الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1505 28 شعبان 1443 هـ - الموافق 31 آذار 2022 م

أقبلَ شهرُ الله...

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[1].

أيّها الأحبّة،
كان شهر شعبان فرصة عظيمة يتداركها المؤمنون استعداداً وتمهيداً لاستقبال شهر رمضان المبارك بقلوب مخلصة ونقيّة، وإذا ما كان المرء قد قصّر وتهاون في هذا الشهر فعليه استغلال ما تبقّى منه من أيّام، ولو كان يوماً واحداً، علّه بذلك -وبفضل الله تعالى- يستعيض ما خَسِره من بركات، وقد ورد أنّ الإمام الرضا (عليه السلام) قال لأحد أصحابه، وقد دخل عليه في آخر يوم جمعة من شهر شعبان: «يا أبا الصلت، إنَّ شعبان قد مضى أكثره، وهذه آخر جمعة فيه، فتدارك في ما بقي منه تقصيرك في ما مضى منه، وعليك بالإقبال على ما يعنيك وترك ما لا يعنيك، وأكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، وتُبْ إلى الله من ذنوبك، ليُقبل شهر رمضان إليك وأنت مخلص لله عزّ وجلّ. ولا تدعنَّ أمانة في عنقك إلّا أدَّيتها، وفي قلبك حقداً على مؤمن إلّا نزعته، ولا ذنباً أنت مرتكبه إلّا أقلعت عنه... وأكثر من أن تقول في ما بقي من هذا الشهر: اللـهُمَّ، إِنْ لَمْ تَكُنْ غَفَرْتَ لَنا في ما مَضى مِنْ شَعْبانَ، فَاغْفِرْ لَنا في ما بَقِيَ مِنْهُ، فإنَّ الله -تبارك وتعالى- يعتق في هذا الشهر رقاباً من النار لحرمة شهر رمضان[2]«.
فالإمام الرضا (عليه السلام) يضع من خلال وصيّته المباركة هذه، برنامجاً دقيقاً لاستقبال الشهر الكريم، ضمن خطوات معيّنة لا بدّ لكلّ سالك من أن يلتزم بها، ومنها الآتي:

1. أن يصلح ما بينه وبين الله تعالى، من خلال الدعاء والاستغفار والتوبة بين يديه، «وأكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، وتُبْ إلى الله من ذنوبك»، وهذه جميعاً خطوات يحتاجها الإنسان في كلّ وقت وحين، ولكنّها ضروريّة ولازمة لمن أراد الاغتراف من بركات شهر رمضان المبارك.

2. أن يصلح ما بينه وبين أخيه الإنسان، يقول الإمام الرضا (عليه السلام): «ولا تدعنّ أمانة في عنقك إلّا أدّيتها، ولا في قلبك حقداً على مؤمن إلّا نزعته»، وكأنّ العلاقة مع الله -تعالى- لا يمكن أن تستقيم إذا ما كان بين المرء وإخوانه حقّ مهضوم أو حقد وما شاكل ذلك.

وهذا ما حرص عليه المعصومون (عليهم السلام) في كلماتهم، فقد حذّروا من الحقد والشحناء والبغضاء بين المؤمنين، عن الإمام الرضا (عليه السلام): «في أوّل ليلة من شهر رمضان، تُغَلّ المردة من الشياطين، ويغفر في كلّ ليلة سبعين ألفاً، فإذا كان في ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب وشعبان وشهر رمضان إلى ذلك اليوم، إلّا رجل بينه وبين أخيه شحناء، فيقول الله عزّ وجلّ: أنظروا هؤلاء حتّى يصطلحوا[3]«.

وكذلك الامتناع عن أكل الحرام من خيانة الأمانة وغير ذلك، عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله): «كلوا الحلال، يتمّ لكم صومكم»[4]، وعنه (صلّى الله عليه وآله): «العبادة مع أكل الحرام، كالبناء على الرمل»[5].

