محاور الموضوع الرئيسة:
- قبس من حياة سلمان.
- منزله ومقامه.
- زهده وإيمانه.
الهدف:
التعرّف على حياة سلمان المحمدي ومنزلته، وإخلاصه لربه ولنبيه ودينه.
تصدير الموضوع:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سلمان منِّي، مَن جفاه فقد جَفَاني، ومَن آذاهُ فقد آذاني" 1.
قبس من حياته
هو من أهل بلاد فارس، قرأ أخبار الأديان، وسافر إلى الحجاز، ويعدّ من السابقين الأوّليين إلى الإسلام. وهو أحد الأركان الأربعة مع عمّار والمقداد وأبي ذر، وكان أحد الماضين على منهاج نبيّهم صلى الله عليه وآله وسلم من جماعة الصحابة الأبرار، الذين لم يبدّلوا تبديلاً، وروي: أنه شهد بدراً وأحداً، ولم يفته بعد ذلك مشهد.
1- اسمه
سلمان بن عبد الله الفارسي، ولقّب بسلمان المحمّدي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سلمان منَّا أهل البيت"2.
- كنيته: أبو عبدالله، أو أبو الحسن، أو أبو إسحاق.
-أشهر ألقابه: سلمان المحمدي: قال الإمام الصادق عليه السلام: "لا تَقُل: سَلمان الفَارِسي، ولكن قل: سلمان المُحمَّدي"3.
- ولادته ووفاته وعمره: لا مجال لتحديد ولادته، توفي سنة أربع وثلاثين للهجرة، وقيل: عاش ثلاث مائة سنة، وقيل: أقل، وقيل: أكثر.
- تجهيزه: تولَّى الإمام علي عليه السلام غسله، والصلاة عليه، ودفنه، وقد جاء من المدينة إلى المدائن من أجل ذلك، وهذه القضية من الكرامات المشهورة للإمام علي عليه السلام .
- بلده: جي (قرية في أصفهان). وقيل: إنه من رامهرمز، من فارس.
- محل دفنه: المدائن. بلد قرب بغداد، فيه قبره رحمه الله، وقبر حذيفة بن اليمان ..
- حرفته: كان يسفّ الخوص، ويبيعه ويأكل منه، وهو أمير على المدائن 4.
2- منزلته ومقامه
ورد في الروايات العديد من المناقب لسلمان نذكر منها ما يلي
- من أهل الجنة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لو كان الدين عند الثُريَّا لناله سلمان"5. و "الجنّة تشتاق إليك يا علي وإلى عمّار، وسلمان، وأبي ذر، والمقداد"6.
- العالم: قال الإمام الصادق عليه السلام: "أدرك سلمان العِلمَ الأوّل والآخر، وهو بَحرٌ لا ينزح، وهو منّا أهل البيت"7.
- من حواري محمدصلى الله عليه وآله وسلم: قال الإمام الكاظم عليه السلام: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر ثم ينادى ساير الشيعة مع ساير الأئمّة عليه السلام يوم القيامة، فهؤلاء المتحورة أوّل السابقين، وأول المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين"8.
- سلمان المحدَث: روي أنّ سلمان الفارسي كان محدّثاً فسئل الإمام الصادق عليه السلام عن ذلك، وقيل له: من كان يحدّثه؟ فقال: "رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام، وإنّما صار محدّثاً دون غيره ممّن كان يحدّثانه، لأنّهما كانا يحدّثانه بما لا يحتمله غيره من مخزون علم الله ومكنونه"9.
3- موقفه من بيعة الإمام علي عليه السلام
كان سلمان أحد الذين بقوا على أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته، وكان من المعترضين على صرف الأمر عن علي عليه السلام إلى غيره، وله احتجاجات على القوم في هذا المجال.
4- مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مواجهة الأحزاب
أشار سلمان على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحفر الخندق لما جاءت الأحزاب، فلمّا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحفره، احتج المهاجرون والأنصار في سلمان، وكان رجلاً قوياً، فقال المهاجرون: سلمان منّا، وقال الأنصار: سلمان منّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سلمان منّا أهل البيت".
وفي ذلك يقول أبو فراس الحمداني: كانت مودة سلمان لهم رحما ولم يكن بين نوح وابنه رحم
ولمّا رأى المشركون الخندق قالوا: هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها، فقيل لهم: هذا من الفارسي الذي معه.
5- زهد سلمان وإيمانه
لقد وصفه البعض بأنه: كان خيراً فاضلاً، حبراً عالماً، زاهداً، متقشفاً. وكانت له عباءة يفرض بعضها، ويلبس بعضها...وكان يحب الفقراء ويؤثرهم على أهل الثروة والعدد.
وكان من المتوسمين. والإيمان عشر درجات، وكان سلمان في الدرجة العاشرة، وكان يحب العلم والعلماء.
وإن سلمان حسبما روي عن الإمام الصادق عليه السلام كان عبداً صالحاً، حنيفاً، مسلماً، وما كان من المشركين. وفي حديث عن الإمام علي عليه السلام: لا تغلّطنّ في سلمان، فان الله تبارك وتعالى أمرني أن أطلعه على علم البلايا والمنايا والأنساب، وفصل الخطاب .وقد أخبر عن مصارع الشهداء في كربلاء، وعن أمر الخوارج .
وقد ربّى سلمان الفارسي نفسه على الزهد الواقعي، وفرّغ قلبه عن التفكير بالدنيا بصورة حقيقية، ولأن سلمان لا يريد أن يدخل في صراع مع نفسه، ولو مرة واحدة، بل هو يريد أن يجعلها تطمئن، لينصرف بكل عقله وفكره، وجوارحه، وباستمرار إلى الله سبحانه، لا يشغله شيء عنه سبحانه.
فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته، حتى يحضر عطاءه من قابل.
فقيل له: أنت في زهدك ! تصنع هذا !! وأنت لا تدري لعلك تموت اليوم، أو غداً ؟!
قال: ما لكم لا ترجون لي البقاء، كما خفتم عليّ الفناء؟ ! أما علمتم: أن النفس قد تلتاث على صاحبها، إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه؛ فإذا هي أحرزت معيشتها أطمأنت.
فهذا النص يؤكد لنا:
- أن سلمان لا يريد ولو لمرة واحدة: أن ينشغل بنفسه وينصرف عن الله سبحانه.
- إنه يتعامل مع طموحات نفسه وميولها، من موقع العارف والواعي، الذي يفكر بعمق بالداء وبالدواء على حد سواء، ويكون علاجه للحالة التي يعاني منها أساسياً وواقعياً.
6- هكذا ينجو المخفون
عن كتاب المحاسن: وقع حريق في المدائن؛ فأخذ سلمان مصحفه وسيفه، وخرج من الدار، وقال: " هكذا ينجو المخفون"10 و" قيل دخل عليه رجل؛ فلم يجد في بيته إلا سيفاً ومصحفاً، قال: ما في بيتك إلا ما أرى؟! قال: إن أَمامنا منزل كؤود، وأنا قد قدمنا متاعنا إلى المنزل"11.
1-الاختصاص: 222.
2-عيون أخبار الرضا 1-70.
3-بحار الأنوار 22-327 .
4-العلامة السيد جعفر مرتضى، سلمان الفارسي.
5- الاستيعاب 2-636.
6-الخصال: 303.
7-الاختصاص: 11.
8-الاختصاص: 61.
9-علل الشرائع 1-183.
10-قاموس الرجال ج4 ص425
11-الدرجات الرفيعة ص215 عن الأنوار النعمانية.