الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1476 02 صفر 1443 هـ - الموافق 09 أيلول 2021م

جوانب من حياة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



الحمد لله ربِّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

أيّها الأحبّة

إنّ من أبرز الخصائص التي تميّز بها الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) أنّ شخصيّاتهم كانت جامعة، غير مقتصرة على جانب دون آخر من مناحي الحياة، ففي الوقت الذي كانوا فيه عبّاداً، كانوا علماء، وكانوا سياسيّين، وكانوا عاملين في بناء المجتمع فكريّاً وثقافيّاً واقتصاديّاً... ولأجل هذا كانوا موئلاً لأطياف المجتمع الإسلاميّ ومفكّريه والعاشقين والوالهين للقرب من الله -تعالى-، وقد تركوا لنا (عليهم السلام) إرثاً كبيراً من السيرة الشخصيّة والأقوال والإرشادات المأثورة، وهم يرشدوننا من خلالها إلى ما فيه خير هذه الأمّة وصلاحها، على صعيد الدنيا والآخرة.

وقد كان الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) أحد هؤلاء الأطهار الذي قضَوا حياتهم في سبيل إعلاء كلمة الله والحقّ، ونبذ الفساد والباطل.

وسوف نسلّط الضوء في هذه السطور، على بعض الجوانب التي تحلّت به شخصيّته المباركة (عليه السلام)، وما أُثر عنه من وصايا وإرشادات، منها:

علمه
كان (عليه السلام) وافر العلم والمعرفة، وإنّ له في ذلك شهادة من أبيه الإمام الصادق (عليه السلام)، إذ قال: «إنّ ابني هذا الذي رأيت، لو سألته عمّا بين دفّتي المصحف، لأجابك فيه بعلم»[1]، وقال فيه كذلك: «وفيه علم الحكم، والفهم، والسخاء، والمعرفة، بما يحتاج الناس إليه في ما اختلفوا فيه من أمر دينهم»[2].

سخاؤه
كان (عليه السلام) كثيرَ التواصل مع الناس، خاصّة الضعفاء منهم، وهو يمدّهم بإحسانه وجوده، وممّا عُرِف به في زمانه تلك الصرار التي كان يوصلها إليهم من دون معرفتهم بالمُرسِل، حتّى ضُرب المثل بتلك الصرار، وقيل فيها: «صرار موسى»[3].

عبادته وتقواه
ورد أنّ أحد العيون سمعه بعد دخوله السجن يقول في دعائه: «اللهمّ، إنّك تعلم أنّني كنت أسألك أن تفرّغني لعبادتك، اللهمّ وقد فعلت، فلك الحمد!»[4].

وورد أنّ الفضل بن ربيع جلس على سطح مشرف على المكان الذي سُجن فيه الإمام (عليه السلام)، وسأل أحدهم: ماذا ترى؟ فأجاب: ثوباً مطروحاً، فقال له: انظر حسناً، فتأمّل ذلك الرّجل، فقال: رجل ساجد، عندها قال له الفضل: هو موسى بن جعفر، أتفقّده اللّيل والنهار، فلم أجده في وقت من الأوقات إلّا على هذه الحالة، إنّه يصلّي الفجر، فيعقّب إلى أن تطلع الشمس، ثمّ يسجد سجدة، فلا يزال ساجداً حتّى تزول الشمس، وقد وكّل من يترصّد أوقات الصلاة، فإذا أخبره وثب يصلّي من غير تجديد وضوء، وهو دأبه، فإذا صلّى العتمة أفطر، ثمّ يجدّد الوضوء، ثمّ يسجد، فلا يزال يصلّي في جوف اللّيل حتّى يطلع الفجر[5].

زهده
أمّا في زهده، فقد قيل فيه الكثير، منه ما عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: دخلت عليه في بيته الذي كان يصلّي فيه، فإذا ليس في البيت شيء سوى خصفة وسيف معلّق ومصحف[6].
لقد كان عيشه (عليه السلام) زهيداً، وبيته لم يحتوِ على شيء حتّى من الأمتعة البسيطة التي تضمّها بيوت الفقراء، الأمر الذي يدلّ على تجرّد نفسه من هذه الدنيا وإعراضه عنها، على أنّه كانت تُجبى له الأموال الطائلة والحقوق الشرعيّة من العالم الإسلاميّ، وقد أنفق جميع ذلك على البائسين والمحرومين في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وكان (عليه السلام) يتلو على أصحابه سيرة أبي ذرّ الصحابيّ العظيم، الذي ضُرِب المثل به في نكران الذات والتجرّد عن الدنيا، وكان يقول (عليه السلام): «جزى الله الدنيا عنّي مذمّة بعد رغيفَي الشعير، أتغدّى بأحدهما وأتعشّى بالآخر، وبعد شملتي الصوف، أتّزر بإحداهما وأرتدي بالأخرى...»[7] .

