الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
أيّها الأحبّة،
ثمّة العديد من الآداب التي ينبغي للمؤمنين التنبّه إليها والالتزام بها في هذا الشهر الكريم، وهي آداب أوصى بها النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وآلُه الأطهار (عليهم السلام)، كي يكون صيامنا صياماً تامّاً كما يحبّ الله ويرضى.
من هنا، سوف نورد بعضاً من تلك الآداب، التي هي بمثابة وصايا لنا:
1. تحسين الخُلُق
عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «أيّها الناس، من حَسَّن منكم في هذا الشهر خُلُقَهُ، كان له جواز على الصراط يوم تزلُّ فيه الأقدام... ومن كفَّ فيه شرَّه، كفَّ الله عنه غضبه يوم يلقاه»[1].
2. تفطير الصائم
عن الإمام الصادق (عليه السلام): «من فطّر صائماً، فله مثل أجره»[2].
وعنه (عليه السلام): «كان عليّ بن الحسين (عليهما السلام) إذا كان اليوم الذي يصوم فيه، أمر بشاة فتُذبح وتُقطّع أعضاء وتُطبخ، فإذا كان عند المساء أكبّ على القدور حتّى يجد ريح المرق وهو صائم، ثمّ يقول: هاتوا القِصاع، اغرِفوا لآل فلان، واغرِفوا لآل فلان، ثمّ يُؤتى بخبز وتمر، فيكون ذلك عشاءه، صلّى الله عليه وعلى آبائه»[3].
إطعام الفقير والغنيّ
وإنّ فضل تفطير الصائمين في هذا الشهر لا يقتصر على الفقراء فحسب، إنّما هو عامّ وشامل لعامّة المؤمنين، غنيّهم وفقيرهم، وإن كان للفقراء أولى.
3. قراءة القرآن
إنّ ما بين شهر رمضان والقرآن الكريم علاقة وطيدة لا تنفكّ، وكأنّ المحور الأساس في هذا الشهر المبارك هو القرآن الكريم؛ ولهذا نجد العديد من الأحاديث التي تحثّ على قراءة القرآن والتدبّر فيه، في خصوص شهر رمضان فضلاً عن الشهور كلّها.
عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «ومن تلا فيه آية من كتاب الله -عزّ وجلّ-، كان كمن ختم القرآن في غيره من الشهور»[4].
وعن الإمام الباقر (عليه السلام): «لكلّ شيء ربيع، وربيع القرآن شهر رمضان»[5].
لكن هل المطلوب القراءة فحسب؟
إنّ تأكيد النبيّ وآله (صلوات الله عليهم أجمعين) على تلاوة القرآن الكريم، إنّما هو بهدف التفكّر بآياته والتأدّب بإرشاداته، وليس المطلوب مجرّدَ التلاوة والقراءة، وإن كان لنفس التلاوة أجرٌ وأثر.
عن عليّ بن أبي حمزة قال: دخلتُ على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له أبو بصير: جُعِلتُ فداك! أقرأ القرآن في شهر رمضان في ليلة؟ فقال: «لا»، قال: ففي ليلتين؟ قال: «لا»، قال: ففي ثلاث؟ قال: «ها»، وأشار بيده، ثمّ قال: «يا أبا محمّد، إنّ لرمضان حقّاً وحرمة، لا يشبهه شيء من الشهور، وكان أصحاب محمّد (صلّى الله عليه وآله) يقرأ أحدهم القرآن في شهر أو أقلّ، إنّ القرآن لا يُقرأ هذرمةً (الهذرمة: السرعة في القراءة)، ولكن يُرتّل ترتيلاً، فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة، فقف عندها، وسلِ الله -عزّ وجلّ- الجنّة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار، فقف عندها، وتعوّذ بالله من النار»[6].
4. السحور
عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «تسحّروا ولو بجرع الماء، ألا صلوات الله على المتسحّرين»[7].
5. التطيّب
كان الإمام الحسين بن عليّ (عليه السلام) إذا صام يتطيّب بالطيب، ويقول: «الطيبُ تحفة الصائم»[8].
[1] الشيخ الصدوق، فضائل الأشهر الثلاثة، ص78.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص68.
[3] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص68.
[4] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص155.
[5] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص115.
[6] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص617.
[7] السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج1، ص185.
[8] الشيخ الصدوق، الخِصال، ص62.