محاور الموضوع ألرئيسة:
- مكانة البيت الحرام.
- مزايا وخصائص بيت الله.
- اختصاصه بأحكام شرعية.
الهدف:
التعرف على مكانة وبركات الكعبة من الكتاب والسنة.
تصدير الموضوع:
روي عن أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام قَالَ: "مَنْ نَظَرَ إِلَى الْكَعْبَةِ لَمْ يَزَلْ تُكْتَبُ لَهُ حَسَنَةٌ وَتُمْحَى عَنْهُ سَيِّئَةٌ حَتَّى يَنْصَرِفَ بِبَصَرِهِ عَنْهَا"1.
1- مكانة البيت الحرام: إن المتأمّل في مكانة بيت الله الحرام؛ يرىَ أنّ له مكانةً عظيمة في دين الإسلام، مُستمداً هذه العظمة من كتاب الله، ومن سنّة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ومن تأريخ الإسلام.قال الله عنه: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾2، وإنّ المتأمّل في التأريخ يرىَ أنّ تأريخ بناء الكعبة المشرَّفة يرجع إلى أصول وجذور تمتدُّ إلى ما قبل عهد إبراهيم وإسماعيل L، فهناك من قال: إنّ الملائكة هم أولُ من بنىَ البيت، وأسسّه بأمر من الله - تعالى، وهناك من نسب بناءها إلى آدم عليه السلام؛ حيث أوحى الله - عز وجل - إلى آدم ببناء الكعبة المشرَّفة، ثم توالت القرون حتى جاء إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام فرفعا قواعدَ البيت قال- تعالى -: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾3.
2- مزايا وخصائص بيت الله: لقد جعل الله للبيت الحرام مزايا وفضائل أضفت عليه قدسيةً خاصة عنده سبحانه وفي نفوس المؤمنين، ومن هذه الفضائل:
أ- أول بيت للعبادة: أنه أول بيت وضع في الأرض لعبادة الله - عز وجل -، فقد أمر الله - عز وجل - إبراهيم وإسماعيل L برفع القواعد من البيت، والقيام على خدمته ليكون مَوئلاًً للطائفين والعاكفين، والركّع السجود فقال - تعالى -: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾4، وعن أبي ذر قال: سألت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - عن أول مسجد وُضع في الأرض؟ قال: "المسجد الحرام"، قلت: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى"، قلت: كم بينهما؟ قال: "أربعون عاماً"5.
ب- الكعبة قبلة المسلمين: إِن الكعبة المشرَّفة هي قبلة المسلمين في صلاتهم، وهي ثاني القبلتين بعد القبلة الأولى وهي بيت المقدس، فلا تصح الصلاة إلا باستقبال القبلة،قال تعالى-: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ﴾6.
ج- الكعبة مقصد الحجيج: وجعل الله الكعبة المشرَّفة مقصد المسلمين في الحج، فأمرهم بحج البيت في مناسكَ وشعائر مخصوصة من النية، والإحرام، والطواف بالكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، والإفاضة إلى المزدلفة، والمبيت في منى، ورمي الجمار ونحو ذلك فقال تعالى: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾7.
د- شد الرحال إليه: ومن المميزات اختصاص المسجد الحرام بشدِّ الرِحال إليه لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الكوفة"8.
هـ- خصوصية الصلاة فيه: ومن المميزات أنّ الله - تعالى - اختصَّ الصلاة في البيت الحرام بالفضل من حيث أنّها تعدل مئة ألف صلاة، والركعة بمائة ألف ركعة فيما سواه من المساجد لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة صلاة في مسجدي هذ"، وفي رواية: "الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة، وصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة"9.
و- أفضل بقاع الأرض: المسجد الحرام أفضل بقاع الأرض على الإطلاق، فكما جعل الله نبينا محمداً أفضل الرسل على الإطلاق، وفضل في الأزمنة شهر رمضان على سائر السنة، وفضل ليلة القدر على غيرها من الليالي؛ فقد جعل المسجد الحرام أفضل بقعة مكانية على الأرض قال - عندما خرج مهاجراً إلى المدينة المنورة مخاطباً مكة: "والله إنك خير أرض الله إلى الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت"10.
ز-البلد الآمن: ومن فضائله أنّ من دخله كان آمناً فهو بمثابة الأمن لكل خائف قال - تعالى -: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾11. وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم في خطبته: "إن هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحلُّ القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحلّ لي إلا ساعة من نهار - أي يوم فتح مكة -، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة"12.
ح- في قصده كفارة للذنوب: أن من قصد الكعبة المعظَّمة من الحجاج والمعتمرين إيماناً واحتساباً كان كفارة لذنوبه قال P: "من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه"13.
ط- للبيت رب يحميه: أنّ الله حمىَ الكعبة المشرفة من شرِّ الأحباش، حيث أقدم أبرهة على رأس الجيش الحبشي قاصداً مكة يريد هدمها فحمىَ الله الكعبة بأن أرسل الطير الأبابيل يحمل كلٌّ منها ثلاثة أحجار، حجر في منقاره، وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس، لا تصيب أحداً من جيش أبرهة إلا أهلكته؛ فهلك معظم جند أبرهة، أما أبرهة فقد مسَّه حجر فصرع، وظهر على جسمه بلاء عظيم، وأخذت أجزاء جسمه تتساقط حتى مات, وخلّد القرآن الكريم هذا الحدث التأريخي الكبير، فنزلت فيه سورة خاصة هي سورة الفيل: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾14.
- مكان خروج المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف: ومن خصائصها أنّ المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف يخرج منها كما دلّت على ذلك الأحاديث.
3- اختصاصه بأحكام شرعية: كما أنّ المسجد الحرام إختصّه الله ببعض الأحكام وهي كثيرة مبسوطة في كتب الفقه الإسلامي، من ذلك:
أ- ومن هذه الأحكام أنه يَحرم إِستقبال أو إِستدبار الكعبة عند قضاء الحاجة بلا حائل، وذلك حرمة للقبلة، وتعظيماً للكعبة التي هي قبلة المسلمين في الصلاة، كما حرمَّ الله دفن المشركين في مكة، ومَنعَ دخولهم فيها لقوله - تعالى -: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا﴾15.
1- من لا يحضره الفقيه،ج2،ص204.
2- آل عمران: 97.
3- البقرة: 127- 128.
4- البقرة: 125.
5- صحيح مسلم برقم (520).
6- البقرة: 144.
7- آل عمران: 97.
8- الوسائل:ج5،ص262. وفي رواية المسجد الأقصى.
9- الوسائل: ج5،ص271 .
10- المغازي للواقدي،ج2،ص780.
11- العنكبوت: 67.
12- كنز العمال، ج16، ص654.
13- كنز العمال، ج5، ص12.
14- الفيل.
15- التوبة: 28.