حلمه
كان مضرب المثل في حلمه وكظمه للغيظ، وكان يعفو عمّن أساء إليه، ويصفح عمّن اعتدى عليه، ولم يكتفِ بذلك، بل كان يحسن لهم ويغدق عليهم بالمعروف، ليمحو بذلك روح الشرّ والأنانيّة من نفوسهم، وقد ذكر المؤرّخون بوادر كثيرة من حلمه، وممّا رُوي في ذلك:
أنّ رجلاً كان بالمدينة يؤذي الإمام الكاظم (عليه السلام) ويسبّه إذا رآه، ويشتم الإمام عليّاً (عليه السلام). فقال له بعض جلسائه يوماً: دعنا نقتل هذا الفاجر، فنهاهم عن ذلك أشدّ النهي، وزجرهم أشدّ الزجر، وسأل عن [الرجل]، فذكر أنّه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب، فوجده في مزرعة، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به [الرجل]: لا توطئ زرعنا، فتوطّأه أبو الحسن (عليه السلام) بالحمار حتّى وصل إليه، فنزل وجلس عنده وباسطه وضاحكه، وقال له: كم غرمت في زرعك هذا؟ فقال له: مئة دينار، قال: وكم ترجو أن تصيب فيه؟ قال: لستُ أعلم الغيب، قال: إنّما قلت لك: كم ترجو أن يجيئك فيه؟ قال: أرجو فيه مئتي دينار.
قال: فأخرج له أبو الحسن (عليه السلام) صرّة فيها ثلاثمئة دينار.
وقال: هذا زرعك على حاله، والله يرزقك فيه ما ترجو، قال: فقام [الرجل] فقبّل رأسه، وسأله أن يصفح عن فارطه، فتبسّم إليه أبو الحسن (عليه السلام)، وانصرف.
قال: وراح إلى المسجد فوجد [الرجل] جالساً، فلمّا نظر إليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالاته. قال: فوثب أصحابه إليه، فقالوا: ما قصّتك؟! قد كنت تقول غير هذا! قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن، وجعل يدعو لأبي الحسن (عليه السلام) فخاصموه وخاصمهم، فلمّا رجع أبو الحسن إلى داره، قال لجلسائه الذين سألوه في قتل [الرجل]: أيّما كان خيراً ما أردتم أو ما أردّ؟ إنّني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم، وكفيت به شرّه[8].

التواضع ومكارم الأخلاق
مرّ برجلٍ من ضعاف الناس ومساكينهم، فسلّم عليه، ونزل عنده وحادثه طويلاً، ثمّ عرض عليه إن كان بحاجة إلى شيء يساعده به، فقيل له: يابن رسول الله، أتنزل إلى هذا، ثمّ تسأله عن حوائجه، وهو إليك أحوج؟! فقال (عليه السلام): «عبد من عبيد الله، وأخ في كتاب الله، وجار في بلاد الله، يجمعنا وإيّاه خير الآباء آدم، وأفضل الأديان الإسلام»[9].

حرصه على قضاء حوائج الموالين
إنّ قضاء حوائج المؤمنين من أبرز ما دعا إليه الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، وعملوا عليه بتفانٍ قلّ نظيره، وهذا ما كان حريصاً عليه الإمام الكاظم (عليه السلام)، وممّا يدلّ على ذلك منعه عليّ بن يقطين من تركه عمله في البلاط الحاكم؛ وذلك ليكون مدعاةَ خير للموالين وهو في منصبه، وورد في ذلك قوله له: «لا تفعل، فإنّ لنا بك أنساً، ولإخوانك بك عزّاً، وعسى أن يجبر الله بك كسراً، ويكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه. يا عليّ، كفّارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم، اضمن لي واحدة وأضمن لك ثلاثاً؛ اضمن لي ألّا تلقى أحداً من أوليائنا إلّا قضيت حاجته وأكرمته، وأضمن لك ألّا يُظلّك سقف سجن أبداً، ولا ينالك حدّ سيف أبداً، ولا يدخل الفقر بيتك أبداً...»[10].

حرصه على شدّ أواصر الأخوّة بين الموالين
سعى الإمام (عليه السلام) لتربية شيعته على أساس تقوية أواصر الأخوّة والمحبّة، بحيث تصبح الجماعة الصالحة قوّة اجتماعيّة متماسكة لا يمكن توهينها وإضعافها، وممّا ورد في ذلك أنّه (عليه السلام) يوماً أحد أصحابه قائلاً له: «يا عاصم، كيف أنتم في التواصل والتبارّ؟».

فقال: على أفضل ما كان عليه أحد، فقال (عليه السلام): «أيأتي أحدكم عند الضيقة منزلَ أخيه فلا يجده، فيأمر بإخراج كيسه، فيخرج، فيفضّ ختمه، فيأخذ من ذلك حاجته، فلا ينكر عليه؟»، قال: لا، قال: «لستم على ما أحبّ من التواصل والضيقة والفقر»[11].


[1]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج48، ص25.
[2]  المصدر نفسه، ج48، ص12.
[3]  ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص433.
[4]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج48، ص108.
[5]  المصدر نفسه، ج48، ص107.
[6]   المصدر نفسه، ج48، ص100.
[7]  الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص702.
[8]  الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص234.
[9]  ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، ص413.
[10]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج48، ص136.
[11]  المصدر نفسه، ج48، ص119.

09-09-2021 | 08-55 د | 1259 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net