الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1559 22 شهر رمضان 1444 هـ - الموافق 13 نيسان 2023م

يوم الجهاد ضدّ الظالمين

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا ونبيّنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ﴾[1].

تمثّل القضيّة الفلسطينيّة اليوم قضيّةَ العالم الإسلاميّ، وإنّ كلَّ حدثٍ تشهده فلسطين، يمسّ مصيرَ البلدان الإسلاميّة، القريبة والبعيدة، ويترك أثرَه عليها، وإنّ أيَّ خطوة يخطوها العالم الإسلاميّ الآن من أجل فلسطين، إنّما تخطوها لنفسِها وصالحِها؛ إذ إنّ الهدفَ الأساس للمستعمرين، لم يكن الاستحواذ على تلك البقعة الجغرافيّة من الجسد الإسلاميّة فحسب، بل كان التسلّطَ على المنطقة بشكلٍ كامل، فقد كانت تمثّل قلبَ العالم الإسلاميّ. وعليه، فإنّ المسؤوليّةَ تقع على عاتق الجميع.

انطلاقاً من هذه المسؤوليّة، وعملاً على توحيد المسلمين جميعاً، وتوحيداً للقوى في مواجهة المستكبرين وطواغيت العصر، قام الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه) في السابع من شهر آب، عام 1979م، بإعلان الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك يوماً للقدس؛ ليكون منطلَقاً وعنواناً جامعاً للمسلمين على هذا الطريق.

يقول الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه): «إنّي أطالب عامّة المسلمين في العالم والدول الإسلاميّة بتوحيد صفوفهم؛ من أجل وضع حدّ لتجاوزات هذا العدوّ الغاصب وحماته. وأدعو المسلمين جميعاً إلى اتّخاذ آخر جمعة من شهر رمضان، والّتي هي من أيّام القدر، وبوسعها أن تكون حازمة في تحديد مصير الشعب الفلسطينيّ، يوماً للقدس»[2].

ليلةُ القدر ويومُ القدس، صحوةٌ وتحرُّر
وإنّ لإعلان هذه اليوم في أيّام القدر، كما يقول الإمام (قُدِّس سرّه)، دلالات خاصّة؛ إذ إنّ هذه الليالي هي أعظم الليالي، وإحياءها سنّةٌ إلهيّةٌ كبيرة، ومكانتها تفوق ألف شهر. هي ليلةٌ يُقرَّر فيها مصيرُ العباد، ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾[3]، «يُقدَّر في ليلة القدر كلّ شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل؛ خيرٍ وشرٍّ وطاعةٍ ومعصيةٍ ومولودٍ وأجلٍ أو رزقٍ، فما قُدِّر في تلك السنة، وقُضِي فهو المحتوم، ولله عزّ وجلّ فيه المشيئة»[4]، كما عن الإمام الباقر (عليه السلام). ومن هنا أيضاً، من منطلق تقرير المصير، كان تحديد يوم القدس في هذه الأيّام المباركة، أو قريباً منها.

يقول الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه): «يجب إحياء يوم القدس الذي يقع بجوار هذه الليلة، وأن يكون منطلقاً لصحوتهم... إنّ المسلمين يتحرّرون في ليلة القدر من عبادة غير الله تعالى؛ أي شياطين الإنس والجنّ... ويجدر بالمسلمين في العالم في يوم القدس أن يتحرّروا من قيود أسر الشياطين والقوى الكبرى وعبوديّتها، وأن يتّصلوا بقدرة الله التي لا تزول، وأن يقطعوا أيدي مجرمي التاريخ من بلاد المستضعفين، وأن يحرموهم من مطامعهم»[5].

واجبنا في يوم القدس
وانطلاقاً من هذا البعد، وسعياً في التحرّر من قيود القوى المستكبرة، أكّد الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه) ضرورةَ إحياء هذا اليوم، الذي جعل له شعائر ومراسم خاصّة، تعبّر عن حقيقة الإحياء، وعن حضور القدس وقضيّة فلسطين في وجدان الأمّة، فليس الأمر مجرّد رفضٍ للصهيونيّة ولهيمنتها ولتسلّطها، وليس هو مجرد نكرانٍ قلبيّ للظلم الناتج عن احتلال القدس، ومشروع تهويدها، إنّما يتعدّى الأمر ذلك إلى التحرّك والنزول إلى الشارع والتعبير العمليّ عن الاستنكار والرفض للصهيونيّة والاستكبار.

