الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1481 07 ربيع الأول 1443 هـ - الموافق 14 تشرين الأول 2021م

معالم حركة الإمام العسكريّ (عليه السلام)

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

نعزّي صاحب الزمان الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف) والإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) والأمّة الإسلاميّة جمعاء، بشهادة الإمام الحادي عشر من الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام).

دور المعصوم (عليه السلام)
أيّها الأحبّة،
يشتبه بعض الناس، فيعتقد أنّ مهام الإمام (عليه السلام) تقتصر على الأمور الدينيّة العباديّة والأمور الأخلاقيّة، ولا دخالة له في الشؤون السياسيّة، انطلاقاً من المقولة الخاطئة بأنّ السياسة منفصلة عن الدين، وهذا في الواقع ما عمل عليه الحكّام الذين واجهوا الأئمّة (عليهم السلام)، الأمويّون منهم والعبّاسيّون، ودعَوا إليه في ما أُثِر عنهم من قولٍ وفعل...

إلّا أنّ الأئمّة (عليهم السلام)، وعلى الرغم من التشديد والضغوطات التي كانوا يتعرّضون لها، لم يتركوا العمل والسعي لقيادة المجتمع الإسلاميّ في مجالات الحياة كافّة، والأخذ به إلى برّ الأمان.

وكان آخرهم الإمامَ العسكريّ (عليه السلام) الذي عمد إلى تقوية كيان الشيعة وقيادتهم سياسيّاً في الوقت الذي كان فيه العبّاسيّون يضيّقون عليه بشدّة بالغة، ما دفعه إلى استخدام التقيّة بأعلى مستوياتها حفاظاً على الموالين وحركتهم، ومن ذلك ما ورد عن داوود بن الأسود: «دعاني سيّدي أبو محمّد، فرفع إليّ خشبة كأنّها رجل باب مدوّرة طويلة ملء الكفّ، فقال: صِر بهذه الخشبة إلى العمريّ (أحد وكلائه المقرّبين)، فمضيت، فلمّا صرت في بعض الطرق عرض لي سقّاء معه بغل، فزاحمني البغل على الطريق. فناداني السقّاء ضحِّ عن الطريق (أي وسّع الطريق)، فرفعتُ الخشبة التي كانت معي فضربتُ بها البغل، فانشقّت (الخشبة)، فنظرتُ إلى كسرها فإذا فيها كتب، فبادرتُ سريعاً فرددتُ الخشبة إلى كمّي، فجعل السقّاء ينادي ويشتمني، ويشتم صاحبي [...]»[1].

ومن هذا نرى الواقع الذي كان عليه الإمام وشيعته، إذ اضطرّ إلى استخدام أسلوب التقيّة.

تهاوي الدولة العبّاسيّة
إلّا أنّ هذا لا يعني أنّ الدولة العبّاسيّة كانت في مأمن من الخروقات والضعف والوهن، فلو قرأنا حال الحكّام العبّاسييّن الذين توالَوا على السلطة وكيف كانت نهايتهم، ونهاية حكمهم في ما بعد، لأرجعنا ذلك إلى السنن الإلهيّة القائمة في هذه الحياة، وهي أنّ الظالم مهما تجبّر وتكبّر فإنّه لا محالة سيسقط يوماً، وسوف يخزيه الله -تعالى- بظلمه لعباده، بل إنّ السنن الإلهيّة القائمة ظاهرة بشكل جليّ عبر التاريخ في انهيار الذين وقفوا في وجه الأنبياء والمصلحين، ومنهم الحكّام العبّاسيّون.

فهذا المتوكّل الطاغية يسلّط الله عليه ابنه المنتصر، فيتحالف مع بعض قادة جيشه من الأتراك، فيثبون عليه ليلاً، ويقتلونه هو ووزيره الطاغية فتح بن خاقان، وهما غارقان في اللّهو والفجور.

وبعد المتوكّل لم يدم نظام ولده وقاتله المنتصر، إذ قيل إنّ الأتراك الذين ساعدوه في اغتيال والده خشوا الفتك بهم، فدسّوا إليه السمّ عبر طبيبه المعروف بـ «ابن طيفور» الذي رشوه بثلاثين ألف دينار، ففصده بريشة مسمومة، فمات من ساعته[2].
وحَكَم المستعين الذي خلعه الأتراك وبايعوا المعتزّ، وكان قد هرب إلى بغداد، وجرّد جيشاً لمحاربة الأتراك، ولكنّهم هزموه وجيشَه، ثمّ قتلوه ولم يبلغ الثانية والثلاثين من عمره.

أمّا المعتزّ فقد ورث من أبيه المتوكّل الحقد ضدّ آل النبيّ الأكرم، وقد أُخِذ هو الآخر، وأُقيم في الشمس في يوم شديد الحرارة، واضطرّ ليخلع نفسه أمام قاضي بغداد، ثمّ قتلوه صبراً.

