محاور الموضوع الرئيسة:
-العيد في اللغة والتاريخ.
- مميزات العيد في المفهوم الإسلامي.
الهدف:
حقيقة المعاني الروحية والاجتماعية للعيد في آدابه ومستحباته.
تصدير الموضوع:
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد".
العيد في اللغة والتاريخ
قيل في اللغة أن العيد من العود وسمي كذلك لعوده عاماً بعد عام... والعيد ليس أمراً مختصاً بالإسلام ولا بالأديان السماوية فقط بل إن الناس من عادتهم اعتبار الأزمنة التي يحصل لهم فيها أمور مفرحة أو مجيدة أعياداً، وقد ترتبط أحياناً بأمور لا يصح من وجهة إنسانية الاحتفال بها، لأنها قد تكون أيام ظلم لقوم أو إبادة لجماعة أو سيطرة على شعب واستعباد أو غير ذلك.
منها قوله: ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾1 فالعيد هو لحصول آية بصدق عيسى ودعواه وتصديق ذلك بنزول المائدة.
وفي الإسلام ينقل الرواة عن رسول الله قوله: "قدمت المدينة ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، وإن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر".
مميزات العيد في المفهوم الإسلامي:
1- من خلال قول أمير المؤمنين عليه السلام: "كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد" يمكن اعتبار أن أيام انتصار الإنسان على نفسه وحيوانيتها وشهواتها وبالتالي انتصاره على الشيطان تجسّد فلسفة العيد، فعيد الأضحى مثلاً رمز انتصار الإنسان على فوضويتها وعشوائيتها ولا مبالاتها وأنانيتها وتجبرها وشعورها بالتميّز وتحوّل الإنسان إلى هادف في حركيته مؤثر، متواضع منضبط من خلال اجتناب محرمات الإحرام، ومن خلال الحركة المنظمّة للمناسك في الوقت والمكان والفعل.
وأما عيد الفطر فهو يوم اعلان النجاح والفوز، النجاح في مواجهة الشيطان والنفس بالإمتناع عن جملة من الأمور في أوقات محدودة لتربية النفس وتقوية قواها الإيجابية وهو يوم الفوز بمعنى ما ذكرته الروايات من أنه يوم توزيع الجوائز على من تخرّج ناجحاً من مدرسة تربية الروحانيات والمعنويات والمشاعر الإنسانية في شهر رمضان ليكون ذلك وقوداً دافعاً لحركة الإنسان في حياته بعد شهر رمضان المبارك.
قال الإمام علي عليه السلام: "إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه".
2- العيد حالة من الرُقي الإنساني: فبالحج هناك سمّو لإنسانية الإنسان وبالصوم هناك سمو لروحانية الإنسان وسمو لأخلاقه. ولذا فإن الاحتفال بالعيد هو بهذا السمو والرُقي والنمّو التي يعبر عنها بالتزكية في النصوص القرآنية والحديثية.
3- العيد موسم اجتماعي: وقد ورد فيه استحباب التزاور وتبادل التهنئة وصلة الأرحام وكذلك فإن عيد الفطر يُفتتح بواجب ذي بعدٍ اجتماعي وهو زكاة الفطرة التي يفترض دفعها لمستحقيها صبيحة يوم العيد وأن تصل إليهم قبل الزوال ومعلوم ما في هذا من آثار اجتماعية لجهة الإحساس بذوي الحاجات والإلتفات إليهم وكذلك لجهة ادخال السرور على قلوبهم.
4- العيد موسم عبادة: وقد ورد في مستحبات يوم العيد الغسل الذي هو شعار للتطهر من أدران الذنوب والمعصية والإعراض عن الله ليكون الإنسان جاهزاً لتلقي الجائزة على صومه من الباري عزَّ وجلَّ.
ومن المستحبات التكبير، واحياء ليلة العيد كما يومه بالصلاة والدعاء والإستغفار... وأهم ما يلفت هو ابتداء هذا النهار بما يرمز إلى توطيد العلاقة وتوثيقها بالمنعم الباري القدير وذلك من خلال أفضل ما تقرب به المتقربون إليه تعالى وهو الصلاة.
أي صلاة العيد التي في قنوتها تمجيد له وتحميد ودعاء للباري عزَّ وجلَّ بالإلحاق بأوليائه في أسلوب حياتهم "وأدخلني في كل خير أدخلت فيها محمداً وآل محمد وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمداً وآل محمد". ومن مضامين هذا القنوت التأسي بالصالحين بما يرمز إلى اتخاذهم قدوة.
5- العلاقة بأولياء الله: من المستحبات في هذا اليوم يوم العيد الإكثار من الصلاة على النبي وآله وهذا رمز اعتراف بفضله صلى الله عليه وآله وسلم واقرار بنعمته وفضله على الناس "الذي جعلته للمسلمين عيداً ولمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ذخراً وشرفاً وكرامة ومزيداً".
فهو يوم تشكر فيه من خلال قنوت صلاة العيد وكذلك الصلاة عليه وآله من كان أصل نعمة الهداية إلى الله أولاً والدلالة على عبادته ومنها الصوم فهو أول من يفترض بعد الله شكره.
وكذلك تستحب زيارة الإمام الحسين عليه السلام والذي يعد دمه وشهادته وقوداً استمر به الإسلام وأخذ به أسباب الحياة والخلود والبقاء.
وكذلك تستحب قراءة دعاء الندبة الذي فيه يبث المؤمن آيات حبه وولائه وشوقه لإمام زمانه وكذلك ذلك العرض الرائع لارتباط حركته عجل الله تعالى فرجه الشريف بحركة الأنبياء والأئمة عليهم السلام في وصل رائع لمسيرة الهداية... في إشارة غير خافية إلى ما يمثله عجل الله تعالى فرجه الشريف في وجوده وحركته من تحقيق غاية النبوات وأسمى أهدافها وأنه ثمرة تلك السلالات الطاهرة المصطفاة لإقامة الدين ورُقي الإنسانية... وهذا فيه تركيز في يوم العيد على أمر أهم من كل يوم بل من كل عيد وكل فرحة وهو خروج هذا الإمام وظهوره وانتصاره الذي هو يوم العيد الأكبر والأعظم للبشرية بل للخلق والوجود.
ولا شك أن فرحة أي إنسان مهما عظمت ومهما كان سببها لا تعادل أن يكون الإنسان واحداً من الذين يكونون في ركب من يحقق وعد الله: "ليظهره على الدين كله".
خاتمة:
لا بد من الالتفات إلى أن ما يناسب شكر الله على التوفيق لطاعة الله في شهر الله هو كل ما ينبيء عن سمو ونبل ورُقي المسلم والمؤمن لا ما يؤدي إلى تشويه هذا اليوم العظيم ويفسد فرحة الفرحين ويحط من قدر وقيمة المسلمين بممارسات وعادات فيها الكثير من الإساءة إلى الناس كالمفرقعات وغيرها من وسائل الأذى والازعاج.
ليبقى العيد يوم الفرح النبيل تعالوا نبتعد عن كل ما يسيء إليه من الممارسات.
1- المائدة: 114.