفتة للنظر، حتّى أنّه قد بنى قصراً في سفينة. وقد أنفق الملايين على قصوره التي عُرفت بالجعفريّ والبرج والمليح والمختار والشبندار، وبرك الماء الّتي كانت مسرحاً للّهو والعبث والسخرية بالناس، بدل صرف أوقاته وأموال المسلمين في خدمة الأمّة ومعالجة مشكلاتها.

لقد كانت معظم حياة هؤلاء الخلفاء حياة لهو ومجون, فقصورهم كانت مسرحاً لتعاطي المنكرات وشرب الخمور.

الإمام الهادي (عليه السلام) في سامرّاء
 بعد الممارسات القاسية ضدّ الإمام (عليه السلام) في المدينة، أمر المتوكّل بجلبه إلى سامرّاء. وكان غرضه من ذلك مراقبة تحرّكات الشيعة وزياراتهم، وذلك في سنة 243ه بعد أن كتب عبد الله بن محمّد الهاشميّ رسالةً للمأمون يقول فيها: «إذا كانت لك في الحرمين حاجة فأخرج عليّ بن محمّد منها؛ فإنّه قد دعا الناس إلى نفسه، واتّبعه خلق كثير»[2].

ومن بعد هذا أنفذ المتوكّل يحيى بن هرثمة ليأتيَه بالإمام (عليه السلام) إلى سامرّاء[3]. وذكر الشيخ المفيد أنّ الإمام (عليه السلام) أرسل كتاباً إلى المتوكّل فنّد فيه ما بلغه من أخبار عنه، فكتب المتوكّل إلى الإمام (عليه السلام) يخبره بأنّه قد عزل عبد الله بن محمّد ونصّب محمّد بن الفضل بدلاً عنه، وأنّه يقدّره ومستعدّ للبرّ به ومشتاق إلى رؤيته وإحداث العهد معه والنظر إليه.

ثمّ طلب المتوكّل من يحيى بن هرثمة أن يسير بثلاثمئة جنديّ ليأتيه بعليّ بن محمّد (عليه السلام) مكرَّماً. ومن الواضح أنّ المتوكِّل قد فعل ذلك خشية حدوث حساسيّة سياسيّة في المجتمع.

يروي يحيى بن هرثمة نفسه، يقول: «فذهبت إلى المدينة، فلمّا دخلتها ضجَّ أهلها ضجيجاً عظيماً، ما سمع الناس بمثله؛ خوفاً على عليّ -أي الإمام الهادي (عليه السلام)- وقامت الدنيا على ساق؛ لأنّه كان محسناً إليهم، ملازماً للمسجد، لم يكن عنده ميل إلى الدنيا، فجعلت أسكّنهم، وأحلف لهم أنّي لم أؤمر فيه بمكروه، وأنّه لا بأس عليه، ثمّ فتّشتُ منزله فلم أجد إلاّ مصاحف وأدعية، وكتب علم، فعظُم في عيني»[4].

وأقام (عليه السلام) في سامرّاء عشرين عاماً وعدّة أشهر إلى أن استشهد فيها.

يقول الشيخ المفيد: «كان فيها الإمام مكرَّماً في ظاهر حاله، يجتهد المتوكّل في إيقاع حيلة به، فلا يتمكّن من ذلك»[5].

أمّا السبب الرئيسيّ الذي دعا المتوكّل لاستدعاء الإمام (عليه السلام) من المدينة، فهو اعتباره المنافس الأوّل له في المدينة، وذلك كلّه طبقاً لوشاية واليه على المدينة وأعوانه. 

سياسة المتوكّل مع الإمام الهادي (عليه السلام)
عُرف المتوكّل ببغضه لأمير المؤمنين (عليه السلام) بشكل خاصّ، ولآل البيت (عليهم السلام) بشكل عامّ.

لذا، ضيّق على الإمام الهادي (عليه السلام) وأمر بإنزاله -لمّا أشخصه إلى سامرّاء قسراً- في خان الصعاليك للحطّ من شأنه والتقليل من أهمّيّته أمامَ الرأي العامّ. وفرض عليه الإقامة الجبريّة، والحصار الاقتصاديّ. وفرض أقصى العقوبات على من يصل الإمام بالحقوق الشرعيّة أو سائر الهدايا، ومنع الناس من زيارته والتشرّف بخدمته، وأمر هذا الطاغية باعتقال الإمام (عليه السلام) وزجّه في السجن، فبقي (عليه السلام) أيّاماً.

ولمّا ثقل أمر الإمام (عليه السلام) على المتوكّل، وضاق به ذرعاً، حيث ساءه ما يتحدّث به الناس عن فضله وسعة علومه، وزهده وتقواه، وذهاب الشيعة إلى إمامته، وأنّه أحقّ بالخلافة وأولى بها منه، حاول اغتياله والقضاء عليه، إلّا أنّه باء بالفشل، ولم يصل إلى مرامه.

وهكذا فعل أركان السلطة الّذين حاولوا النيل من شخصيّة الإمام (عليه السلام)، وكانوا يفتّشون بيته، ويجلبونه ليلاً إلى المتوكّل المغمى عليه من السكر والشراب، بتهمة الإعداد للثورة والمواجهة، كما كانوا يسعَون لإيجاد زعيم بديل عنه، وقد باءت تلك المحاولات كلّها بالفشل.

والتجأ الإمام (عليه السلام) إلى الله -تعالى-، وانقطع إليه، ودعا على المتوكّل بدعاء (المظلوم على الظالم)، وهو من الكنوز المشرقة عند أهل البيت (عليهم السلام) . واستجاب الله -تعالى- دعاء وليّه فقصم ظهر عدوّه وانتقم منه كأشدّ ما يكون الانتقام، فلم يلبث المتوكّل بعد هذا الدعاء سوى ثلاثة أيّام حتّى أودى الله بحياته.

من أقوال الإمام الهادي (عليه السلام)
«إنّ الله جعل الدنيا دار بلوى، والآخرة دار عقبى، وجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سبباً، وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً»[6].


[1] قصيدة للإمام الهادي (عليه السلام) ألقاها أمام المتوكّل العبّاسيّ/ العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج50، ص212.
[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 50، ص209.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج50، ص209.
[4] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج50، ص201.
[5] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص311.
[6] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، ص483.

26-02-2020 | 15-49 د | 1262 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net