وبعد المعتزّ نصّب الأتراك المهتدي الذي سار على سنّة أجداده في الإرهاب والضغط على أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم، حتّى قال: والله لأجلينّهم عن جديد الأرض، ولكنّ الله نفاه إلى جهنّم قبل ذلك، إذ هجم عليه قائد تركيّ مخمور وضربه على أوداجه، ثمّ أخذ يشرب دمه، حتّى روى منه.

وهكذا استمرّ حال الحكّام العباسيّين حتى انتهى الحكم العبّاسيّ وزال.

نلاحظ ممّا مضى، وهو طرف ممّا يمكن الحديث عنه في حركة الإمام (عليه السلام)، أنّه لم يكن مكتوف اليد، إنّما كان يتحرّك بشكل فاعل ومدروس في مواجهة الحكم العبّاسيّ، حتّى مضى شهيداً (عليه السلام)، بل يمكن القول: إنّ شهادته كانت بسبب حركته السياسيّة، ولولا تأثيره وفعاليّته في مواجهة العبّاسيّين، لما ضيّقوا عليه هذا التضييق كلّه، ووصلوا في نهاية المطاف إلى قتله.

البيعة للإمام المنتظر
وكان من المهمّات الأولى التي عني بها الإمام العسكريّ (عليه السلام) تجاه شيعته التمهيد للإمام المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف)، سواء أكان من حيث إمامته والنصّ عليها، أم من حيث غيابه الذي لم يكن الشيعة معتادين عليه.

من هنا، نرى الإمام العسكريّ (عليه السلام) ينصّ واضحاً على إمامة ولده الحجّة، فعن أحمد بن إسحاق بن سعيد الأشعريّ، قال: دخلتُ على أبي محمِّد الحسن بن عليّ (عليه السلام)، وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدئاً: «يا أحمد بن إسحاق، إنَّ الله -تبارك وتعالى- لم يُخلِ الأرض منذ خلق آدم، ولا يُخليها إلى أن تقوم الساعة، من حجّة الله على خلقه، به يرفع البلاء عن أهل الأرض، وبه يُنزِل الغيث، وبه يُخرِج بركات الأرض».

فقلت له: يابن رسول الله، فمن الإمام والخليفة بعدك؟
فنهض مسرعاً، فدخل البيت، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنَّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلاث سنين، فقال: «يا أحمد، لولا كرامتك على الله -عزّ وجلّ - وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنِّه سمّي باسم رسول الله وكنيته، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئت جوراً وظلماً. يا أحمد، مثله في هذه الأمّة مثل الخضر، ومثل ذي القرنين، والله ليغيبنّ غيبةً لا ينجو من الهلكة فيها إلّا من ثبّته الله على القول بإمامته، ووفّقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه»[3].

المرجعيّة في غياب المعصوم
إنّ من أُسس حركة المعصومين (عليهم السلام) بناء المجتمع على دعائم متينة، تنسجم وأهدافَ الدين الإسلاميّ الحنيف، وتحفظ كيان الأمّة والرسالة، فنجدهم (عليهم السلام) شديدي الحرص على توجيه الناس لاتّخاذ القدوة في حياتهم السياسيّة والاجتماعيّة، ولم يتركوا الأمر من دون تبيين وتوضيح، ومن ذلك موضوع المرجعيّة في عصر الغيبة، فإنّه في غياب المعصوم لا بدّ من نائبٍ عن الإمام، ترجع الناس إليه في أمور دينهم ودنياهم، وهذا ما أثبته الإمام موضحاً معالمه، إذ يقول (عليه السلام): «من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه»[4].

شهادة الإمام العسكريّ (عليه السلام)
لقد عانى الإمام العسكريّ أيّما معاناة في ظلّ الحكّام العبّاسييّن من المتوكّل إلى المستعين إلى المعتزّ إلى المهتدي، إذ لم يتركوا لوناً من ألوان التضييق على الإمام وشيعته إلّا وأقدموا عليه، وقد حاول عدد منهم اغتياله (عليه السلام)، إلّا أنّ المشيئة الإلهيّة كانت تحول دون ذلك، حتّى كان الشقاء من نصيب المعتمد العبّاسيّ، فقد أوعز إلى أزلامه كي يدسّوا السمّ للإمام، فاستشهد مسموماً (عليه السلام).


[1]  ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص528.
[2]  الذهبيّ، سير أعلام النبلاء، ج12، ص43.
[3]  الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص384.
[4]  الشيخ الطبرسيّ، الاحتجاج، ج2، ص 263.

14-10-2021 | 10-55 د | 1073 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net