محاور الموضوع الرئيسة:
- مفهوم النبوة الخاتمة.
- هدف بعثته ورسالته ومقامه في كلام الله تعالى.
- مقامه في كلام الأئمة .
- قبس من مقامه الاجتماعي.
الهدف:
التعرّف على مفهوم النبوة الخاتمة، ومقام نبي الإسلام محمد ونبوته.
تصدير الموضوع:
قال الله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾1 .
1- مفهوم النبوة الخاتمة
يُطلق (الختم) على البلوغ إلى آخر الشيء نحو ختمتُ القرآن، أي انتهيتُ إلى آخره، و(خاتم النبيين) لأنّه ختم النبوة، أي تممها بمجيئه 2.و(خاتم النبيين) آخرهم الذي ختمهم، أو ختموا به على قراءة عاصم بالفتح، و(الخاتم) بفتح التاء على معنى المصدر، أو هو فعل مثل قاتل بمعنى: ختمهم. وقال الآخرون: اسم بمعنى آخرهم 3، وقيل: هو بمعنى المختوم به النبيون، كما يختم بالطابع، ويُقرأ بكسرها بمعنى آخرهم . ومحمدّ خاتم النبيين يجوز فيه (فتح التاء، وكسرها)، فالفتح بمعنى الزينة مأخوذ من الخاتم الذي هو زينة للألبسة، والكسر اسم فاعل بمعنى الآخر4.
ويؤكّد القرآن على (ختم) النبوة، وآياتُه لا تبشّر بنبيّ جديد. فقد جاء في قوله تعالى:﴿ما كان محمدٌ أبا أحدٍ من رجالكم ولكنْ رسول الله، وخاتم النبيين﴾؛ إلاّ أنّ أحاديثاً كثيرة وردتْ حول آيات قرآنية عديدة تؤكد على استمرار خط النبوة بامتداد خط (الإمامة)، وهذا الاستمرار، في الواقع، هو انتصار لخط النبوة وازدهارٌ لمقوماته التكاملية.وهناك نصوص تُصرح أن رسالات الأنبياء، وخصوصاً أنبياء بني إسرائيل كانت مؤقتة، ومختصة بزمان خاص، وباعتبار التفاوت الزمني فإنّ النصوص المتأخرة عنها، الإسلامية بالخصوص، أفادت بأنّ صفة الوراثة بعد الرسالة المحمدية تختصٌ (بالعلماء) الربانيين، القيمين (العلماء ورثة الأنبياء)، وأنّ (علماء أمتي كما يقول الرسول محمد كأنبياء بني إسرائيل)، ما يُعطي (الامتداد) الطبيعي لتكامل العقل الإنساني، وتطوره للوصول إلى مرحلة التجدد، والتجاوز.
ويظهر من الأحاديث الواردة أنّ للأنبياء والرسل طبقات حددتها بعض الأحاديث بأربع 5 تبعاً لنوعية تلقي الأنبياء، الأمر الذي يُحددُ مهماتهم، ومسؤولياتهم في المجال الذي بُعثوا إليه كمن بُعث إلى طائفة قلّت، أو كثرت كيونس الذي تحدّث عنه القرآن بهذه الآية: ﴿وأرسلناه إلى مائة ألفٍ، أو يزيدون﴾. 6.كما ورد في أحاديث أخرى تمييز طبقة عُليا من الأنبياء وصفهم حديثٌ بأنهم (سادة النبيين والمرسلين) 7، وهم (أولوا العزم) وعبّر عنهم الحديث أنّه (عليهم دارت الرحى)، وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد.
2- هدف بعثته ورسالته
الرحمة بالبشر والتزكية والتربية لهم، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾8 وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ 9. ولقد نصّ القرآن الكريم على بشارة إبراهيم الخليل برسالة خاتم النبيين بأسلوب الدعاء قائلاً بعد الكلام عن بيت الله الحرام في مكة المكرّمة ورفع القواعد من البيت والدعاء بقبول عمله وعمل إسماعيل: ﴿ربَّنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلّمهم الكتاب والحكمة ويزكّيهم إنك أنت العزيز الحكيم﴾.
3- مقام النبي في كلام الله تعالى
- رسول الله: قال الله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ 10، ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ 11.
-﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ 12.
- صاحب الخلق العظيم: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ 13.
- الأسوة الحسنة: ﴿لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ 14.
