الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1621 12 ذو الحجة 1445 هـ - الموافق 19 حزيران 2024 م

عيد الغدير، أبعاد ودلالات

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك في هذه اليوم العظيم، وعيد الله الأعظم، عيد الغدير الأغرّ.

الحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنا مِنَ المُتَمَسِّكِينَ بِولايَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَالأَئِمَّةِ (عَلَيْهِمْ السَّلامُ).

الحَمْدُ للهِ الَّذِي أكْرَمَنا بِهذا اليَوْمِ، وَجَعَلَنا مِنَ المُوْفِينَ بِعَهْدِهِ إلَيْنا وَمِيثاقِهِ الَّذِي وَاثَقَنا بِه،ِ مِنْ ولايَةِ وُلاةِ أمْرِهِ وَالقُوَّامِ بِقِسْطِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الجاحِدِينَ وَالمُكذِّبِينَ بِيَومِ الدِّينِ.

عن عبد الله بن عبّاس، قال: كنّا جلوساً عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ فِي عِلْمِهِ، وَإِلَى نُوحٍ فِي سِلْمِهِ، وَإِلَى إِبْرَاهِيمَ فِي حِلْمِهِ، وَإِلَى مُوسَى فِي فَطانَتِهِ، وَإِلَى دَاوُودَ فِي زُهْدِهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا»[1]، قال: فنظرنا، فإذا عليُّ بنُ أبي طالب قد أقبل، كأنَّما ينحدرُ من صبَب[2].

الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حديث عن مجمع الفضائل ومنتهى الكمال البشريّ بعد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)؛ فهو راية الهدى، وإمام المتّقين، ووصيّ رسول ربِّ العالمين، ووليّ الأمّة من بعده، وفيه يقول (صلّى الله عليه وآله): «عليّ منّي وأنا منّه، وهو وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعدي»[3]، ولولاه لم يُعرَف المؤمنون بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)[4]، وهو الذي لا يبغضه مؤمن، ولا يحبّه منافق[5]؛ فحبّه علامة إيمان تأكل الذنوب، وبغضه علامة نفاق تحبط الأعمال، فلا يقيم الله لها يوم القيامة وزناً.

ملامح عامّة من شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام)
إنّنا لن نستطيع الإحاطة بمعالم هذه الشخصيّة العظيمة، التي استطاعت أن تكون أهلاً لخلافة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، لكن يبقى لنا في كلام من عايشه دلالات وإشارات تساعدنا على تعرّف بعضٍ من مزايا شخصيّة أمير المؤمنين (عليه السلام)، مستعينين برواية أحد خواصّه، وهو ضرار بن ضمرة، حين دخل على معاوية بن أبي سفيان، فقال له: صف لي عليّاً، فقال ضرار: أعْفِني، قال معاوية: لا بدّ من ذلك.

فبدأ ضرار بتعداد سجاياه ومزاياه، نذكر منها:
1. تحمّل المسؤوليّة: «كان بعيد المدى شديد القوى».
2. الحزم والعدل: «يقول فصلاً ويحكم عدلاً».
3. العلم: «يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه».
4. الزهد: «يعجبه من الطعام ما خشن، ومن اللباس ما قصر».
5. التواضع: «كان -والله- يجيبنا إذا دعوناه، ويعطينا إذا سألناه».
6. الهيبة والوقار: كنا -والله- على تقريبه لنا وقربه منّا، لا نكلّمه هيبةً له، ولا نبتدئه لعظمه في نفوسنا».
7. الاحترام والعطف والرحمة: «يعظّم أهل الدين، ويرحم المساكين، ويطعم في المسْغَبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة، يكسو العريان، وينصر اللهفان».
8. النفور من الدنيا والعزوف عنها: «يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل وظلمته، وكأنّي به وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وهو في محرابه، قابض على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا، غرّي غيري».
9. ذِكر الآخرة وإشعار النفس بالتقصير: «آهٍ من قلّة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق»[6].

الغدير يوم الولاية
هذه الشخصيّة العظيمة، بما تحمله من ملامح عظيمة نقصر عن إدراكها والإحاطة بها، قد أكمل الله تعالى بها دينه، وأتمّ بها نعمته على عباده، إذ رضي بأمير المؤمنين (عليه السلام) وليّاً وإماماً للمسلمين بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، في يومٍ عُرِف بيوم الغدير، حين خطب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالناس في غدير خمّ، عند عودتهم من حجّة الوداع، وقبل أن يتفرّقوا، آخذاً بيد عليّ (عليه السلام)، فقال (صلّى الله عليه وآله)، كما عن الإمام الباقر (عليه السلام): «أيّها الناس، إنّه لم يكن نبيّ من الأنبياء، ممّن كان قبلي، إلّا وقد عمَّره الله، ثمّ دعاه فأجابه، فأَوشَكَ أن أُدعى فأُجيب، وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟، فقالوا: نشهد أنّك قد بلّغت ونصحت، وأدّيت ما عليك، فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين، فقال: اللهمّ، اشهد -ثلاث مرّات- ثمّ قال: يا معشر المسلمين، هذا وليّكم من بعدي، فليُبلِّغِ الشاهدُ منكم الغائبَ»[7].

لقد شكّل هذا اليوم منعطفاً كبيراً في تاريخ الإسلام والمسلمين، فكان أشرف الأيّام وأعظم الأعياد، وما بعث الله تعالى نبيّاً إلّا وهو يعيّد هذا اليوم ويحفظ حرمته. وإنّ أهمّيّة هذا اليوم تكمن في تعيين الولاية الإلهيّة وانتخاب الشخصيّة المُثلى والوجود المقدَّس والأسوة الكاملة المتمثّلة بأمير المؤمنين (عليه السلام)، ليكون خليفةً لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإماماً للمجتمع الإنسانيّ، وقدوةً ومثالاً يُحتَذى.

عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يوم غدير خمّ أفضل أعياد أمّتي، وهو اليوم الذي أمرني الله -تعالى ذكره- فيه بنصب أخي عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) عَلَماً لأمّتي، يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتمّ على أمّتي فيه النعمة، ورضي لهم الإسلام ديناً»[8].

أبعاد عيد الغدير في فكر الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)
من هنا، كان هذا العيد محطّ اهتمامٍ كبير، في أبعاده ودلالاته وغاياته، للمُبغِض والمُحبّ، وقد تناول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) هذه الأبعاد والدلالات بنظرة موضوعيّة شاملة، نذكر منها:

البعد الأوّل: أولويّة الحكومة والولاية وإدارة الأمّة
إنّ الرسالة الأهمّ لعيد الغدير هي تأكيد مبدأ الولاية وقيادة الأمّة من قبل المعصوم (عليه السلام، يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «إنّ إقامة الحكومة ومسألة الولاية وإدارة الدولة من أساسيّات الدين، وقد امتثل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) قوله تعالى: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾[9]، بشكل لم ينجز معه أيّ واجب آخر كالصلاة والزكاة والصيام والجهاد، فجمع الناس من مختلف المدن والقبائل والأماكن في مفترق طرق بين مكّة والمدينة، وبلّغ هذا الأمر بوصفه أمراً مهمّاً... نلاحظ في هذه القضية أهمّيّة نصب الحاكم، وهذه هي رسالة الغدير، فلماذا لا يُلتفت إلى النداء الذي صدع به النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) مؤسّس الإسلام أمام جميع المسلمين، وقال: أيّها المسلمون، لا تفصلوا الدين عن أساس الحياة وعن مسألة الحكومة، الّتي هي أساس الحياة الفرديّة والاجتماعيّة، ولا تحصروه في زوايا البيوت الخالية وفي الأذهان والمسائل الروحيّة، فأساس حياة البشر القائم على الحكومة مسؤوليّة ملقاة على عاتق الدين، فعلى الدين أن يتولّى ذلك»[10].

البعد الثاني: الإمامة امتدادٌ للنبوّة
إنّ من أهمّ أبعاد يوم الغدير هو تأكيد الصلة الوثيقة والترابط الجوهريّ بين النبوّة والإمامة، فالإمامة امتدادٌ لخطّ النبوّة، وإلى هذا يشير الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) قائلاً: «إنّ الولاية هي امتداد للنبوّة، فالنبوّة هي إبلاغ النداء الإلهيّ لأبناء البشر، وتحقّق المشيئة الإلهيّة بواسطة الشخص المبعوث والمصطفى من الله في مرحلة زمنيّة معيّنة، وبديهيّ أنّ هذه البرهة تمرّ وتنتهي ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾[11]، لكنّ هذه الحادثة الإلهيّة والمعنويّة لا تنقطع بوفاة النبيّ»[12].

البعد الثالث: الغدير امتدادٌ لخطّ الهداية الإلهيّة
إنّ المجتمعات بحاجة دائماً إلى الهداية، ومنذ بداية البشريّة، كانت السنّة الإلهيّة بتأمين الهداية للمجتمع، منذ عهد آدم (عليه السلام)، مروراً بالنبوّات والرسالات على مرّ التاريخ، وصولاً إلى الرسالة الخاتمة مع النبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، إذ بلغت الذروة بأن تكفّل الإسلام في واقعة الغدير بالهادي بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، يقول (دام ظلّه): «إنّ للنبيّ موقع الرسالة والإنذار والتبشير، فهو البادئ في شقّ الطريق والفاتح للآفاق أمام البشريّة؛ بَيْدَ أنّ النبيّ ليس مخلَّداً وأزليّاً، والمجتمعات بحاجة لمن يهديها، والإسلام قد تكفّل بهذا الهادي، وهم المعصومون الذين يتوالون جيلاً بعد جيل فيمسكون بزمام الأمور، ويتصدَّون لهداية البشريّة من خلال التعاليم القرآنيّة الأصيلة الخالصة أجيالاً وقروناً. وهم في الحقيقة إنّما يقومون بعمليّة تجذير للأفكار والخصال والسلوكيّات والأخلاق الإسلاميّة في المجتمع؛ لتبقى حجّة الله حيّة فيما بعد في أوساط المجتمع، فلا وجود للدنيا والبشريّة دون حجّة قائمة، على أن تشقّ البشرية طريقها؛ وهذا ما لم يتحقّق، وهذا هو ما خطّط له الإسلام ومشروعه الشامل، وهذا هو المغزى من الغدير»[13].


[1] الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص25.
[2] الصبب: ما انحدر من الأرض أو الطريق.
[3] القاضي النعمان المغربيّ، دعائم الإسلام، ج1، ص19.
[4] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص157.
[5] السيّد الرضي، نهج البلاغة، ص477، الحكمة 45.
[6] المسعوديّ، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج2، ص421.
[7] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص290.
[8] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج94، ص110.
[9] سورة المائدة، الآية 67.
[10] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 18 ذي الحجّة 1416هـ.
[11] سورة الزمر، الآية 30.
[12] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 18 ذي الحجّة 1415هـ.
[13] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 18 ذي الحجّة 1422هـ.

19-06-2024 | 16-31 د | 682 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net