يقول الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه): «إنّ يومَ القدس، يومٌ يجب أن تلتفت فيه الشعوب المسلمة كلّها إلى بعضها، وأن يجهدوا في إحياء هذا اليوم؛ فلو انطلقت الضجّة من الشعوب الإسلاميّة كلّها في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، الّذي هو يوم القدس، لو نهضت الشعوب كلّها، وقامت بهذه التظاهرات نفسها، وهذه المسيرات نفسها، فإنّ هذا الأمر سيكون مقدّمة -إن شاء الله- للوقوف في وجه هؤلاء المُفسدين، والقضاء عليهم في جميع أرجاء بلاد الإسلام».

وداع شهر رمضان
في الختام، ونحن في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، إنّ أعظم ما يطلبه العباد في هذا الشهر هو المغفرة والعتق من النار والفوز بالجنّة، وإنّ الشقيَّ من حُرِم هذه المغفرة في ظلّ الفيوضات الإلهيّة الكبرى والعظيمة في هذا الشهر الشريف، فعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إنّ الشقيّ حقّ الشقيّ، مَن خرج عنه هذا الشهر ولم تُغفر ذنوبه، فحينئذٍ يخسر حين يفوز المحسنون بجوائز الربِّ الكريم»[6].

يقول السيّد ابن طاووس (رحمه الله): «لا تكن -أيّها الإنسان- ممّن نزلَ به ضيفٌ غنيٌّ عنه، وما نزلَ به ضيفٌ منذ سنةٍ أشرف منه، وقد حضرَه للإنعام عليه، وحملَ إليه معه تُحفَ السعادات، وشرفَ العنايات، وما لا يبلغه وصفُ المقال من الآمال والإقبال، فأساء مجاورةَ هذا الضيف الكريم، وجفاه وهوّن به، وعامله معاملة المضيف اللئيم، فانصرف الضيفُ الكريم ذامّاً لضيافتِه، وبقي الذي نزلَ به في فضيحةِ تقصيرِه وسوءِ مجاورتِه، أو في عار تأسّفِه وندامتِه»[7].

لذلك، على الإنسان أن يسعى في ما تبقّى من هذا الشهر لتدارك ما فاته، وليدعُ اللهَ أن يغفر له، ويوفّقه للأعمال الصالحة والطاعات، وليُثبت على أفضل الأعمال في شهر رمضان: «أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزّ وجلّ»[8]، عسى أن ينال تلك الجوائز العظيمة، فعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «هو شهر أوّله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار»[9].

الليلة الأخيرة
والليلة الأخرة هي ليلة الفرصة، بل إنّها الفرصة الأخيرة لمَن رست سفينتهم على ساحل بحر الجود والكرم الإلهيَّين، بشرط التوجّه والتوبة والاجتهاد.

عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «أُعطيَت أمّتي في شهر رمضان خمساً، لم يُعطهنّ أمّة نبيّ قلبي: ... وأمّا الخامسة: فإذا كان آخر ليلة غُفر لهم جميعاً»، فقال رجلٌ: ليلة القدر يا رسول الله؟! فقال: «ألم ترَ إلى العمّال إذا فرغوا من أعمالهم وُفّوا»[10].


[1] سورة إبراهيم، الآية 42.
[2] صحيفة الإمام (قُدِّس سرّه)، ج9، ص212.
[3] سورة الدخان، الآية 4.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص157.
[5] صحيفة الإمام (قُدِّس سرّه)، ج‏15، ص64.
[6] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص109.
[7] السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج1، ص421.
[8] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص84.
[9] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج96، ص342.
[10] الشيخ الصدوق، فضائل الأشهر الثلاثة، ص130.

11-04-2023 | 16-49 د | 6400 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net