محاور الموضوع الرئيسة:
- علي في مدرسة النبوة.
- علي يفدي رسول الله بنفسه.
- علي فدائي الإسلام.
الهدف:
التعرّف على جوانب من شخصية الإمام علي عليه السلام في شجاعته وفداءه للإسلام ورسوله.
تصدير الموضوع:
قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاةِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد﴾1 .
1- علي في مدرسة النبوة
لقد تواترت الأخبار بأن الإمام علي عليه السلام قد عاش مبكّراً في كنف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث نهل من ينابيع مودّته وحنانه، وربّاه صلى الله عليه وآله وسلم وفقاً لما علّمه ربّه تعالى، فقد كفله النبي منذ نعومة أظفاره، ولم يزل عليّ بن أبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى بعثه الله نبيّاً، فاتّبعه عليّ عليه السلام وآمن به وصدّقه 2، ولهذا فلم يُرَ الإمام علي عليه السلام بعيداً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا نادراً، وما من أمر حدث إلاّ كان لعليّ عليه السلام مَعْلَم فيه وأثر.
2- علي يفدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه
المبيت مرتين على فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
الأولى: لما حاصرت قريش المسلمين وبني هاشم في شِعب أبي طالب كان أبو طالب يطلب من ولده عليّ أن يبيت في مكان الرسول ليلاً حرصاً على سلامته من الاغتيال والمباغتة من قبل الأعداء من خارج الشِعب، وكان عليّ عليه السلام يُسارع إلى الامتثال لأوامر والده ويضطجع في فراش النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فادياً نفسه من أجل الرسالة وحاملها.
والثانية عندما تآمروا على قتله: وكان القرار بعد أن اجتمعوا في دار الندوة وقد كثرت الآراء بينهم أن يندبوا من كلّ قبيلة فتىً شابّاً معروفاً في قبيلته، ويقتلونه ضربة رجل واحد، واتّفقوا على ليلة تنفيذ الخطة، فأتى جبرائيل إلى النبيّ وأخبره بذلك، وأذن له بالهجرة، فعند ذلك أخبر عليّاً بأمورهم وأمره أن ينام في مضجعه على فراشه الذي كان ينام فيه، فأجاب عليه السلام : "أوتسلم يا رسول الله إن فديتك نفسي؟". فقال صلى الله عليه وآله وسلم : "نعم بذلك وعدني ربّي"؛ فتبسّم علي عليه السلام ضاحكاً، وأهوى إلى الأرض ساجداً، شكراً لما أنبأه به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سلامته، ثمّ ضمّه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى صدره وبكى وَجْداً به، فبكى عليّ عليه السلام لفراق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعندما جاء الليل؛ اتّشح عليّ عليه السلام ببرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي اعتاد أن يتّشح به، واضطجع في فراش النبيّ مطمئن النفس رابط الجأش ثابت الجنان مبتهجاً بما أوكل إليه فرحاً بنجاة النبيّ، وجاء فتيان قريش والشرّ يملأ نفوسهم ، ولمّا حانت ساعة تنفيذ خطّتهم; هجموا على الدار، فوثب عليّ عليه السلام من فراشه وشدّ عليهم فأجفلوا أمامه وفرّوا إلى الخارج.فهبط جبرائيل فجلس عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرائيل يقول: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة فوق سبع سماوات.
3- ثبات علي وشجاعته مدرسة في البطولة والفداء
الشجاعة هي الصبر و الثبات و الإقدام على الأمور النافعة تحصيلاً و على الأمور السيئة دفعاً، و تكون في الأقوال و الأفعال، والتغلّب على رهبة الموقف، قال الإمام علي عليه السلام : "الشجاعة صبر ساعة"3. وللشجاعة أهمية خاصة في حركة الإنسان المسلم، ودور في صياغة مصير المجتمعات الإنسانية وقد صنّفها علماء الأخلاق القدماء أحد الفضائل الأربع في مقابل الجبن باعتباره أحد الرذائل الأربع 4.
قال الإمام علي عليه السلام : "الشجاعة عزّ حاضر والجبن ذل ظاهر " 5 ، وقد أجمع المسلمون وغيرهم أن علياً أشجع العرب والعجم، وتواترت كلمات المؤرّخين أنه كان إلى جانب نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم في مختلف مراحل الدعوة الإسلامية، وقد تمكّن بشجاعته وقوّته أن يرسي قواعد الحكومة الإسلامية. وقد حدّد أمير المؤمنين عليه السلام وجهة الشجاعة في الإسلام، بأن لا تستخدم في سبيل المصالح الشخصية أو العشائرية، أو الأطماع الدنيوية ونحوها، ولهذا تميّزت شجاعته عليه السلام بأنها كانت في رضا الله، ونُصرة دينه فكانت في سبيل الله وعلى أعداء الله، فيروى أنه عليه السلام لمَّا صرع عَمرو بن عَبد وِدٍّ يوم الخندق تباطأ في احتزاز رأسه، وتوقّف قبل أن يضربه فسأله النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال: " قَد كان شَتَم أُمي، وتَفَل في وجهي، فخشيت أن أضربَه لِحظِّ نفسي، فتركتُه حتى سَكن ما بي، ثم قتلتُه في الله".
4- علي فدائي الإسلام
حضَّ الله سبحانه وتعالى المسلمين على الشجاعة والثبات في تبليغ الدعوة وفي الجهاد في سبيلها، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ﴾ 6، ولأن القادة هم القدوة لجنودهم، فاقتدى علي عليه السلام بشجاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الدعوة إلى الله والقتال في سبيله، وتتمثّل شجاعته عليه السلام في مواقف متعددة أدّت إلى انتصار المسلمين، وشارك عليه السلام إلى جانب بدر في كل غزوات ومعارك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدا تبوك، دفاعاً عن الإسلام وفي الدعوة إليه، منها: يوم بني النضير، ويوم الخندق حين تحزّبت الأحزاب ضد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث تصدى علي عليه السلام لقادتهم وقتل عمرو بن ود العامري الذي تحدّى المسلمين بغطرسته وعنفوانه، وكان يُعد بألف فارس، وكان قتله سبباً لهزيمة أحزاب المشركين في الخندق، وحينها قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله الشهير:" برز الإيمان كله إلى الشرك كله " 7، وكان عليه السلام إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خيبر، وتؤكّد الأخبار أنه لما أقبل علي عليه السلام بالراية يهرول وخلفه الناس، فركّز رمحه قريباً من الحصن، وأشرف عليه حبر من الأحبار فقال: من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب، فقال اليهودي: غُلبتم وما أُنزل على موسى، ولما دارت المعركة بينهم حزّ علي رأس مرحب قائد جيش اليهود فتراجع اليهود مهزومين واختبئوا خلف الحصن، فقلع عليه السلام باب خيبر 8 وقاتل اليهود حتى هزمهم.وإلى هذا أشار ابن أبي الحديد في قصيدته قائلاً:
يا قالع الباب الذي عن هزه عجزت أكفٌ أربعون وأربع
وانتصر المسلمون يوم حنين
1-البقرة:207.
2-تأريخ الطبري: 2 / 58 ط، وكشف الغمة: 1 / 104.
3-العلامة المجلسي، بحار الأنوار:78/11/70
4-آية الله ناصر مكارم الشيرازي،الأخلاق في القرآن، ح2، ص207.
5-الآمدي: الغرر والدرر،ج7، ص171.
6-الأنفال:45.
7-بحار الأنوار،ج20، ص215.
8-مناقب آل أبي طاب،ج2،ص125.