3. وأنهى الإمام وصيّته لأبي الصلت بهذه النصيحة، إذ قال: «وعليك بالإقبال على ما يعنيك»[6]، وقال داعياً: «وأكثر من أن تقول في ما بقي من هذا الشهر: اللـهُمَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ غَفَرْتَ لَنا في ما مَضى مِنْ شَعْبانَ، فَاغْفِرْ لَنا في ما بَقِيَ مِنْهُ»[7].

إذاً، ثمّة خطوات مسبقة لا بدّ من الالتزام بها قبيل دخول شهر رمضان، وثمّة أيضاً خطوات لا بدّ من الالتزام بها خلال أيّام هذا الشهر المبارك، يبيّنها الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) في خطبته المشهورة في استقبال شهر رمضان، والتي ألقاها في آخر يوم جمعة من شهر شعبان المعظّم.

أيّها الأحبّة،
أيّام مباركة تُقبل إلينا محمّلة بالكرم الإلهيّ العميم، أيّام شهر هو عند الله -تعالى- أفضل الشهور وأعظمها، حيث أنزل فيه كتابه الكريم ليُخرِج الناس من الظلمات إلى النور، وأجزل فيه العطاء والثواب لمن يتقرّب إليه، لا بالصوم فحسب، إنّما أيضاً بالعمل الصالح والصلاة والدعاء والاستغفار...

ولنا في خطبة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) خير تعريف بمقام هذا الشهر الكريم وفضله، معرّفاً إيّاه بأنّه شهر ضيافة الله سبحانه، قال (صلّى الله عليه وآله): «هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله»[8].

فأيّ ضيافة هذه يا ترى؟ وهل تقارن ضيافة الله بضيافتنا نحن لبعضنا بعضاً؟

إذا كان الواحد منّا ضيفاً لدى رجل عُرف عنه السخاء والكرم، فماذا يُنتظر منه يا ترى إلّا التكريم وحسن الضيافة؟

فكيف يكون الحال إذا كنّا ضيوفاً عند الله، وهو أكرم الأكرمين سبحانه وتعالى؟!

وإليكم بعض كرمه سبحانه، كما عن لسان رسوله المصطفى (صلّى الله عليه وآله): «أيّها الناس، إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيّامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله؛ أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب»[9].

«أيّها الناس، من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه»، قيل: يا رسول الله، وليس كلّنا يقدر على ذلك، فقال (صلّى الله عليه وآله): «اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة، اتّقوا النار، ولو بشربة من ماء».
«أيّها الناس، من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازاً على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام، ومن خفّف في هذا الشهر عمّا ملكت يمينه، خفّف الله عليه حسابه، ومن كفّ فيه شرّه كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوّع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، ومن أدّى فيه فرضاً كان له ثواب من أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، ومن أكثر فيه من الصلاة عليّ ثقّل اللهُ ميزانه يوم تخفّ الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور»[10].

نلاحظ من خلال كلام النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، أنّ شهر رمضان لا يقتصر على الصوم فحسب، بل هو شهر التغيير الجذريّ عند الإنسان؛ في علاقته بالله تعالى، من خلال الدعاء والصلاة وقراءة القرآن، وفي علاقته بالآخرين، من خلال الاهتمام بشؤونهم وقضاياهم، وخاصّة الفقراء والمحتاجين منهم.

وبذلك، يكون شهر رمضان شهراً للتغيير الشامل في شخصيّة الإنسان، والذي له أثر لا محالة على المجتمع عامّة، حيث يعمّ السلام والودّ والحبّ بين عباد الله تعالى، وهذا ما نلحظه جليّاً في أيّام الشهر الفضيل.


[1]  سورة البقرة، الآية 185.
[2]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج94، ص73.
[3]  الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج2، ص76.
[4]  المتّقي الهنديّ، كنز العمال، ج15، ص844.
[5]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج81، ص258.
[6]  المصدر نفسه، ج94، ص73.
[7]  ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج1، ص42.
[8]  العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج93، ص256.
[9]  المصدر نفسه، ج93، ص256.
 [10] المصدر نفسه، ج93، ص256.

31-03-2022 | 12-39 د | 1059 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net