- سيد الرسل وأعظمهم وخاتمهم: قال تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ 15، وقال النبي لعلي "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي".
- تخصيصه بالإسراء والمعراج: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى﴾ 16.
- الأمر الإلهي بوجوب طاعته واحترامه، قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم﴾ 17.
4- مقام النبي في كلام الأئمة
أ- عبادة رسول الله: عن أبي جعفر قال: "وكان رسول الله يقوم على أطراف أصابع رجله فأنزل الله سبحانه وتعالى ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾18" 19.
ب- خوفه في الله تعالى: عن أبي عبد الله قال: "ما كان شيء أحب إلى رسول الله من أن يظلّ خائفاً جائعاً في الله عزّ وجلّ" 20.
ج- شوقه الدائم للقاء الله ومناجاته: تجلّت عبوديته في قوله وسلوكه حتى قال: "قرّة عيني في الصلاة" 21، وكان ينتظر وقت الصلاة ويشتدُّ شوقه للوقوف بين يدي الله تعالى، وكان كثير الدعاء، حتى قال "الدعاء مخ العبادة"22 .
د- قربه من الله تعالى: عن أبي عبد الله قال: "لما عُرج برسول الله انتهى به جبرائيل إلى مكان فخلى عنه، فقال له: يا جبرائيل تخلّيني على هذه الحالة؟ فقال: امض، فوالله لقد وطئت مكاناً ما وطئه بشرٌ، وما مشى فيه بشر قبلك" 23.
5- قبس من مقامه الاجتماعي
- قال الإمام علي "كان النبي إذا سُئل شيئاً فأراد أن يفعله قال: نعم، وإذا أراد أن لا يفعل سكت، وكان لا يقول لشيء لا"، وأما علاقته بأصحابه: قال تعالى: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وعن أبي عبد الله قال: "كان رسول الله يقسّم لحظاته بين أصحابه، فينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية؛ وقال: ولم يبسط رسول الله رجليه بين أصحابه قط، وإن كان ليصافحه الرّجل فما يترك رسول الله يده من يده حتى يكون هو التارك"24 .
- الجود والحلم: قال تعالى ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ 25. وقد روي أنه ما سُئل النبي شيئاً قط فقال لا، وأنه عفا عن قريش التي عتت أمر ربها وحاربته بكل ما لديها، وهو في ذروة القدرة قائلاً لهم: "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون... إذهبوا فأنتم الطلقاء" . ورُوي أن رجلاً كلّم النبي فأرعد، فقال: "هَوّن عليك فإني لستُ بملِك إنما أنا ابن امرأةٍ تأكل القديد".
- الزهد: عن النبيقال: "عرض عليّ ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً، قلت: لا يا ربّ ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً، فإذا جعت تضرّعت إليك وذكرتك وإذا شبعت شكرتك وحمدتك" 26.
ويذكر المؤرّخون أنه كان يرقّع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل مع العبد، ويجلس على الأرض، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجته من السوق إلى أهله، ويصافح الغني والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها هو.
1-الأحزاب: 40.
2-الراغب، المفدرات، مادة (ختم).
3-التبيان في اعراب القرآن، ج2، ص100، ويُراجع بالصدد: سبحاني، جعفر، معالم النبوة في القرآن الكريم، ص124 وما بعدها.
4-الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين، ج6 (بيروت، 1983م)، تحقيق أحمد الحسيني، ص54.
5-الأصول من الكافي، ح1، ص174.
6-الصافات: 147.
7-الأصول من الكافي، ح1، (كتاب الحُجة)، ص175.
8-الجمعة:2.
9-الأنبياء: 107.
10-آل عمران: 144.
11-يس: 3-4.
12-الفتح: 29.
13-القلم:4.
14-الأحزاب: 21.
15-الأحزاب: 40.
16-الإسراء: 1.
17-الأنفال: 46. وراجع النساء، 59 – الأنفال، 1/ 20- التغابن، 12- والحجرات، 2) وغيرها.
18-طه: 1-2.
19-أصول الكافي، ج2، ح6.
20-روضة الكافي، ح171.
21-أمالي الطوسي، 2/ 141.
22-المحجّة البيضاء، 2/ 282.
23-أصول الكافي، ج1، ح12.
24-أصول الكافي، ج2، ح1.
25-التوبة: 128.
26-سنن الترمذي، 4/ 518، حديث 2377.