محاور الموضوع الرئيسة:
- خصوصية شهر الله تعالى.
- معرفة الله تعالى بالله.
- فرصة تجلّي العلاقة بالله في شهر الله تعالى.
- البرنامج العبادي في شهر الله تعالى.
الهدف:
التعرّف على بعض خصوصيات شهر الله تعالى في سبيل تجلّي العلاقة به سبحانه.
تصدير الموضوع:
ورد في خطبة استقبال شهر رمضان المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: "أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله تعالى بالبركة والرحمة والمغفرة... وهو شهر قد دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله... فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة؛ وقلوب طاهرة، أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر...".
معرفة الله تعالى:
أرشدت نصوص أهل البيت عليهم السلام إلى طريقة هامة لمعرفة الله وهي معرفة الله بالله تعالى. فقد "سُئِل أمير المؤمنين عليه السلام: بما عرفت ربك؟ فقال: بما عرّفني نفسه، قيل كيف عرّفك نفسه؟ فقال: لا تشبهه صورة ولا يحس بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده، بعيد في قربه..."1.
وفي دعاء أبي حمزة الثمالي للإمام السجّاد عليه السلام "بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدرِ ما أنت" وفي دعاء عرفة: "...ألغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى نحتاج إلى دليل يدلّ... عميت عين لا تراك".
ومن أنماط معرفة الله معرفته بتجلياته في المخلوقات ومنها الزمان والمكان وفي أوائل الأمكنة بيته بل بيوته التي هي المساجد محال البركة وموئل الرحمة والأزمنة وأشرفها على الإطلاق شهر نسبه الله إليه وهو شهر رمضان... شهر الله فهو:
1- شهر الضيافة الإلهية: "هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله".
2- فرصة تجلّي العلاقة بالله في شهر الله تعالى: لا شكّ بأن الإيمان بالله قابل للزيادة والنقصان، وهو خاضع لجملة من العوامل تؤثِّر عليه قوة وضعفاً، وفيما يلي عرض لجملة من الأساليب من شأنها تقوية الإيمان بالله وتعميقه، نذكر منها:
- معرفة خصوصية العبادة في شهر الله والاستفادة منه:
- شهر القيام: في دعائه المبارك إذا دخل شهر رمضان.. قال الإمام السجّاد عليه السلام: "الحمدُ لله الذي حَبانا بدِينه، واختصّنا بملّته، وسبّلنا في سبيل إحسانه؛ لنسلكها بمَنّه إلى رضوانه، حمداً يتقبّلُه منّا، ويرضى به عنّا. والحمد لله الذي جعل مِن تلك السبل شهرَه شهرَ رمضان، شهرَ الصيام، وشهر الإسلام، وشهرَ الطَّهُور، وشهرَ التمحيص، وشهرَ القيام.."2.
- شهر التطوع بالصلاة والذكر: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن تطوّع فيه بصلاةٍ كتَبَ الله له براءةً مِن النار، ومَن أدّى فرضاً كان له ثوابُ مَن أدّى سبعين فريضةً فيما سواه من الشهور، ومَن أكثرَ فيه مِن الصلاةِ علَيّ ثقّل اللهُ ميزانَه يومَ تخفّ الموازين، ومَن تَلا فيه آيةً مِن القرآن كان له مِثلُ أجرِ مَن ختم القرآنَ في غيره من الشهور.."3.
- شهر تقييد الشيطان: روي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: ألا أُخبركم بشيءٍ إن فعلتموه تَباعَدَ الشيطان منكم كما تباعد المشرق مِن المغرب ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الصوم يسوّد وجهه، والصدقة تكسر ظهرَه، والحبُّ في الله والموازرة على العمل الصالح تقطع دابرَه، والاستغفار يقطع وتينَه...4
- الصوم يورث اليقين: في حديث المعراج، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا ربّ، ما أوّل العبادة؟ قال: أوّل العبادة الصمت والصوم. قال: يا ربّ وما ميراث الصوم؟ قال: "الصوم يُورث الحكمة، والحكمة تُورث المعرفة، والمعرفة تورث اليقين، فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح: بعسر، أم بيُسر.."5.
- الصوم وقاية: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "عليك بالصوم، فإنّه جُنّه مِن النار.."6.
- ختامه جنّة: قال الله تعالى في الحديث القدسيّ الشريف: والصائم يفرح بفرحتين: "حين يُفطر فيَطعَم ويشرب، وحين يلقاني فأُدخله الجنّة"7.
3- البرنامج العبادي في شهر الله تعالى: وفيما يلي إشارة موجزة إلى بعض العبادات وأهميتها:
- قيام الليل: ورد الحث الشديد - كتاباً وسنةً - على صلاة الليل قال - تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ *قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا *أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾8. وعن النبيّ محمّد: "شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزُّ المؤمن كفّه عن أعراض الناس". وفي الحديث: "جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: "إني حرمت الصلاة بالليل، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنت رجل قد قيّدتك ذنوبك".
- ذكر الله كثيراً: عن الإمام الصادق عليه السلام: "شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله كثيراً". قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أكثر من ذكر الله (عز وجل) أحبّه الله، ومن ذكر الله كثيراً كتبت له براءتان، براءة من النار، وبراءة من النفاق".
- المحافظة على صلاة جماعة والصلوات المستحبة: هي قربان كل مؤمن وتقي، وهي معراج المؤمن، ووسيلة الاتصال بين العبد وخالقه، يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن الله (سبحانه وتعالى) يحب أن يرى العبد منقطعاً ومتضرِّعاً إليه حين حلول وقت الذكر (الصلاة)، مخلصاً له في ذلك". ولا بد من المحافظة على الرواتب اليوميّة والصلوات المستحبة الواردة في الكتب الفقهيّة، من سنن الأنبياء والأوّلياء والصالحين،
- قراءة القرآن بتدبّر: والقرآن يمثل كلمات الله التي تتضمّن المبادئ العالية لتربية الإنسان وارتباطه بالله تعالى، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾9.
ـ بناء العلاقة: العلاقة مع المسجد وهي تكاد تكون من أول أولويات الشهر الشريف لأن فيها أمرين الأول الزمان والثاني المكان ففي العبادة المسجدية يجمع شهر الله وبيت الله.
1- الكافي، 1/85/ حديث5.
2- الصحيفة السجّاديّة المباركة ـ الدعاء 44
3- وسائل الشيعة للحرّ العاملي 227:4 ـ كتاب الصوم
4- الكافي للكلينيّ 62:4 / ح 2 ـ باب فضل الصوم
5- بحار الأنوار للشيخ المجلسي 27:77 / ح 6
6- بحار الأنوار للشيخ المجلسي 258:96 ، 296
7- الخصال للشيخ الصدوق 45/ ح 42
8- المزمل: 1-4
9- الإسراء، 9